|
نظرة حول موضوع الاخلاق
مهند احمد الشرعة
الحوار المتمدن-العدد: 4926 - 2015 / 9 / 15 - 08:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل الإنسان خير بطبيعته أم شرير هل طبيعته طبيعة انسانية متسامية بالفطرة أم أن طبيعته طبيعة حيوانية؟ هذا ما يجب علينا طرحه عندما نتناول مسألة الأخلاق والقيم هل هي مسألة إلهية أم هل هي مسألة تطورية؟ من الواضح بل من البين لنا أن الانسان شرير في طبعه حيواني في خـُلقه ومعاشه فهو يولد عاريا بلا ملابس ولا يحاول أن يغطي عورته وهو يبول ويتغوط على نفسه حتى يعي كيفية التبول والتغوط وذلك عبر تعليمه وتلقينه ولكنه بالرغم من ذلك لا يتستر وأحيانا لا يستطيع تنظيف نفسه وفي طفولته بإمكاننا أن نرى أنانية الأطفال ووقاحتهم وسذاجتهم وغبائهم فحتى اللغة يتعلمونها منا ولن أتطرق لموضوع اللغة هنا فالموضوع سيتركز على مسألة الأخلاق. لنبدأ بإدعاء المتدينين بكون الأخلاق إلهية المصدر لنأخذ أسطورة الخلق ومسألة السقوط المسألة تتضح بعدم كون الاخلاق ذات مصدر الهي مع قيام ادم وحواء بتغطية عورتهما بعد أكل الثمرة المحرمة التي اعتبرت ثمرة المعرفة فلو كانت الأخلاق ذات مصدر إلهي لكان ادم وحواء سترا نفسيهما قبل ذلك وهنا يبدو الدليل واضحا فكيف لشخص ما أن يغطي عورته ان لم يكن عاريا تماما؟؟؟!!! ثم إن الأخلاق تبقى ضمن الممكن ارتكابه وعدم الممكن فهل من المعقول أن تتحرك الإرادة الإلهية وفق نظام من الممكنات يجب أن يكون قد تمت تهيأته سابقا فلو كان الإنسان مخلوقا لكانت النظم مطلقة بكافة الاتجاهات وعلى كافة الاصعدة وفي كل مكان وزمان هذا وكيف يكون الأمر كذلك ونحن نستطيع ملاحظة التباين الأخلاقي حتى في الأديان ولو قال لنا أحدهم بأن الله لم يجعل الأخلاق فطرة في البشر بل نزلها عليهم عبر شرائع لرددنا عليه سقوط ذلك بفعل ادم وحواء في الجنة اي بتغطيتهما لعورتهما من ناحية ميثولوجية ولرددنا عليه ذلك باعتبار هذا الامر خطأ الهي وعدم معرفة مسبقة للاله وتحكم الممكنات بإرادته وخطأ ارادته وهنا يبدو لنا امر واضح فلو صنعت سكينا سأصنعها لهدف هو أن تقوم بقطع الاشياء وبناءا على حاجتي فإنني سأقوم بصنعها حسب سلسلة عمليات تكون صفاتها وماهيتها قبل وجودها كسكين فلو كان الانسان من صنع الاله وذلك لغرض العبادة المطلوب منه لخلقه الاله حسب صفات تشكل ماهيته لتكون هذه الصفات المهيئة لوجود الانسان ليستطيع القيام بدوره أي أنني عندما صنعت السكين اخترت لها المقبض المناسب والحديد المناسب شحذتها حتى تقطع فلو خلقنا الاله لوضع بنا الخلق المناسب والعقل الموحد للعبادة وما دامت فكرة الله غير متناسبة وليست فطرية والاخلاق كذلك فمعنى ذلك انعدام ماهية مسبقة او اخلاق سابقة على الوجود الانساني وهنا يبدو لنا واضحا عدم وجود اله له يد في خلقنا بشكل مباشر او غير مباشر. فكيف وجدت الأخلاق ؟ هل استطاع الوعي الانساني تجاوز ذاته الى ما يرغب في أن يكونه أليست هذه العملية هي ما يقوم بها الوعي الانساني الذي هو كائن بالنسبة لذاته هناك في وجوده وعي بالعدم في كينونته وبما أن الأخلاق لا قيمة لها دون أن تكون واقع ولا قيمة لها دون تجاوز الكائن الانساني لذاته نحوها لتعطى قيمتها فبامكاننا أن ندرك أن القيمة هي نتاج انساني محض من الناحية الانسانية ثم انني انا من اعطي القيمة قيمتها فمثلا لو رميت الورقة في سلة النفايات لأعطيت قيمة النظافة كينونتها من حيث هي واقع موجود ولو رميتها على الارض لألغيت قيمتها من حيث أنني أنا من منع انبثاق كينونتها الا أنها تبقى بوجود معياري في هذه الحالة في بعض المجتمعات ذات الوعي الكامل هنا تظهر لنا مرة أخرى أن القيمة حتى في وجودها المعياري لها وجود نسبي ظهر على مهل فلو نظرنا للقبائل البدائية فهي غير مهتمة أين تلقي مخلفاتها فيظهر لنا بشكل طبيعي انعدام الوجود المعياري للقيمة ولتبقى مختصة بالوعي الانساني المتقلب عبر الزمان والمكان والتجاوز. لنعد بالزمان الى الوراء كثيرا وليس قليلا لنعد الى الجماعات البشرية الأولى جماعات مشاعية تتنقل من مكان لمكان تتقاتل على الطعام تأكل بعضها البعض جماعات حيوانية بحق بإمكان أي شخص قراءة ما كتب في الصفحات الاولى في قصة الحضارة ليعرف معنى الانسان الحيوان الحقيقي والذي استمر وجوده الى اليوم في جماعات قليلة ما زالت موجودة في العالم لنعد الى موضوعنا قلنا أن هذه الجماعات كانت تتشارك المعيشة ولكنها عند الطعام والجنس تبدأ بالصراع لم يكن هناك طعام مخصص للفرد ولم يكن هناك ذكر او انثى مخصصين لبعضهما انها المشاعية الحيوانية بأبرز حالاتها و في خضم الصراع يظهر المسيطر في الجماعة اقوى الافراد الذي يبدأ بإقامة مظاهر الملكية الفردية ليتميز عن البقية ليستأثر بالطعام وبالاناث إنها حالة الرغبة البشرية الانانية الحيوانية تبدأ بالظهور السلطة المطلقة تعني الظلم والجور من هنا بإمكاننا الالتقاء مع فرويد في الطوطم والتابو وعقدة أوديب أو الافتراق عنه ولكننا على ما يبدو سنفترق لمسألتين الأولى هي تقليد الافراد لزعيمهم وذلك عبر ظهور نواة المجتمعات في الجماعات والمسألة الثانية تقاسم العمل فقد أصبحت النساء تختص بالاقامة والتقاط الزرع والرجال في الصيد والحروب هنا يجب ان ننوه انه ليس بمستغرب اصطياد بشر اخرين. إذن فالظهور كان ظهور قبلي ولكن الرغبة والمصلحة الذاتية بدأت بالتمكن ليصبح الافراد يقومون بالاصطياد والزعيم يقسم بينهم ويستحوذ ومع ظهور الزراعة بدأ التنظيم يكبر ويكبر أي التنظيم الأخلاقي وذلك لحفظ علاقات الفرد بالجماعة ولحفظ مصالح الزعيم ومع بداية الولادة الحقيقية للمجتمعات بدأت الافكار تتشكل فقد أصبح هنالك وقت للفرد يستطيع التفكر فيه مما انتج ظهور الاديان والتي اصبحت اداة بيد الزعيم الذي جمع من حوله طبقة الكهنة وكبار الملاك وافراد عائلته ولتصبح القيم نظام اجتماعي خلقته الطبقة الحاكمة ليصبح المجتمع منظما تنظيما يتوافق مع مصالح الطبقة ويكون عبارة عن ضوابط تمنع الافراد من التمرد على الطبقة في الحقيقة لا على المجتمع وهنا تظهر لنا مسألة العقدة الحيوانية لدى الانسان فبناءا على هذه العقدة يتمسك الانسان بالقيم التي خلقها وخلقتها الطبقة الحاكمة وذلك لعدم العودة الى مرحلة الحيونة فقد أصبح للعقل دور هام في تشكيل حياته ومع ظهور ما تسمى الاديان السماوية ومع تمازج الحضارات اختلطت القيم فتوافقت او تخالفت وذلك حسب المؤثرات السابقة الناجمة عن الاوضاع المحيطة وعن البداية الاولى لظهور الاخلاق ولا ننسى لما لتفاعل الذات مع الغير او ما يسميه هربرت ميد الانا الفاعل مع الانا المفعول وصراع الذات مع نفسها ومع تعارض المصالح. وبالنهاية فإن النسبية تظهر بأشكال عديدة فما هو خير لي يمكن ان يكون شرا لغيري وما يمكن ان يكون خيرا يمكن ان يكون شرا في لحظة اخرى وما هو خير لدى المنطقة الفلانية هو شر بالنسبة لمنطقة اخرى كل هذا يؤكد على أن الخير والشر هما ناتجان عن الوعي الانساني في انبثاقه في الرغبة فيما أن يكونه أي أنه مرتبط بمصلحته بالشكل الاول والاخير سواء أكانت مصلحة ذاتية مادية أو معنوية كحالة اراحة للضمير وذلك بخداعه لنفسه بأنه لم يصبح ما رغب في ان يكونه ولكنه نسي بأنه هو ما ليس هو عليه بالاصل.....!
#مهند_احمد_الشرعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما وراء رفض دول الشرق الأوسط للملحدين والمتنورين
-
المعتزلة فرقة عقلانية
-
قراءات حول العقل الشرق أوسطي
-
مغالطات النقاش العربي (الملحدين والمتدينين)
-
((مشكلتنا مع الاسلام 2 )) قراءات وآراء حول كتاب الانسداد الت
...
-
مشكلتنا مع الاسلام
-
هاوية الوجود
-
الصراع على السلطة في التاريخ الاسلامي
-
نظرات الى التاريخ الاسلامي
-
باستثناء أن أكون أبا.....
-
ما وراء عقل المتدين
-
النهاية
-
سقوط الانسانية
-
سدوم
-
في سيل الذكريات
-
على طاولة النقاش
-
الانسان...
-
وطني حبيبي وطني الاكبر
-
هموم الارض
-
ما وجدنا عليه اباءنا
المزيد.....
-
خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب
...
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|