دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4898 - 2015 / 8 / 16 - 15:58
المحور:
الادب والفن
اندفعَ الأسد باتجاه فريسته، فاندفعت هاربةً الغابةُ بحيواناتها وأشجارها.
الثور، شاهد عجله الصغير وهو يتلوى عاجزاً بين براثن الوحش. " إنني أكثر عجزاً منه! "، خاطبَ نفسَهُ بحزن. تطلع حوله وقد نهشَ الألمُ جوارحَهُ، فلم يرَ سوى الأفق النحاسيّ، المشتعل فيه قرصُ الشمس. فما أن همّ باسترداد بصره، حتى استعاد معه القوة والشجاعة والأمل: ثمّة على التلة القريبة، المتنعّمة بأفياء الأشجار، كانت صغارُ الأسد تتبدى بوضوح وهيَ مترقبة حصيلة الصراع على القوت بين أبيهم وبعض الضباع الضارية. الأسد، المنتصر على أولئك الفضوليين، كان قد همّ بانتشال العجل مجدداً عندما تناهى إلى سمعه أصوات استغاثة صغاره. فطفق يفكّر بسرعة وقلق. حساباته، كانت تطمئنه بأنه يستطيع ابعاد الثور ومن ثمّ العودة إلى الفريسة، المتهالكة القوى نتيجة الجَزَع. ولكن، ها هوَ الثور يرفع قائمته الأمامية، الماحقة، مهدداً خصمه بأوخم العواقب فيما لو استهان بالموقف. برهة على الأثر، ورأى الأسدُ اثنين من صغاره يتجهان إلى ناحيته.
" آه، إن الثورَ يحتفظ الآن بشقيقهم كرهينة إلى حين تأمين سلامة العجل! "، فكّر سيّدُ الغابة وهوَ يتميّز غيظاً. اقتربَ صغيرا الأسد من الفريسة العاجزة، فراحا يدوران حولها متشممَيْن رائحتها الغضة، الحرّيفة. إلا أنّ الأبّ، المشغول الفكر، أبعدهما عن العجل بزمجرة غاضبة. ثم ما لبثَ أن قادهما نحوَ جهة الأفق النحاسيّ، الذي لطالما أعتقد قبلاً أنه مجبولٌ من الذهب الخالص.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟