أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسين أشرف أحمد - حزب التجمع رؤية جديدة ونضال متجدد















المزيد.....



حزب التجمع رؤية جديدة ونضال متجدد


حسين أشرف أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 10:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عن البداية :
أسس المناضل الكبير خالد محيي الدين مع كوكبة من الرفاق والزملاء منبر التجمع عام 1976 ، وذلك في سياق التحوّل من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية الحزبية ، وبعد حسم النقاش الذي دار في أروقة الاتحاد الاشتراكي العربي ولجنته المركزية في ذلك الوقت ، حيث كان النقاش داخله قد تحول من الإصرار على أهمية وضرورة التنظيم السياسي الواحد ورفض التعددية ، إلى أهمية وضرورة البحث في السماح بإقامة المنابر التي تعبر عن الاتجاهات السياسية الموجودة داخل تحالف قوى الشعب العامل .
ودون دخول في تفاصيل الخلاف - في ذلك الوقت - حول شكل المنابر التي ينبغي أن يتم السماح بتشكيلها ، وهل تكون منابر ثابتة أم متغيرة ، فقد تم حسم النقاش في اتـجاه السماح بتشكيل المنابر السياسية الثابتة ، وتقدم عدد كبير من المصريين بطلبات لإقامة منابر سياسية ، بلغت أربعـين منبرا ، الأمر الذي كان يعبر عن أشواق المصريين وتزايد ميولهم الديموقراطية نحو حرية التنظيم وحرية التعبير ، لكن السلطة السياسية للدولة وعلى رأسها رئيس الجمهورية لم تتصور السماح بأكثر من ثلاثة منابر ، فنشأ في هذا السياق التجمع الوطـني التقدمي الوحدوي كمنبر لليسار في مصر .
ودون الدخول في نقاش مطول حول تلك الفترة من تاريخ مصر ، لم يكن ذلك النقاش في الأروقة العلوية للاتحاد الاشتراكي العربي كتنظيم سياسي وحيد ، مجرد تحول في نزعات وفي ميول ورغبات وعقائد النخبة السياسية العليا من الواحدية السياسية إلى التعددية ، ولا مجرد ميل ديموقراطي ظهر فجأة عند سلطة الدولة في مصر برئاسة محمد أنور السادات ، بل كان هذا النقاش تعبيرًا يعكس وجود قلق وتوتر وصراع كبير يشهده المجتمع المصري منذ نكسة الأيام الستة عام 1967.
فقد خرجت مظاهرات الطلبة والعمال في أعوام 1968 و 1972 و 1973 و 1975 و 1976 ، وعبرت تلك الانتفاضات الطلابية والعمالية وغيرها من الهبّات الشعبية ومؤتمرات وبيانات المثقفـين عن النمو المتصاعد لأشواق الحرية ، وتم التعبير عن ذلك بشعارات تحرير الأرض وتحرير المواطنين ، وعبرت كذلك عن الضيق المتصاعد من شكلية وبيروقراطية وتسلط التنظيم السياسي الواحد ، وتجسدت في الواقع في صورة انفضاض جماهيري كبير عن تنظيمات السلطة السياسية والثقافية .
والمغزى الأساسي لواقع تلك اللحظة التاريخية ، أن مناقشات التحول : من نظام (الحزب) الواحد إلى نظام المنابر الثابتة تحت مظلة اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العـربي ، ثم من نظام المنابر الثلاثة إلى نظام التعدد الحزبي المقيد ، كانت تعبيرا عن ضغوط التوترات والصراعات الدائرة في المجتمع المصري ، تلك الصراعات التي وصلت إلى درجة الغليان ، فظهرت التعددية السياسية في المجتمع ، في صورة ميول واتـجاهات فكرية وتنظيمات سياسية وانتفاضات جماهيرية ، وظهرت التعددية داخل اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الحاكم ، في صورة خلافات وانـتقادات حادة ، وفي صورة إحساس بالعجز والعزلة ، وعدم القدرة على استيعاب الحركة الشعبية التي كانت تتجه نحو الاستقلال .
ولم يكن أمام النخبة الحاكمة سوى التعامل مع هذا الواقع الجديد ، واقع العزلة والعجز للتنظيم السياسي الوحيد ، وواقع الاتجاه المتزايد للانفضاض الجماهيري الكبير ، وواقع نشأة وتصاعد الحركة الجماهيرية ، في صورة انتفاضات طلابية وطنية ، واعتصامات وإضرابات عمالية مطلبية ، وفي صورة احتجاجات شعبية ، عرفت في ذلك الوقت بالحوادث المؤسفة ، وواقع التعددية السياسية والتنظيمية خارج إطار شرعية التنظيم الواحد ، وواقع تزايد المعارضة الشعبية والسياسية ، في هذا السياق الموضوعي ظهرت مناقشات تطوير الاتحاد الاشتراكي ، وظهرت مناقشات السماح بتكوين المنابر ، ثم الأحزاب ، وأسس خالد محيي الدين وجمع من الوطنيين والتقدميين المصريين حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي .

 لـماذا التجمُّع ؟
منذ نشأة التجمع والنقاش متصل حول اسمه وصيغته الفكرية والتنظيمية ، فتعبير التجمع ليس مجرد اسم جميل ، بل تجسيدًا لتشكيل الحزب من مجموعات من القوى الاجتماعية والسياسية من منابع فكرية مختلفة ، قومية وناصرية وماركسية وديموقراطية ودينية مستنيرة ، حيث تتفق هذه القوى ذات المنابع الفكرية المتعددة على أهداف عامة وبرنامج سياسي ، يهدفان إلى تحقيق مستقبل أفضل لمصر وطناً ومواطنين ، من هنا جاء تعبير التجمع مجسدًا لفكرة التقاء هذه القوى في حزب واحد ، منشئا صيغة تنظيمية جديدة لأول حزب يساري شرعي وعلني في مصر ، وتستهدف هذه الصيغة أن يكون التجمع بيتاً لليسار المصري العريض ، بيتا للاشتراكيين المصريين مهما كانت منابعهم الفكرية ، فهو ليس حزباً للناصريين وحدهم ، وليس حزباً للماركسيين وحدهم ، وليس حزباً للقوميين وحدهم ، بل تجمعاً للقوى الوطنية والتقدمية والوحدوية ، لكنه حزب سياسي وليس جبهةً ، هو بيت لليسار العريض ، لكنه حزب سياسي له برنامجه وله لائحته الداخلية ، وهو حزب سياسي لا يتعارض وجوده مع وجود أحزاب سياسية أخرى لليسار ، بل هو حزب سياسي يؤمن وينادي ويؤيد مبدأ حق كل القوى في إقامة أحزابها السياسية المستقلة، ويرى في هذا المبدأ قاعدة أي بناء ديموقراطي .
 الوطـني :
وتعبير الوطـني في اسم حزب التجمع الوطـني التقدمي الوحدوي يجسد هدف الاستقلال الوطـني لمصر ، أي هدف تحرير الأرض واستقلال الاقتصاد وحرية الإرادة الوطنية ، أي هدف امتلاك المصريين لمواردهم وسيادتهم وقدراتهم ، ويمتد مفهوم الوطنية في برنامج حزب التجمع من ضرورة بناء التنمية المتواصلة المعتمدة على الذات ، كأساس لأي استقلال وطـني حقيقي يتمكن من الرسوخ ، إلى ضرورة التعامل النشيط والمتفاعل مع كل المتغيرات العالمية ، وفقاً لمبدأ أن تكون العلاقات الدولية قائمة على التكافؤ ، دون أي إهدار للسيادة الوطنية ، أي أن الوطنية في مفهوم التجمع تخضع لمعادلة أن الاستقلال الوطـني لا يجب أن يعني الانغلاق ، وأن عدم الانغلاق لا يجب أن يؤدي إلى إهدار السيادة ، وأن الاستقلال الاقتصادي عن طريق التنمية هو قاعدة وأساس أي استقلال وطـني حقيقي ، ويتسع تعبير الوطـني هنا للموقف من الصراع العربي الصهيوني ، والنضال الوطـني لاستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، ويعادل تعبير الوطـني في اسم الحزب تعبير الحرية في شعاره المعـروف : حريـة 00 اشـتراكية 00 وحـدة .
 التقدمي :
أما تعبير التقدمي في اسم حزب التجمع فهو تجسيد للطابع الاشتراكي له ، لهدفه الجوهري في ضرورة إقامة العدل الاجتماعي كأساس لأي تقدم ، وكأساس لأي استقلال وطـني ، فالوطن لا يتكون من الحقول والمصانع ، أو من البيوت والشوارع ، أو الأنهار والآبار ، أو التكنولوجيا والحدائق 00 أو غيرها من الأدوات والإمكانات ، الوطن يتكون من البشر المنتجين ، يتكون من الناس يا ناس ، من يزرعون الأرض ، ومن يديرون المصانع ، من يجعلون الوطن وطناً ، وهؤلاء البشر هم هدف أي تنمية حقيقية ، لكن بعض النظم تحولهم إلى مجرد أدوات وآلات ، تتركهم يزرعون الأشجار ، وتحرمهم من الثمار ، أي ينطبق عليهم المثل الشعـبي : ( في الهمّ مدعـوون 00 وفي الفرح منسيون ) ، وحزب التجمع يرى أن هؤلاء البشر يستحقون حياة أفضل ، تقوم على مبدأ أن العـدل الاجتماعي أساس التقدم ، لذلك فالحزب تقدمي ، لكن تقدمية حزب التجمع لا تأتي من باب العطف ، بل من باب حق القوى الشعـبية المنتجة في قطف ثمار ما تنتجه من خيرات ، وحقها في التوزيع العـادل للثروة ، وحقها في تكافؤ الفرص كأساس للمساواة ، وحقها في السكن وفي العمل وفي التعليم والتدريب وفي العلاج وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، ذلك أن العدل الاجتماعي والمساواة وتكافؤ الفرص وتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للقوى الشعبية المنتجة هو أساس أي تقدم ، وأساس أي استقلال وطـني ، وأساس أي تنمية ، لذلك جاء تعبير التقدمي كصفة لحزب التجمع ، وهو تعبير يرادف كلمة اشتراكية في شعار الحزب المعروف : حرية . اشتراكية . وحدة .
 الوحدوي :
لكن تعبير الوحدوي في اسم الحزب يعبر عن الوعي بالأبعاد العربية والإقليمية لتنمية مصر وتقدمها واستقلالها الاقتصادي ، فمصر ليست جزيرة معزولة ، بل تتواجد في محيط عربي لا يمكن تجاهله ، ولا يمكن التفكير في قضايا الاستقلال الوطـني وتحرير الإرادة الوطنية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي دون التفكير في القضايا الوحدوية ، كالتكامل الاقتصادي ، والتنسيق السياسي ، وتنظيم التجارة والعمالة العربية ، وتعبير الوحدوي له أبعاد قومية فكرية ، وأبعاد شعورية تنتمي لآمال الوحدة العربية الكبرى ، وأبعاد تاريخية تنتمي للتاريخ المشترك على طريق التحرر والاستقلال الوطـني ، وعلى الرغم من الضربات التي وجهت للأفكار الوحدوية العربية ؛ فإن طموحات التكامل الوحدوية لا تحركها فقط المشاعر أو العقائد القومية ، بل تفرضها ضرورات مواجهة الصراعات الإقليمية والدولية ، وضرورات التعامل مع الهيئات والمؤسسات الدولية ، وقبل كل ذلك ضرورات التنمية في ظل المتغيرات الدولية ، فعالم القرن الواحد والعشرين هو عالم التكتلات السياسية والاقتصادية الكبيرة ، وهو عالم تساقط الكيانات الصغيرة والمعزولة ، لذلك فإن الرؤية الوحدوية عند حزب التجمع ، لا تتجاهل واقع فشل كثير من التجارب الوحدوية السابقة ، ولا تتجاهل في الوقت نفسه الضرورات الدافعة للفعل الوحدوي ، وتسعى في سبيل ذلك إلى تجاوز أخطاء الماضي ، وتمثل الدروس المستفادة من تجارب إقامة وحدة مصر وسوريا ، وتجارب لإقامة الاتحادات الأخرى ، كالاتحاد المغاربي ، ومجلس التعاون الخليجي ، والتجمع الرباعي وغير ذلك من تجارب ، وصولاً إلى أهمية الاهتمام بالأبعاد الديموقراطية ، والحفاظ على الخصوصيات العرقية والقومية ، والثقافات الخاصة ، وحقوق الإنسان ، والبدء بأشكال مختلفة من التكامل والتنسيق على قاعدة تكامل المصالح الاقتصادية ، وقاعدة احترام الخصوصيات الثقافية ، وأن تكون الشعوب طرفاً في أي مشروع وحدوي مستقبلي ، وهكذا نكون قد تعرفنا على سبب تسمية حزب التجمع الوطـني التقدمي الوحدوي ، وسبب رفعه لشعار : من أجل مصر وطناً للحرية والاشتراكية والوحدة .

 المشاركة الشعبية :
ويقدم التجمع فكره التنموي المستقبلي في برنامجه العام ، حيث يرى هذا البرنامج ضرورة بناء مجتمع المشاركة الشعبية ، كضرورة لمواجهة الأزمات والعقبات والمعوقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، وكضرورة لتحديث مصر وبناء قواعد أساسية للعلم والتكنولوجيا ، حيث يقوم مجتمع المشاركة الشعبية الذي يدعو له التجمع ويناضل من أجل تحقيقه على أربعة أركان أساسية هي : التنمية الوطنية المتواصلة والمعتمدة على القدرات الذاتية المتنامية ، والعدالة الاجتماعية ، والديموقراطية السياسية ، والثقافة الديموقراطية التقدمية العقلانية ، وأساس هذا المجتمع الجديد هو نمو الدور النشط للإنسان المصري واتساع نطاق المشاركة الشعبية في كافة المجالات ، وفقا لمبدأ المشاركة في إصدار القرار والمشاركة في التنمية وزرع الأشجار والمشاركة في توزيع عادل للثمار .

 أولوية الديموقراطية :
يتبنى حزب التجمع منذ نشأته مبدأ أولوية الديموقراطية وأولوية الإصلاح السياسي والديموقراطي لتحديث وتطوير المجتمع المصري ، ويؤمن بأهمية التطوير والتغيير السلمي الديموقراطي ، رغم ما يواجهه هذا الأمر من عقبات .
وكما يعتقد حزب التجمع في أهمية الديموقراطية البرلمانية ؛ فإنه يرى أهمية إضافة عدة أدوات جديدة ، تكفل فرص المشاركة الشعبية في صنع القرارات واتـخاذها ، وتكفل إمكانية مراقبة الحكومة بمختلف مستوياتها في أداء مسئوليتها ، بما يتطلبه ذلك من ضرورة إحداث تغيير جذري في ثقافة المجتمع ، باتجاه دعم الثقافة الديموقراطية والسلوك الديموقراطي .
إن التجمع يطرح ويقدم ديموقراطية المشاركة ، التي هي ليست فقط نظاماً للحكم؛ بل أيضاً نظاماً للحياة ، يشمل مختلف جوانب المجتمع وشئونه ، أي مقرطة المجتمع ، ومقرطة الدولة ، ومقرطة الحكم ، حيث تستهدف ديموقراطية المشاركة احترام التعددية ، وقيام مجتمع مدني قوي ، وتأمين حد أدنى من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يكون أساساً للتكافؤ في القدرة السياسية ، وإقرار الحقوق والحريات السياسية والمدنية ، وتنمية ثقافة ديموقراطية تقوم على قيم الاعتراف بالآخر والحوار الموضوعي والتسامح ، وتأكيد الوحدة الوطنية كقيمة مجتمعية تكفل حقوق المواطنة المتكافئة لجميع المواطـنين ، وإقامة حكم محلي شعـبي حقيقي يكون بمثابة البنية التحتية الصلبة للنظام الديموقراطي على المستوي القومي .

 معارك متواصلة :
منذ أن نشأ التجمع في عام 1976 ؛ دخل الحزب قيادات وأعضاء في نضال متصل ومعارك متواصلة، فقد كان انحياز التجمع واضحاً منذ البداية لاستقلال الوطن وحرية المواطنين ، وظل هذا الانحياز هو البوصلة الهادية والموجهة لمواقف التجمع وسلوك أعضائه ، في النقابات العمالية ، في النقابات المهنية ، في المجالس المحلية ، في الريف ، في المدن ، في الأحياء الشعبية ، وفي مجلس الشعب .
 الانفـتاح :
عندما تأسس حزب التجمع ؛ كانت سلطة الدولة قد أعلنت أن سياسة الانفتاح الاقتصادي هي التوجه الجديد ، وأشاعت وسائل الإعلام الحكومية أن هذا الانفتاح سوف يأتي للمصريين بالرخاء والنعيم المقيم ، وأن الاستثمارات العربية والأجنبية سوف تتدفق على البلاد مطورةً الزراعة والصناعة والخدمات ، فتزداد فرص العمل وتزداد السلع وتقل الأسعار ، وغير ذلك من الدعاية الانفتاحية في ذلك الوقت .
وعارض حزب التجمع سياسة الانفتاح الاقتصادي مؤكداً أن هذه السياسة لا يمكن أن تؤدي إلى الرخاء ، بل قد تؤدي إلى العكس ، ثراء بعض الفئات قلية العدد ، وفقر الأغلبية من الفئات الشعبية والمنتجة ، من العمال والفلاحين والفئات الوسطى ، وسوف تؤدي بالتأكيد إلى الارتفاع الجنوني للأسعار ، وزيادة التضخم ، وتهريب السلع الأجنبية إلى الداخل ، وتهريب الأموال إلى الخارج ، وتزايد الديون ، وزيادة الفساد ، وتفاقم أوضاع البطالة ، وانفجار العنف في المجتمع .
وأكدت الأيام صحة موقف حزب التجمع المعارض للانفتاح الاقتصادي ، فقد تفاقمت الظواهر التي حذر منها ، ولم يأت الانفتاح بالرخاء المزعوم ، بل جلب الديون والجرائم الاقتصادية والبطالة والفساد والتبعية والطفيلية والعنف .
 كامب ديفـيد :
كما عارض حزب التجمع اتفاقيات كامب ديفيد وما ترتب عليها من معاهدات سلام بين الحكومة المصرية والحكومة الإسرائيلية ، تلك التي ترتبت على زيارة السادات للقدس في نوفمبر عام 1977 .
ولم تكن معارضة التجمع لاتفاقيات كامب ديفيد معارضة لأي سلام ، فالتجمع يدعو إلى ضرورة إقامة السلام العادل الشامل والدائم ، ولم ير التجمع في اتفاقيات كامب ديفيد طريقاً آمناً لسلام عادل أو شامل أو دائم ، بل خطة أمريكية صهيونية لسيادة إسرائيل على المنطقة ، عن طريق الانفراد بمصر وعزلها عن الصراع ، وعقد صلح منفرد مع الحكومة المصرية ، وإقامة علاقات سياسية واقتصادية ، تقوم على زرع سفارة إسرائيل في قلب القاهرة ، على ضفاف النيل ، وتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع مصر ، واشتراط أن تكون سيناء منزوعة السلاح ، مزروعة بأجهزة الإنذار المبكّر .
ورأى التجمع أن هذه الخطة الأمريكية الصهيونية ؛ تستهدف تحويل نصر أكتوبر إلى هزيمة سياسية تقوم على القبول بشروط الدولة العبرية ، وتستهدف تأجيج الشقاق والصراع بين الدول العربية ، أي تنقل الصراع الدائر بين العرب وإسرائيل منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 ، إلى صراع عربي - عربي ؛ بل إلى صراع عربي - فلسطيني ، والانفراد بكل دولة على حدة ، فلم تكن اتفاقيات كامب ديفيد في نظر التجمع اتفاقيات سلام، بل اتفاقيات حرب .
وأكدت الأيام صحة موقف حزب التجمع المعارض لاتفاقيات كامب ديفيد ، فبعد أن كان المعارض الوحيد في البداية مع بعض القوى اليسارية الأخرى ، سرعان ما اتسعت جبهة القوى المعارضة لكامب ديفيد ، وسرعان ما تكشفت أهداف الخطة الأمريكية الصهيونية ، باندلاع الشقاق والصراع العربي ، وانفجر الصراع العربي الفلسطيني ، وبعد أن استراحت إسرائيل لخروج مصر من الصراع قامت بغزو لبنان للقضاء على مواقع المقاومة الفلسطينية واللبنانية .
وقام الإعلام الحكومي المصري ، المسموع والمقروء والمرئي ، بشن هجومٍ ضارٍ على حزب التجمع والمعارضين لكامب ديفيد ، مصحوباً بهجومٍ مسمومٍ ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية ، مؤكداً حقيقة المخاطر الذي حذر منها التجمع منذ البداية ، وتكفلت الحكومات الإسرائيلية بنفسها بعد ذلك بالكشف عن أهدافها الفعلية ، باستمرار سلوكها العدواني ، الرافض لأي سلام شامل وعادل ودائم .
 الوحدة الوطنية :
وكما وقف التجمع مع ضرورة استقلال التراب الوطـني ، وتحرير الأرض ، وقف وناضل من أجل الحفاظ على استقلال الاقتصاد المصري ، كأساس للاستقلال الوطـني ، وقاعدة ذهبية لاستقلال الإرادة الوطنية ، فرفض التشريعات الخاصة بتمليك أراضي مصر للأجانب ، ورفض بيع البنوك المصرية الرئيسية ، وحذر من فروع البنوك الأجنبية ،ووقف ضد التطبيع مع العدو الصهيوني ، وحذر من عبث من يسمّون بالخبراء الصهاينة في الزراعة ودورهم في تخريب الزراعة المصرية ، ووقف بقوة ضد محاولات شق الوحدة الوطنية في مصر .
وانطلق حزب التجمع في ذلك من الوعي بأن الخطر لا يأتي من الخارج فقط ، بل من الداخل أيـضاً، ومن الوعي بأن الضربات من الداخل تكون أشد خطرا وأشد إيلاماً وتأثيرا ، وقبل كل ذلك من موقف مبدئي في أن الموقف الديموقراطي لا يتجزأ ، فالديموقراطي الذي يتبنى موقفا عنصرياً لا يمكن أن يكون ديموقراطياً مهما ادعى ، ومثله من يتبنى موقفاً طائفياً ، ومثلهما من يتجاهل مخاطر اندلاع الصراع الطائفي في مصر .
واتـخذ التجمع موقفه ضد الطائفية بطريقة واضحة وحاسمة ، لصالح حق المواطنة للجميع ، لصالح شعار مصر لكل المصريين ، مسلمين وأقباطاً ، فقد انطلق التجمع في رفضه للطائفية نحو ضرورة تأكيد قاعدة أن الدين لله والوطن الجميع ، وتأكيد مبدأ أولوية المواطنة ، وسموّ حق وحرية الانتماء الديني ، دون إكراه أو ازدراء من أحد ضد الآخر ، وأن التلاعب بالمشاعر الدينية هو لعب بالنار ، لمن يريد أن يحرق الوطن ، أو لمن يريد أن يتلاعب لإخفاء قضايا الوطن .
وفي مواجهة الخطط الداخلية والخارجية لتمزيق مصر ، وصرفها عن قضايا التحرر والعدل والحرية ، عن طريق ضرب وحدتها الوطنية ، ظهر موقف حزب التجمع واضحاً كالشمس ، داعياً للحفاظ على الوحدة الوطنية ، كمدخل ديموقراطي نحو تأكيد قيم العدل والحرية ، وهزيمة قيم الإرهاب والطائفية ، وتأكيد قيم الإخاء والمساواة في الوطن ، وارتباط الحقوق الوطنية بالمواطنة ، وارتباط الحقوق العامة بقدر ما يبذله المواطن من جهد وعمل ، لا بانتمائه لعائلة أو جنس أو طائفة دينية .
لذلك ظهر حزب التجمع حامياً للوحدة الوطنية ، مدافعا عن مبدأ الحقوق المتساوية للمواطنين في مصر ، لذلك ظهر التجمع حزباً وحدوياً ، يتسم بقدر عالٍ من المسئولية الوطنية .
 الـفـسـاد :
ووقف التجمع منذ البداية موقفاً صريحاً ضد الفساد ، وشهدت صحافته حملات رائدة ضد الفساد، وقدم صحفيو التجمع خبطات صحفية عالية المستوى ، شملت الحصول على قوائم متنوعة بأسماء كبيرة من المتورطـين في مجالات البنوك والمال والقروض وعقد الصفقات .
وكان التجمع قد حذر منذ البداية من انتشار ظواهر الفساد ، مع انطلاق سياسة الانفتاح الاقتصادي وفتح أبواب مصر للمغامرين الأجانب والمصريين ، وحذر كذلك من الفساد الذي يمكن أن يصاحب سياسات الخصخصة وبيع شركات القطاع العام .
وعقد التجمع مؤتمره الثاني تحت شعار : إنقاذ مصر من التبعية والطفيلية والفساد ، وكانت تقارير وأوراق ذلك المؤتمر تربط بين سياسات الانفتاح ونظم الاستيراد بدون تحويل عملة ، وفتح القوانين السارية الباب أمام تجارة العملة ، الأمر الذي ساهم في تحقيق الدولار لقفزات ارتفاع بمتوالية هندسية ، أدت لانخفاضات متتالية لقيمة الجنيه المصري ، وظهرت عمليات المتاجرة والفساد عن طريق تجميع تحويلات العاملين خارج مصر، تلك التي تطورت إلى شركات توظيف الأموال ، والفساد المالي والإداري فيما عرف بقوائم البركة لكبار المسئولين ، الأمر الذي تطور إلى ضياع الملايين من مدخرات المصريين .
كما خاض حزب التجمع معاركه الانتخابية لمجلس الشعب أو للمحليات ببرامج انتخابية عامة كان شعارها الأساسي : ضد الفساد ضد الإرهاب ، وقدم نواب حزب التجمع في مجلسي الشعب والشورى عددا من الاستجوابات وطلبات الإحاطة لكشف نواحي الفساد الإداري والمالي ، في الإسكان وفي الصحة وفي المحليات ، ولا يخلو أي عدد من صحف حزب التجمع : الأهالي والتجمع ، أو البحراوية وبور سعيد الوطنية ، من حملة صحفية في صورة خبر أو تحقيق أو دراسة عن الفساد.
 الخصخصة :
وكما وقف حزب التجمع ضد الانفتاح الاقتصادي حماية للاقتصاد المصري والمجتمع المصري ، صدر موقف التجمع المعارض للخصخصة من منطلق حماية ثروة مصر من التبديد ، وحماية حقوق المصريين من الضياع ، فقد تم إعادة تشغيل نفس الاسطوانات المشروخة حول خسارة القطاع العام ، وحول ضرورة بيع الشركات الخاسرة ، وأن القطاع الخاص بشرائه للشركات الخاسرة سيزيد الإنتاج ، كما سيتيح ويوجد فرص عمل جديد ، فنحل مشكلة الإنتاج الوطـني ونتخطى مأزق البطالة .
وتأكدت صحة موقف حزب التجمع المعارض للخصخصة ، وتأكد زيف الدعاية الحكومية التي مهدت وصاحبت عمليات الخصخصة ، فالشركات الخاسرة لم تعرض للبيع بل تعرضت للتصفية ، والشركات الرابحة هي التي تم عرضها للبيع بأسعار مشكوك في قيمتها ، والوعود الخاصة بالحفاظ على حقوق العاملين لم يلتزم بها أحد .
وتاجر بعض المشترين بالشركات الإنتاجية بالشراء ثم البيع بسعر أعلى ، وتعامل البعض الآخر مع المصانع كأراض للبناء ، ولم تكن عمليات البيع لوحدات القطاع العام شفافة في أغلب الحالات ، ولم تؤد عمليات الخصخصة إلى زيادة تذكر في القيم الرأسمالية ، وبدلا من ذهاب أموال القطاع الخاص نحو الإنتاج الجديد بإضافة وحدات إنتاجية جديدة ، ذهبت لشراء وحدات إنتاجية قائمة ، وأموال البيع التي توفرت تم امتصاصها في المعاش المبكر والديون وخدمات البيع البيروقراطية .
والشيء الواضح والمؤكد أن الخصخصة لم تحل أزمة الاقتصاد المصري ، ولم توفر تمويلاً يذكر يمكنه أن يفتح مجالات عمل جديدة ، ولم تساهم الخصخصة في حل مشكلة البطالة ، ولا وقف حدتها وتفاقمها ، بل أدت إلى زيادة أعداد جديدة للعاطلين وأعداد جديدة للمهمشين .
 حقوق المواطنين :
وكما تنطلق مواقف ومعارك حزب التجمع من مبادئ حماية الاستقلال الوطـني وحماية الوحدة الوطنية ، وتنطلق من ضرورة تأكيد الإرادة الوطنية ، فإنها تسير على مؤشر الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمواطنين .
فالناس هم الهدف ، هدف التنمية وهدف التحرر والاستقلال ، لكن سياسات الانفتاح والخصخصة وتزوير الانتخابات جارت كثيرا على حقوق المواطنين .
وظلت عمليات الدفاع عن حقوق المواطنين في التعليم والعمل والسكن والعلاج ، فضلا عن الحقوق النقابية والعمالية ، وقضايا العدل الاجتماعي ، تمثل العامل المشترك في ردود نواب حزب التجمع في البرلمان على بيانات الحكومة ، وأحد العوامل الأساسية لرفض نوابنا لبيانات وخطط الحكومة ، وذلك بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة لتدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المصريين .
 التطبيع :
ويرفض حزب التجمع التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ رفضه لاتفاقيات كامب ديفيد ، ولم ير التجمع في أي وقت بعد كامب ديفيد ، أن الأمور قد تغيرت تغيرا جوهريا ، أو حتى غير جوهري يؤدي إلى تغيير موقفه من التطبيع .
فمنذ كامب ديفيد والتجمع يعي أن التطبيع الشعـبي هو هدف الصهيونية في مصر ، به يتم كسر إرادة الشعب المصري ، وبه يتم اختراق جبهة المثقفـين ، وبه يتدعم مشروع الشرق أوسطية كبديل لأي تكامل عربي ، أو لأي طموح نحو إقامة السوق العربية المشتركة .
ولم ير التجمع أن السلام الشامل العادل الدائم قد تحقق ، أو في طريقه للتحقق ، لكي يعيد النظر في موقفه الرافض للتطبيع مع الدولة العبرية ، بل يرى التجمع أن رفض التطبيع ، من أغلبية فئات الشعب المصري ، وأغلبية فئات وجماعات المثقفـين المصريين ، هو أحد أهم عناصر القوة المصرية والعربية ، وهو أحد أهم عناصر دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الوطنية .
ولذلك يرى التجمع الأهمية الكبرى لدعم وتأكيد وتعميق الأشكال المختلفة لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني ، من منطلق أن رفض التطبيع مقاومة ، وأن مقاطعة السلع الإسرائيلية مقاومة ، ليس فقط لأنها لصالح الشعب الفلسطيني الصامد البطل ، لكن لأنها أيضاً لصالح مصر ومستقبل الشعب المصري .
 الانتفاضة الفلسطينية :
ونظر التجمع لانتفاضة الشعب الفلسطيني البطل باعتبارها أنبل الظواهر العربية ، وشعاع الشمس في الليل العربي ، ليل الصراعات العربية ، والهرولة العربية نحو أمريكا ونحو الدولة العبرية ، وليل العجز العربي والتمزق العربي .
أكدت الانتفاضة الفلسطينية أن الشعب الفلسطيني يمتلك قدرا نادر المثال ، من إرادة الصمود وإرادة الفعل والمقاومة ، وإرادة النضال من أجل التحرر والاستقلال ، وأكدت الانتفاضة الفلسطينية أن الشعب المصري والشعوب العربية مازالت تنطوي على قوى حية ، طلابية وعمالية وشعبية قادرة على الفعل والحركة والتأثير .
وأن النخب الثقافية في مصر والعالم العربي ، بل والعالم ، مازالت تملك إمكانيات للفعل الوطـني ، ومازالت قادرة على الحركة الفاعلة والمؤثرة ، فقد قامت الانتفاضة الفلسطينية بإعادة الروح الوطنية في جنبات مصر والعالم العربي ، فتشكلت اللجان الشعبية لدعم الانتفاضة في القاهرة وفي محافظات مصر .
ومنذ البداية قرر حزب التجمع ألا يغـنّي خارج السرب ، فأصدر قرارا بفتح مقرات التجمع في كل المحافظات أمام الأنشطة الجبهوية الداعمة لانتفاضة الشعب الفلسطيني ، وأصدر عدة توجيهات لأعضاء الحزب حول ضرورة القيام بأنشطة داعمة للانتفاضة وداعمة للمقاطعة ، من خلال لجان الحزب ومن خلال اللجان الشعبية .
وشكل التجمع في سبيل ذلك لجنة حزبية مركزية للتنسيق حزبيا وجبهويا بين لجان دعم الانتفاضة، وكان الهدف منذ البداية هو الارتفاع للمستوى النبيل للانتفاضة الفلسطينية ، بالابتعاد عن جعل مناسبة دعمها مناسبة للمزايدة السياسية ، أو مناسبة للصراع الحزبي .

 التغـيير الديموقراطي :
ووقف حزب التجمع موقفاً واضحاً ودائماً مع ضرورة الإصلاح السياسي والتغـيير الديموقراطي ، فالتجمع ينظر للحريات العامة والديموقراطية وحقوق الإنسان باعتبارها ضرورة حياة ، ومقدمات أي تحديث أو تقدم ، لذلك يناضل حزب التجمع من أجل أن تكون الديموقراطية أسلوباً شاملاً للحياة ، في البيت والمدرسة والشارع والعمل والنادي وأجهزة الدولة ، من أجل أن تكون الديموقراطية أساس العلاقات بين أفراد المجتمع ، وأساس العلاقات بين الحكام والمحكومين ، بين الأجهزة التنفيذية والأجهزة الشعبية .
ويقوم الإصلاح السياسي الذي يناضل من أجل تحقيقه حزب التجمع على قاعدة أساسية هي : ضرورة اختيار قيادات المجتمع والدولة بالانتخاب الحر المباشر من بين أكثر من مرشح ، بما تتطلبه هذه القاعدة من ضرورة وجود نظام للانتخابات يضمن حريتها ونزاهتها وعدم تزويرها .
وفي سبيل ذلك وقف التجمع ضد عمليات تزوير الانتخابات وتزييف إرادة الناخبين ، بالفضح الإعلامي ، ورفع القضايا ضد تزوير الانتخابات ، كما تقدم نواب التجمع في مجلس الشعب بمشروع قانون مباشرة الحقوق الانتخابية ، ووضع ضمانات منع التزوير.
وقد أسفر هذا النضال مع كافة القوى الديموقراطية والقانونية عن تقدم محدود في هذا الشأن ، تمثل في رضوخ الحكومة لضرورة الإشراف القضائي على انتخابات مجلس الشعب ، بعد طول رفض ، وطول تبرير ، وذلك بعد الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية انتخابات مجلس الشعب بإشراف قضائي جزئي .
وإن كان الحكم قد التف على هذا المكسب الديموقراطي ، في بقية انتخابات مجلس الشعب 2000 ، وبصفة خاصة في رفض سريان الإشراف القضائي الكامل على انتخابات المجالس المحلية ، وعلى الاستفتاءات ، وشهد المجتمع المصري مرة أخرى عودة نظام التزوير الشامل للانتخابات ، أي عودة أساليب تسويد البطاقات بالجملة ، وملء الصناديق عن آخرها ، وحصول مرشحي الحكومة في المحليات على عدد كبير من آلاف الأصوات التي لم تدل بأصواتها أبداً .
ويقوم الإصلاح الديموقراطي الشامل الذي يناضل التجمع من أجل تحقيقه ، على ضرورة إطلاق حق تكوين الأحزاب ، وتأكيد وتطوير نظام التعددية السياسية ، وقيام النظام السياسي على مبادئ التعددية والانتخابات الحرة وتداول السلطة ، وخضوع السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية كسلطة رقابة وتشريع ، واستقلال القضاء ، وإقامة حكم محلي شعبي فاعل وحقيقي ، وإقامة مجتمع مدني قائم على التعددية وحرية تكوين الجمعيات الأهلية ، وتأكيد الحريات العامة والحقوق المدنية وحقوق الإنسان .
وظهرت هذه الرؤية بوضوح في المبادرة السياسية التي أصدرها حزب التجمع حول الإصلاح السياسي والتغـيير الديموقراطي ، والتي صدرت عن المكتب السياسي للحزب في 10 إبريل 2004 بعـنوان برنامج التغـيير الوطني وتم إعلانها بعـد مناقشات ديموقراطية وتشاورية مع عدد من القوى الوطنية والشخصيات العـامة في مؤتمر صحفي يوم السبت 17 مايو 2004 .
ومن المهم هنا تقديم أهم عناصر هذه المبادرة التي تعـبر بوضوح عن رؤية حزب التجمع في التغـيير الشامل والتغـيير الديموقراطي :
1- التغـيير السياسي والدستوري:
إن المدخل الصحيح للتغيير الشامل ،هو تحقيق الديمقراطية وتوفير الحريات العامة وضمان حقوق الإنسان.
ولا يمكن تحقيق الديمقراطية دون توفير أربعة شروط أساسية ، تشمل .. تداول السلطة سلميا عبر انتخابات برلمانية دورية حرة ونزيهة .. ضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان كما نصت عليها المواثيق والعهود الدولية .. قيام مؤسسات ديمقراطية مستقلة والفصل بين السلطات ، و المشاركة الشعبية من خلال حكم محلي ديمقراطي حقيقي وانتخاب المحافظين ورؤساء المدن ومجالس محلية تملك سلطات حقيقية .. وإطلاق الحرية الكاملة للقطاع الأهلي وحرية وتعددية وسائل الإعلام والتنمية الشعبية .
وهذه الصورة المتكاملة لديمقراطية المشاركة الشعبية لن تتحقق بين يوم وليلة أو بقرار فردي من حاكم أو بضربة حظ ، وإنما في خضم معارك متوالية تكسبها الجماهير أحيانا وتخسرها أحيانا أخري . وكخطوة في هذا الطريق خلال عامي 2004 و2005 ـ حيث يشهد العام الأخير الاستفتاء (قبل تعديل المادة 76 من الدستور) علي رئاسة الجمهورية وانتخابات مجلس الشعب ـ فإن تحقيق إصلاح سياسي ودستوري يستهدف إقامة جمهورية برلمانية ديمقراطية ، يتطلب ما يلي :
1- انتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح وتخلي رئيس الجمهورية عن انتمائه الحزبي طوال فترة توليه لمنصبه ، وتحديد وتقليص السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهورية في الدستور ، وإلغاء المادة 74 من الدستور ، درءا لإساءة استخدام السلطات المطلقة الخطيرة الواردة فيها .. وأن تتم هذه التعديلات الدستورية قبل انتهاء فترة الرئاسة الحالية في عام 2005 بفترة كافية .
2- إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين ، والعفو عن المسجونين السياسيين في غير قضايا العنف ، وإعادة محاكمة المحكوم عليهم من المحاكم العسكرية أمام القضاء الطبيعي ، وإلغاء القوانين والمواد القانونية المناهضة للحريات العامة وحقوق الإنسان . ووضع حد نهائي لممارسات التعذيب وملاحقة ومساءلة مرتكبيه .
3- توفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة وبصفة خاصة تشكيل لجنة قضائية دائمة ومستقلة تنفرد بإدارة الانتخابات والاستفتاءات العامة ، وإلغاء جداول القيد الحالية وإنشاء جداول جديدة تتطابق مع السجل المدني ، لحين الانتهاء من تعميم الرقم القومي.
4- إطلاق حرية تشكيل الأحزاب تحت رقابة القضاء الطبيعي وحده وأن يكون الحزب مفتوحا لجميع المصريين بلا تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين ، وأن يلتزم بقواعد العمل الديمقراطي في إطار دستور مدني ورفع الحصار القانوني والسياسي المفروض عليها ، ورفع القيود علي النشاط الجماهيري السلمي بما في ذلك حق التظاهر والإضراب والاعتصام وعقد المؤتمرات وتوزيع البيانات .
5- عدم السماح للحزب الوطني بالسيطرة علي أجهزة الدولة وتسخيرها لصالحه وصالح أعضائه .
6- كفالة استقلال النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني سعيا إلي مجتمع أهلي قادر علي المساهمة في بناء الديمقراطية والتقدم .
7- إطلاق حرية إصدار الصحف وملكية وسائل الإعلام للمصريين وتحرير أجهزة الإعلام والصحافة القومية من سيطرة السلطة التنفيذية والحزب الحاكم ، وإتاحة فرصة متكافئة للأحزاب والقوي السياسية وكافة الاتجاهات والتيارات الفكرية الديمقراطية في طرح آرائها وأفكارها في كل أجهزة الإعلام المملوكة للشعب ، لحين تعديل قانون الإذاعة والتلفزيون وتحقيق استقلالها عن السلطة التنفيذية.
8- التمسك بالمواثيق والعهود والاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان .. ورفض التذرع بالخصوصية الحضارية أو الدينية للطعن أو الانتقاص من عالمية مبادئ حقوق الإنسان أو تبرير انتهاكها ، فقيم حقوق الإنسان هي ثمرة تفاعل وتواصل الحضارات والثقافات عبر التاريخ بما في ذلك الثقافة العربية والإسلامية ، والتأكيد علي أن الخصوصية التي ينبغي الالتزام بها هي تلك التي ترسخ شعور المواطن بالكرامة والمساواة وتصون معتقداته الدينية ووحدته الوطنية وتقاليده الإيجابية . وتثري ثقافته وحياته وتعزز مشاركته في إدارة شئون بلاده ، وتضيف حقوقا جديدة للإنسان .
2- التغـيير الاقتصادي والاجتماعي:
من الضروري لمصر الإسراع بتحقيق تنمية مستقلة شاملة ومطردة . والاستقلال هنا لا يعني القطيعة مع العالم الخارجي والانكفاء علي الذات فذلك طريق يكاد يكون مستحيلا ، ولكن الاستقلال يعني توفير عوامل القوة الداخلية لمواجهة الضغوط الخارجية وآليات العولمة.
والتنمية الوطنية المستقلة ، لها أبعادها الاقتصادية وأولوياتها الاجتماعية ، خاصة الحد المستمر من الفقر وصولا إلي تصفيته .وإنقاذ الاقتصاد الوطني من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي قادتنا إليها السياسات المتبعة منذ عام 1974 وبصفة خاصة منذ الخضوع لروشتة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهيئة المعونة الأمريكية ، وتوقيع أول اتفاق مع البنك عام 1991.. يتطلب سياسات اقتصادية واجتماعية وتنموية جديدة ترتكز علي قاعدة متينة تقوم علي أوسع ديمقراطية اجتماعية ، و تتضمن عددا من الأولويات في مقدمتها :
1- الضغط من أجل خطة جادة للقضاء علي الفقر أو تخفيض حدته ، وللحد من الفوارق بين الطبقات في توزيع الدخل والثروات . ورفع الحد الأدنى للأجور والمرتبات وربطها بالأسعار .
2- محاربة البطالة وتوليد فرص عمل جديدة من خلال قيام الدولة بتنشيط النمو الاقتصادي وبتكثيف الجهد في مجال الاستثمار الإنتاجي من جهة ورفع معدل الادخار ، وبالتوسع في برامج الأشغال العامة وبرامج إصلاح مشروعات القطاع العام غير المباع ، فضلا عن مد يد العون للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة كفاءتها وتوسيع طاقاتها بما يزيد من قدرتها علي تشغيل عمالة إضافية ، وقصر الإعفاءات الضريبية علي المشروعات كثيفة العمالة . والأهم من ذلك وجود استراتيجية شاملة للتنمية المستقلة والمعتمدة علي الذات وفي القلب منها استراتيجية نشطة للتصنيع ، وصرف تأمين كاف ضد البطالة وحماية أموال التأمينات الاجتماعية ، وامتدادها لتشمل كافة العاملين في القطاعات المختلفة .
3- تحقيق إصلاح ضريبي ومالي . والأساس في الإصلاح يجب أن يكون تحقيق العدل الاجتماعي عن طريق إعادة توزيع الدخل القومي لصالح الفقراء ومحدودي الدخل ، وتخفيض الضرائب عن ذوي الدخول المنخفضة لاسيما الضرائب غير المباشرة ، ورفع حد الإعفاء للأعباء العائلية بما يتناسب مع الأسعار ومستوي الدخل ، ومراجعة شاملة للإعفاءات الضرائبية والجمركية بما يؤدي إلي التخلص من الكثير منها والذي ثبت أن مساهمتها ضئيلة أو معدومة في حفز الاستثمار ، وتوجيه جهد خاص لإصلاح الإدارة الضريبية والجمركية ورفع مستوي كفاءتها ومكافحة الفساد ، وخفض سعر الضريبة المرتفع حاليا والذي يشجع علي التهرب من دفع الضرائب .
وقد أثبتت التجارب الناجحة في آسيا وأمريكا اللاتينية أن رأس المال الأجنبي لا يبدأ بالتدفق علي أي بلد إلا إذا حقق هذا البلد تقدماً اقتصاديا ورفع معدل الادخار والاستثمار وحشد موارده المحلية لأقصي حد ممكن .
4- وقف التدهور المتواصل في سعر صرف الجنيه المصري والذي أدي وسيؤدي إلي ارتفاع كبير في المستوي العام للأسعار أي إلي التضخم وتآكل الدخول الحقيقية للمواطنين وبخاصة الكتلة الكبيرة من ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة ، وإعادة توزيع الدخل الوطني لصالح الأغنياء ، وإلي زيادة النفقات العامة من جراء الارتفاع في تكلفة خدمة الدين الخارجي.
ومع التأكيد أن علاج الخلل في سوق الصرف الأجنبي يكمن في معالجة المشكلات الهيكلية للاقتصاد المصري وتحفيز النمو الاقتصادي . إلا أن الحل علي المدى القصير يتمثل في السيطرة علي الطلب علي النقد الأجنبي بالحد من الواردات والمدفوعات عن الخدمات .
5- مواجهة التدني في معدلات الادخار والاستثمار ومأزق التصنيع والنمو الاقتصادي ، بسياسات للتنمية الوطنية المستقلة والمعتمدة علي القوي الذاتية المصرية .
6- علاج التدهور في خدمات التعليم والصحة ومشاكل السكن في المدن والريف ووضع سياسات متكاملة للحد من الهجرة إلي المدن ونشوء أحزمة الفقر الهامشية حولها ، ووضع برنامج لإصلاح التعليم ومنع التسرب أو تخريج تلاميذ أميين ، وخطة قومية لمحو الأمية خلال فترة زمنية محددة تشارك فيها أجهزة الإعلام والحكومة والمدارس والجامعات والنقابات والأحزاب ، واستعادة مجانية التعليم الكاملة ، وتبني مشروع التأمين الصحي القومي الشامل ، وإقامة مساكن لمحدودي الدخل .
7- بلورة مشروع للتعاون والحركة التعاونية الزراعية وبنك التـعاون الـزراعي بمشاركة الفلاحين أنفسهم .
8- مواجهة الفساد والشخصيات المتورطة فيه والسياسات التي أدت إلي تحويله إلي ظاهرة عامة والتي أدت إلى اتساعه ليشمل سرقة أموال الدولة والقطاع العام وعائد الخصخصة ، واستغلال النفوذ والمناصب والصفة النيابية للتربح وقبول الرشاوى والعمولات ، والتأكيد علي ضرورة عدم التدخل في سير القضايا والتأثير علي القضاء .
والتصدي للفساد يتطلب رفــع درجة الحــماية المتـــوافـــرة له قانونا ، بإلغـاء القيود المفروضة علي الأجهزة الرقابية والتي تشل أيديها عن ملاحقة الفساد ، وإصدار قانون لمحاكمة الوزراء أثناء وجودهم في الوزارة تنفيذا للمادة 159 من الدستور ، وعدم خضوع قرار إحالة أجهزة الرقابة للقضايا التي لديها للنيابة العامة لموافقة السلطة السياسية ، والفصل بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة ، ورفع القيود المفروضة علي الصحافة والتي تحد من تصديها للفساد ، واعتماد مبدأ الشفافية في معالجة هذه القضايا.
9- الاهتمام بقضية المياه والأخطار المحيطة بالزراعة المصرية ، والتصدي للسياسات المدمرة للزراعة ولمصالح الفلاحين ، والضغط من أجل تمكين الحركة التعاونية الزراعية من أداء مهامها من خلال بنكها المستقل وتشريعها الديمقراطي. ووضع خطة قومية لتنظيم وتطوير العلاقات مع دول حوض النيل للعمل معاً من أجل الاستفادة المشتركة من مياه النيل بما يحقق مصالح كل الدول المعنية ويمنع تدخل قوي خارجية معادية .
10- مواصلة المعركة ضد الخصخصة وبصفة خاصة خصخصة الخدمات وضد التعهد ببيع البنوك وشركات التأمين والنقل الجوي والسكك الحديدية وقناة السويس والمجمعات الصناعية الكبرى وبحيرة ناصر .
3- التجديد الثقافي :
عطل التشوه الحادث في المجتمع علي صعـيد المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من إنضاج الثقافة الجديدة النقدية والتقدمية والعقلانية والديمقراطية. وزادت المسافة اتساعا بين النخبة المبشرة بالعقلانية والديمقراطية والمنهج النقدي وبين القاعدة الشعبية . وتراجع مفهوم المواطنة والمساواة. وتم دفع الإنسان المصري إلي التماس الحل الفردي ، وإشاعة حالة من اللامبالاة بالشأن العام . وشقت ثقافة التعصب والكراهية والخوف لنفسها مجري عميقا في نسيج المجتمع . وفي ظل الخوف الذي أنتجه التعذيب في السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة وحالة الطوارئ الدائمة انتشر مفهوم " التقية" وإظهار المرء ما لا يبطن ، واتسع الطابع " الفهلوي" في الشخصية المصرية ، وانتشرت ثقافة التخلف التي روجت لها لا فحسب مطبوعات الرصيف الرخيصة شكلا ومضمونا ؛ بل روجت لها أيضا أجهزة الاتصال الجماهيري الواسعة الانتشار من إذاعة وتليفزيون . وغاب أي مشروع ثقافي لتغيير المجتمع إلي الأفضل .
- وتحتاج مقاومة ثقافة التخلف هذه إلي خطة شاملة لنقد كل ما هو قائم من تخلف ورجعية وفضح آلياته خاصة في وسائل الاتصال الجماهيري ، وتعميم برامج ونشر مطبوعات تنهض علي الفكر العقلاني النقدي تشارك في إنتاجها أوسع قاعدة من المثقفين الديمقراطيين ، وتقوم علي قيم الاعتراف بالآخر والحوار الموضوعي والتسامح ، والبحث عن الأرضية المشتركة لأوسع قاعدة اجتماعية من أجل النهوض والتقدم.
- الدفاع عن حرية الثقافة والإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي ، ورفع الرقابة المفروضة علي الإعلام المملوك للدولة وتخليصه من الخطوط الحمراء المعروفة للكافة .
- إلغاء احتكار الدولة للإذاعة والتليفزيون ، وتعديل قانونها لتصبح جهازا إعلاميا قوميا مستقلا تمثل فيه التيارات الفكرية والحزبية ، وتحصل من خلاله الأحزاب والمنظمات الديمقراطية علي فرص متكافئة لمخاطبة الشعب . وإطلاق حرية إصدار الصحف وإنشاء محطات الإذاعة والتليفزيون للمصريين .
- إحياء وتنشيط القطاع العام الثقافي في مجالات النشر والسينما والمسرح والفنون التشكيلية وغيرها ، وذلك باعتباره السبيل الذي لا بديل عنه لحماية التراث الوطني وإذكاء الحس التاريخي ونشر الثقافة العلمية وتوفير الغذاء الثقافي للفقراء ومحدودي الدخل .ودعم الدور الإيجابي لقصور الثقافة ومكتبة الأسرة.
- تحديث التعليم وتطويره وتوحيد برامجه ومناهجه ، وإطلاق حرية البحث العلمي دون قيد أو شرط ، وتخصيص الموارد الكافية له كأولوية.
4- تجديد الخطاب الديني :
يشكل الدين أحد المكونات الحضارية للشعب المصري التي تزوده بطاقة روحية عظيمة . ويلعب الفهم المستنير لرسالة الأديان السماوية ـ في ضوء العقل والاجتهاد البشــري الهادف لرعاية المصــالح المرسـلة للناس ـ دورا عظيما ـ فالأديان السماوية تدعو إلي التسامح والإخاء والرحمة والحرية والمحبة والتعاون والسلام ، وترفض العنف والإكراه والإرهاب .
- وهناك ضرورة ماسة لاستئناف مسيرة الإصلاح وتجديد الفكر والخطاب الديني ، تلك المسيرة التي عرفتها الثقافة العربية الإسلامية في عصور ازدهارها ، لكي يصبح الفكر والخطاب الديني دافعا للتقدم في عصرنا ، مؤكدين أن تجديد الفكر الديني هو فريضة دينية يتعين احترامها والتمسك بها .
- والفهم القويم للدين والقراءة التاريخية للنصوص بما يواكب التطورات المعاصرة تؤكد كلها علي دور العلم وتعلي من شأن العقل ، وتحث علي تنشيط الاجتهاد الإنساني في تفسير وتأويل النصوص الدينية من أجل التعامل الصحيح مع كل ما تأتي به الحياة من مستجدات ، ومن أجل المواءمة بين الموروث والوافد.
- وانطلاقا من الإيمان بحرية العقيدة كحق من الحقوق الأساسية للإنسان ، لابد من رفض التمييز بين المصريين علي أساس الدين ، والتمسك بالطابع المدني الديمقراطي لتنظيم المجتمع والحكومة المدنية والتشريع المدني إطارا لسلطة المجتمع وحماية لحقوق الأقلية والأغلبية علي السواء . فتقرير شكل الحكم ونظامه حق من حقوق الأمة وأمره متروك لها في ضوء الواقع وعلاقاته ومستجداته .
5- حماية حقوق النساء :
تتعرض النساء في مصر للقهر مرتين . مرة ضمن الطبقات الشعبية والفقراء والمهمشين ومرة أخري لكونها امرأة . وقد أنتجت مجموعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للحكم وسياسات الخصخصة والتكيف الهيكلي تراجعا في أوضاع النساء ومكانتهن وصورتهن . فزادت البطالة في أوساط النساء بنسبة أكبر كثيرا من المعدل العام ، وأصبح تمثيلها السياسي متدنيا بالنسبة للسابق ولأغلب بلدان العالم ، رغم زيادة الأعباء الملقاة علي عاتقها حيث أصبحت تعول وحدها ثلث الأسر المصرية ، وما يزال قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وقانون الجنسية والتأمينات والضرائب وقانون الأحوال الشخصية ـ رغم التعديلات الجزئية الإيجابية التي أجريت عليه ـ يميز ضد المرأة وينتقص من مواطنتها . وتنتشر قيم الثقافة الرجعية المعادية للنساء علي نطاق واسع .فهن في نظر الانفتاحيين سلعة وفي نظر الظلاميين المتسترين بالدين عورة ، وفي الحالتين يجري قهرهن معنويا وجسديا وقانونيا مما يدفع النساء دفعا لقهر ذواتهن وتعطيل إمكانياتهن المبدعة .
ومن الضروري مساندة الحركة النسائية المصرية النامية من أجل :
- تعديل شامل لفلسفة التشريع لتنهض هذه الفلسفة علي مبدأي العدل والمساواة .
- إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية يصون الأسرة وحقوق المرأة .
- قانون جديد للجنسية يمنح الأم والزوجة المصرية الحق في منح الجنسية لأبنائها من زوج غير مصري ، ومنح الجنسية لهذا الزوج إذا شاء أسوة بما هو مكفول للزوجات الأجنبيات المتزوجات بمصريين .
- قانون جديد يساوي الرجل والمرأة في التعيين بالوظائف وتولي المناصب العامة.
- إنشاء أوسع شبكة من دور الحضانة ورياض الأطفال والملاعب والحدائق المجانية تخضع لإشراف ومراقبة المنظمات الجماهيرية بما فيها منظمات المرأة.
6- تطوير العلاقات العربية :
هناك أربعة قضايا تحتل الأولوية ، هي الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية ، والاحتلال الأمريكي للعراق ، والصراع الداخلي والحرب الأهلية في السودان ، والحاجة إلي تطوير الجامعة العربية والنظام الإقليمي العربي باعتبارها جميعا قضايا تتعلق بالأمن القومي لمصر . وهو ما يتطلب تحركا نشطا مصريا وعربيا تحت شعار مقترح " المجد للمقاومة ضد الهجمة الأمريكية الصهيونية" .
ويقوم هذا التحرك علي مجموعة من الأسس ، من أبرزها ما يلي :
- المساعدة علي تحقيق أكبر قدر من الوحدة بين قوي وفصائل حركة التحرر الوطني الفلسطينية كافة،علي أساس برنامج موحد للعمل ومشاركة في اتخاذ القرار .
- دعم المقاومة الوطنية في كل الأراضي العربية المحتلة ضد الاحتلال الإسرائيلي ، والتأييد العملي للانتفاضة ، ووقف الضغوط العربية علي السلطة الفلسطينية لقبول الحلول والمطالب الأمريكية الإسرائيلية .
- منح حركة المقاطعة ومقاومة التطبيع روحا جديدة تعيد إليها قوتها وفعاليتها . فالحكومات التي وقعت اتفاقيات مع إسرائيل ، وحكومات عربية أخري ، مازالت تواصل كافة أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والتجاري مع إسرائيل . وهناك 114 شركة عربية تتعامل مع إسرائيل وترتبط معها بعلاقات وصفقات اقتصادية من بينها 21 شركة مصرية تعمل في مجال الزراعة وتجارة الغلال والفاكهة والتصدير والاستيراد . كما يشارك عدد من المثقفين ورجال الأعمال في أشكال مختلفة من التطبيع مع إسرائيل .
- قيام الأحزاب المصرية والعربية بدورها لمساندة المقاومة العراقية بصورها الجماهيرية والعسكرية والسياسية كافة لإنهاء الاحتلال وإقامة نظام ديمقراطي في العراق وإفشال جهود الولايات المتحدة لاستمرار سيطرتها علي العراق والعمل علي عزله عن محيطه العربي أو تقسيمه واستخدام الوجود العسكري الأمريكي لتهديد الدول المحيطة به .
- الدعوة لصياغة استراتيجية عربية جديدة لمواجهة السياسة الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة تستند لإمكانيات القوة العربية الاقتصادية والسياسية والحضارية والعسكرية والتي تم تجاهلها في الفترة الماضية ، وإلي تحالفات إقليمية ودولية صحيحة .
والدعوة إلي تفعـيل دور مؤسسات العمل العربي المشترك الاقتصادي والاجتماعي ، وتطوير الجامعة العربية لتكون إطاراً صحيحا للنظام الإقليمي العربي ، وصياغة إستراتيجية جديدة للتنمية العربية وتحويل قضية التكامل العربي إلي قضية شعبية .
- التركيز علي قضية إعلان الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا وأفريقيا منطقة خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل .
- العمل مع القوي الوحدوية والديمقراطية في شمال السودان وجنوبه وغربه وشرقه لتوفير الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي تدفع في اتجاه وحدة طوعية ودولة ديمقراطية لكل مواطنيها .
7- تطوير العلاقات الدولية :
في ساحة العلاقات المصرية الأمريكية ، لم يعد مقبولا تجميد هذه العلاقات عند ما يسميه الحكم بالعلاقات الاستراتيجية ، والاستسلام لمقولة أن الولايات المتحدة أقوي دولة في العالم وقطب وحيد لا يمكن تجاوز الحدود التي يرسمها . فهناك دائما مساحة بين الاستسلام الكامل من ناحية والصدام من ناحية أخري ، مساحة تقوم علي تطوير استقلال الإرادة والتنمية الوطنية المستقلة المعتمدة علي الذات أولا دون انعزال عن العالم ، وحماية الأمن القومي والوطني الحقيقي .
إن استمرار الرهان علي المساعدات الأمريكية والسعي لإنشاء منطقة للتجارة الحرة معها لا يحقق مصلحة مصرية حقيقية بل إن الاستغناء عن المعونة الأمريكية أمر ممكن ووارد . لقد أثبتت تجربة تزيد علي ثلاثة عقود خطأ الرهان اقتصاديا وسياسيا وإقليميا علي الولايات المتحدة . فالتناقض بين المصالح المصرية الحقيقية والمصالح الأمريكية بالغ العمق في ضوء السياسات الأمريكية ، وقد ازداد هذا التناقض بعد غزو العراق والاندفاع لفرض حل أمريكي إسرائيلي للقضية الفلسطينية والعلاقات العربية الإسرائيلية ، والإقدام علي مزيد من التدخل الأمريكي في السياسة الداخلية المصرية.
ولابد من إعادة النظر في منهج وطبيعة العلاقات المصرية الأمريكية ، والتركيز علي وسائل الضغط وأوراق القوة التي مازالت في أيدينا والتي تمكننا من التأثير في السياسة الأمريكية ، والاستناد إلي إمكانيات مصر الذاتية وأهميتها في المنطقة ودورها العربي وعلاقاتها الأفريقية والآسيوية وإمكانية الاستفادة من الدور الأوربي ، في ظل سياسة جديدة يكون أساسها حسم الخيار في اتجاه دعم وتقوية النظام الإقليمي العربي والسوق العربية المشتركة والدفاع العربي المشترك ، والتوجه إلي أفريقيا ودول الجنوب ، ورفض تدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية المصرية بزعم الدفاع عن الديمقراطية وتحديث التعليم وحماية الأقباط مع الحرص ألا يكون رفض هذا التدخل الأمريكي مبررا لإبقاء الحال علي ما هو عليه ، ورفض ربط المعونة الأمريكية بطلبات اقتصادية واجتماعية وسياسية تتعارض مع المصلحة الوطنية .
ومن المهم السعي لعقد مؤتمر وطني عام حول العلاقات المصرية الأمريكية تشارك فيه الحكومة والأحزاب السياسية ومراكز البحوث بهدف رسم خريطة وطنية جديدة لهذه العلاقات.
 خاتمة :
قدمنا في الصفحات السابقة لمحة عـن حزب التجمع ، ركزنا فيها على التوجهات والمرتكزات العامة ، واخترنا من بين المعارك النضالية للحزب ـ قيادات وأعضاء ـ بعض المعارك البارزة ، وتفاصيل المعارك كثيرة ، والمعارك والنضالات اليومية متنوعة ، لكننا قصدنا أن نعطي لمحة عامة ، عن التجمع كرؤية جديدة ونضال متجدد .

 حسين اشرف احمد فتحى
 مراجع :
1- بناء مجتمع المشاركة الشعبية ، البرنامج العام لحزب التجمع ، كتاب الأهالي ، القاهرة 1999
2- د. فؤاد مرسي ، معارك سياسية ، كتاب الأهالي ، القاهرة 1991
3- مصر والعالم اليوم ، التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر العام الرابع ، القاهرة 1998
4- عبد الغفار شكر ، لماذا التجمع ؟ برنامج تثقيف العضوية ، أمانة التثقيف المركزية ، 1988
5- التجمع في البرلمان ، إعداد : محمد فرج وانتصار بدر ، كتاب الأهالي ، القاهرة 2000
6- حسين عبد الرازق ، التطبيع ومقاومة الغزوة الصهيونية ، إصدارات سطور ، القاهرة 2000
7- برنامجنا للتغيير ، حزب التجمع ، كتاب الأهالي ، القاهرة ، 1993
8- المشاركة الشعبية طريق التغيير ، البرنامج الانتخابي لمجلس الشعب ، حزب التجمع ،القاهرة 2000
9- التغيير بالجماهير ، البرنامج الانتخابي لمجلس الشعب ، حزب التجمع ، القاهرة 1995
10- ضد الفساد ضد الإرهاب ، البرنامج الانتخابي لمجلس الشعب ، حزب التجمع ، القاهرة 1990
11- من أجل إنقاذ مصر من التبعية والطفيلية والفساد ، تقارير المؤتمر العام الثاني للتجمع ، القاهرة 1985.
12- برنامج التجمع للتغـيير الوطني في مصر – المكتب السياسي لحزب التجمع التقدمي – 10 إبريل 2004 – القاهرة .

حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي
المؤتمر العـام الخامس
القيادة المركزية

زعـيم الحزب ومؤسسه :
خالد محيي الدين
رئيس الحزب :
الدكتور رفعـت السعـيد
نواب رئيس الحزب :
1– د. سمير فياض
2- رأفت سيف
3- أبو العـز الحريري
الأمين العـام :
حسين عـبد الرازق
الأمناء العـامون المساعـدون :
1- محمد خليل : الأمين العام المساعـد لشئون التنظيم
2- د. زهدي الشامي : الأمين العام المساعـد للشئون السياسية
3- محمد سعـيد : الأمين العام المساعـد للعـمل الجماهيري
4- أمينة النقاش : الأمين العام المساعـد للتدريب وإعـداد القيادات
المكتب السياسي :
(رئيس الحزب ونوابه والأمين العـام والأمناء العـامون المساعـدون)
+ :1- د. إبراهيم العـيسوي2– أنيس البياع3- د. جودة عبد الخالق4– د. فخري لبيب5– عـبد الغـفار شكر6– عـريان نصيف7– عـطية الصيرفي8- حسن المهندس9– فريدة النقاش
+ :1- نبيل زكي (رئيس تحرير الأهالي)2- سيد عـبد العـال (أمين المجلس الاستشاري).
الأمانة المركزية :
(الأمين العـام للحزب والأمناء العـامون المساعـدون )
+ :1- مجدي شرابية : أمين التنظيم 2- عبد الله أبو الفتوح : أمين الاتصال والمتابعـة 3- محمد فرج : أمين التثقيف 4- د. أحمد الحصري : أمين الإعلام 5- عبد الحميد كمال : أمين المحليات 6- عبد الحميد عـطا : أمين الشئون النيابية 7- محمود حامد : أمين الحريات 8- مدحت الزاهد : أمين المجتمع المدني والبيئة 9- البدري فرغـلي : أمين العـمال 10- سعـد قنديل : أمين الفلاحين 11- محمد فزاع : أمين المهنيين 12- د. فرج عبد الفتاح : أمين الشئون المالية 13- فتحية العـسال : أمينة اتحاد النساء التقدمي 14- عـبد الناصر قنديل : أمين اتحاد الشباب التقدمي .
الأمانة العامة :
1- أعـضاء المكتب السياسي 2- أعـضاء الأمانة المركزية 3- أمناء المحافظات 4-أعـضاء مجلس الشعـب .
أعضاء المجلس الاستشاري :
1- خالد محيي الدين زعـيم الحزب ( رئيساً )
2- د.إبراهيم سعـد الدين3- أبو سيف يوسف 4- السيد عـبد العـال (أميناً للمجلس) 5- د. ألفونس عـزيز 6- حسن المهندس 7- الشيخ زين السماك 8- د.صلاح ماميش 9- السفير عزيز سيف النصر 10- عـلي الديب 11- د. عـلي النويجي 12- كمال الدين واصف 13- محمد سيد أحمد 14- محمد عـبد العـزيز شعـبان 15- محمد مختار جمعة 16- نبيل زكي 17- د. وجيه شكري .



#حسين_أشرف_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تركي آل الشيخ يتحدث عن -صعود نجم جديد في سماء الأغنية السعود ...
- ترامب سيطبق الرسوم الجمركية على دول آسيوية والصين الأكثر تأث ...
- اعتراض 6 غواصات تنقل مخدرات بعملية دولية واسعة أسفرت عن مصاد ...
- ما قصة عيد الشكر والديك الرومي في أمريكا؟
- قصف إسرائيلي واستهداف أعضاء في حزب الله رغم وقف إطلاق النار ...
- بوريل: حكومة نتنياهو تدوس على القانون الدولي والإنساني
- الصين تنفي تقارير عن إجراء تحقيق ضد وزير الدفاع
- برلمان أبخازيا يقرر إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 15 ...
- بوساطة قطرية.. روسيا تسلم أوكرانيا 7 أطفال
- إسرائيل تطلب من اللبنانيين عدم العودة إلى قراهم الحدودية.. م ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسين أشرف أحمد - حزب التجمع رؤية جديدة ونضال متجدد