أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - بين الدين والفكر الديني















المزيد.....

بين الدين والفكر الديني


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4915 - 2015 / 9 / 4 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كتب د . نصر حامد ابو زيد في كتابه ( نقد الخطاب الديني ) – ط 3 – 2007 – الناشر:المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب وبيروت – لبنان حول التفريق بين الدين والفكر الديني :

( فالدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخيا ( كيف يمكن معرفة انها ثابتة تاريخية ؟ - كاتب المقال ) , في حين ان الفكر الديني هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتاويلها واستخراج دلالتها ).

من الطبيعي ان تختلف الاجتهادات من عصر الى عصر ومن بيئة الى بيئة اخرى وان تتعدد الاجتهادات من مفكر الى مفكر داخل البيئة نفسها . لكن ثمة سؤالا :
كيف استطاع الفكر الديني المعاصر ان يخفي تلك الحقائق لحساب قداسة النص وينسبها الى نفسه بطريقة غير مباشرة ؟

يقول نصر حامد ابو زيد ان هنالك محاولات لتكريس القداسة وتجميد النص الديني من خلال ندوات ومؤتمرات ومؤلفات , حيث تم اطلاق تسمية ( الاسلمة ) عليها .
يقول ابو زيد ( اذا كانت الدعوة الى اسلمة القوانين بالاحتكام الى الشريعة الاسلامية امرا مفهوما في سياق تاريهنا الثقافي , فان الدعوة الى اسلمة العلوم والاداب دعوة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب . انها دعوة تؤدي الى تحكيم الفكر الديني الخاضع لملابسات الزمان – المكان والموقف الاجتماعي في مجالات فكرية , عقلية وابداعية , لم تعرض لها النصوص الدينية , وان حاول الفكر الديني دائما بطرق تاويلية ملتوية ان يستنطق النصوص الدينية بما يراه في المجالات المشار اليها ).

من اللافت للانتباه ان احدا من المفسرين او المفكرين لم يفرض تفسيره للظواهر الطبيعية والانسانية على اساس انه ( الاسلام ) . واذا كان الصحابي عبدالله بن عباس قد فسر الرعد بانه ( ملك يسوق السحاب بمقلاع من فضة ) . فان المسلمين لم ياخذوا هذا التفسير بوصفه معنى دينيا مقدسا مطلقا يتحتم الا يخالفه البحث العلمي .

لقد فهم المسلمون ان النصوص الدينية لاتطرح تفسيرا للظواهر الطبيعية والانسانية , وان تفسيرها متروك لفاعلية العقل البشري . لقد كان هذا الفهم من اهم اسباب الانجازات العلمية والتقنية التي حققها العلماء المسلمون الذي لايكف الفكر الديني المعاصر ذاته عن الاشادة بهم والفخر بما قدموه لاوربا في بدايات عصر النهضة من بواكير المنهج التجريبي .

ولو كان اسلافنا قد شغلوا بهاجس الاسلمة لحدث التصادم الذي حدث في اوربا, ولانتفى التفاخر الذي يمتليء به الخطاب الديني المعاصر , والقائم على دعوى عدم التعارض بين العقيدة والبحث العلمي العقلي الحر .ان الدعوة الى اسلمة العلوم والفنون بدعوى مكافحة الشيوعية والماركسية والعلمانية والليبرالية والالحاد . انها دعوة هدامة هدفها سيطرة رجال الدين على مجالات الحياة كافة . انها تتشابه مع ( محاكم التفتيش )التي تحرم كل اجتهاد انساني وديني .

وهكذا تتبدى مغالطة الخطاب الديني , الذي ينكر النتائج المنطقية لكل دعاواه بانكار ان ( الحاكمية ) تعني تحكيم رجال الدين في كل شؤون الحياة .
لماذا فشل التنويريون العرب في مشروعهم النهضوي ؟
السبب هو هشاشة الطبقة الوسطى حاملة لواء النهضة والذي ادى بها الى التبعية السياسية .

ان خطاب التنوير , كما يؤكد ابو زيد ,ظل يدور مع نقيضه السلفي داخل دائرة السجال الايديولوجي , ولم يتجاوز ذلك الى تاسيس افق مدني جديد يحدث قطيعة معرفية مع التراث . لذلك لم يكن غريبا ان تكثر حالات الارتداد فيتحول البعض الى السلفية مع تقدم العمر.

لقد ظلت الرؤية اللاتاريخية للنصوص الدينية هي الرؤية المسيطرة عند كلا الفريقين . ولا شك ان هذا الضعف في المشروع التنويري اتاح المجال للخطاب الديني لاستعادة مواقعه .

بين الله والانسان

اذا كان الفكر الديني يجعل من قائل النصوص ( الله ) محور اهتمامه , فان نصر حامد ابو زيد يجعل المتلقي , الانسان ,محور اهتمامه . ان معضلة الفكر الديني انه يبدا من تصورات عقائدية مذهبية عن الطبيعة الالهية والطبيعة الانسانية وعلاقة كل منهما بالاخرى .ثم يتناول النصوص الدينية جاعلا اياها تنطق بتلك التصورات , اي ان المعنى نجده مفروضا على النصوص الدينية من خارجها .

يحاول الفكر الديني ان يلبسه لباسا ميتافيزيقيا ليضفي عليه طابع القداسة والعصمة .ان الاستخدام النفعي الذرائعي للتراث كان منهج التنويريين العرب , وهو الذي منعهم عن تحقيق قطيعة جذرية مع النقيض السلفي , ومكن السلفية من الانقضاض على ماحققه التنويريون من انجازات جزئية.

ان النصوص الدينية ليست سوى نصوص لغوية , تنتمي الى بنية ثقافية محددة , تم انتاجها طبقا لقوانين تلك الثقافة التي تعداللغة نظامها الدلالي المركزي . ان تفريق ( دي سوسير ) بين ( اللغة )و (الكلام ) يوضح الفارق بين البناء اللغوي للنصوص وبين النظام اللغوي الثقافي الذي ينتجها .

اللغة هي النظام الدلالي في كليته وتعدد مستوياته الصورية والدلالية ( السيميائية)والصرفيةوالنحوية . هي المخزون الذي يلجا اليه الافراد في صياغة الكلام . اذن فالكلام يمثل شفرة خاصة داخل النظام الكلي المخزن في الذاكرة الجمعية للجماعة .

يقول د . نصرحامد ابو زيد ان العلاقة بين الكلام واللغة علاقة جدلية . وان الفصل بينهما من قبيل التبسيط الذي لاغنى عنه للتحليل العلمي اذا كانت النصوص الدينية نصوصا بشرية بحكم انتمائها للغة والثقافة في فترة تاريخية محددة هي فترة تشكلها وانتاجها , فهي بالضرورة نصوص تاريخية .

ان اللغة ليست ساكنة وثابتة, بل هي كائن حي تتطور مع الواقع والثقافة . واذا كانت النصوص تساهم في تطوير اللغة والثقافة , من جانب انها تمثل ( الكلام ) في النموذج السوسيري , فان تطور اللغة يعود ليحرك دلالة النصوص وينقلها في الغالب من الحقيقة الى المجاز .

ويمكن تحليل بعض الامثلة من القران مثل وصف القران لله كونه ملكا له كرسي وعرش وجنود .لعل المعاصرين لمرحلة تشكل نصوص القران كانوا يفهمونها فهما حرفيا . وكانت الصور التي تطرحها النصوص تنطلق من التصورات الثقافية للجماعة في تلك المرحلة . لكن من غير الطبيعي ان يصر الخطاب الديني على تثبيت المعنى الديني عند العصر الاول , رغم تجاوز الواقع والثقافة في حركتها لتلك التصورات ذات الطابع الاسطوري .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاصول الشرعية لسرقة المال العام
- الاحتجاجات الشعبية بين الذكورية المفرطة والطواطم المقدسة
- في نقد الخطاب الديني
- شغب سياسي ومؤسساتي
- الخطاب الديني والخطاب السياسي ومابينهما من تماثل
- من فصوص كتاب الحكمة والسياسة والدين
- هل يمكن للنساء ان يكن قوامات ؟
- بين عقود الزواج والعلاقات الحرة
- تقديس ثورة 14 تموز 1958 ورموزها
- التجربة اليابانية عند نصر حامد ابو زيد
- محنة نصر حامد ابو زيد
- من طروس الحكمة
- محنة التنويريين العرب
- قريش وتجنيد الاحابيش
- المدارس المختلفة في تفسير فكر الرسول بولس - ج 3 والاخير
- الصعاليك وجيش الاحابيش في مكة
- ومضات من عالم الحكمة
- نتائج التحول الى فلسفة اللغة
- اتهامات باطلة ضد الرسول بولس
- من اسس المسيحية :يسوع ام بولس ؟


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - بين الدين والفكر الديني