عائدة حسنين
الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 01:48
المحور:
القضية الفلسطينية
( و كأن قدر أطفال فلسطين كقدر أشجار فلسطين للحرق أو للإهمال في ركن مهجور خالي من أي معاني الحياة أو للغرق في قاع البحر أو للمنفى ! )
سارة
بقلم عائدة حسنين
تسألني هذا الصباح و نحن نتناول الإفطار ابنتي سارة ( كم ثمن مدرسة ؟)
قلت لها البيت المقابل لشقتنا يساوي ربع مليون دينار هكذا يطلب أصحابه , و هو معروض للبيع , فما بالك بمدرسة تحتاج ملايين , فسكتت و ذهبت تلعب بمكعباتها , و أنا قررت أن أكتب فكرتها بواقعية دون زخرفة أو جمل بلاغية.
قضية اللعب بمشاعر وعواطف الأطفال لربما يتفق كل العالم بأنها لا تناسب هذه الحقبة من الزمن مع كل هذا الكم الهائل من مؤسسات حقوق الانسان و حماية حقوق الطفل .
موضوع التهديد بتأجيل موعد افتتاح العام الدراسي أرّق كل أطفال فلسطين و آلمهم.
و للأمانة أشفق على سارة و من هم في مثل عمرها من كل الصدمات والحروب التي تعرضت لها .
فقبل أن ترى الدنيا كانت المواجهات بين فتح و حماس.
و بعد أقل من شهر من ولادتها وقعت أحداث حزيران 2007.
و بعدها حرب 2008 , 2009
و بعدها حرب 2012
و بعدها حرب 2014
كم حرب عاشت هذه الصغيرة و من هم في مثل عمرها من أطفال فلسطين غزة ؟
ناهيك عن أطفال فلسطين في سوريا و عذاباتهم بسبب الحرب الطاحنة هناك .
و أطفال فلسطين في لبنان و هم في ضيق اجتماعي و اقتصادي بسبب البطالة بين صفوف الفلسطينيين هناك . بالنسبة للأردن فهو بلد بلا موارد , فكيف لهذا البلد أن يتولى أمور شعب آخر مع كل ما يعانيه شعب الأردن المعوز أصلا ؟
يعني أطفالنا ليسوا لعبة , و ليسوا للتجريب أو بضاعة للحجز و التهديد و الترهيب .
إن سؤال سارة كبير بحد ذاته كبير جداً على طفلة , و إن دل فإنما يدل على مشاعر عظيمة بالكرامة و العزة , و على مشاعر عظيمة بالمسؤولية في البحث عن طوق نجاة .
فاجأتني الصغيرة بهذا السؤال , و أشعرتني أن الطفولة الفلسطينية أكبر منا جميعاً .
سارة تريد أن تشتري مدرسة لتتعلم بها و يتعلم معها كل أطفال فلسطين من غزة و الضفة و لبنان و الأردن و سوريا .
فهل بإمكان سارة و أطفال فلسطين فعلاً شراء مدارس ؟
و نحن أصلاً بلا أرض و بلا دولة و بلا وطن !
#عائدة_حسنين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟