أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - (الحب والعشق في الشعر الحديث (2-3















المزيد.....

(الحب والعشق في الشعر الحديث (2-3


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1354 - 2005 / 10 / 21 - 10:44
المحور: الادب والفن
    


-3-
(تحدي الحب)
كل شيء في هذا العالم يؤطره منهج، وللحب مناهج من الأحاسيس والعواطف تخلفها علاقة حب واحدة ترسم حدودها وفروضها لتتحقق من شروطها ليس بالتجربة فقط، وأنما بمقاييس الأحاسيس الفياضة التي لاتخضع لميزان العقل بل لميزان القلب وما ينهل من عالم خارج عن حدود الوعي. عالم ينهل مكوناته من عوالم روحية تتخذ من السماء مسكناً لها. عوالم وظيفتها إعادة بناء مكونات روحين في روح واحدة، تسكبها في جسدين مختلفين ينهلان العواطف والأحاسيس من منظومة روحية واحدة.
كل شيء في هذا الكون يمكن أن يتحداه الإنسان محاولاً التغلب عليه بالحلية مرة وأخرى عنوة إلا الحب يفرض نفسه قدراً لايقبل التحدي أو الخسارة في بحر العواطف والأحاسيس. إنه يصيب المرء بداء الجنون، ويضفي السعادة على من عرف قدره! ويبقى السؤال ما هو الحب وماذا يريد؟.
يجيب ((محمود درويش)) عليه قائلاً:
"يامن، يسمونه الحب من أنت حتى تعذب هذا الهواء
وتدفع سيدة في الثلاثين من عمرها للجنون
وتجعلني حارساً للرخام الذي سال من قدميها سماء؟".
كم تجربة حب يمكن أن يخوضها الإنسان في حياته حتى يقفل باب قلبه ويبني جدراً عازلاً بينه وبين النساء؟ فبناء هذا الجدار قد يستغرق العمر كله ولاينتهي! وكم سيكون ارتفاعه حتى لاتجتازه امرأة؟ إلا يكفي أن يتحطم القلب مرة أو مرات ليتخذ من تجاربه عبرة ويغلق جميع أبوابه أم يتوجب أن تتمزق الروح لمرات حتى تعلن التوبة فإلى أين المفر منه، هل هو القدر الذي يرسم معالم الحياة أم أقدرنا التي ترسمه فتأسر أرواحنا في غفلة من الزمن؟.
يبحث ((محمود درويش)) عن تجاه لهروب قائلاً:
"هذا خريفي كله، أعلى من الشجر المُذهب أين أذهب حين أذهب!
في حضن سيدتي مكان واسع لقصيدتين
ولموت كوكب
كل الشوارع أوصلت غيري إلى طرف السماء
فأين أذهب، حين أذهب!".
كم تحتاج حروب الحب من الخسارات حتى تعلن الهزيمة؟ فكل معاول ومطارق الأرض التي يستخدمه الحب هدماً وطرقاً على من يقعون في الأسر لاتكفي لكي يعلنوا الهزيمة أو الاستنكاف عن الخوض فيه ثانية!. أياً إنسان هذا الذي يعلن خسارته في الحب كبيرة وعذاباته منه مريرة وجسده الممزق والمحترق يصرخ ويستنجد بمن يضمد جراحاته ويسعى نحو الحب ثانية!.
يعترف ((محمود درويش)) علناً أن النساء مزقوه إرباً، ولم يستفد من تجاربه قائلاً:
"كم امرأة مزقتني
كما مزق الطفل خيمه
فلم أتألم ولم أتعلم ولم أحم نجمه".
الهروب عبر مسالك بعيدة عن النساء، قد يضلل الحب فيخطأ مساره أو يكف عن ملاحقة الهاربين والمهزومين فإذا كان ذلك مسلكاً صحيحاً عن صلة الاختباء وتضليل مسارات الحب فماذا عن القلب المتصيد لترددات الروح الباحث عن نصفه الآخر في العالم الكوني؟ هروب الروح من الجسد، قد يكون حلاً لتضليل الجسد عن الروح وبالتالي تعطيل نبضات القلب المستلمة لذبذبات الروح!.
يكشف ((محمود درويش)) حل ومسلك للهروب قائلاً:
"لم يبقَ لي غير النزول عن الصدى
والسير خارج داخلي بين الشظايا والمدى
عبثاً أقدس ما يدنسه الكلام سدى، سدى".
الحب قدر له مجساته وثرواته يغرز النفوس حيث يريد، فلا أسوار عالية تمنعه ولامسلك مضللة تعجزه عن الوصول إلى القلوب ولاسبيل إلا الاستسلام لمشيئته والاستجابة لنداءته وترك الروح تقرر شريكها للتوحد بمكونات جديدة تتولد عنها روحاً جديدة تعيش في جسدين تختارهما وتتحكم بمنظومة أفعالهما رغبة أو عنوة!.

-4-
(حالة عاشق)
عالم العشق لايفهم مغزاه وقوانينه إلا من طاله جنون العشق، فأبتلى بداء الجسد وأصبح حالماً ومتوسلاً اللقاء مع معشوقه. لربما اختلفت آليات وقوانين العشق عبر الزمن، لكنه لم يفارق جوهره المستند للعواطف والأحاسيس المحرك الأساس لماهية العشق ومازال القلب منذ الأزل مسؤولاً عن العاطفة والإحساس وما يفرضه من أنظمة سيطرة على منظومة العقل والتحكم بمجمل سلوك وتصرفات العاشق.
ولربما وهج الحب لم يعد كما كان في غابر السنين، لكنه مازال الداء الذي يصيب الروح قبل الجسد ومازال العاشق يطلب نفس العلاج الذي استخدمه الأقدمون، وهو توسل اللقاء مع المعشوق للشفاء من داء العشق. ولاشك أن الكلمات والصياغات الشعرية أصبحت أقل تعبيراً عن حالة العشق لكنها تنهل مدلولاتها وصياغاتها من الوجدان الذي يشتغل بآليات اللاوعي. ونحت الكلمات أصبح أقل فناً وأكثر تبسيطاً في التعبير عن حالة العشق.
يصف ((أودونيس)) حالة العشق المعاصر قائلاً:
"أيها العاشق الذي صدئت قدماه
صدئت راحتاه، من دروب-عقاقير
ماذا يفعل الآن تاريخك القتيل
قُم تجرأ على الصمت
مزق رسائل أسراره، قل لهذا المقام:
انكسرت، وأعضائي الآن مهزومة".
يهبط العشق على العاشق من السماء حيث تسكن الروح وتحط رحالها في القلب مركز العاطفة والإحساس ومنه تُهرب عبر الشرايين إلى سائر الجسد لتصيبه بالداء!. ومع كل خطوة، يخطوها داء العشق في مساره يحدث انفجارات هائلة في منظومة التحكم العقلي ومن ثم يفرض عليها منظومة العاطفة التي بدورها تفرض نظاماً خاصاً تأسر فيه منظومة الروح والجسد معاً.
يلخص ((أدونيس)) آلية هبوط العشق على العاشق قائلاً:
"هبطت نجمة، تمشت
خلسة في الزقاق المؤدي إلى بيتنا، وأعطت
قدميها إلى عاشق، وأعطت
ليدي نخلة شعرها".
حين تأسر منظومة العشق منظومة الروح والجسد للعاشقين، تصبح عملية فهم وقراءة وكتابة العاشق لمعشوقه سهلة. لاتحتاج إلى مقدمات وكلمات مزوقة للوصول إلى الآخر. إنها لغة جديدة، لغة حروفها لاينطقها الفم ولا يفك طلاسمها العقل وإنما هي إيحاءات روحية تنطلق من الروح إلى الروح صافية ونقية كنقاء الحب ذاته.
يعبر عنها ((أدونيس)) قائلاً:
"طُوبى بجسدين، كلاهما يمضي وقته
في قراءة الآخر وكتابته
طابت ريشتك، يا حبر المعنى
طردت ذاكرتي من أعضائي".
معظم الأشياء في الحياة يتغير جوهرها عبر الزمن إلا الحب لم يتغير جوهره ولربما تغيرت بعض صوره لكنه مازالت تردداته هي ذاتها تأتي دون موعد محدد، ولامكان معين وقوانينه ليست قاطعة تخص جنس واحد من البشر وإنما من خاصة البشر ذاتهم لاتعرف الهوية ولا اللون ولا العرق إنها قوانين إنسانية وضعت مع الخلقية لتفرض شرائعها على الإنسان.
تقول ((إقبال بركة))"أن الحب في كل العصور هو، هو......رجفة تصيب القلب ونداء يلح على الجسد، ونار تتأجج في الوجدان كلما شوهد المحبوب أو جاءت سيرته".
إن الحب بالرغم من أنه حياة جديدة تأسر جسدين وروحين وتفرض عليهما نمطاً من الحياة تسودها المحبة والعشق، لكن إن تم قتل الحب في الجسدين والروحين، فإنه يصبح داءً تتفشى سمومه في سائر الجسد ومن ثم يطال الروح ليقتلها بحقد لانظير له!.
يصف ((احمد شوقي)) داء الحب واولوياته قائلاً:"إن الحب نظرة فابتسامة، فسلام، فكلام فموعد، فلقاء ففراق يكون فيه دواء أو.......".
الحب والعشق رغم ما يحملان من حلاوة وصفاء وعذوبة وسعادة للحبيب والعاشق، فإنهما بذات الوقت يحملان داء الهجر والفراق وما يسببان من عذابات وآلالام تطال من ابتلى بهما. فالزهور ليست جميلة دون أشواكها، ومن يبحث عن العسل في خلايا النحل لابد أن تناله لسعاتها!.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب والعشق في الشعر الحديث 1-3
- (الحب والعشق في الشعر القديم (4-4
- (الحب والعشق في الشعر القديم (3- 4
- (الحب والعشق في الشعر القديم (2-4
- (الحب والعشق في الشعر القديم (1-4
- النظرة الدونية للمرأة عند توفيق الحكيم
- سلوك وتصرفات اللئيم
- الاساءات والحط من قدر نخب المجتمع
- الضمير والسمعة عند السياسي
- فن الإصغاء في العمل السياسي
- احترام الكلمة في العمل السياسي
- أداء ومهام السياسي السوي
- دور الأحزاب السياسية في بناء الدولة الحديثة
- نهج وتوجهات الأنظمة والأحزاب الشمولية
- البعد التاريخي والمعاصر للنظريات السياسية والاجتماعية
- دور الفكر في المذهب البرجماتي والوضعي
- صراع الكيانات الحزبية على السلطة
- خلاف الرأي بين العقلاء والجهلة
- المهام والأداء في العمل السياسي
- الحرية والعدالة


المزيد.....




- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - (الحب والعشق في الشعر الحديث (2-3