أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين















المزيد.....

الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 364 - 2003 / 1 / 10 - 03:49
المحور: الادب والفن
    



                    خاص: الحوار المتمدن


  قلت مرة ان هناك موسما خامسا لذبح العراقيين يقع بين بداية كل شتاء ونهاية كل خريف، واليوم يعود هتاف الحرب في التصاعد من هنا وهناك ومن قوى غريبة ومتناقضة وأكثرها غرابة هي هتافات الضحايا الذين ذاق بعضهم طعم الحرب المر وبعضهم الاخر انعكست نتائجها عليه نفيا وحزنا وفراقا وخراب بيوت وفقدان اعزاء أو تعطيل مواعيد عادلة.

وليس هناك أكثر بشاعة وقبحا من ضحية تنشد للحرب، لأن هذه ظاهرة تدل على انمساخ صورة الانسان وتدهور جوهري في الضمير، فلا حرب في العالم يمكن ان تكون مخرجا من مأزق لأن الحرب في ذاتها وتطور احداثها الذي لا يمكن معرفة مساره الخطير هي مأزق اخلاقي ووجودي وانساني.   كيف نظر الشعر العالمي لحرب الخليج الثانية؟

  القصائد التي اطلعت عليها مترجمة لشعراء من مختلف القارات تعكس رغبة انسانية حقيقية وصفاء ضمير وحيوية اخلاقية مشعة ونبيلة في زمن الوحش والحقد الاسود المتخثر ونداءات الموت الاصم..

  الشعر العالمي نظر الى قضية الحرب من ناحية قد تكون مختلفة عن تناول الشعر العربي لها، فلا مفاخرة ولا اعتزاز ولا كرامة ولا شرف ولا بطولة في هذا النوع من الحروب الوحشية.  بل نظر اليها من زوايا التفاصيل الانسانية الحميمة التي لا ينظر من خلالها الشاعر العربي الذي لا يرى غير المشهد الواسع والكبير وينسى التفاصيل الصغيرة التي تشكل البناء الاساسي في الرؤية الانسانية.وهذا امر طبيعي لأن الشرقي عموما غارق في الصور والمشاهد العامة والكبيرة وفي ثقافة الحائط والاعلان وينسى الظلال الصغيرة التي تصنع المشهد الحقيقي.ان الشاعر مايكل هلز اعادته حرب الخليج الثانية الى ملحمة نزول عشتار أو إينانا الهة الخصب والحب عند البابليين، ومن خلال تشابك الاسطوري مع الواقعي، من خلال المزج بين التاريخي والراهن، يكتشف هذا الشاعر ان الجنرال شواركسوف قائد قوات التحالف هو احد حراس الجحيم، وان الشاعر يتمنى صراحة:

   ( أريد ألا يطلق عيسى المسيح
      واسمه على
     نورمان شوارسكوف )


    ويسخر هذا الشاعر من زوجة الجنرال نورمان لأنها قلقة على زوجها وتتساءل عما اذا أكل جيدا ونام جيدا، دون أن يشغلها كيف نام الاطفال الاكراد يوما في حلبجة وهم يحتضنون هدايا نزلت عليهم من السماء على شكل غيمة من المطر الاصفر هي
اصلا من صنع اسياد شوارسكوف والحليف الدكتاتور.

( فكرت بنورمان العاصف
  عاشق الاوبرا
  وهاوي الباليه
   زوجته في تامبا
    فلوريدا قلقة
    هل يأكل نورمان جيدا )

اما الشاعر ستبرو فيلد فيقول عن  تلك الحرب انها اكذوبة ضخمة وعارية وان شعارات الحرية ليست سوى الطعم الذي نصب للجنود من اجل قبول فكرة الموت وزرع الهدف في نفوسهم:  (  كالسابق في الحرب لا يوجد شيء كالكذب      بعد سنة يتآكل المعدن في الصحراء ويتساقط اللحم عن العظم،     نيران النفط انطفأت وصار الجو الاسود يصفو       شعب يموت جوعا ولكن يقال لنا ان الاشياء ليست كما يبدو      مايزال الصمت يتوهج بيننا...)


ويسخر الشاعر الدنماركي أريك ستينوس من شعارات الحرية والتحرير ويصرخ:

      ( ماهو ببترول الغرب، كما يقال
        بل للشرق.

         وماهي بنيران تكساس، تلك التي تلتهب،
         ولا حتى بحر الشمال)

انها، بإختصار، حرب النفط لا الحرية.

  اما الشاعر كريستوفر كوكينوز فينقل كمقدمة لقصيدة طويلة له اسمها" مواسم القتل" نص رسالة تعكس حالة جندي امريكي في السعودية يقول فيها:

(   إنها ليلة بطيئة اخرى في مهمة الاستخبارات.
      بما أن الجُمع ايام راحة فهي بطيئة عادة.
      قلما يعمل العراقيون شيئا ويغلق السعوديون
     أبواب المملكة، الطرق خالية ويبقى الجميع
     في البيوت ويصلون، يصلون غالبا من اجل المطر
     وقد ذهب الامريكيون في رمضان )
               رسالة من مايك: مع القوات المنتشرة في السعودية/1990


وربما كان مايكل يسخر هو الاخر من ان الناس يصلون من اجل المطر، لأنه كان يتوقع انهم سيصلون لجنرالات الحرب المجرمين حاملي أوسمة القتل في فيتنام وكوريا وشيلي وكوبا ولبنان والصومال وغيرها.

ان شعراء مثل جيل جونز في قصيدته ( نادلون في الخليج) أو ميرا شنايدر في قصيدة( الرجال الثلاثة) وأنا آدمز في قصيدة( قصائد غنائية في عقدة الديدان) وشعراء آخرين مثل ديفد ري في قصائد( الى طفل في بغداد/لحظة في التاريخ/ في اليوم
الخامس للحرب)  وجنيفر ميدن في قصيدة( تأمل في حرب الخليج)  ودينيس دوهاميل في قصيدة( كيفية مساعدة الاطفال في الحرب) أو مايكل هلز في قصيدة( رقصة قناع الوقاية من الغاز) ان هؤلاء الشعراء وغيرهم الذين اعلنوا وقوفهم ضد الحرب
يعكسون الوجه الاخر، المضيء، والنقي، والنظيف، للانسان في كل مكان.وموقف الكتاب والشعراء المناهض للحرب ليس تقليدا جديدا، بل هو أحد أشرف التقاليد في الفكر البشري وفي الثقافة وفي الادب.

أمامي الان كتاب للروائي الالماني الشهير هرمان هيسه صاحب رواية" الكرات الزجاجية" والرواية الاخرى" ذئب البوادي" أو ذئب السهوب، وهذا الكتاب إسمه( اذا ما استمرت الحرب/ مذكرات في الحب والحرب والسلام) وفي هذا الكتاب الذي كتب
عشية الحرب العالمية الاولى صرخات غضب وادانة للحرب ولألمانيا بلده ، ودعوة لمقاومة هذه الحرب.

وقد كتب هرمان هيسه بعض مقالات هذا الكتاب بإسم مستعار هو إميل سنكلير وبهذا الاسم كتب روايته( دميان)، كما كتب الروائي الانكليزي أريك بلير روايته الشهيرة ( 1984 ) وهي رواية ضد الحرب والارهاب والجنون بإسم مستعار هو الاخر وهو جورج أورويل لدرجة ان الناس نست اسمه الحقيقي أريك حتى موته.

يقول هرمان هيسه انه القي القبض عليه في التجوال بدون رخصة ودون اوراق وحين سأله أحد الشرطة عن اسمه أجاب هرمان:
  ـ إميل سنكلير!

رد عليه الشرطي:
ـ هل انت هذا الكاتب؟
ـ نعم، انا هو.

  وبكل اخلاص طلب منه هرمان هيسه ان يقدم له خدمة بأن يأمر بإعدامه بدل اطلاق سراحه، لكن الشرطي الطيب المعجب به يرد متأسفا:
ـ تحتاج الى تصريح بالوجود ـ لأنه يعيش تحت اسم مستعار ـ وسوف يخرجون لك
بتوصية
مني بطاقة وجود. لكنها ستكون صالحة لمدة يومين.

فيرد هرمان:
ـ هذا أكثر من كاف.

لكن الامر ليس سهلا، ليس سهلا الموت بالاعدام، انه يتطلب كما قال له
الشرطي
شهادة وفاة وهي مكلفة وبعض الجراءات الرسمية...


  ويقول هرمان في نوبة حزن:

  ( إن الاخرين يساهمون في الاحداث الجليلة بحمل الحرب الى غرف مكاتبهم وتأليف اغان تحث على شن حرب وحشية أو مقالات مفرطة التطرف تشعل الاحقاد بين الامم، ولعل هذا اسوأ الامور قاطبة).

  ويضيف هرمان هيسه:

  ( سوف تظل الحروب تنشب بيننا الى الابد، ومع ذلك سيبقى الغاء الحرب أنبل أهدافنا والغاية النهائية للاخلاق ).


لكن ماذا يحدث حين تصير الغاية النهائية للاخلاق الجديدة هي  التحريض على الحرب؟   ماذا تبقى اذن من الانسان غير صورة مشوهة لمخلوق يجب أن يعود الى الغصن !

 

 



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاص مهدي جبر ـ وداعا طائر التم
- الروائي نوري المرادي ـ خضرمة ـ الموسم الخامس.
- إحتفالية بالروائي عبد الخالق الركابي ـ سابع ايام الخلق
- الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل
- الروائي الطاهر بن جلون و ـ تلك العتمة الباهرة
- الروائي المغربي محمد شكري و ـ زمن الاخطاء
- عبد الله القصيمي، المتمرد القادم من الصحراء
- الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!
- صرخة تضامن مع مروان البرغوثي


المزيد.....




- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين