بابلو سعيدة
الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 17:52
المحور:
الادب والفن
الشيوخ والاستاذ " 14 "
بيت عانا بلدة لبنانيّة ساحليّة يخترقها نهرٌ دائم الجريان . وأهل البلدة من الجنسين يمارسون السباحة . ويأخذون الحمامات الشمسيّة . ويقومون بزراعة الخضراوات . وتربية الكلاب والقطط والدجاج وقطعان الابقار. ويقوم الخلف والسّلف بترسيم الأعياد. وجرت العادة بعد الانتهاء من صلاة العيد أن يقف صاحب الدعوة منحنياً أمام الشيخ الجالس وإلى يساره ويمينه يوجد شيخان معمّران أقلّ منه كفاءة وشاناً ومعرفة. ويزكّيهم أموالاً. وفي الوقت نفسه يقوم بتقبيل ايديهم . ويُقدّم صفائح من اللحوم وأكواب اللبن لهم ولبقيّة المدعوّين . هذا المشهد الدرامي أثار الدهشة والاستغراب والفضول لدى استاذ البلدة مما جعله يوجّه سؤالاً إلى الشيوخ الثلاثة قائلاً لهم : لماذا تنظرون باستخفاف إلى العوام ؟ أجابه الشيوخ : نحن نُقدّم لهم المعرفة الروحانيّة لنحرّرهم من خطاياهم وذنوبهم . وننقلهم من عالم الجهل والضلال والحمرنة إلى عالم المعرفة، عالم النور والإيمان والخلود. وهم يقدّمون لنا اللحوم والنقود. ويُظهرون لنا الطاعة والاحترام والتقدير . وردّ عليهم الأستاذ قائلاً : عليكم يا شيوخ البلدة أن تُغيّروا وجهة نظركم تجاه معظم أبناء العوام الذين اصبحوا متعلمين / مهنيين / عسكريين / موظفين ، وبالتالي تحرّروا من واجب تقديم اللحوم والمال والطاعة إليكم . ولا بدّ من إصدار فتوى بشأن ذلك . ردّ عليه شيوخ البلدة الثلاثة قائلين :العوام لم يتحرروا بعد من شعورهم بالتسفيل والدونية تجاه اسيادهم . المشكلة هي مشكلتهم , أمّا نحن اسياد المعرفة الروحانيّة فليس لدينا مصلحة أن نُصدر فتاوى تحدّ من امتيازاتنا الماديّة والمعنويّة التي هي الاساس التاريخي لوجودنا الفاعل في حياتنا الدنيويّة . وتبقى عندنا يا حضرت الاستاذ خالد لُعبة ... المصالح .... اقوى من لُعبة ... المبادئ ردّ عليهم الاستاذ قائلاً : أنتم أسياد في مجتمع العطالة . أمّا في مجتمع التكنولوجيا الطليعية فستوضعون في المتحف إلى جانب الفأس .... والمغزل .
#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟