أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد علي منصور - ورق الورد















المزيد.....

ورق الورد


فؤاد علي منصور

الحوار المتمدن-العدد: 1353 - 2005 / 10 / 20 - 14:19
المحور: الادب والفن
    


رسائلي/ 1
ورق الورد

الساعة السادسة صباحاً, حديقة بيت, هي, هو...
كان المشهد غريباً, حرارة الصباح مرتفعة... والأغصان ثابتة, وأوراق النباتات لا تتحرك.
والشمس ترسل أولى خيوطها المجدولة بالذهب على وجهها الأبيض الفضي, والأشعة تداعب الشعر الأشقر وتغازله وتطارده, وتمنع هاتين العينين السوداوين من النظر بل كانتا تقاوم الشمس وأشعتها وترسل منهما أحاديث صامتة, والخضرة المحيطة بها وبه جامدة صامتة مرتقبة تنصت لما سيدور.
كانت النباتات مفعمة بالخضرة, ورائحة الصباح والندى تعبق في زوايا وثنايا كل الأرجاء, والشمس مفعمة بالضوء والحنان.. وكان الجو مفعماً بالحرارة الملتهبة, وكذلك كان قلباهما. كان يرتجف, يضطرب, يعلو وجهه الاصفرار, حركات يديه تنم عن الفوضى التي بدخله, حركات يديه مترددة فهو يروح في نظرة بين كل الأشياء في لحظة واحدة, كان صوته مضطرباً متلجلجاً يعلو ينخفض, يحثو يقسو. ينفعل يستكين.....
كانت تجلس قبالته وقبالة الشمس تتحدى الاثنين معاً, كانت تجلس بثقة وكبرياء كان ذكاؤها يشع يتوقد يحلل يفكر يستنتج ,كان جمالها ينور... يتألق... يشمخ... يتحدى... يقف بقوة ليساند شخصيتها وليضعف من ينظر إليها, ويزيده ارتباكاً وحيرة وتردداً.
كان المشهد غاية في الروعة.. غاية في الجمال.. غاية في الحساسية والتركيز... لم يكن هناك تحضير لشيء مما جرى. فبإمكانكم تخيل ما شئتم وبإمكانكم وضع مئات الفرضيات, ومع ذلك فقد كان القدر يخطط ويدع مهمة التنفيذ لهذا الشخص ويبدو أن المهمة كانت صعبة جداً.
كانت الأحاديث تدور حول عدة أشخاص مشتركين معروضين قبلهما مثل أخيها وأمها وأبيه وآخرين. لكن سمة الحوار كانت السرعة.. فهما ينتقلان من موضوع لآخر كأنهما يستعرضان أخبار صحيفة يومية سياسية.
كانت لحظات الوقوف بين الحديث والآخر مربكة كأنها تنذر بحديث أخطر وأخطر قادم في الطريق.... سكتت عن التعليق على الأحاديث... وبعد برهة سكت هو... طالت فترة الصمت, وطالت كثيراً وارتفعت الشمس وارتفعت درجة الحرارة.... قال:
- هل..... تسمحين.... لا.... أعني أريد.... هناك موضوع.........
- ماذا.. ماذا قلت؟
- أقول... هناك موضوع يجب أن أحدثك عنه الآن... ولا أعرف كيف أبدأ؟
- أبدأ كيفما شئت
- أعني أنا.... كنت أفكر.... منذ زمن طويل وأنا أفكر..... هل أستطيع الحديث بصراحة.
- نعم...... تستطيع.
(كانت أجوبتها السريعة عاملا آخر من عوامل الإرباك).
ـ أنا أفكر في.... لا أعلم بماذا أفكر.... ولكن..... أنا أحب... نعم... هكذا أنا أحبك...... وأخاف.........,, ثم سكت ولم يكمل.
- لم أفهم ماذا قلت... حاول التركيز.
كان متأكداً أنها فهمت بدقة كل الموضوع, خاصة وهو يرى عينيها السوادين تتحركان ببريق أخاذ غريب لم يره من قبل ,كان يدرك ذكاءها, ويدرك أنه أمام امرأة استثنائية ,تستطيع أن تقرأ كل ما في العين من أحاديث وأحاسيس وتستطيع أن تقيد بحضورها وشخصيتها كل من تتعامل معه.
قال لها:
- سأحاول...... أنت تعلمين أنك الأغلى على قلبي....... وتعلمين.... لكن...... قبل أن أكمل.... أريد أن أسألك سؤالا واحداً: هل أزعجتك بكلامي.... هل سببت لك ضيقاً....... هل......
- مهلاً....... مهلاً...... أنت لم تقل شيئاً بعد؟؟؟ ولم أفهم ما هو موضوعك؟
- سأتحدث ولكني أريد وعداً منك بأن لا تفعلي أي شيء يؤثر على ما بيننا, مهما كانت نتائج هذا الحديث..... أنا في كل الأحوال... لا أستطيع التفكير بأنني أؤذيك, أو أؤذي مشاعرك.... عديني أن تسامحيني على كل كلمة.
- بدأت أفقد التركيز..... قل... ما بك؟
- أنا.... أحبك..... وأظنك تعرفين ذلك...أحبك منذ مائتي عام.. وأكثر... وأتمنى أن تكوني... أنت كذلك.
سادت فترة من الصمت ظنها دهراً.... طال الانتظار.... عاد فسألها:
- ماذا قلت؟ هل سمعتني؟
- نعم....
- يبدو أني أسأت لك, صدقيني أنا.... أخاف عليك, أتمنى كل السعادة لك, أتمنى الموت على أن... أسبب لك حزناً أو ألماً ...... قولي أي شيء أرجوك..
ردت وكأنها تعرف هذا الكلام:
- كنت أتوقع منك هذا الكلام منذ زمن, ولكني لم أتوقعه الآن.
سادت فترة من الصمت... ازداد الارتباك, ازدادت حركاته فوضى, ازدادت حرارة الجو, كان يريد إشارة ولو صغيرة إلى ما يطمئنه, لكنها كانت حذرة في الإجابة, ثم ابتسمت وقالت:
- نعم أنا أعرف ذلك,وأنت ترى الجواب في وجهي.
لم يصدق ما سمع ولكنه... أحس بشيء غريب يجري في عروقه غير الدم.. كأنه البنفسج..
زغردت الدنيا, غردت العصافير, طارت النسمات, تلألأت أشعة الشمس, النباتات ازدادت خضرة, انسحقت في داخله جبال من الوهم والهم..
سألته معقبة:
- ولكن لماذا الآن بالذات؟؟ بعد كل ما جرى معي ومعك؟
أجابها بعد أن استجمع كل ما لديه من طاقة:
- كنت وما أزال أخاف عليك, أخاف أن تخدش براءة الكريستال وأن يعكر صفوها من أراد لها النقاء, لم أكن أريد البوح لك بشيء لكن لم أعد أستطيع صبراً, لم أعد قادراً على ضبط مشاعري أمامك, وأخاف كثيراً عليك حتى من نفسي, كنت أريد أن أبقى أحبك دون أن تعلمي, وكنت أريد خنق مشاعري خوف أن أسيء لك ولنقاوتك.... لكني لم أعد أستطع التحمل, ليس بيدي... ليس يبدي....
- هل تعلم أني لا أستحق منك ما قلته....
قاطعها بشدة:
- لا..... لا..... لا تقولي ذلك ,أنت الأغلى... أنت أعلى...أنت أقدس... أنت أطهر...أنت سمائي ودوائي...أنت أعظم مما تظنين, أنت أكثر شفافية من الكريستال وأكثر نقاوة من الماس, وأكثر رقة من ورق الورد الندي, تستحقين أن تكوني آلهة, ربة للجمال والنقاء والعذوبة....... والحب.
-بالغت كثيراً
- لا لم أبالغ, بل لم أستطع الوصول إلى وصفك, ما زلت مضطرباً,ما زلت خائفاً من جوابك, ما زلت خائفاً....
بقيت كل هذه الفترة صامتاً دافناً في قلبي حبي وإحساساتي لأصونك.. لأحميك ,لكي أبقى الدهر كله أحبك ,رغم استحالة حبي.
ورغم أني أعرف أن هذا حب مستحيل خطير!!! ولكن ليس بيدي, سامحيني إذا شغلتك, سامحيني إذا تجرأت على البوح بمشاعري....
ـ لا تقل هذا... فأنا أشعر بك, وأشعر بكل إحساس انتابك, وكنت متأكدة منه, ومتأكدة بأنه سيأتي اليوم الذي تقول لي فيه ذلك, ولكني أستغرب أمراً!!! لم أعرفك إلا قوياً حازماً, لم أرك ضعيفاً كاليوم؟؟ وجهك أصفر!! وأنت تختلج, كنت منفعلاً جداً..... ضعيفاً جداً؟؟؟ لماذا؟
ـ إن الضعف الذي شاهدته... هو خوفي عليك, خوفي أن أجرح شعوراً, ولو صغيراً, لديك....
خوفي أن أبوح ولا يصادف بوحي لديك تقبلاً... فأفقدك, أو على الأقل أتغير في نظرك..... أنت كبيرة جداً في عيني, أنت غالية على قلبي, من حقي أن أخاف.. وأن أضعف أمامك........ من ذا الذي يستطيع الوقوف بحضور ملكة عظيمة رائعة... ويتحكم بكل قواه؟؟ وأعود فأقول ضعفي لخوفي عليك....... أريد.. أريد أن أسألك رأيك في ما قلت؟... أرجوك..
ـ قلت لك رأيي بصراحة...
ـ قلت بعينيك فقط.. أريد لأذني أن تسعد بسماع جوابك..
قالت وهي تبتسم:
ـ ألم تصدق ما رأيت؟؟ إنه أصدق من أي كلام!!
أصدق.. نعم.. وأجمل.. نعم.. وأبهى... نعم... ولكن ليطمئن قلبي
قالت وكأنها تختم بريقها العذب رسالة وردية, وتضع الطابع على غلافها:
ـ نعم.. نعم... نعم.... هيا لنمض الآن...
ومضينا........



#فؤاد_علي_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد الدرة
- إلى نزار قباني
- الحلاج ومقصلة الإلغاء
- مساحة للقطار
- هل نستفيد من ميليس
- مهلهلة أحزابك يا وطني
- هل أنت مسلم..؟
- بعيدا عن السياسة ...مرة أخرى


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد علي منصور - ورق الورد