|
البورجوازية والثورة المضادة - 1 - 4 كارل ماركس
سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 4905 - 2015 / 8 / 23 - 00:39
المحور:
الارشيف الماركسي
البورجوازية والثورة المضادة - كارل ماركس كولونيا ، 9 ديسمبر . اننا لم نخف ابدا حقيقة اننا لاننطلق من اساس قانونى ، وانما من اساس ثورى . والان هجرت الحكومة من جانبها ادعاءها الكاذب بأن لها اساسا قانونيا . وقد اتخذت موقفها على اساس ثورى ، لأن الاساس المضاد للثورة ، هو ايضا ، ثورى . ينص القسم السادس من قانون 6 ابريل ، 1848 على ان : " الحق فى اقرار كل القوانين وكذلك تحديد الميزانية القومية وفرض الضرائب يختص به وفى كل الاحوال ممثلوا الشعب فى المستقبل . " القسم الثالث عشر من قانون 8 ابريل ، 1848 ، يقرأ على النحو التالى : " ان الجمعية التى انعقدت على اساس هذا القانون قد دعيت لوضع الدستور بالاتفاق مع التاج لتمارس خلال دورتها صلاحيات الدايت ( مجلس تشريعى . المترجم ) الامبراطورى ، وبصفة خاصة مايتعلق بفرض الضرائب . " اما الحكومة فترسل جمعية المساومين هذه الى الشيطان ، وتفرض مايسمى بالدستور (1 ) على البلاد وتقرر الضرائب التى رفض ممثلوا الشعب ان يمنحونها اياها . ان ملحمة كامبهاوزن الايوبية ، وهى نوع من مسرحية فكاهية قانونية فاخرة ( 2 ) بلغت نهايتها المفاجئة على يد الحكومة البروسية . وردا على ذلك واصل كامبهاوزن العظيم مؤلف هذه الملحمة ببرود تآمره فى فرانكفورت بوصفه مبعوثا لنفس هذه الحكومة البروسية ، مواصلا مكائده مع رجال البازار فى صالح تلك الحكومة البروسية . هذا الكامبهاوزن هو الذى اخترع نظرية الاتفاق حتى يحفظ الاساس القانونى ، اى ، حتى يخدع الثورة اولا وقبل كل شئ بصدد الاحترام الواجب لها ، واخترع فى ذات الوقت الالغام التى قدر لها فيما بعد ان تنسف الاساس القانونى ومعه نظرية الاتفاق . لقد نهض هذا الرجل بأعباء تمرير الانتخابات غير المباشرة ، التى تمخضت عن جمعية كان يمكن للحكومة ، فى وقت التمرد المفاجئ ، ان تصرخ فى وجهها : تأخرتم جدا ! وقد استدعى امير بروسيا ، رأس الثورة المضادة ، بل ولجأ حتى لكذبة رسمية ليحول هروب الامير الى رحلة دراسية. ( 3 ) وهو لم يلغ القوانين البروسية القديمة التى تتناول القضايا السياسية ولا المحاكم القديمة . وفى ظل حكومته كسبت البيروقراطية والجيش الوقت للتعافى من الرعب الذى اصابهما ، ليعيدوا تنظيم هيكلهم كاملا . لم يمس اى من الشخصيات القيادية فى النظام القديم بل تركت فى مراكزها . وواصلت البطانة فى ظل كامبهاوزن الحرب فى بوزنان ، بينما واصل هو نفسه الحرب فى الدنمارك . لقد كان مقصودا ان تكون الحرب الدانماركية طريقا لاستنزاف فائض الوطنية ( 4 ) لدى لشباب الالمانى ، الذي انزلت به الشرطة عقب عودته عقوبات تأديبية ملائمة . كان على هذه الحرب ان تعطى بعض الشعبية للجنرال رانجل وفيالقه سيئة السمعة من الحراس ، وبصفة عامة لاعادة تأهيل الجيش البروسي . تحقق هذا الهدف ، وكان على الحرب المصطنعة ان تنتهى بأى ثمن بهدنة مشينة ، جرى التفاوض بشأنها مرة اخرى فى فرانكفورت بين نفس الكامبهاوزن والجمعية الوطنية الالمانية . كانت ثمار الحرب الدانماركية تعيين " قائد عام للبراندبورجين الاثنتين " ( 5 ) وعودة فيالق الحراس الى برلين التى كانت قد اجليت عنها فى مارس . والحرب التى شنتها بطانة بوتسدام فى بوزنان تحت رعاية كامبهاوزن ! لقد كانت الحرب فى بوزنان اكثر من ان تكون حربا ضد الثورة البروسية . لقد كانت سقوط فيينا ، سقوط ايطاليا ، هزيمة ابطال يونيو . لقد كانت اول انتصار حاسم حققه القيصر الروسي على الثورة الاوروبية . وقد تحقق كل هذا تحت رعاية كامبهاوزن العظيم , الصديق المفكر للتاريخ ( 6 ) ، فارس الجدال الكبير ، بطل المفاوضات . حازت الثورة المضادة فى ظل كامبهاوزن وبمساعدته كل المراكز الهامة ، لقد اعد جيشا مستعدا للعمل بينما اهتمت الجمعية بمداولاتها . فى ظل هانسمان – بينتو( 7 ) وزير الممارسة العملية ، زودت قوى الشرطة بزى جديد ، وشنت البورجوازية حربا – مريرة بقدر ماهى حقيرة – ضد الشعب . وقد استخلصت نتيجة هذه المقدمات فى ظل حكم براندنبورج . الاشياء الوحيدة التى كانت هناك حاجة اليها هى شارب وسيف بدلا من رأس . حين استقال كامبهاوزن صحنا متعجبين : لقد بذر الرجعية كما تفسرها البورجوازية ، وسوف يحصد الرجعية كما تفسرها الارستقراطية والحكم المطلق . لايخامرنا الشك فى ان فخامة ، المبعوث البروسي كامبهاوزن ، يعتبر نفسه فى هذه اللحظة من سادة الاقطاع وقد توصل الى اتفاق سلمى مع " سوء فهمه " . مع ذلك لايتعين علينا ، ان نرتكب خطأ نسبة حوافز ذات دلالة تاريخية عالمية لمتوسطى القدرات امثال كامبهاوزن وهانسمان . فهم لم يكونوا شيئا سوى ادوات طبقة . لغتهما ، افعالهما ، كاتنا الصدى الرسمى فحسب لطبقة اتت بهما الى المقدمة . لقد كانا ببساطة البورجوازية الكبيرة وقد وضعت فى الواجهة . لقد شكل اعضاء هذه الطبقة المعارضة الليبرالية فى الدايت الاقليمى المتحد الاخير ، ذو الذكرى المباركة ، بعد ان بعث كامبهاوزن للحظة . لقد وجه اللوم الى السادة اعضاء هذه المعارضة الليبرالية بأنهم تخلوا عن مبادئهم بعد ثورة مارس . هذه مغالطة . اصبح كبار ملاك الارض والراسماليين – وقد كانوا الوحيدين الذين نالوا حق التمثيل فى الدايت الاقليمى المتحد – باختصار الاثرياء ، اكثر ثراء وتعليما . ومع تطور المجتمع البورجوازى فى بروسيا ، بمعنى آخر ، مع تطور الصناعة ، والتجارة والزراعة فقدت التمايزات الطبقية القديمة من ناحية اساسها المادى . لقد تبرجزت الارستقراطية نفسها الى حد كبير . وبدلا من التعامل فى الولاء ، والحب والايمان ، تتعامل الان بشكل اساسي فى جذور البنجر ، والمشروبات الكحولية والصوف . وقد عقدت مبارزاتها فى سوق الصوف . من ناحية اخرى فإن الدولة المطلقة ، التى فقدت اساسها الاجتماعى فى مجرى التطور ، اصبحت قيدا معيقا للمجتمع البورجوازى الجديد مع نمط انتاجه المتغير ومتطلباته المتغيرة . كان على البورجوازية ان تطالب بنصيبها فى السلطة ، وان يكن ذلك بسبب مصالحها المادية . يمكن للبورجوازية وحدها ان تؤكد قانونيا مطالبها الصناعية والتجارية . وقد كان عليها ان تنتزع ادارتها من هؤلاء ، اى " اشد مصالحها قداسة " من ايدى بيروقراطية عتيقة كانت جاهلة ومتعجرفة فى نفس الوقت . لقد كان عليها ان تطالب بالسيطرة على الثروة القومية ، التى اعتبرت نفسها خلقتها . بعد ان جردت البيروقراطية من احتكار مايسمى التعليم وهى واعية بحقيقة انها تملك معرفة ارفع بما لايقاس بمتطلبات المجتمع البورجوازى ، فإن البورجوازية لديها ايضا الطموح لتؤمن لنفسها وضعا سياسيا يتوافق مع وضعها الاجتماعى . وحتى تحقق هذا الهدف كان عليها ان تكون قادرة على نقاش مصالحها الخاصة ووجهات نظرها وتصرفات الحكومة بحرية . وقد اسميت هذه " حرية الصحافة " . وكان لها ان تكون قادرة على تشكيل الجمعيات بحرية . وقد اسمى هذا " حق تشكيل الجمعيات بحرية " . وكنتيجة ضرورية للمنافسة الحرة ، كان لها ان تطالب بالمثل بالحرية الدينية وما الى ذلك . كانت البورجوازية البروسية قبل مارس 1848 تتحرك بسرعة لتحقيق كل هذه الاهداف . كانت الدولة البروسية تعانى من مصاعب مالية . وقد استنفدت قدرتها على الاقتراض . وكان هذا هو السبب السرى لعودة الدايت الاقليمى المتحد للانعقاد . ورغم ان الحكومة صارعت ضد مصيرها وحلت بفظاظة الدايت الاقليمى المتحد ، فإن الافتقار اللنقود والتسهيلات الائتمانية كان سوف يدفعها تدريجيا حتما لاحضان البورجوازية . ان هؤلاء الذين هم ملوك بنعمة الله قد قايضوا دوما امتيازاتهم بالعملة الصعبة ، كما فعل بارونات الاقطاع . كان الاثر الاول العظيم لهذه الصفقة التاريخية فى كل الولايات المسيحية الجرمانية هو تحرير الاقنان ، وكان الاثر الثانى هو الملكية الدستورية . " ليس للنقود سيد " ، ولكن السادة يتوقفون عن ان يكونوا سادة بمجرد ان تتم شيطنتهم . وهكذا كانت المعارضة الليبرالية فى الدايت الاقليمى المتحد تشى ببساطة بأن البورجوازية باتت تتعارض مع شكل سياسي لم يعد ملائما لمصالحها واحتياجاتها . وحتى تعارض البلاط ، كان عليها ان تكسب الشعب . وربما تخيلت هى ان معارضتها كانت من اجل الشعب حقا . من الواضح ، ان الحقوق والحريات التى سعت لها البورجوازية لنفسها كان يمكن ان تطلب من الحكومة فقط تحت شعار : الحقوق الشعبية والحريات الشعبية . كانت هذه المعارضة ، كما قلنا آنفا ، تتحرك بسرعة صوب هدفها حينما انفجرت عاصفة فبراير . هوامش : 1 – وضع هذا الدستور المفروض موضع التطبيق فى 5 ديسمبر ، 1848 ، بالتزامن مع حل الجمعية القومية البروسية . وقد تضمن هذا الدستور برلمانا من مجلسين منتخب عن غير طريق الانتخاب المباشر . كان عدد المواطنين الذين لهم حق الانتخاب للمجلس الاول مقيدا بنصاب كبير من الملكية . وقد سهلت السلطات الكبيرة التى منحها الدستور للتاج التقدم اللاحق للثورة المضادة . 2 – الايوبية هى عنوان قصيدة ساخرة كتبها كارل ارنولد كورتوم . 3 – كان امير بروسيا واحدا من اشد القادة المكروهين من البطانة الرجعية . هرب خلال ثورة مارس الى انجلترا وعاد الى برلين فى 4 يونيو ، 1848 . وفى 6 يونيو سعى كامبهاوزن لتصوير هروب الامير وكأنه رحلة قام بها لاسباب دراسية . 4 – تعبير "فائض الوطنية " استخدمه الشاعر هينه فى احدى قصائده . 5 – كان الجنرال رانجل ، الذى كان مرتبطا مع عصابة البلاط الرجعية ، فى 15 سبتمبر ، 1848 ، قد عين قائدا عاما فى مقاطعة براندنبورج العسكرية ، التى شملت فى هذا الوقت قسمين ، كورمارك ونويمارك . 6 – تعليق ساخر عبر عنه ماركس وانجلز يحيل على كتاب لكارل فون روتك عنوانه الفرعى : من اجل الاصدقاء المفكرين للتاريخ . 7 – احالة الى التشابه القائم بين الاجراءات التى اقترحها هانسمان وزير المالية البروسي ( اى ، قرض اجبارى كوسيلة لتحفيز تداول النقود ) ووجهات نظر بينتو ، المضارب الهولندى ، الذى اعتبر الاوراق المالية عاملا يسرع تداول النقود .
*المصدر : الجريدة الرينانية الجديدة ، العدد رقم 165 – ديسمبر 1848 – ارشيف ماركسيست اورج على الانترنت .
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البلاشفة والاسلام - الشيوعية الاسلامية بقلم جيرى بيرن - القس
...
-
البلاشفة والاسلام بقلم جيرى بيرن - القسم الثانى
-
البلاشفة والاسلام - بقلم جيرى بيرن - القسم الاول
-
هل الحركات الاسلامية قوة مناهضة للامبريالية ؟ صادر عن عصبة ا
...
-
ضد الاخوان المسلمين بقلم تونى كليف
-
لم يتعين على الماركسيين الثوريين الا يدعموا الاصوليين الاسلا
...
-
لم يتعين على الماركسيين الا يدعموا الاصوليين الاسلاميين ؟ بق
...
-
لم يتعين على الماركسيين الا يدعموا الاصوليين الاسلاميين ؟ بق
...
-
حزب العمال الاشتراكى ، مصر ودروس الثورة الإيرانية - بقلم ساش
...
-
رسائل بلا عنوان - من الرسالة الاولى - تشيرنيشيفسكى - ترجمة ف
...
-
فى نقد فانتازيا الممارسة الثورية
-
حول مقال خطان فى الثورة ف . إ . لينين
-
انتفاضات القرامطة وتنظيماتهم الاجتماعية فى القرنين الثالث وا
...
-
لامساومة ، لامتاجرة سياسية - بقلم ويلهلم ليبكنخت - الكراس كا
...
-
تشكيل لجنة القتال وفق اتفاقية الاحزاب المناضلة من اجل الانتف
...
-
اتفاقية مناضلين من اجل الانتفاض ف . إ . لينين
-
هل ينبغى علينا ان ننظم الثورة ؟ ف . إ . لينين
-
ثورة من نمط 1789 او من نمط 1848 ؟ ف .إ . لينين
-
اشتراكية المحامين ف . انجلز ( مقتطف )
-
الماركسية والتجربة التاريخية للثورات – ملاحظات عارضة -- 1
المزيد.....
-
مظاهرة في برلين تندد بالتقارب بين المعارضة المحافظة واليمين
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرارات الاضراب العام الوحد
...
-
ألمانيا: آلاف المتظاهرين في برلين احتجاجا على -التقارب- بين
...
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE تدعو للمشاركة في الإضراب العام
...
-
قبل 3 أسابيع من التشريعيات.. مظاهرة حاشدة في ألمانيا ضد التق
...
-
ما قصة أشهر نصب تذكاري بدمشق؟ وما علاقته بجمال عبد الناصر؟
-
الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع
...
-
تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون
...
المزيد.....
-
الثقافة والاشتراكية
/ ليون تروتسكي
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
المزيد.....
|