أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - معلمة الكيمياء














المزيد.....

معلمة الكيمياء


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4897 - 2015 / 8 / 15 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


حين صاحَ الضَّجَرُ في وجهه من شدةِ الضَّجَرِ، برد جسده، حنّ إلى مداعبته سراً، تذكر كيف مارس العادة السرية لأول مرة في حياته بعمر متأخر نسبياً، كان قد تجاوز الخامسة عشرة بقليل وقد عاد لتوّه من المدرسة، إنّه يوم ثلاثاء عادي من شهر آذار من عام 1984 الساعة هي الثانية عشرة والنصف ظهراً، الحصة الدراسية ما قبل الأخيرة هي الكيمياء، معلمة الكيمياء شابة، جميلة، سمراء، طويلة رشيقة، بشامة سوداء في الوجنة اليمنى، شعرها قصير والتنورة الأنيقة أقصر أما النهدان فمن حبق ..

تناول فطوره البسيط المؤلف من بيضة مقلية وحبات زيتون وزعتر وكأس شاي، مضغ اللُقْمَات الأولى بشرود، تذكر ما حدث معه قبل يومين حين رجته جارته الغنية البخيلة تعليم ابنها الراسب في الصف التاسع مادة الرياضيات، كان الابن صديق طفولته، لهما نفس العمر ..

فرح لطلب الجيران حيث أحس بقدراته المبكرة على مساعدة الآخرين وربما حلم ببعض النقود كتعويض عن تعبه هذه المرة .. لم يتوانى لحظة واحدة عن تلبية طلب الجيران، ذاك المساء عمل مع ابن الجيران ساعات طويلة على حل مسائل الحساب، انتصف الليل ولم يحظ إلا بكأس شاي يتيم، وحين نهشهما الجوع توجها سراً إلى المطبخ، في براد الجيران الكبير انتظرتهما بيضة بلدية بحياء، ادخلا رأسيهما في البراد دون جدوى، البراد خال ..

حاولا في المطبخ وبصمت مطبق قلي البيضة الوحيدة، استيقظ الرب، رب الأسرة، أيقظته الرائحة، أحضر قطعة خبز، حاول بها احتضان الرائحة، صرخ بوجهيهما: ماذا تفعلان في هذا الوقت المتأخر، هذه البيضة هي بيضتي، إنها طعام فطوري! ..

استرجعته تنورة الكيمياء من مطبخ الجيران، هز رأسه، نهض ليغسل يداه بعد فطور الثلاثاء، غير ملابسه، صعد إلى سريره، أحضر جهاز الراديو الأحمر، انتظر موعد مسلسله المفضل حكم العدالة الذي دأب على سماعه كل ثلاثاء في الساعة الواحدة والنصف تماماً ..

فتح حقيبة كتبه المدرسية، عفواً لم يكن لديه حقيبة مدرسية، يخجل التلاميذ عادةً من حمل الحقائب كخجلهم من عقوبات الفتوة العسكرية وأبسطها حلاقة الشعر على الصفر، ويخجلون أيضاً من حمل كتب كثيرة، رفض مراهقو ذلك الزمن تجليد دفاترهم وكتبهم ..

تناول دفتر الكيمياء، فتح على صفحة الحصة الأخيرة، حيث رسم فخذي معلمته، استلقى بجسده الصغير، أغمض عيناه وبدأ يحلم بفخذيها، وجد نفسه وحيداً في الصف، المعلمة تنحني أمام السبورة، يقترب منها وبمقص الأشغال يقص تنورتها السوداء، المعلمة تكتب، تراه ولا تراه، يدخل رأسه بين فخذيها، يتأوه جهاز الراديو فرحاً: حكم العدالة .. محكمة ..

عاد إلى نفسه بعد أن شعر به للمرة الأولى، انتابه خوف لذيذ وغامض، أخرج رأسه من التنورة اللوحة، ابتسمت المعلمة ..

لم تكن حلقة برنامجه المفضل تلك الظهيرة مألوفة، كانت القصة مخصصة لجريمة اعتداء جنسي، حدثت جريمة الاغتصاب في أحد البيوت في مدينة حماة، المعتدى عليها هذه المرة مختلفة، إنها من ذوي الاحتياجات الخاصة .. لم يكن المجرم سوى أحد عناصر سرايا الدفاع، المرأة لاحول ولا قوة لها، تتأوه المرأة قهراً، يستشرس العنصر عهراً، تبكي المعلمة كيمياء، وتموت الرغبة علانيةً ..

عندما أحس بالضجر تلك الظهيرة الربيعية، كانت الأصوات، التأوهات، الرغبات الجميلة، والخطوات الهادئة قد قتلت خنقاً في مدينته الصغيرة، كان لصمت المدينة طعم العلقم، رائحة الخوف والاعتداءات حتى على المحاولات السرية .. المحكمة بدأت ..



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصية عرق بسندلية
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -38-
- فول مالح .. مالح يا فول
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -37-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -36-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -35-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -34-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -33-
- غري إكسيت و غري إمبو
- الغَضَارَة البسندلية
- جنزير من ذهب
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -32-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -31-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -30-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -29-
- أيكون اسمها العنقاء؟
- وعندما يكبر الضَّجَر
- سيدة محلات ألدي
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -28-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -27-


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - معلمة الكيمياء