أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فيصل طه - عسكرة الإعلام وسوريا الوطن














المزيد.....


عسكرة الإعلام وسوريا الوطن


فيصل طه

الحوار المتمدن-العدد: 4893 - 2015 / 8 / 11 - 14:14
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تتزاحم الأنباء بأنبائها المتضاربة وتتدافع الأحداث في صورها المتناقضة، البعض يلتهمها تماما كما نُقلت إليه، يُقرُّ صدقها وتصديقها بلهف وشغف، يبثها كما هي للآخرين.. وبعض آخر يميل إلى تصديق ما صُوّر له لانكشافه لمحيط هائج من الضخ الإعلامي الأرضي والفضائي، المحلي والإقليمي العربي والعالمي..
هناك من يبحث جاهدا عن حدث، خبر، صورة أخرى، علّه يجدها، يقاربها، يقارنها، يتفكّر بها، يتحقّق منها ومن مصدرها ليجدها واضحة لا يشوبها التشويه ولا فن التركيب والتفكيك.
نشهد الآن دورا فعّالا لإعلام متنوّع الأشكال، أحاديّ المصدر يساهم في رسم صورة "الربيع العربي" الهائج في بعضه والمهُيّج في بعضه الآخر، نشهده طرفا مشاركا بجدّ ودون كلل في صنع المعلومة والحدث ونقله وتعميمه عبر قنوات الأرض والفضاء، التي تتسابق أجيرة في بث وتسويق الخبر والصورة كسلعة مصنّعة، معلّبة، مغلّفة، مزيّنة بطلاء دم الأبرياء وببريق اللهب الوهّاج وبروائح بخور الموت والدمار، إننا بهذا نشهد عسكرة الإعلام وحملته الدنيئة. تداهمنا كما تداهم المشاهد، القارئ والمستمع، قذائف المعلومات الملوثة زورا وزيفا، لإنتاج معرفة وهمية مشوّهة حاجبة للحقيقة ولسبل الوصول إليها، بهدف خلق واقع افتراضي قاهر بديلا، بل نافيا للحقيقة الواقعة ليساهم في حسم الأمور وتحقيق أهداف منتجها، صاحب الماكينة والمصلحة، ومموّل الترسانة الإعلامية العسكرية.
يتجاوز تأثير عسكرة الإعلام وتسييسه جموعَ الناس العاديين إلى إغراق بعض الكُتّاب والمفكرين المحلّيين وغيرهم من الوطن العربي المُنهك في التماهي معه وفي التبني والدفاع عنه طوعا أو غيره، وهنا يقع أو يوقع المثقّف نفسه في تناقض غير مفهوم وغير مبرّر بين موقفه المبدئي والكفاحي من قضايا شعبه المحليّة الحارقة ودعمه لنضال شعبه السياسي المسؤول غير المتهوّر والبعيد عن كل أشكال المزاودات والتسلّح المدمّر وبين موقفه الداعم لمرتزقة إرهابية مسلّحة يسميها ذاك "المثقف" كما يسميه الإعلام العسكري المُدبلج ب"الثوار السلميين" الذين أصبحوا أخيرا وفق إعلامهم المضلّل "الثوار المسلحين". يؤيّد وبصدق النضال السلمي السياسي المتاح هنا ويحرمه في الوطن العربي. يُحرّم وبحق الكفاح المسلح هنا ويجيزه في "بلاد العُرب أوطاني"، أليس هذا هو التناقض بعينه، والكيل بمكاييل عدّة. إذا صدقت النوايا، وتصافت القلوب، وتلاشت الأحقاد، فعلى المثقف واجب البحث جاهدا عن الحقيقة والاستعانة بها لتحديد موقفه وتعميمه على الملأ.
إدراكنا للحقائق لا يتأتّى من العدم، إنما من وعي شامل وفهم صحيح لطبيعة الصراع في المنطقة وللقوى الإقليمية والعالمية الفعّالة ذات الرصيد الدموي الهائل في إحداث نكبتنا، هذا الجرح المعمّق الدامي والذي ما زال ملتهبا، وفي تدمير العراق الجريح، وتمزيق ليبيا المهشّمة، والإتيان بأنظمة "طالما ابتغتها الشعوب" و"بحريّة وسلام" تمنّتها الشعوب. أليست هذه التجارب الدمويّة القاتلة كافية لنرى مستقبل سوريا الوطن، ولنشهد خريطة المنطقة الجديدة المفتّتة والمفكّكة قطعا وأشلاءً، مفقودة السيادة والإرادة الوطنية، منهوبة الموارد الطبيعية، النفطية، الغازية وغيرها.
علينا نحن ضحايا هذه السياسات الدموية الذين لُدغنا من نفس الجحر مرّات ومرّات أن لا نقع في شبكة من امتهن الكذب والتضليل، وأمعن التشويه والتزييف وأنتج حالة إعلامية، غوبلزيّة، تهزم المعنيّ بتصديقها وتقهره وتهديه وهم الانتصار على نفسه وعلى الوطن. تختلط المسمّيات لدى المعنيّين بتصديق الإعلام العسكري، إذ يُمسي عدوّ الوطن صديقا، ويصبح الإرهابي ذابح الأطفال ثائرا، مسالما، رحيما بالبشر. ويحوَّل المُجرم المُرتزِق الأجير إلى حامل مشعل الحريّة وحقوق الإنسان.
من يصبو إلى الحريّة لا يبحث عنها تحت بساطير الغزاة، ولا يَلتقط نورها من عتمة وظلمة غياهب القرون الوسطى، ولا يستجديها من الإرهابيين المرتزقة. حرية الشعوب لا تتحقق من خلال دمار أوطانِها ولا من استجلاب الغزاة والبلطجيّة. كما أن حقوق الشعوب وأمنها لا تُنتزع من خلال إثارة الفتن وغرائز العصبيّات الفئويّة الضيّقة. ولا يُستبدل الاستبداد بإبادات حرب أهلية أو امن خلال فوّهات البنادق ومن على دروع الدبّابات الغازية أو قصف طائرات الناتو. بل تُجترح الحريّات والحقوق والديمقراطيّة والسلم الأهلي من خلال حشد الكفاح والنضال السلمي الجماهيري لكل أهل الوطن، لأبنائه البررة، دون إراقة قطرة دم زكية واحدة.
تداخل المعلومات وانتقاء بعضها، اختلاط المواقف وانقلابها هو رهين إرادة وشأن المتلقي نفسه، حيث يموضع موقعه هو، ويحدد مصلحته وبوصلته.
إن امتهان الكذب وتكراره بل تكرير ضخّه لا يحوّله إلى حقيقة بتاتا بل إلى مهزلة مكشوفة لا يسري صدقها إلّا في دواخل فكر من أنتجها ومن أصرّ على تصديقها وتداولها مرتاحا.. مرتاحا جدًّا.

بقلم فيصل طه
صفورية - الناصرة



#فيصل_طه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إطلالة على -ساحات زتونيا- - رواية المبدع عودة بشارات
- وا داعشاه!!
- صفورية
- فضاء اليرموك يدوّي


المزيد.....




- مثل -عائلة جتسون-.. هل نستخدم التاكسي الطائر قريبًا؟
- رجل يمشي حرًا بعد قضاء قرابة 30 عامًا في السجن لجريمة لم يرت ...
- آبل تراهن على هاتف آيفون جديد بمزايا ذكاء اصطناعي وبتكلفة أق ...
- روبيو: لقاء بوتين وترامب مرهون بتقدم المحادثات حول أوكرانيا ...
- نتنياهو يتوعد حماس ويطلق عملية عسكرية مكثفة بالضفة الغربية
- طهران: -الوعد الصادق 3- ستنفذ بالوقت المناسب وسندمر إسرائيل ...
- -أكسيوس-: واشنطن قدمت لكييف مسودة -محسنة- لاتفاقية المعادن
- الاتحاد الأوروبي يهدد مولدوفا بوقف المساعدات المالية
- للمرة الأولى.. المحكمة العليا بأوكرانيا تقضي ببطلان عقوبات ف ...
- -حماس- تعلق على هوية -الجثة الغامضة-


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فيصل طه - عسكرة الإعلام وسوريا الوطن