احمد محمد الدراجي
الحوار المتمدن-العدد: 4901 - 2015 / 8 / 19 - 08:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التقديس والقداسة مفردة لها جذور وأبعاد دينية والتعاطي معها أمرٌ حثت عليه كل الأديان والرسالات، بل إنَّ هناك بعض الأمور كانت تحظى بالقداسة والتقديس من قبل بعض المجتمعات ولما نزلت في أرضها رسالة السماء أقرَّتها وعمَّقتها، ونحن هنا لسنا ضد التقديس الخاضع للضوابط الشرعية والعلمية والأخلاقية وإنما ننتقد ونرفض التقديس الذي خرج عن إطاره الشرعي والعلمي، وصار خاضعا لعمليات التوظيف أو التسييس يلصق بمَن ليس أهل له واخرج من إطاره الشرعي المتوازن لتصبح أسيرة الإفراط والغلو يمنحُ مَن أضفي عليه حصانة وعصمة ما انزل الله بها من سلطان، وأصبح خطا احمرا، وكتابا مقدسا لا يأتيه الباطل والخطأ والانحراف، فلا مجال للاقتراب من ساحته والنظر والتدبر والتدقيق والتمحيص في أحواله وتقييمه.
هذه الظاهرة الخطيرة تفشت في مجتمعاتنا، وهناك أيادي خفية تعمد إلى تفعيلها وتكريسها بما يخدم توجهاتها النفعية التي تتمحور في جانبين السلطة والمال، الأمر الذي انعكس سلبا على فكر وسلوك ومواقف الفرد والمجتمع، لأنه يشلُّ حركة الفكر، ويحبسه في حلقة مغلقة، ويُعطِّل عملية التقييم الموضوعي، ويضع الأفكار والأفعال والمواقف على حد سواء لأن الجميع تحت هالة التقديس وحصانته.
من اخطر مصاديق تلك الظاهرة هو هالة القداسة المفرطة التي أضيفت على المرجعية لدرجة أنها صارت عمليا تتعدى على حدود الذات المقدسة، ولم يتوقف الأمر عند هذه الدائرة بل صارت القداسة ذريعة للمرجعية وأبواقها لتبرير منهجها وسلوكياتها التي تتعارض مع الشرع والأخلاق كالانعزال والتقوقع والصمت والسكوت والتعالي والتكبر على الناس والتجافي عنهم والترفع عن النزول إلى المجتمع وغيرها، في حين تجد أن سيرة الأنبياء كانوا يمشون في الأسواق ويأكلون مع الناس وينزلون إلى المجتمع كما حكا عنهم القرآن الكريم، ووصل الأمر إلى اخطر من ذلك حيث صار كلام المرجعية فوق كلام الله والقرآن والنبي والأئمة، يرمى بالكفر والخروج عن الإسلام والمذهب من يناقشه أو يعارضه حتى وان كان مخالفا للشرع والأخلاق كما حصل.
ولأن الحلول والمعالجات النظرية لم تفلح في القضاء على هذه الظاهرة لا لقصور فيها وإنما السبب في المتلقي، كان ولا بد من علاج عملي ودليل محسوس ومبسط يفهمه الجميع لتحطيم صنمية التقديس يطرحه ويمارسه من ينطبق عليه عنوان المرجع حتى يكون ابلغ حجة وأكثر تأثيرا وهذا يتطلب شجاعة وقوة قلب لا يخاف في الله لومة لائم وحرص على المجتمعات والأوطان من الوقوع في فخاخ صنمية المرجعية وقدسيتها،ولهذا انبرى المرجع العراقي الصرخي لتحطيمها، فراح يمارس بعض الممارسات المباحة بل الراجحة، فمن تلك الممارسات هي الرياضة كلعبة كرة القدم والطائرة والمنضدة، والتصوير إضافة إلى متطلبات الحياة اليومية وأدبيات استقبال الضيوف والزائرين كالطبخ وتوزيع الطعام والقهوة والشاي والحلويات والتواصل العملي المباشر مع مختلف شرائح المجتمع وغيرها من الأمور، وهذا ما كشف عنه المرجع الصرخي في معرض الحوار الذي أجرته معه قناة التغيير الفضائية حيث قال: ((لعبت كرة القدم والطائرة وصورت بالكاميرا وعملت بالطبخ والزرع لتحطيم صنمية المرجعية وقدسيتها)).
#احمد_محمد_الدراجي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟