أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رفعت الدومي - اسهار بعد اسهار: الحضرة الشومانية














المزيد.....

اسهار بعد اسهار: الحضرة الشومانية


محمد رفعت الدومي

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 18:57
المحور: الادب والفن
    


ينتصب ليل الدومة كمأذنة مهجورة خلال وشائج جلية من الخواء الروحيِّ القاتل، وتتجلي ألوان البهجة في أدني بقعةٍ في الظلِّ حدثاً باهظاً ينخرط في لهجات أولئك المتعبين غابة من الأيام قبل تحققه وغابة من الأيام بعده، وحتي يومنا هذا، وحتي بعد أن واجهت إلغائها وصارت من أشياء الماضي، تجد (الحضرة الشومانية) التعبير عنها في الكثير من النبض الشهير في أوردة الليالي الخوالي، والقادمة، التي وزعت، وسوف توزع نقاط البهجة في أفق الدومة الآسن!

وحتي كتابة هذه السطور، لا يزال الريش يتطاير من جيوب ذاكرة الدومة الكلية فينساب في سطحها شلالٌ من العصافير لا يصدأ تكريماً لذكري الأخوين " أحمد ومحمد أبوشومان "، المرحومين ..

يدق الأخوان "أحمد" و "محمد أبو شومان" طبلتيهما علي نحو مذعور، ولكنه حميم، قبل سلة من الأمتار من مكان الحضرة، وتستقبل النساء وفادتهما بالزغاريد، وتستخف بعض الصغار نار المرح الداخلي فينزعون ثيابهم، ويصير الصخب ممتلئاً حتي كأنه الهدوء، يندمج مع الهمس والأسرار الخفية وأصداء البيوت وحفيف الأشجار في الحقول ونقيق الضفادع وخفقات أجنحة الفراشات البعيدة وانتفاضات البهائم في الحظائر تنفض الغبار والحشرات عن جلودها، فيشتعل الليل كفضيحة، وتبلغ نار المرح الداخلي ذروة اشتعالها فلا يتسع لها الكثيرون..

يدق الأخوان لدقيقتين طبلتيهما وقلبي، واقفين في صدر المكان وقلبي، ثم تهبط حدة الإيقاع تدريجياً حتي يتفتت إلي شكوك غامضة، تتابع خفوتها، ثم، فجأة، تتلاشي، لتتماسك من جديد عقب انتهاء طقوس العشاء!

تنتظم حلقات الذكر انتظاماً ركيكاً في البداية لا يلبث أن يحتشد، وتتحول الأجساد إلي جُمَل روحية، عندما يتأكد العم "محمد أبو شومان" من إمساكه التام بأزمة الرجال المترنحين علي الحافة الغامضة، وفي لحظة معايرة بعناية خاصة، يبدأ في ترديد العديد من الحكايات الأسطورية عن السيد أحمد البدوي، الذي .. أبو بطن واسعة، والذي شرب ماء البحر برشفة واحدة ليعيد طفلاً غريقاً إلي أمه، والذي .. كان المريدون يلتقطون بيض طيور الفردوس من صومعته، وفي الحقيقة، لم يقل العم "محمد" لنا، و للتاريخ، هل كان ذلك البيض نيئاً أو مسلوقاً أو مشوياً في نار جهنم؟ ، أو لم أفهم علي أية حال، لكن ذكري مشابهة، "وهزي إليك بجذع النخلة"، تدفعني إلي اليقين بأنه حتمًا كان نيئاً ليدرك الذين يفضلونه مسلوقاً أو مشوياً قيمة العمل!

وتعبر الأساطير تباعاً من نفس إلي نفس خلال الفجوات الذهنية، تحت درع ثقيل من الاعوجاج الفكري، دون عائق، بل الإيمان الطليق في صحتها، أو هكذا يظن الحمقي، هم أكثر خبثاً بالتأكيد الزائد عن الحد، وهم لا يصدقون إلا ما يرون ويلمسون، لقد اتخذوا من التعايش السلميِّ مع كل المعتقدات درعاً يحرسون به بقاءهم، تقليد دوميٌّ خاص يقودني إلي حكاية طريفة، ورائجة بطلها العم "محمد أبو شومان"، تعكس المشهد كاملاً ، وتشوهه تماماً!

كان العم "محمد" ذات ليلةٍ مستغرقاً في حالته تماماً، وعندما كان يردد بنغم سُكَّري:

- ساكن طنطا، وفـ مكة صلاااااتو!

تلك اللحظة، اقتحمت حالته الخالة "صِدِّيقة"، فجأة، وألقت عليه مذعورة نبأ شجار عائليٍٍّ كان لا يزال نشطاً حول بيوتهم، وأضافت، أن العم "حلاتو الطواب" كان في زيارة لأخته وتدخَّل كطرف أصيل في المعركة!

سرعان ما تحلل تعبير الرضا علي وجه العم "محمد" إلي غضب حقيقي، وفيما بدا أنه لم يتمكن من الانسحاب من حالته في الوقت المناسب، وربما كان الغيظ، وربما الذعر من تهورات العمِّ "حلاتو" الشهيرة هو ما جعله يصعد بالإيقاع إلي ذروة العنف، ويستأنف الإنشاد بشكل مروع، وهو يسأل زوجته، بنغم عدائي:

- وايش دخََّلووو فيها حلااااااتو؟!

تعليق حقيقيٌّ، وبشكل متعصب علي أفكارنا السابقة عن الزنادقة وخبث الزنادقة في مواجهة الحياة!

هناك بعدٌ آخر لشخصية العم "محمد أبو شومان"، العم "محمد أبو شومان" مؤذن مغرب الدومة في شهر رمضان!

بعدٌ ثالثٌ لا ينتبه إليه الكثير من الدوميين، أروع مؤذني مغرب الدومة في رمضان علي الإطلاق!

رحم الله كل أحبائنا الذين خذلونا وأمعنوا في الرحيل..



#محمد_رفعت_الدومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كليبتومانيا الضوء : سيمون بين السرايات حالة
- أولي الناس باسم شاعر
- اسهار بعد اسهار (8) : عصام أبو قنين
- اسهار بعد اسهار (7) : بهجة غرابة
- الوطن محله الحذاء
- أنين الروح
- اسهار بعد اسهار (6) : سكت الطاحون عَ كتف المي
- اسهار بعد اسهار (5) : ديكتاتورية العم ياسين
- اسهار بعد اسهار (4) : ورم
- اسهار بعد اسهار (3) : علي جسر اللوزية
- اسهار بعد اسهار (2) : ولادة مبكرة
- اسهار بعد اسهار (1): أدينُ بدين الحبّ
- نبّوت عبد الناصر المزيف
- إعدام الماضي / إعدام المستقبل
- الأردوغانية والأعراب
- النبيُّ ابراهيم.. الزِفَري آخر موضة!
- أوَّلُ المكيدة إنحناءة
- وداعًا فريناز خسرواني
- إن إزاري مُرَعْبل!
- إسم الله عليه.. إسم الله عليه


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رفعت الدومي - اسهار بعد اسهار: الحضرة الشومانية