أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف المحمدي - المأساة















المزيد.....

المأساة


يوسف المحمدي

الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 30 - 18:29
المحور: الادب والفن
    


إنها المأساة رغم التزييف الذي يحاول جاهداً طمس البؤس الذي يسكن قلب العالم , إنها المأساة تسكنُ قلوب بائعات الهوى واللاجئين وكل مواطني الشعوب المضطهدة , تختبئ في قلوب المُشردين وفي بطون الجياع , إن كل النواتج العقلية سواء في العلوم الاجتماعية ا و العلوم الطبيعية لم تحقق أشياء ايجابية لمعظم الأقدام التي تمشي على الأرض , ففي إفريقيا يَرحل البؤساء من أوطانهم على أمل الحصول على بارقة أمل , منهم يُصبح وجبة دسمة لأسماك القرش ومنهم من يمسي مُتسولا أو مُجرماً في شوارع أوروبا الجميلة , والحادثة التي هرب فيها سبعين من أبناء الشام لَتدل على رؤيتنا الغير الموضوعية للقرن الواحد العشرين , في المُجتمع الطبيعي لم يَتكدس عشرات في شاحنة صغيرة هرباً , لم يتعفنوا ألما , لم يموتوا بحثا عن مكان جميل في العالم , لان العالم كان للجميع , أما اليوم فقد تَحول أبناء الجنوب الحزين إلى وقود لتدفئة سكان الشمال البارد , أي أمم مُتحدة أيها الأصدقاء , لا أمم أصلا فمعظم حكام الأمم طغاة لا يعترفون بشيء اسمه اُمة , يقولون ل(لديمقراطيون في الشمال ) دعونا نغتصب , وفي أحسن الأحوال نَددوا بالاغتصاب , لكن لا تحاربونا لأننا أوفياء نُوفرُ لكم حطب تدفئة , اشك في أن(المُتحضرين) أزاحوا طاغية بهدف مصلحة الشعب , بل أنهم اعدموا بعد الأخيار القلائل من قادة الجنوب ( توماس سانكارا غي فارا ) , لا احد سينقذ أطفال إفريقيا والشرق الأوسط وهايتي , وباقي الأقطار البائسة , لان السياسيين ليسوا رجال مطافئ , لذلك فانا أشم رائحة الجثث التي ستفوق حجم الأجسام الحية , أشم رائحة حروب عقائدية ومذهبية , أشم رائحة مشانق ستلتف على مزيد من الأحرار , أشم عودة خافتة لليمين المُتطرف في أوروبا , أشم رائحة حفدة هتلر يعودون بصليبهم المَعقوف ( تشهد العاصمة برلين احتجاجات على تكاثر أعداد ألاجئين لقوميين ألمان) , هذه التغيرات التي ستحدث في النظم السياسية والمُجتمعية للعالم سيوازيها استحواذ مزيد من البلدان على السلاح النووي , قد تنقرض الحياة نتيجة جنون حاكم أو شعب مريض , أشم رائحة أصحاب الرايات السوداء يحطمون معالم الحضارة رفقة إخوانهم الصليبين , الحضارة الإنسانية التي بدأت بالموت منذ أن صاغتها أول عقول الأسلاف الأولين, قد يكونوا كلامي هذا مبالغة لكن من كان يظن أن الولايات المتحدة الأمريكية ستمطر اليابان بعبقرية انيركو فيرمي وروبرت اوبنهايمر قنابل يقشعر منها الضمير الميت , من كان يظن أن قائدة العالم الحر ستدمر العراق وستقتل ثلاثة ملايين من أبنائه نتيجة عقيدة بغيضة لصليبي اسمه جورج بورش , لا شك أن هذا العالم مروع رغم الكافيار وسجائر الكوبية وربطات العنق وصيحات الموضة , وملكات الجمال , بخلاصة تسعون في المائة حطب وعشرة في المائة تتدفأ, فلنعد أيها الأصدقاء إلى حياة أسلافنا ولنقارن بينه وبين عالمنا هذا , هل كان في الوضع الأول رجل سياسة , هل كانت في الغابات معاقل , هل كان في براثين الحياة الأولى ملكات جمال وممثلات ومغنيات يمتلكن ملايين الدولارات يعشن في القصور .. وأخريات في القبور والماخور يبحثن عن أربع دولارات من اجل البقاء على قيد الغيبوبة , هل كان في عصر الأسلاف الأولين جامعات هارفارد وأكسفورد لبنات (الراقيين ) ومعامل ابوجا ونيامي لبنات الكادحين , هل عاش الأنبياء وأصحاب الرسائل المُدمرة في المجتمع البدائي ,هل كان في المُجتمع ملوك يضعون الذهب فوق رؤوسهم , وأشقياء أقام القمل ممالك فوق رؤوسهم , لي يقين أن الوضع كان أفضل مما عليه ألان , , يساور خاطري اعتقاد بان العقل هو سبب نكبة البشرية , فالرجل الذي جاء للأفراد وقال لهم اتحدوا , نقل الصراع من صراع بين فرد وفرد إلى صراع بين جماعة وجماعة , خيل لي انه هو نفسه من قال لجماعات اتحدوا في إطار قبيلة بهدف الحفاظ على السلام والأمن , وفاته أن الصراع سينتقل إلى تطاحن بين القبائل , تصورتُ انه نفسه الذي جمع القبائل في جسم سماه الدولة , وفاته أن الدولة تُجسد في الشخص الحاكم أو الإيديولوجية السائدة , لا مكان للإنسان في الدولة فهو لا يعدو أن يكون عبدا لاج زهتها وعدوا لأخيه الإنسان باسمها , لم يمت الصراع لان الغريزة خضعت الجميع ففي الوقت الذي ظن فيه الإنسان أن العقل هو المقود نسي أن الغريزة هي السيارة , فالأمر ازداد سوءاً , ففي عوض أن نمارس الحب في الكهوف , في عوض أن نحيا حياة الوحوش الضارية نقتل بعضنا البعض (بنسبة اقل بكثير من لان ) أصبحنا نطحن بعضنا البعض باسم العقل , في عوض أن يَستشهد العشرات لهدف نبيل يتمثل في إسداء خدمة للبطن , أصبح الملايين يُقتلون لا باسم البطن أو الحب بل باسم فكرة ساذجة أو بسبب نزوة طاغية , ... كان على العالم أن يتقدم في اتجاه أخر غير طريق العقل(طريق الأحاسيس) , ا و ليست الأمور التي نظنها بعيدة عن نطاق العقل , هي أمور عقلية محضة , كان الله يرعى الجميع في سماء مُتجسدا في صورة قمر , في صورة لذة , في صورة سماء صافية , وحين هب الضباب واختفى القمر في الليل , حين لم يستطع البعض تحمل الكدر الذي يعقب اللذة , خَرج الإله بعبقرية أولائك الذين أرادوا السيطرة باسم غياب صور الإله فأخرجت عقولهم الشيطان الذي سُمي عبثاً بالإله, فتقاتل البشر باسم الشيطان , كما تطاحن البشر باسم الديمقراطية والسلام والحب وأشياء أخرى لن يؤمن بها الإنسان حتى ذلك اليوم التي ستقوم فيه القيامة بأيادي بشرية , قد يكون كلامي ضرباً من المبالغة في نظر الذين ينتظرون أخر صيحات الموضة , في نظر الذين يَحكمون الشعوب ,وفي نظر الكهنة الذين يخدمون الشيطان التوحيدي , وفي نظر الذين يَتصفحون هواتف (الايفون ) , وفي نظر الذين يدرسون في جامعات راقية , وفي نظر الذين يمتلكون من العلم السيارة , وقد يكون كلامي مبالغ فيه بالنسبة للذين يعيشون تحت نُظم ديمقراطية تسمح لهم بمحاسبة كبارهم , لكن ماذا عن الصوماليين وعن المُعتقلين السياسيين في دول الجنوب ماذا عن بائعات الهوى , ماذا عن جياع النيجر , ماذا عن اليمنيين , ماذا عن السوريين , ماذا عن العراقيين , ماذا عن مستوطني غوانتانامو , ماذا عن الذين ينتهي بهم المطاف في بطن القرش , ماذا عن الغالبية , اسألوهم , وان كانوا بكامل قواهم العقلية سيلعنون الشمال , وسيلعنون الإنسانية التي تحيى بدموعهم , سيلعنون الشيطان (الإله) سيلعنون الفلسفة والجامعة وكل شيء ببساطة لأنهم مادة خام للآلهة القديمة التي لازالت تَحكم العالم باسم الإله وباسم القيم النبيلة , إن سألتموهم ستزلزل الأرض بجملة مُوحدة لا شيء جميل في هذا العالم الغير ديمقراطي .



#يوسف_المحمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر .... معالم على الجحيم
- الحكمة الصماء في مواجهة سيد الوجود


المزيد.....




- هكذا تعامل الفنان المصري حكيم مع -شائعة- القبض عليه في الإما ...
- -لا أشكل تهديدًا-.. شاهد الحوار بين مذيعة CNN والروبوت الفنا ...
- مسلسل حب بلا حدود الحلقة 40 مترجمة بجودة عالية HDقصة عشق
- “دلعي أطفالك طوال اليوم” اضبط الآن تردد قناة تنه ورنه 2024 ع ...
- -لوحة ترسم فرحة-.. فنانون أردنيون وعرب يقفون مع غزة برسوماته ...
- ويكيبيديا تحسم موقفها وتصف حرب إسرائيل على غزة بأنها -إبادة ...
- في المؤتمر الثالث للملكية الفكرية بالمغرب.. قلق بين شركات ال ...
- “برومو 1” مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس الحلقة 170 مترجمة ...
- معرض الجزائر الدولي للكتاب.. قطر ضيفة شرف وإقبال على رواية - ...
- صور| بيت المدى يستذكر الناقد الراحل عبد الجبار عباس في ذكرى ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف المحمدي - المأساة