|
الإصلاحات بين التخطيط والتنفيذ
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 17:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الإصلاحات بين التخطيط والتنفيذ لم تنطلق حركة الإصلاحات إلا بعد إن تحرك الشعب بتظاهرات إحتجاجية غاضبة إمتدت من بغداد العاصمة وإلى المحافظات ، بسبب إستمرار سوء الخدمات وعدم توفر شروط العيش الإنساني من ماء وكهرباء ودواء وعدم قيام مؤسسات الدولة بواجباتها والأهم من ذلك فقد المواطن الثقة بالحكومة المنتخبة ومجلس النواب المنتخب ووجدهما بعيدان كل البعد عن هموم الشعب وما يعيشه من واقع مرير حيث لم يفِ الجميع بالعهود والمواثيق التي قدموها للشعب قبل الإنتخابات . وكان الصراع بين الكتل السياسية المتنفذة مستمر منذُ الدورات الإنتخابية الأولى وبنفس الوقت إستشرى الفساد المالي والإداري والسياسي ونتيجة لذلك أصبحت هذه الكتل السياسية (والتي لم تعمل لوضع حلول جذرية )، تحكم وكأنها هي الدولة والحكومة وبذلك تمتعت بالإمتيازات والمناصب والمال والنفوذ ، ولم تعالج الدورتان السابقتان المشاكل المتراكمة بل إزدادت من خلال خلق أجواء خصبة للإرهاب للتحرك والقتل والإحتلال ، فحدثت المآسي الإنسانية من تهجير وتشريد وفقدان الممتلكات والسكن بعد سقوط عدد من المحافظات بأيدي داعش ، فأصبح النازحون بدون مأوى أو خدمات ومستلزمات للعيش والذين يعدون بالملايين . ونتيجة لتراكم المعاناة والتي إمتدت إلى عدم توفر فرص للعمل وإنتشار البطالة وغلاء المعيشة وعدم توفر السكن اللائق ، وفقدان الشروط الصحية وإنتشار الأمراض وتدني الأنتاج الصناعي والزراعي إلى حدود الصفر مع شحة المياه وتدهور وضع السدود وإتساع تأثير الفئات الطفيلية على السوق وتهريب الأموال مع حدوث التغيرات في أسعار النفط والذي تعتمد على ريعه ميزانية الدولة بنسبة 95% وحسب تقلبات الأسعار ، أخذ الغضب الشعبي يتجمع ويزداد لأجل التغيير . وبذلك توفر شرطان للهبّة الجماهيرية بعد أن نفذ صبر الشعب ، الشرط الموضوعي طريقة حكم البلاد ووضع نظام المحاصصة الطائفية والقومية والإثنية والسياسية بدلاً من النظام الديمقراطي المدني وحسب الدستور، سوء الإدارة ، إنتشار الفساد ، توقف المشاريع التنموية ونهب الأموال المخصصة لها وغيرها ، والشرط الثاني هوالذاتي أي إستعداد المواطن للخروج والتظاهر والمطالبة بالإصلاحات والتغيير والإحتجاج ضد الفاسدين والمفسدين . وتحت ضغط التظاهرات المتصاعد وزيادة اعداد المشاركين فيها بمئات الألوف وتبلور مطالب جديدة ومنها إلغاء نظام المحاصصة الطائفية ومحاكمة الفاسدين وفتح ملفات الفساد السابقة والحالية ، وبناء الدولة على أسس المواطنة والهوية الوطنية ، أخذت الرئاسات الثلاث تقلق من تطور الأوضاع إلى ما لايحتمل عقباه وبعد مشاركة ودفع المرجعية الدينية بتأييد الشعب لم تجد الحكومة والرئاسات الثلاثة منفذ غير البدأ بالإصلاحات . لهذا قرر رئيس مجلس الوزراء د.حيدر العبادي تقديم الحزمة الأولى والثانية من الإصلاحات ولكن لم تكن مُنحة بقدر ماهي إنتزاع من قبل جماهير الشعب ولكنها تعتبر خطوة جيدة . وكما ذكرنا فإن الكتل السياسية أصابها الإرباك والقلق من ضياع إمتيازاتها ومن الإتهامات التي وجهت لها ولا تدري كيف تتصرف هل تؤيد أم تعارض أمام هذا الهدير الغاضب للتظاهرات المتزايدة . فسارع رئيس مجلس الوزراء بطرح حزمة أولى من الإصلاحات وهي إقالة نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء وتخفيض الحمايات والبدأ بترشيق الدولة وتخفيض الرواتب وكانت الأجواء ملائمة لطرح هذه الإصلاحات أمام مجلس النواب الذي شعر بحراجة الموقف وبالرغم من أعتراض الأكثرية من أعضائه سراً ألا أنه وافق عليها مع مساهمة ورقة الإصلاح البرلماني التي تعتبر دعم للحركة الإصلاحية . الجدير بالذكر إن رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي ، كان قد قَدمّ برنامج حكومته ووثيقة الإتفاق السياسي بين الكتل الفائزة في الإنتخابات في أوائل شهر أيلول 2014 وسبق له وضع اوقات محددة لتنفيذ الوثيقة السياسية المكونة من 20 مادة والتي على أساسها تألفت حكومة سميت حكومة الوحدة الوطنية ولكن لم تنفذ قسم من مواد هذه الوثيقة حسب توقيتاتها والتي كانت بين ثلاثة أشهر وستة أشهر والقسم الثاني بدون توقيتات وكذلك البرنامج الذي كان مكون من ستة محاور رئيسة وهي :- 1- عراق آمن ومستقر 2-الإرتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطن 3- تشجيع التحول نحو القطاع الخاص 4-زيادة انتاج النفط والغازلتحسين الإستدامة المالية 5- الإصلاح الإداري والمالي للمؤسسات الحكومية 6- تنظيم العلاقات الإتحادية . من خلال هاتين الوثيقتين أعلاه مع التفاصيل كان بالإمكان قطع شوط في التنفيذ بعد مرور تقريباً سنة ولكن بقي الحال كما هو دون أي تقدم يذكر بسبب التراكم الثقيل في الفساد وتضخم أجهزة الدولة الإدارية وترهلها ، والأزمات السياسية والإقتصادية ووجود الإرهاب ولكن كل هذا كان لايمنع لوكان هناك تخطيط صحيح وعلمي ووجود منفذين مخلصين بعيدين عن المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة ، كما نريد الربط بين الوثيقتين أعلاه وبين قرارات الإصلاح حول عملية تنفيذ هذه القرارات وهل ستبقى تدور في أروقة الروتين وكتابنا وكتابكم ؟، كما إن القرارات الإصلاحية لاتنجح أذا جاءت بصورة عشوائية دون تخطيط أو دراسة خصوصاً التي تمس المقامات العليا ، ولكن الحسم ضروري بوجود جماهير الشعب المساند في الشارع ، مع العلم إن القرارات الإصلاحية جاءت من الشارع أولاً والحكومة والبرلمان أي السلطة التنفيذية و السلطةالتشريعية عليهما تبني مطالب الجماهير لكي لايحدث الأسوء ثانياً . ولهذا فالإصلاحات تحتاج إلى جهاز تنفيذ يتمتع بالثقة والنزاهة وأن لايكون فيه من هو متورط في جرائم الفساد ، ويعمل بحيادية وإخلاص وينهي مهماته حسب المهنية والإختصاص وليس على أساس الولاء للطائفة والحزب . كا ان الوقت أصبح ملائم وتحت ضغط الجماهير لتشريع القوانين المتأخرة في مجلس النواب ولابدّ من إحترام إرادة الشعب . وكما علمنا فأن مجلس النواب أقرّ قانون الأحزاب والذي يُعتبر أساسي في النظام الديمقراطي بعد تأخر سبعة سنوات ، وهناك العديد من مشاريع القوانين المهمة ، ضروري الإسراع في إنجازها والتصويت عليها .كما أن لعبة الكتل السياسية في التأخير والتسويف لغرض عرقلة تشريعها إنتهت . صرح الشيخ د.همام حمودي عضو هيئة رئاسة مجلس النواب (النائب الأول ) :- إن مجلس النواب عازم على تشريع القوانين الضرورية والمتأخرة خلال المرحلة المقبلة من الفصل التشريعي الحالي مؤكداً إن "البرلمان ماضٍ بأإتجاه متابعة الإصلاحات واجتثاث الفساد وتعزيز الدور الرقابي " كذلك صرحّ ئارام شيخ محمد النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عند إستقباله السفير البريطاني في بغداد السيد (فرانك بيكر) ومستشار السفارة البريطانية السياسي (بيتر دالبي ) " إنّ ضغوطات الشعب في الشارع كانت دافعاً مهماً لمراجعة الأعمال وتفعيل السلطة التنفيذية والتشريعية والحد من ظاهرة الفساد المستشري والعمل بالإتجاه الصحيح بما يخدم مصالح الشعب " وتناقلت الأنباء بأن هناك إصلاحات متوقعة لترشيق المستشارين في البرلمان وتخفيض النفقات من خلال تقديم حزمة إصلاحية ثانية خلال الأيام القليلة القادمة ويتوقع بعض المراقبين بأن هناك جدلاً سرياً في أروقة مجلس النواب حول الورقة الإصلاحية الثانية لمجلس النواب خشية ضغوطات سياسية تمنع تطبيقها . كما تتناقل الأخبار بأن هناك أمر ديواني (ديوان مجلس الوزراء ) بتشكيل مجلس مكافحة الفساد برئاسة العبادي مكون (الأمين العام لمجلس الوزراء ، رئيس ديوان الرقابة المالية ،رئيس هيأة النزاهة ، ممثل مجلس القضاء الأعلى ، المقرر (مدير عام الدائرة القانونية ). كما نلاحظ بأن الحراك الشعبي والهبّة الجماهيرية حفز الجميع نحو المراجعة وتفعيل الإداء الحكومي والتشريعي . وكما إنّ هناك نقطة مثيرة للجدل وهي هل أن قرارات الإصلاح هدفها خطة للتقشف وتخليص الدولة من أعباء مالية أم هي للتقشف والإصلاح في آن واحد ؟. وكما صرح أياد علاوي (كتلة الوطنية العراقية ) بأن الهدف هو التقشف وليس الإصلاح ، كما إعترض على إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء وهذا موقف لاينسجم مع الموقف الجماهيري . كما إن قرار فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين الذي إتخذه الدكتور العبادي يواجه صعوبات وهي وكما صرح مصدر عراقي مسؤول بأن الصعوبات هي موقف السفارة الأمريكية والتي سبق وإعترضت على قرارين مماثلين لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي عامي 2007، 2011 ففي عام 2007 تمّ فتح المنطقة الخضراء لأيام وقد حصلت عملية إنتحارية أمام مقر السفارة الأمريكية أدى إلى مقتل 17 جندي أمريكي فأعيد غلق المنطقة ، وفي عام 2011 تمّ فتحها لساعات وقد أعترضت السفارتان الأمريكية والبريطانية وهددتا بنقل مقريهما إلى إقليم كردستان فتراجع المالكي ،والصعوبات الأخرى هو وجود دوائر حساسة على الطريق الواصل بين الجسر المُعلق والكرادة . وكذلك حول قرار فتح الشوارع المغلقة والفرعية وقد إعترض المجلس الأعلى لوجود مقره في أحد الفروع وكذلك أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي . مكتب العبادي طالب الجهات المعترضة على هذه الإجراءات بأن تعلن مواقفها الرسمية وبشجاعة . وأرى كلما دارت عجلة الإصلاحات إلى الأمام سوف تواجه أعتراضات من المتنفذين والمستفيدين من استمرار الأوضاع المتدهورة ، كما إنّ بعض القرارات تحتاج إلى الإسراع في تنفيذها ولاتتحمل التباطيئ . المهم إن لاتكون بين التخطيط للإصلاحات والتنفيذ فجوة تقود للمتاهة .
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موقف الكتل السياسية من عملية الإصلاحات
-
إنتفاضة الشعب العراقي مستمرة نحو التغيير والإصلاح !
-
في رحاب المؤتمر الثالث للتيارالديمقراطي العراقي في أستراليا
-
الاعتداء على مقر الأتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ...
...
-
في ذكرى سقوط الموصل
-
سقوط الرمادي....إنتكاسة جديدة وتداعياتها خطيرة !
-
لماذا التركيز على تقسيم العراق ؟!
-
الحرب الوطنية ضد الإرهاب لاتنتهي بالإنتصار وتحرير المدن فقط
...
-
دائرة الشك ! (2)
-
دائرة الشك !
-
الشعب العراقي بين الحرب الوطنية والحرب الطائفية !
-
نبض الجذور
-
هل الحكومة الحالية تجاوزت فشل سابقتها ؟
-
لنقف بوجه الفتنة الطائفية !
-
أرتفاع وهبوط أسعار النفط والتداعيات المرتقبة !
-
كيف كان التعامل مع مشروع قانون الأحزاب ؟!
-
خطوط بيانية !
-
مدخل لرؤيا واقعية في المشهد السياسي العراقي !
-
الحرب والسلام والديمقراطية
-
التحالف الدولي وإشكاليات الأهداف !
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|