أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حليم الخوري - القضية الفلسطينية بين الغطرسة الإسرائيلية والمصالح الاستراتيجية الأميركية وغياب المبادرات العربية















المزيد.....

القضية الفلسطينية بين الغطرسة الإسرائيلية والمصالح الاستراتيجية الأميركية وغياب المبادرات العربية


حليم الخوري

الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 10:34
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا شكّ بأنّ نظرة الإدارة الأميركية الحالية إلى قضية السلام في منطقة الشرق الأوسط، تتأثّر بشكل أو بآخر، بالحضور الفعّال للّوبي الصهيوني في أوساط هذه الإدارة، وبالنفوذ القوي الذي يمارسه هذا اللوبي على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية من جهة، وتتفاعل إلى حدّ بعيد مع مصالحها الاستراتيجية في هذه المنطقة من جهة ثانية.

ولقد عوّلت إسرائيل مراراً على هذين العاملين، في محاولاتها الدؤوبة والمستمرّة، لفرض سلامها الخاص على الدول العربية؛ هذا السلام الذي يكفل لها وجودها الآمن داخل الأراضي التي تحتلّها، ولا يتعارض بأيّ شكل من الأشكال، مع الطموحات السياسية والعسكرية والاقتصادية (لاسيما النفطية)، للولايات المتحدة الأميركية في هذه المنطقة.

كلّ هذا يجري، للأسف، في ظلّ غياب تامّ لأيّ تأثير عربي، رسمي أو شعبي، في الرأي العام الأميركي والإدارة الأميركية، بما يشبه العجز والاستسلام الكاملين أمام جهود النخبة السياسية اليهودية، الآيلة إلى تنمية أنشطتها، وتعزيز مواقعها داخل المجتمع الأميركي، وتوسيع رقعة التشكيك في صحّة التعامل مع الدول العربية والإسلامية، وإيجاد أرضية خصبة للأفكار والنظريات المتطرّفة المعادية للعرب والمسلمين، بين الشرائح المختلفة التي يتألّف منها هذا المجتمع؛ يساعدها في ذلك بالطبع، التنامي المتزايد لحركات ومنظّمات أميركية، متمسّكة بالأصولية المسيحية، ومقتنعة بمبدأ التشارك مع إسرائيل، ومتعاطفة دينياً مع الشعب اليهودي، باعتباره شعب الله المختار، والذي يواجه اليوم، باعتقادها، حرباً شرسة تشنّها عليه مجموعات عربية وإسلامية متوحّشة وإرهابية.

هذا من دون أن ننسى، الدور الأساسي الذي لعبته تفجيرات نيويورك وواشنطن في أيلول/سبتمبر من العام 2001 في هذا المجال، والتي أطلقت الشرارة الأولى لما سمّي حينها بـ"صراع الحضارات"، الذي تبيّن لاحقاً، بأنّه وجه آخر من وجوه الاستعمار الهادف إلى سيطرة الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، على ثروات ومقدّرات دول العالم الثالث، المتمثّل (بنظره طبعاً) بالدول العربية والإسلامية، وذلك طبعاً بمساعدة إسرائيل، شريكه الاستراتيجي الحقيقي في المنطقة، والقادر وحده من خلال دوره كعامل تهديد دائم للعرب، على تسويق السياسات والمصالح الغربية في هذه البقعة الجغرافية من العالم. كما ساهمت، وبشكل جذري، في تحويل أنظار الولايات المتحدة الأميركية، عن إيجاد تسوية عادلة للصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن أبرزت إلى العلن، مسألة الحرب على الإرهاب (العربي والإسلامي!) في كلّ مكان من العالم؛ فجاء احتلال كلّ من أفغانستان والعراق، واستغلال إسرائيل لهذا الواقع الجديد لمواصلة عدوانها الغاشم على الأراضي الفلسطينية والعربية، كثمرة أولى لهذه الحرب، فيما بدأت مرحلتها التالية تلوح في الأفق، من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية، وربما لاحقاً العسكرية، التي تنوي الولايات المتحدة الأميركية ممارستها على سوريا، بالتزامن مع الدعوات التي تطلقها بين الحين والآخر، لتجريد المقاومة اللبنانية من سلاحها، وذلك تطبيقاً للقرار 1559، الذي اعترفت إسرائيل في فترة سابقة، بدور أساسي لها في صياغته.


نعم، صارت الولايات المتحدة الأميركية اليوم، وبعد تاريخ الحادي عشر من أيلول 2001، تقيس القضايا الساخنة في العالم، ومن بينها بالطبع القضية الفلسطينية، بحسب درجة التهديد التي تمثّلها هذه القضية أو تلك، بالنسبة لمصالحها وأولوياتها السياسية والاقتصادية والقومية، لا غير.

وأمّا الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية، فلا حول لها ولا قوّة، يتآكلها العجز والارتباك في مواجهة الخطة الأميركية-الإسرائيلية الرامية إلى حلّ القضية الفلسطينية على حساب ضرب الانتفاضة واغتيال قادتها، وتدمير البنى التحتية للشعب الفلسطيني، ومن ثمّ إقامة دولة فلسطينية تكون على رأسها سلطة سياسية ضعيفة، تؤمّن بالدرجة الأولى أمن الولايات المتحدة الأميركية الإقليمي والقومي، وتحقّق بالدرجة الثانية شروط الدولة العبرية في ما يتعلّق بقضايا عودة اللاجئين والحدود والقدس.

إنّ هذه الأنظمة والحكومات، تتهافت اليوم، وبعد أكثر من خمسين عاماً على الصراع العربي-الإسرائيلي، إلى عقد اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، كخطوة أولى تسبق خطوة الاعتراف الكامل بها كدولة، فيما العراق محتلّ من قبل جيوش التحالف الأميركي-البريطاني، تتقاذفه الفوضى وتمزّقه التفجيرات المتنقّلة من مدينة إلى مدينة ومن حيّ إلى حيّ، حاصدة يومياً العشرات، لا بل المئات، من أفراد الشعب العراقي المحبط والمسكين، وفي الوقت الذي تتصاعد التهديدات الإسرائيلية ضدّ لبنان وسوريا، باعتبارهما البلدين العربيين الوحيدين اللذين ما يزالان يصرّان على رفض خطط ومشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة. ولعلّ مشروع الشرق الأوسط الكبير، هو من أخطر المشاريع المطروحة في هذا المجال. فالتغيير الذي يدعو إلى تحقيقه في هذه المنطقة لا يغدو أكثر من مجرّد رسم جديد لخريطتها الجيو-سياسية، هدفه خلق كيانات مذهبية وعرقية، يقاتل بعضها البعض الآخر باستمرار، في حين ينصرف الأميركيون إلى استغلال المزيد من الثروات النفطية العربية، والإسرائيليون إلى تنشيط سياسة التوسّع والاستيطان وضمّ الأراضي.

لا يمكن لأيّ إنسان عربي، مثقّف ومؤمن بالإنسانيّة ومتمسّك بمبادئها، أن يتصوّر أعمال العنف والإرهاب التي يتعرّض لها المدنيون العزّل في أيّ دولة من الدول، حتى ولو في إسرائيل. ولكن، لا يستطيع هذا الإنسان نفسه، أن يتفهّم مضمون تلك الدعوات (السخيفة!)، التي يطلقها بعض الزعماء والحكّام العرب من حين لآخر، والتي يطالبون من خلالها الفلسطينيين، بالعمل على وقف الانتفاضة المسلّحة، ومقاومة الاحتلال بالطرق السلمية، رغم الوحشيّة المفرطة التي يتعامل بها جنود هذا الاحتلال مع السكّان الفلسطينيين من دون أي تمييز.

لهؤلاء الزعماء والحكّام نقول، أنّ التجربة اللبنانية في هذا الشأن، ما زالت حاضرة في ذهن كلّ مواطن عربي شريف؛ إذ لم يمض وقت طويل بعد لكي ينسى هذا المواطن المحاولات المتكرّرة للدبلوماسية اللبنانية للمطالبة بتطبيق القرار رقم "425"، الذي يقضي بانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، وذلك في أكثر من مناسبة دولية، ومن على أعلى المنابر، دون جدوى؛ إلى أن تمكّن هذا البلد العربي الصغير، وبفضل مقاومته الوطنية في بادئ الأمر، والإسلامية لاحقاً، من تحقيق إنجاز التحرير (الذي لم يكتمل بعد بسبب استمرار اسرائيل في احتلال مزارع شبعا) في الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو من العام 2000.


في الخلاصة، يمكن القول أنّ نظرية "الحرب على الإرهاب"، التي تتحفنا بها الإدارة الأميركية الحالية يومياً، ليست سوى محاولة جديدة، للقضاء على القوى والحركات التقدّمية التي ما زالت تكافح وتناضل من أجل استقلال وتحرّر بلدانها ومجتمعاتها من نير الاستعمار الغربي المتجدّد سياسياً وعسكرياً واقتصادياً؛ هذا الاستعمار الذي قد ينجح في تحقيق ما يصبو إليه من أهداف إذا بقيت أنظمتنا العربية غائبة عن السمع (وعن الوعي أيضاً)، لا تملك أيّة مبادرة حقيقية لمساعدة الشعب الفلسطيني على حلّ قضيّته المحقّة والعادلة، وغارقة (حتى أذنيها) في عجز تامّ أمام هيمنة أميركية جارفة على العالم، وانحياز سافر لموازين القوى العالمية لصالح إسرائيل، رغم ما يمثّله احتلالها المتواصل لأرض فلسطين ولبعض الأراضي العربيّة الأخرى، وما يصاحبه من ممارسات تعسّفيّة يوميّة بحقّ الشعب الفلسطيني المقهور من انتهاك صارخ لمبدأي العدل والكرامة الإنسانيين.
فهل يا ترى، سوف يأتي يوم نرى فيه دولنا وشعوبنا وقد انتفضوا على واقعهم الأليم، فخلعوا عنهم ثياب التقهقر والهزيمة، وقرّروا أخيراً الانعتاق من قيود اليأس والذلّ والخنوع؟ إنّ غداً لناظره قريب.



#حليم_الخوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن... معارك حب
- الولايات المتحدة الأميركية، إسرائيل والعرب
- المطلوب : جيل عربي جديد
- ثقافة التلفزيون


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حليم الخوري - القضية الفلسطينية بين الغطرسة الإسرائيلية والمصالح الاستراتيجية الأميركية وغياب المبادرات العربية