أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - ذكريات غير لبنانية عن حدث لبناني














المزيد.....

ذكريات غير لبنانية عن حدث لبناني


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4924 - 2015 / 9 / 14 - 01:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


كانت المرة الأولى التي أشم فيها الغاز المسيل للدموع في التحرير , سيتكرر ذلك في الاتحادية , ثم رمسيس و شامبليون , قبل أن أتذوق طعم البارود لأول مرة في تلبيسة - حمص ... محاطا بشبان أصغر , و "برفيق ستاليني" عتيق , نبحث بجنون عن حجر , سلاحنا الأخطر ضد سيارات الأمن المركزي المدرعة , إلى جانب أصواتنا المبحوحة , كانت ليلة مجنونة ماجنة , حتى الصباح , حيث ينتهى كل شيء , مع إطلالة أول العيون نصف النائمة نصف المدهوشة من رؤية آثار معركة الليل الطويلة .. كانت موسيقا سيارات الأمن المركزي و هي تتقدم ثم تتراجع تكمل ذلك اللحن الغريب , لأصوات حجارتنا على حديدها ... أذكر كيف تقدمت مع رفيقي الستاليني العتيد , باستهتار , من سحابة الغاز المسيل للدموع , التي تشبه رائحته رائحة كمية هائلة من الثوم المعتق , قبل أن نتراجع بعد قليل فقط و نحن نكاد نختنق , و أجفاننا قد التصقت بشلال دموع لا يتوقف .. لكننا سنتقن قريبا لعبة الكر و الفر , القط و الفأر , متى نركض و متى نتوقف , متى نهجم و متى نتراجع , و سنلعبها طوال الليل , ليلة بعد ليلة .. مرات قليلة فقط تجرأت على دخول محمد محمود , حيث سقط عماد عفت و جيكا , كما أذكر , أمام وزارة داخلية "النظام" , كانت غيمة الغاز المسيل للدموع أكبر بكثير من تلك التي كانت تلقى علينا في التحرير أو شامبليون , كان هناك أيضا الخرطوش , كانت اللعبة هناك أقسى , هنا قدس أقداس "النظام" , هنا يضرب الجلاد فقط تحت الحزام , هنا سقط الشباب أو فقدوا عيونهم و هم يحلمون باحتلال ( تحرير ) رأس الأفعى - النظام , ليصبح التحرير تحريرهم , لهم , حقا .. أستمع لناصر دين الطفار و الراس , ثم كلن يعني كلن , أنتظر في منفاي الأوروبي البارد تنزيل فيديوهات معارك الشوارع و الأغاني , و أحسدهم , يمكنهم الآن تذوق طعم الغاز المسيل للدموع هناك , و أشعر بالدفء في منفاي البارد , في بيروت في ذلك الشرق النائم طويلا , يوجد شباب يقاومون و يحلمون , ما زالت شعلة اليوعزيزي تضيء ليل الشرق الطويل .. و كما في التحرير و تلبيسة - حمص و حلب و تقسيم و ديار بكر , يسحرني هؤلاء الشبان بروحهم الوثابة و ببراءة تجربتهم الأولى في عشق الحياة , في قول كلمة لا , في تحدي السلطة الغاشمة لمن يسرق منهم عالمهم .. و أشعر مرة أخرى بالغضب من محاولة تلقينهم دروسا في الصبر أو السياسة أو حكمة العواجيز , و محاولات حقنهم بجراثيم الانتهازية أو النفاق أو الخوف أو التردد , عندما يبدأ أساتذة و جهابذة الكلام في محاولة رسم خرائط وهمية , تنتهي دائما بالعودة إلى نفس النقطة : الحاجة للخنوع و التسليم ..... المجد للمتمردين , لمن قال لا في وجه العدم .. يحاولون جميعهم قتل أو تدجين تلك الروح , ذلك الجنون , ذلك الحلم , بأسماء شتى و مبررات شتى , من اليسار و من اليمين , ليجعلوا منها رصيدا في حساب سياسي ما أو وقودا لفكرة ما , يجب قتل روح التمرد لصالح السمع و الطاعة لأحدهم , يجب كبح وعي هؤلاء الشبان , الصادق جدا , البريء كماء المطر , الحقيقي كأشعة الفجر , الوعي الذي لا يقف عند حدود الإيمان بأي شيء و هو يحلق في فضاءات تنتقد و ترفض , ليصبح وعيا "خطيرا" متمردا لا يمكن تأطيره و تنمطيه و قولبته من جديد , وعيا خارجا عن "السيطرة" , وعيا لا يعرف الصمت و لا التسليم , كما يجب .... يتصاعد هذا الوعي في خضم المعركة دقيقة فدقيقة , و يتراكم كما تتراكم حجارة المتراس فوق بعضها , ليصبح مثل الحجر الذي يعرف عدوه جيدا , و يعرف ماذا يريد .. يكتشف الشباب في الميادين أن السياسة بكل تفاصيها النخبوية و الفوقية لا تعنيهم , أن محاولات استدراجهم إلى معارك الكبار لا تعنيهم , أن صراعات هؤلاء لا تعنيهم , و أن كل هؤلاء "الكبار" , السادة , السياسيين و منظريهم , ليسوا إلا شيئا واحدا , كلن يعني كلن , هؤلاء هم العالم القديم الذي يجب أن يمضي , كي يبدأ عالمهم هم .. كالبوعزيزي الذي حطم فجأة كل الأبواب و الجدران , رغم أنف كل الحراس , مجتازا كل جدران الصمت , عندما أصبح شعارا لسيدي بوزيد تقاوم و لا تستسلم , يأتون مرة تلو أخرى .. لا يعنيهم هذر السياسيين و لا هراءات المؤدلجين , يغنون , يرقصون , يرمون حجارتهم و شعاراتهم باتجاه عدوهم , و يطلقون العنان لأصواتهم و عقولهم و خيالهم و جنونهم ليقاوموا و يدمروا و يحرقوا و يبنوا عالمهم هم , كما يريدون , كما يجب أن يكون .. المعركة صعبة , لقد عرفنا هذا جيدا , و ما يبدو ممكنا في لحظة قد يصبح مستحيلا في اللحظة التي تليها , لهذا يجب أن نذكر هؤلاء الشباب و هو يعدون لمعركة الغد , بالنصيحة الوحيدة الممكنة لهؤلاء الرائعين القادمة من آلام و آمال شباب حاولوا مثلهم أن يقاوموا : أيها الرائعون : أطلقوا العنان لكل شيء , انتفضوا حتى الثمالة , ثوروا حتى عنان السماء , لا تتوقفوا في منتصف الطريق , و لا تنتظروا أحدا إلا أنفسكم , و لا تعولوا إلا على أيديكم و عقولكم , ثورتكم و جنونكم فقط هي الطريق الوحيد إلى الحلم ... لتشقوا طريقكم إلى المستحيل , إلى المجهول , إلى الغد , إلى ذواتكم , إلى "عالمكم" , تحتاجون كل شجاعة , كل قدرة على الحلم و الفعل و التفكير خارج كل ما هو سائد , خارج كل الحدود التي ترسمها أية سلطة لكم , خارج أي شيء و كل شيء , هناك فقط ستجدون أول الأدلة على تلك الطريق الوعرة المؤلمة ربما لكن الوحيدة التي ستأخذكم إلى حدود المستحيل



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يدس لاسلطوي أنفه فيما لا يعنيه : بعض الأفكار عن الستال ...
- أزهار التحرير لإيميليا سيرغويرا
- الخطاب الذي منع رافاشول من إلقائه أمام المحكمة , مهداة للشبا ...
- عندما تفشل الثورات , محاولة لتحليل الربيع الثوري العربي
- من كتاب ميخائيل باكونين : الماركسية , الحرية , و الدولة
- الاتحاد السوفيتي ضد الاشتراكية - نعوم تشومسكي
- دروس و أهمية كرونشتادت لالكسندر بركمان
- أناركي في غرام ماو - رسائل هربرت ريد -من الصين- .. مع مجموعة ...
- مرة أخرى عن تشارلي هيبيدو : عندما يحطم الآخرون أصنامنا دون أ ...
- عن العلويين السوريين
- خمينية آدونيس و داعشية صادق جلال العظم
- نحو إلحاد تحرري - 2 : سام هاريس , الملحدون الجدد , و الإسلام
- نحو إلحاد تحرري - مقاربة لرؤية د . وفاء سلطان لمفهوم الإله ف ...
- دفاعا عن الحرية في سوريا -الحرة- ....
- هل أتاك حديث المؤامرة
- عنا و عن القادسية و اليرموك , و قادسيات الآخرين أيضا
- التحليل النفسي للثورة السورية
- جدل مع رؤية عزام محمد أمين , عن السلوك المؤيد للطاغية
- عن التحليل النفسي لشخصية محمد - 2
- التحليل النفسي لشخصية محمد


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية تخاطب الأحزاب العالمية وصنّاع الرأي حول ا ...
- السفارة الروسية لدى ألمانيا تدعو برلين إلى حماية النصب التذك ...
- -عرض الثمانية- دراما كورية جديدة تفضح وحشية الرأسمالية
- هل إسرائيل وحزب الله على شفا حرب شاملة؟
- فرنسا: استطلاعات رأي تتوقع تقدم حزب التجمع الوطني في الانتخا ...
- فرنسا- اليمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي
- م.م.ن.ص// 20 يونيو ذكرى الانتفاض، و-ذكرى اللاجئين-
- أوسلو.. اعتقال 8 متظاهرين مؤيدين لفلسطين أغلقوا مدخل البرلما ...
- فرنسا: مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي يدعون الناخبين لقطع ال ...
- تشومسكي وسلالته


المزيد.....

- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - ذكريات غير لبنانية عن حدث لبناني