أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نزار حمود - إيلان لن يستيقظ ...















المزيد.....

إيلان لن يستيقظ ...


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 4917 - 2015 / 9 / 6 - 09:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إيلان لن يستيقظ !

كما الجندي القتيل في قصيدة "نائم دو فال" (1) ... إيلان لن يستيقظ.
هذا الطفل السوري الجميل الهانئ بموته على شاطئ المتوسط لن يستيقظ غدا ً ... ولن يذهب للحضانة كي يلعب ... ويتعلم ... ويعيش !
لقد جرحتني هذه الصورة كما جرحت ملايين الناس على كامل مساحة الكرة الأرضية. لكني لم أكن أبدا ً أفكر بالكتابة عن إيلان ... فالجرح السوري بات عميقا ً لدرجة عجزت معها أبجديتي عن التعبير عن الوجع المتكثف في عيون الأطفال الجامدة الخائفة الباردة ... التي فارقتها شعلة الحياة جراء شظية قذيفة ... أو برميل موت أسود ... أو رصاصة قناص ... أو سكين حاقد زنيم ...
لكني ... وجدت نفسي اليوم، فجأة، مجبرا ً على الكتابة عندما قرأت ما قاله أحد القتلة ذوي القلوب الحنونة بخصوص إيلان ...
يقول هذا "الإنسان" ... وقبل أن يُهال َ التراب على وجه إيلان الجميل في قريته السورية الشمالية التي قاتلت بشجاعة أسطورية، رجالا ً ونساءً، جحافـل الديناصورات اللاحمة الداعشية ... يقول إن الأسد الثاني كان قد خصص مناطق آمنة خاصة لاستقبال اللاجئين السوريين وأن أبواب هذه المناطق بقيت مشرعة حتى لأعدائه الأكثر ضراوة. يقول هذا السيد الأنيق (2) أن أب الطفل إيلان فضل أن يدفع مبلغا ً كبيرا ً من المال كي يهاجر ... في حين كانت مناطق الأسد الثاني " الآمنة " موجودة لاستقباله مجانا ً. متهما ً إياه بأنه مجرد واحد آخر من هؤلاء الخونة الذين يسعون لمغادرة الوطن وتركه لمصيره الأسود في ساعة الأزمة.
طبعا ً ... لو مات إيلان ... في دوما أو مخيم اليرموك الدمشقي أو تل الزعتر اللبناني أو حي بستان القصر الحلبي أو في السكنتوري في اللاذقية أو حتى على شواطئ غزة أو لبنان ... لما استحق ذلك أن يكتب هذا الشاب الظريف بضعة السطور التي كتبها. ما أحرج هذا الإنسان الحنون ذو ربطة العنق وياقة القميص النظيفة ... وأزعجه في هذه المأساة الصغيرة / الكبيرة المرمية على رمل الشاطئ أن إيلان مات غرقا ً وهو يحاول الهرب من مناطق الأسد الآمنة وغير الآمنة ... وهو أمرٌ لا يستطيع تحمله!!! أمرٌ يتطاول ليتجاوز معدل ذكائه الذي لا يزيد عن درجة حرارته الشرجية وهو في أحسن حال وأوفر صحة !!! لقد قـُـدر لإيلان أن يموت وحيدا ً على الشاطئ التركي وهو يحاول الهرب إلى الحرية ... وكرامة العيش ... ما لا يستطيع فهمه صاحبنا حتى في أحسن ساعات تجلياته وتفتح ذهنه ومداركه. لم يسأل هذا السيد الهمام نفســَه ... ترى لماذا فضل والد الطفل إيلان أن يغامر بنفسه وبأسرته الصغيرة ويواجه خطر الموت غرقا ً على أن يبقى تحت بسطار الأسد العسكري "الوطني" في هذا البلد الذي انتحرَ وما زال ينتحر ويـُـقتـَل عشرات الآلاف من المرات منذ خمس سنين وحتى اليوم. لماذا فضل إيلان الموت على أن يبقى في جنة الأسد؟ أمرٌ شنيع أليس كذلك؟؟ لا يستطيع هذا السيد فهمه ... رغم أنه من مـُلاك الحقيقة المطلقة والقناعات والأحكام الجاهزة المعلبة بأناقة والمعدة للاستهلاك الفوري. لماذا الهجرة في حين أن الأمن والأمان متوافر للمواطنين السوريين ... جميعا ً ... كما قال وأكد الأسد الثاني !
يبدو أن ليس للهمجية حدود !!!
وليسمح لي هذا الأخ السوري الوطني للغاية بأن أرد عليه ... بشكل سريع ٍغاضب ٍ ومقتضب ...
لا يوجد أي شيء في العالم يستطيع أن يبرر إغتيال طفل ... أي طفل ...
أسدك الثاني يا سيدي هو المسؤول الأول والأخير عـن هذه المجزرة المروعة التي راح ضحيتها آلاف الأطفال الذين ذهبوا بصمت دون أن يكون لهم الحق بمثل هذه الصورة التي حصل عليها إيلان ولا بالتغطية الإعلامية الهائلة التي حصل عليها إيلان.
أنت يا أخي السوري ... مجرد واحد من آلاف متطرفي الأسد البشعين الذين لا يضاهيهم في بشاعة رائحهم المنتنة إلا ديناصورات الحركات الإسلامية المتطرفة من داعش إلى النصرة إلى حماس وحزب الله وسواهم الكثير من ملاك الحقيقة الإلهية المطلقة المعممين والملتحين.
فليذهب هؤلاء جميعا ً إلى الجحيم ... وأنت أولهم ...
كثيرا ً ما يخطر ببالي هذه الأيام شتيفان تسفايج (3) ونهايته الفاجعة ... لكني سرعان ما أتراجع ...
سرعان ما أتراجع ... لأن موت أمثالي سيكون مصدر سعادة وأنس وطرب لك ولأمثالك يا سيدي ...
كلا ... سأبقى حيا ً كي أقول لكم جميعا ً رأيي بأفكاركم الكريهة ...
سأبقى حيا ً ... كي أصرخ بعالي الصوت ... إن سوريا تستحق منكم أكثر بكثير من هذا المستوى الإنساني الرقيع ... سوريا الأم أكبر من كل هذا الهراء الذي تجترونه كل يوم ... والذي تتقيأه شاشات تلفازاتكم ... وتلفظه فوهات بنادقكم ومدافعكم ...
سأبقى حيا ً علّي أرى الفجر يوما ً ... فجر سوريا الحلم ... سوريا العادلة الحداثية الديمقراطية المدنية العلمانية. سوريا الوطن والمواطن وحقوق الإنسان. سوريا الانتماء السوري وليس سوريا القوميات والطوائف والأديان ...
يا للعار ... ويا للهول ...

===========

(1) قصيدة للشاعر الفرنسي آرثور ريمبو (1854 - 1891) يصف فيها جثة ً غضة ً لجندي شاب مبتسم في حقل أخضر هانئ ... وفي خاصرته اليمنى ... ثقبان أحمران ...
(2) النص الكامل لما كتبه أحد " السوريين " تعليقا ً على موت إيلان : "الطفل السوري الغريق أدمى وابكى الحجر، هذا لا جدال فيه ولا مزايدة والحرب المجنونة في سورية هي المسؤولة الأكبر..ولكن - وهنا سأقول كلاماً قد لايُعجب البعض - ولكن ما مسؤولية أهل الصبي - أمه وأبوه - ولو بجزء بسيط من هذه المسؤولية؟ هل هم فارون من المجازر؟ حسناً ..ربما هم كذلك ... لكن الفارين من المجازر غالباً يلجؤون الى مناطق آمنة في داخل سورية - وبالمناسبة الحكومة السوريّة رغم ظروف العجز الاقتصادي بسبب الحر وفرت عشرات مراكز الايواء تُقدّم فيها كل أنواع الرعاية الصحية والغذائية والتعليمية مجانا - .
طيب ... لنفترض أنّهم فارّون من وجه "النظام" - وسأفترض هذا على غير قناعة لأن ما يسمونه " النظام " يقوم حتى اللحظة - وفي مراكز محترمة - بايواء ورعاية عائلات - نساء وشيوخ وأطفال - حتّى بعض الذين يحاربونه ويقتلون خيرة شباب الوطن من حماة الديار ومنضوون في صفوف عصابات الذئاب التكفيرية ولم تمارس الدولة السوريّة أي شكل من أشكال الانتقام ضدهم معتبرة أن لا ذنب لهم باجرام ذويهم - لنفترض أنهم فارون من النظام ... في هذه الحالة يلجؤون الى دول الجوار ومخيماتها القريبة هذا البديهي لكونهم من المفترض بانهم هربوا بثيابهم فقط ولا يملكون قوت يومهم وبالتالي لا يملكون ما يمكنهم من السفر أبعد من هذا ... أما أن يغامر البعض بأطفالهم الصغار ويركبون قوارب مطاطيّة ليس فيها الحد الأدنى من عوامل السلامة ويقصدون أوروبا -وهم ليسو في وضع "الميت ميت" فكل فرد من المهاجرين يدفع كحد أدنى 5000 دولار أميركي للمهرّب( ما يعادل مليون ونصف ليرة سورية وهذا رقم كبير في سورية) وعلى متن قوارب الموت المطاطية - فهذه اسمها رعونة واستهتار اذا لم نقل تشاطر ومجازفة غير مبررة بفلذات الأكباد واقتناص فرصة مواتية من خلال قوانين اللجوء المتساهلة لتأمين حياة "تنبلة" مجانية ومريحة في غرب اوروبا. هل من داعٍ لأوضّح وأشدّد بأن كلامي هذا لا يقلّل أو يسخّف من هول وفظاعة ما حلّ بالملاك الطفل السوري وبغيره من ضحايا الهجرة ؟ أرجو ألاّ يكون كلامي صادما ً... "
(3) شتيفان تسفايج : كاتب نمساوي من أصل يهودي (1881 - 1942). من أبرز كتاب أوروبا في بدايات القرن الفائت. قرر التخلص من الحياة وهو يشهد انهيار السلم العالمي وويلات الحرب العالمية الثانية. ولم ينسَ أن يشكر حكومة البرازيل، حيث انتحر، على حسن الضيافة والرعاية.



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن تكون طائفيا ً !
- أنا أتهم
- هكذا تكلم فيكتور هيجو ... (في الشأن السوري)
- إنهم يقتلون الشارلي !
- رسالة مفتوحة إلى العالم الإسلامي
- لماذا يخافون منا ؟ البتروإسلاموفوبيا !
- محاكمة السلاح !
- في رثاء أنسي الحاج ...
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 5
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 4
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 3 - الجزء الثاني
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 3 - الجزء الأول
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 2
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ...
- أن جنيف أو أن لا جنيف. هل هذا هو السؤال ؟
- الأقلية والأكثريات
- أما زال النصر ممكنا ً ؟
- سوريا بين مطرقة الظلم وسندان الظلام
- القبيلة ...
- الطائفية بين العَرَض ِ والمرض !


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نزار حمود - إيلان لن يستيقظ ...