عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 15:41
المحور:
الادب والفن
بعدك لم أجد حبيبة
عماد صلاح الدين
ها أنذا اقترب من قريب ربع قرن، وقد بذلت خلاله كل ما أوتيت من جهد فكري وجسماني وعاطفي، كي أتحلل منك، لكن عبثا كان ذلك. حاولت بكل ما يستطيع طموح أن يجدد عهد الحياة مع نفسه، بعد غيابك المغلق قطعا، لكن عبثا كان ذلك. حاولت أن ارتقي كثيرا بجهود ابذلها في الخصوص والعموم، كي أنساك أولا، وارى حياتي ثانية، وارى غيرك حبيبة لي ثالثة، لكنني فشلت.
حاولت عن ابحث عن جمال أرقى منك فتعبت، عن حبيبة تشبهك فما وجدت، اقل منك قليلا، أو كمعتاد الناس تقاليد وأعراف، فسحقت.
حاولت أن استقصي من كل ما املك من قدرات إنسانية؛ ففكرت وتأملت واسترجعت وتوقفت وبكيت ولعنت نفسي أحيانا وهربت إلى خوفي الصامت وجوعي المسكن أحيانا كثيرة؛ فقلت ربما إنني لا استحقك، ربما أنت أعلى مكانة مني وشأنا، ربما هناك حكمة من الأقدار أن لا نلتقي معا كحبيبين وكزوجين بحسب نواة الطبيعة وثمرها الطالع منها، أو ربما لأني فقير وأنت أغنى، وربما لأنك قوية وأنا ضعيف، أو ربما لأنني لم ابذل جهدا يوازي استحقاقك؛ وعلى قول الشاعر أبو فراس الحمداني: تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر
حبيبتي ها هي سنوات تمضي وتمضي، وأنا أحاول أن أنساك وأتحلل منك نهائيا، ورغم أني أحاول البحث عن مخرج لانسداد حياة بديلة بدونك، وحب بديل بدونك، وروح بديلة بدونك؛ وقد غيرت أطباعي وأعمالي وهوياتي وحتى عقلي وعواطفي، بل ومقدار جهدي وصبري، إلا إنني يا حبيبتي، لا زالت أقع في مواقع الفشل الذريع، لأبسط الأشياء، وعلى أهون الأسباب.
وأنا يا حبيبتي، كما اعرف نفسي، مذ أن كانت لي نفسا في سابق أيام اذكرها ويعرفني ويعرفها كثيرون، ما كانت لتخونني أحاسيسي، كما هي تخونني مذ أن غادرتني بلا عودة، ويبدو ألا أمل من عودتك، بعد أن جرت مياه في بحر حياتنا، حتى فاضت، فأغرقت بستان حب، ما عادت له أي أثار أو ملامح، كنا نتطلع إليه ذات يوم، ونسابق الزمن، كي نعيش، في ظلال وارف شجره وزرعه وورده.
أحاول تفسير الذي جرى ويجري، وأظنه جدا سيجري يا حبيبتي؛ أننا كنا في يوم من أيام عمرنا السابق، نتحسسه في أعماق أعماقنا، في عمرنا التالي له، والمعاند لنا من بعده، كنا يا حبيبتي أروع حبيبين وأجمل حبيبين والصق حبيبين، فأفرطنا كثيرا في الحب، فعاقبنا فرط حسد الكره، وقد تمكن منا ذات يوم من ذلك الزمن البائد، فمتنا يا حبيبتي بطعن ذلك الكره القاتل. وان كل ما يجري اليوم يا حبيبتي، هو كابوس في منام طويل، نعانيه حتى تقوم قيامتنا من جديد، فنعود حبيبين كما كنا قبل مماتنا، لذا يا حبيبتي فعودتك مستحيلة في يوم نوم كابوسنا الحالي الطويل؛ فهذه قبر دنيانا، فانتظري ساعة يوم بعثنا الأخرى لتعشقيني، فاني من المنتظرين العاشقين.
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟