أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح نيازي - أحمد شوقي وأبو الهول














المزيد.....

أحمد شوقي وأبو الهول


صلاح نيازي

الحوار المتمدن-العدد: 4921 - 2015 / 9 / 10 - 10:56
المحور: الادب والفن
    



للأسف، لم تُؤرخْ قصيدة " ابا الهول" ولكن ما قاله الشارح : " رُفِع الستار في مسرح حديقة الازبكية يوم افتتاحه عن تمثال أبي الهول، يناجيه رجل بهذه القصيدة". تاريخ هذه القصيدة مهم لأن فيها اسقاطات الشاعر على التمثال، فهو مثلاً يعالج الملل من طول البقاء، فهل كان شوقي اثناء كتابة هذه القصيدة يعاني من ملل من نوع ما، بحيث شعر معه بأن حياته باتت طويلة:
أبا الهول ماذا وراء البقاء إذا ما تطاول غيرُ الضجْر
عجبت للقمان في حرصه على لُبَدٍ والنسور الأُخْر
وشكوى لبيدٍ لطول الحياة ولو لم تطل لتشكى القصرْ.

كيفما دار الامر، فان هذه القصيدة من عيون الشعر العربي حقاً، ظهرت فيها تقريباً كل خصائص شوقي الشعرية ومهاراته في التأليف.

أبا الهول طال عليك العُصُرْ وبُلغتَ في الأرض أقصى العُمُرْ
فيا لدةَ الدهرلا الدهرُ شبّ ولا أنتَ جاوزتَ حدّ الصغرْ
إلامَ ركوبك متنَ الرمال لطيّ الأصيل وجوْب السحر؟ْ
تسافر منتقلاً في القرون فأيّان تُلقي غبار السفرْ؟


تبدأ القصيدة بالمنادى:" أبا الهول " وكأن التمثال احتلَّ كامل الإطار. الراوية وجهاً إلى وجه مع أبي الهول. وهي حالة تكون فيها كشف الأسرار مأمونة، ما داما وحيدين.. الراوية يريد كشف الأسرار وأبو الهول أكبر وعاء لها. ثمّ يبدأ تساؤل الشاعر، بعد ان يقرر " طال عليك العصر" الى متى هذا التنقل من قرن إلى قرن، ويُنكر عليه طول البقاء، ولو كانت فيه حياة لَلَحق بالنحات الذي نحته.
في مقطع تالٍ : " أبا الهول ما أنت في المعضلات..." يصوّر الشاعر حيرة الناس بكنه هذا التمثال الذي رأسه رأس انسان وجسمه جسم حيوان، ويخلص الشاعر إلى ان الناس لو صُوّروا كما تقتضي طباعهم لكانوا صورَ وحوش.
يعود راوية القصيدة فيخاطب أبا الهول مقرراً أنه يجب ألا يُقلَّل من شأن أيّ شئ مهما كان صغيراً:

تهزّأتَ دهراً بديك الصباح فنقّر عينيك فيما نقرْ
أسال البياض وسلَّ السواد وأوغل منقاره في الحفرْ

ولكن مَنْ هو ديك الصباح هذا الذي كان يستصغره أبو الهول؟ لا بدّ أنّه الزمن لأنّه جعله ،على عماه، شاهداً و حكيماّ.
أصبح " ديدبان القدر" و " وصاحب رملٍ يرى خبايا الغيوب.." يقول الشاعر

تُطلُّ على عالمٍ يستهِلُّ وتوفي على عالمٍ يُحتضْر
فعين إلى مَنْ بدا للوجود واخرى مشيَّعة من غَبَرْ
فحدِّث فقد يُهتدى بالحديث وخبِّرْ فقد يؤتسى بالخبرْ

بعد ذلك يستطرد راوية القصيدة بذكر الحضارات المصرية ومؤسسيها من الملوك الفراعنة إلى الاسكندرية وايزيس وآبيس وموسى وعيسى وعمرو بن العاص، وفي هذه الاثناء لا ينسى راوية القصيدة من ذكر الطغاة الذين مرّوا بمصر وروّعوها: كقمبيز بن كورش الاكبر، وقيصر الذي أذلّ المصريين. ابتدع شوقي لهذا الاستطراد وسيلة تأليفية فريدة، فبدل أن يضعها على فم أبي الهول وهو مجرد حجر، راح يمطره بالاسئلة أي أن شوقي راح يسرد معلوماته التاريخية بصيغة اسئلة يستنطق بها أبا الهول، ولأن "أبا الهول صامت، فان تلك المعلومات أخذت صيغة المصداقية وكأن صمت أبي الهول من رضاه.
يعود الشاعر إلى أبي الهول ثانية فيخاطبه:

أطلتَ على الهرمين الوقوف كثاكلة لا تريم الحفرْ
تُرجّي لبانيهما عودة وكيف يعود الرميم النخِر؟

وكأنه يستجهله بهذا الوقوف الذي لاطائل تحته، لان الذي بنى الهرميْن أصبح رميماً نَخراً فكيف تُرجى عودته. مع ذلك فوقوف أبي الهول، وفاء لكل ما درس من بشر ومدن. إذ لم تعد منفيس الآن إلاّ قرية اندثرت محاسنها، وهي جامدة " تكاد لإغراقها في الجمود إذا الأرض دارت بها لم تدر".
يختتم شوقي قصيدته بهذين البيتين الغريبين:

فلم يبقَ غيرُك مَن لم يحِف ولم يبقَ غيرُك من لم يَطِرْ
تحرّك أبا الهول هذا الزمان تحرّك ما فيه حتى الحجرْ

ولكن لماذا يئس شوقي من وقوف أبي الهول؟ لماذا طلب منه ان يتحرك، إذ لم يبق غيره جامداً؟ ما الذي كان يعاني منه الشاعر في تلك الفترة من حياته؟ هل أراد شيئاً فأقعده جموده؟ هل ضاق أحمد شوقي، على أرستقراطيته، بالعيش؟
مع ذلك فإن التعمق في أخبار الماضي، لَمِن التحرّقات التي كان يعاني منها أحمد شوقي بفضول شديد.



#صلاح_نيازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قنديل امّ هاشم
- الترجمة معنى أو تقنية؟
- المنظورية والحواس في فهم
- من تقنيات الترجمة
- عصفور من الشرق
- اللون الابيض يفترس مكبث
- قراءة في نص شيكسبيري
- عن ترجمة القرآن
- العين البريئة لهربرت ريد
- دور المنظورية في تضخيم الرعب
- ثلاث قصائد
- قلعتا المتنبي وشيكسبير
- اكبادنا تمشي على الارض
- من أفانين شيكسبير
- الوجه الثالث للعملة
- لا نهاية الكائن الحيّ
- الشعر وصغار العقارب
- مأساة الملك لير جنونه الذي لم يكتمل
- بعض وجوه استحالة الترجمة
- ثلاثة تحوّلات أدبية بعد عام 2003


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح نيازي - أحمد شوقي وأبو الهول