أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - آخر لمسات أطلس العولمة الجديد














المزيد.....

آخر لمسات أطلس العولمة الجديد


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4922 - 2015 / 9 / 11 - 21:45
المحور: كتابات ساخرة
    


لم تعد طريقة إشعال الحروب، بين الدول، هي الوسيلة الوحيدة لإعادة صياغة الدول والأمم والشعوب، ولم تعد الديانات والعقائد والمذاهب قادرة على بلورة صيغ جديدة للعالم، كما كان يجري في سالف العصر والأوان.
اليوم، المجدُ، كل المجد، لنظام العولمة الجديد، فهو الأكثر فعالية، والأقدر على إعادة صياغة العالم في أطلسِه الجديد.
وإذا كانت الأديان، والعقائد، والمذاهب، صاغت العالم، في قديم الزمان، وفق رؤية الزعماء، والقادة، والمبشرين، وقُسِّم العالمُ وفق المذاهب والعقائد والأديان، وإذا كانت الحروب أنتجت التشريد والقتل والدمار وإعادة خلط الأجناس، مما ولَّد ديكتاتوريين وأباطرة وقياصرة وأنظمة حكم شمولية؛ فإن الصياغة الجديدة للعالم، هي الأوسع والأقسى والأشد تأثيرا من غيرها.
إنَّ إعادةَ صياغة أطلس العالم هي المهمةُ الأبرز للعولمة في عصرنا، أخذتْ العولمة على عاتقها مهمةَ القضاءِ على التقسيمات التقليدية البائدة، وأبرزها:
لا مجال في أطلس العولمة الجديد للوطنيات والقوميات، فالوطنيات التقليدية مُضرة بنظام العولمة، لأن منظومات الوطنيات والقوميات تعتنق الأعراقَ والبطولات، وتسيِّرُ شؤونها الحياتية وفق هذا المفهوم، وترى العالم من ثقوبها الخاصة، وهذا بالتأكيد يُناقضُ مفهوم إنسان أطلس العولمة الجديد!
أيضا، لا مكان للأيدولوجيات التقليدية، فعالم اليوم، وفق الأطلس الجديد، ينقسم إلى قسمين فقط، القسم المنتج، والقسم المستهلك، لذا، فالمنتجون، والمُسوِّقون، هم فقط الذين يفرضون أيدولوجياتهم الجديدة،
وفق ذلك فإنًّ ثقافةَ الفرد، وعلو منزلته، تُقاسُ في العالم الجديد، بمقدار استهلاكه، وإفراطه في الإدمان على منتجات العولمة، وليس بما يملكه من أفكار ومعتقدات. وتُقاسُ الإبداعاتُ بما يبتدعه المتفوقون من آليات إدمانية، رقمية، وترفيهية، وأكلية، ودوائية!!
تغيَّر تعريفُ (الرجعي، والرجعية)، وفق الأطلس الجديد، فالرجعيُ هو كل مَن يرفض منتجات العولمة، والرجعية هي محاربةُ منتجات العولمة!
كذلك فإن الرجعيَ هو كلُّ مَنْ يُغنِّي الأغنياتِ الوطنية السالفة، ويُنشدُ قصائد الأمجادَ القومية، ويعتزُّ بنقاء السلالات العرقية!
أما مجموع الفضائل الأخلاقية المكتسبة بوسائل الثقافة التقليدية، فإنها حجراتُ عثرة في طريق رسم آخر صفحات أطلس العولمة الجديد!
فالصدق عيبٌ خَلقي، والأمانة عاهةٌ موروثة، والنزاهةُ شرٌ مستطير، أما النُصرة، والكرم، والإباءُ، والعِزَّة، فأمراضٌ اجتاحتْ الأمم في العصور السالفة، وجرى إنتاج لقاح جديد لها في معامل العولمة، وأثبتَ اللقاحُ فعاليته في القضاء المبرم على هذه الأمراض.
وفي الأطلس الجديد جرى تغيير مفاهيمَ عديدة، فالسرقةُ، والرشوةُ، والابتزاز، والسمسرة، والعمولة، والمماطلة، والدجل، والعمالة، وكل مشتقات الكذب، لم تعدْ جرائمَ ومصائب، تُبتلى بها الأممُ، بل أصبحتْ كلُّها صفاتٌ محمودة ومُستساغة، لأنها تُعزز النشاط التجاري، وتجلب نتائجُها الربح المادي الوفير، وتُربِحُ بورصات الشركات!
كذلك فإن الوعيَ والثقافة صارتْ نكبةً في الأطلس الجديد، فثقافةُ القرن التاسع عشر، والقرن العشرين، أبطأتْ عقودا عملية إنجاز أطلس العولمة الجديد، لذا، فإن خبراء الألفية الثالثة تمكنوا من محاصرة هذه الكارثة، باستخدام سلاح جديد فعَّال، وأدخلوه بالفعل إلى أنظمة التربية والتعليم، وذلك بالقضاء على آخر المعلمين المُثقِّفين، باضطهادهم في قوتهم، ودفعهم إلى أن يتحولوا من رُسلِ ثقافة، إلى تُجَّار شنطةٍ وكتبٍ، وأبحاث، وشهادات!
فأغرق راسمو أطلس العولمة الجديد الفصولَ المدرسية والجامعية البائسة، بأعداد كبيرة من الطلاب، وحولوا التعليم من التوعية إلى الحشو!
وأتوقعُ أنْ تشهدَ السنواتُ الخمس القادمة تطهيرا شاملا لآثار الكارثة، كارثة الوعي والثقافة!
حينما تنتهي صياغةُ الأمم والأوطان وفق آخر نسخة من أطلس العالم الجديد، فلا وجود في هذا الأطلس لحدود الدول، ولا لأسمائها، ولا لأعلامها، أو ثرواتها الطبيعية، أو مسمياتها المدرسية، بل لألوان أعلام الشركات الكبرى، في إمبراطورية العولمة !!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب بين السبي والنفي
- قصة اختطاف قطتين غزيتين
- مارشات (ولعت) في أفراح غزة!
- ثلاثة حروب فتَّاكة
- مشروع روجرز في وثيقة سرية
- سكين داعش اليهودية على رقبة إسرائيل
- دافيد غروسمان، وإحراق عائلة الدوابشة
- العربُ واليهود، عند غوستاف لوبون
- هل السياسة خساسة؟
- أبحاث الإبداعات، وابحاث كوابيس الأحلام
- إسرائيل من عدوٍ لدود، إلى حليفٍ ودود
- إعدام قرار على مقصلة الأمم المتحدة
- في فقه تغيير الوزارات
- سلاح الألفية الأول
- أخطر كتاب عن عمليات الموساد
- مقياس نفايات الجامعات
- هل تنجح مقاطعة إسرائيل؟
- قمع الثقافة والفن في إسرائيل
- مرحبا بك في العائلة الفيسبوكية
- سجن غزة الرحيب


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - آخر لمسات أطلس العولمة الجديد