أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - لبنى حسن - !المصري سريع الاشتعال














المزيد.....

!المصري سريع الاشتعال


لبنى حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1354 - 2005 / 10 / 21 - 10:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


المتابع للأحداث الأخيرة في مصر يكاد يجزم أن الشارع المصري على صفيح ساخن و أننا نسير في اتجاه فوهة البركان, فقد أصبح الجو ملبد بالغيوم و صار المواطن المصري سريع الاشتعال, فغابت عنا صورة المصري المسالم و تراجعت ملامح الطيبة و السماحة التي اشتهر بها المصريون, فماذا حدث؟ و لماذا تبدلت أحوالنا بشكل درامي و تغيرت سلوكياتنا وبات حال الشارع المصري مأساوي و أصبحت الأوضاع ملتهبة و المشاعر محتقنة و الناس في حالة تحفز مستمر.

لقد أصبحنا نرى و نسمع عن أشياء لم تكن تحدث في الماضي, فمثلا الشريط المصور الذي بثته قناة أوربيت منذ أيام قليلة صور جزء من بشاعة ما نمر به من أحداث, فقد ظهرت فيلا رئيس نادى الزمالك المستشار مرتضى منصور و كأنها كانت ساحة لمعركة حربية دامية, فالأثاث مبعثر و زجاج الأبواب و النوافذ محطم و متناثر و الدم يكسو الأرض, و قد حدث هذا بعد مباراة الأهلي و الزمالك الأخيرة مباشرة و التي انتهت لصالح النادي الأهلي, فقد قام حوالي عشرة ألاف شخص بمحاصرة فيلا رئيس نادي الزمالك و التي لم يكن بها سوى زوجته و ابنته التي كانت قد وضعت مولدها منذ شهر واحد و لم يكن لها صله بالرياضة من قريب أو من بعيد و لكنها فجأة و دون سابق إنذار و جدت قذائف الطوب ترتطم بالجدران وتحطم الزجاج لتجد جحافل من الغاضبين قد اخترقوا المنزل و وصلوا إلى غرفتها بعد أن تأخرت الشرطة ساعة و نصف الساعة, و بعدها نقلت الابنة و دمها يسيل إلى المستشفى حيث أصيبت بارتجاج في المخ و أجريت لها جراحتين, ويظهر في الشريط المستشار مرتضى منصور و هو يتفقد المكان ثائرا متأثرا بتدمير مسكنه و أصابه ابنته, فكان يصرخ و يوزع أفظع الشتائم و يقذف الاتهامات على كل ما هو "أهلي" و ظل يهدد و يتوعد بالانتقام من أعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي الذين ذكرهم بالاسم بل طالب كل زملكاوي يرى أهلاوى أن يضربه "بالجزمه" و كأننا بصدد فتنه كروية!!

و بغض النظر عن التحقيقات حول ملابسات الحادث و دوافعه أو تحليل سلوك و ردة فعل رئيس نادى الزمالك الذي فقد أعصابه تماما و لم يراع انه كعضو مجلس شعب و رئيس لنادى الزمالك يعد شخص مسئول و قدوة لمشجعي الزمالك و للشباب بشكل عام, فما يلفت النظر و يستحق الاهتمام بل و يثير علامات التعجب هي فكرة التجمهر و حصار عشرة ألاف شخص لمكان ما, ليتصرفوا بهمجية و وحشية و التي لا أراها مختلفة عن واقعة حصار كنيسة مارجرجس في الإسكندرية, فالقضية ليست الأهلي و الزمالك أو مسيحي و مسلم بل المواطن المصري المطحون الذي تغير سلوكه ليصبح غوغائي عنيف و عشوائي التصرفات.

ماذا حدث للسلوك المصري بشكل عام؟ لماذا أصبح الشعب يتصرف بعصبية و غل و عنف سواء على مستوى العامة أو الصفوة, فمازالت أسرة مرشحة مجلس الشعب سعاد تعيلب التي دهستها سيارة منذ بضعة أيام تعيش في حالة ذهول حيث صرح شقيق المرشحة الراحلة في اتصال تليفوني على الهواء مع برنامج "القاهرة اليوم" انه أجبر في قسم الشرطة على الإقرار بأنه لا شبهة جنائية في مقتلها حتى تقيد الحادثة ضد مجهول و إلا فلن يستلم جثة شقيقته!! فتلك المرشحة كانت تتمتع بشعبية في دائرة مركز أبو حماد بمحافظة الشرقية و لكن الحزب الوطني رفض ترشيحها على قوائمه فأصرت على الترشح كمستقلة لتدخل في تنافس و مواجهه مع حيتان الحزب الوطني في تلك الدائرة و تدفع حياتها ثمنا لسيادة قانون الغاب, الذي صار القانون الرسمي بعدما انتهجه "الكبار" في تحقيق أهدافهم و اعتمدته الشرطة نفسها و التي سبق و احترفت الاستعانة بالبلطجية و المسجلين خطر لمساندتها في قمع المتظاهرين و ضرب و سحل المعارضين و عرقلة المراسلين و التشويش على الهتافات المعارضة و تعمد إهانة الصحفيات وضرب المصورين و تحطيم كاميراتهم.

ماذا حدث لمصر؟ و لماذا تغير المصريون؟ لعل تغير سلوك المواطن المصري نابع من الظلم والقهر الذي يعانيه و الذي يعد انعكاس للفساد والقمع السياسي الذي شكل ضغط أدى للانفجار و جعل الكراهية و الحقد و الغل وسائل للتعبير و التنفيس عن الكبت, قد تظهر في صورة عنف أو تعصب كروي أو ديني أو مجرد تصرفات عشوائية, فبعد أن صار الشعب يعيش في ذل و فقر و مهانة و خسر آدميته و أهدرت كرامته, هل نتصور أن تتسم تصرفاته بالرقي ؟! حالة الاحتقان في الشارع المصري و التربص بالأخر ما هي إلا نوع من أنواع تفريغ الكبت, فإذا كان النظام نفسه افسد و بلطج و نهب و قمع و تسلط و كرس الفقر و الجهل و البطالة و تهميش المواطن فماذا ننتظر من أفراد الشعب؟

و السؤال الذي يطرح نفسه الآن ما الحل؟ كيف نتخلص من هذا الكابوس؟ و أصلا هل هناك أمل في أن تنقشع تلك الغمة؟ لا أود أن اطرح رؤية متشائمة بل لنفكر بواقعية و ننظر للتدهور في سلوك المواطن و نسأل ألا يتحسن هذا السلوك بتغيير الظروف المحيطة بالشعب و التي نتج عنها هذا الكبت و من ثم الاحتقان, و أعنى الإشارة لأهميته احترام آدميته المصري و اعتماد الشفافية منهجا و سيادة القانون و تحقيق المساواة بين المواطنين و العدالة في توزيع الثروة و ضمان تكافؤ الفرص و تقليص الفساد والتخلص من ثقافة دفن الرؤوس في الرمال و تشجيع المشاركة الشعبية بإطلاق حرية تكوين الأحزاب و استقلالية النقابات و القضاء والجمعيات الأهلية و إطلاق الحريات.

ألا نخلص من هذا إلى أن التغيرات السلوكية و المشكلات المجتمعية في حياة المواطن المصري و حتى الصغيرة منها جذورها كبيرة و متشابكة و أن الحل طويل الأمد –مش المسكنات - يكمن في الإصرار على إصلاح حقيقي و شامل و هو الأمر الذي لا يتحقق سوى بالتخلص من قمة الهرم مادام الحكم مستبد و بالتالي نتخلص من كل ألوان فساد النظام الحالي و تداعياته و كل رموزه و أنصاره و المنتفعين منه و المرتبطين به و المطبلين له حتى يستطيع المواطن المصري أن يتخلص من الضغوط و يتمتع بحياة طبيعية.



#لبنى_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آمالي السودا
- أزمة الغد صحية
- لو واحد فى المليون
- سعيد صالح...نحن نشكر الظروف
- كفاية حرام علينا
- أتخنقنا
- انتخبوا مبارك رجل الإنجازات الأول
- الأنتخابات الرئاسية و حيرة المواطن المصرى بين المشاركة و الم ...
- هنا مصر المحتلة
- القضاء على ارهاب الشرطة أولا
- عصير مرارة بالخوخ
- !احترس أمامك مخ..و بيفكر
- قانون مصادرة الحقوق السياسية
- !ابتسامة مصر.. ماتتنسيش
- كل خدعة وأنتم طيبين
- كبسولة أخبار(مصرية) بلا تعليق تحذير لمرضى الضغط
- انقلاب السحر على الساحر
- !ان اختلف معك احد انسفه
- حتى أنت يا....؟
- !مبروك جالك قلق


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - لبنى حسن - !المصري سريع الاشتعال