|
ملاحظات حول الدراما التاريخية التركية
محمد يسري
الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 02:17
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بعد مشاهدة سبع حلقات من المسلسل التركي التاريخي (قيامة أرطغل) ، أود أن أضع بعض التعليقات والملاحظات عليه:-
1 -المسلسل يتناول فترة لم تسلط عليها الأضواء بشكل كافي في التاريخ الاسلامي ...وهي فترة القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي تواكبت تلك الفترة مع تفكك الدولة الايوبية و افول نجم الامبراطورية السلجوقية و زيادة عدد الحملات الصليبية الكاثوليكية وفي الوقت ذاته اضمحلال الامبراطورية البيزنطية .
2 -يتعرض المسلسل لمسألة -نادراً ما تمت أثارتها في الكتابات التاريخية المعاصرة و الاعمال الفنية التاريخية - واقصد بها (الهجرات التركمانية)...تلك الهجرات التي ادت الي حدوث تغيرات جذرية وكبرى في مصائر المنطقة خصوصاً والعالم برمته بشكل عام .
3 -من الواضح ان المسلسل قد تم انتاجه بدعم من حزب العدالة و التنمية الحاكم في تركيا ....فمجرد اختيار تلك اللحظة التاريخية لتسليط الضوء عليها يتماشى مع سياسة الحزب الواضحة في احياء التراث العثماني والرجوع للهوية الاسلامية وهو الامر الذي ظهر جلياً في عملية نقل رفات سليمان شاه في فبراير من العام الحالي.
4-أي مقارنة ستحدث بين مسلسل قيامة أرطغل والمسلسل الاشهر القرن العظيم (الذي عرف في البلاد العربية باسم حريم السلطان )، هي مقارنة غير منطقية وغير مقبولة فالمؤثرات البصرية والسمعية والدراما الرومانسية التي جذبت قطاع كبير من المشاهدين الي حريم السلطان ، لا تتواجد بالشكل نفسه في قيامة ارطغل وذلك لان الواقع التاريخي مختلف في الحالتين...فالقصور العامرة والملابس الفاخرة في الاول تم استبدالهما بالخيام المتواضعة والملابس البسيطة في الثاني وكذلك فأن الحكايا والقصص المتشعبة المرتبطة بالحريم ونساء القصور في حريم السلطان تم استبدالهم بقصص رومانسية بسيطة ساذجة في قيامة ارطغل وتلك الاختلافات تظهر من اختلاف الحالة والواقع ...فالامبراطورية العثمانية في حريم السلطان تختلف عن القبيلة التركمانية البسيطة في قيامة ارطغل....وسليمان القانوني الذي كان اقوى رجال الارض نفوذاً في زمنه يختلف كثيراً عن سليمان شاه ذلك الزعيم القبلي المحلي الذي يحاول ان يعثر على موطن جديد لقبيلته . 5-هناك مبالغة في تصوير قوة المقاتل التركي وشجاعته ومهارته القتالية ... في نفس الوقت الذي يظهر فيه فرسان الصليبيين من الداوية والاسبتارية بشكل ضعيف وبالرغم من علامات الاستفهام التي قد تثيرها تلك المسألة الا انه يمكن ان نتغاضى عنها اذا ما وضعنا في الاعتبار ما تقوم به هوليود في اعمالها ... فعلى سبيل المثال نجد ان المبالغة في اظهار قوة ارطغل لا يمكن ان تصل الى ما شاهدناه من قوة الفارس الصليبي (اورلاندو بلوم) في فيلم مملكة الجنة لريدلي سكوت او القائد الروماني (راسل كرو) في فيلم المصارع للمخرج نفسه .
6 -إن المتتبع للأعمال التاريخية في المنطقة يجد ان هناك نمو كبير لتلك الاعمال في كل من (ايران) و (تركيا) فقد اصبحت تلك الاعمال ذات اهداف ابعد بكثير من المناولة البسيطة والترف الفكري الموجه في الاساس للمثقفين والنخبة ففي ايران نجد ان الاعمال التاريخية الدينية تحتل مكاناً مرموقاً في الاهتمام و الميزانيات المخصصة للاعمال الابداعية ، ويشهد على ذلك فيلم(محمد رسول الله) الذي يتم عرضه حالياً والذي بلغت تكاليف انتاجه 40 مليون دولار وكذلك فيلم (القربان) الذي يتناول احداث استشهاد الحسين عليه السلام في كربلاء والذي من المقرر ان يتم عرضه قريباً وبالاضافة الى تلك الافلام فقد تخصصت ايران في انتاج المسلسلات الدينية التاريخية مثل (مختارنامة - غريب طوس - امام الفقهاء) اما تركيا فنجد ان الكثير من الاعمال الفنية بها قد اصبح في اتجاه الخط الديني القومي ومن ذلك فيلم (محمد الفاتح) الذي تناول قصة فتح العثمانيين للقسطنطينية في عام 1543م اذن فان جناحي العالم الاسلامي (الفرس و الاتراك) يحاولون قدر استطاعتهم ابراز هويتهم عن طريق الاعمال الفنية التاريخية فما بين الهوية الفارسية الشيعية والهوية السنية التركية تحدث حالة من الصراع التاريخي- الفني ، بينما يتغافل العرب عن الدخول الي ذلك المضمار متذرعين بأعذار واهية ضعيفة مثل ضعف الامكانيات المادية وعدم وجود مساعدات من اجهزة الدولة ... والحقيقة ان السبب الرئيسي في ذلك هو غياب الوعي وفقدان الهوية .
#محمد_يسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هكذا تورد الإبل يا جنبلاط
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|