أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سماح هدايا - كيف سيخرج الشعب من عنق الزجاجة؟














المزيد.....


كيف سيخرج الشعب من عنق الزجاجة؟


سماح هدايا

الحوار المتمدن-العدد: 4893 - 2015 / 8 / 11 - 13:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف سيخرج الشعب من عنق الزجاجة؟
من الخطأ اعتبار ما يحصل في الواقع السوري يخص فئة بعينها أوجزءا من الكل؛ لأنّ الحاصل يشمل الشعب السوري جميعه من مؤيدي نظام الأسد، ومن الثائرين عليه. من معارضيه ومن مهادنيه. الموضوع مرتبط بمستقبل الجميع. لا يخص فئة أو جماعة. هو صراع بين أطراف مختلفة في معترك مشروعٍ تحرري نهضوي محرّكه التغيير لبناء الذات والهوية...والمشروع لم يكتمل بل هو في مسار النمو والتطوّر والتأسيس. يرافقه تفكيك نوعي حاد.
عندما نصغي للصوت في مقولات الأطياف الاجتماعية المتشابهة والمختلفة والمتناقضة والمتقاتلة؛ نجد أن الضجيج شديد والغائب عن الحضور في صوت الجميع هو الهوية المتكاملة الجامعة. ولو تعمقنا أكثر لاكتشفنا ضحالة مافي الباطن المحرك للأفعال؛ فالواضح أن العموم ينقصه التعريف بنفسه خارج إطار العصبوية والوهم والأنانية والنرجسية. لذلك تتقاذف الشعب أمواج الضياع والفوضى.
الجهل وقصور المعرفة بالذات والآخر والأمة هو المكوّن الأول لغياب الهوية. وعنه ينتج الفساد والقهر والولاءات الدنيا والتبعيات؛ فذلك تركيب معقّد في مناخ الفوضى. والمولّد الأساسي للمشاكل هو غياب الهوية. الجهل بالهوية هو جهل معرفي ووجداني وأخلاقي وسياسي ، وينجم عنه حرب شرسة إفنائية للآخر بسبب غياب المفاهيم السامية التي تجمع الناس وتوحّدهم وتحقٌّق مصالحهم ومنفعتهم.
الإنسان الذي يملك هوية يحظى بحد أدنى من الاحترام لنفسه، مقدار من العزة والكبرياء. وهو غير الإنسان الفاقد للهوية الذي يمارس التبجّح والتغطرس والتباهي كمكونات لصفات الإنسان المقهور ورديفا للإحساس الضمني الذي ينطوي على تحقير الذات والاتضاع والصغار والذلة والخزي والذي يظهر للعلن بين حين وحين بتحقير الهوية التقليدية الدينية والقومية والتراثية والأخلاقيّة بديلا للنقد والتفكير الموضوعي والتحليل المنهجي.
ولعل من أقرب الامثلة تجسيدا للضياع هو "المهاجرون من سوريا "؛ فلا تلعب الظروف الشديدة وحدها الدور الأساسي في هجرتهم إنما فقدان المرجعية والإحساس بالعجز والعبثية والفراغ والتيه والهرب من حالة الفوضى ومستحقات التغيير وأثمانه في غياب اليقين والثقة بالهدف. وهؤلاء قد يصبحون جزءا من مشروع الانسلاخ. ضياع الهوية أحد أسباب مشكلتهم. الهوية ليست فقط عرقا أو مذهبا وإنما هي مكونات الذات وروح الجماعة والأمّة...وهي شيء متطوّر للإجابة والبحث في إشكاليات: من أنت كإنسان؟ ماهي ذاتك؟ ماهي قيمك وفكرك؟ ما هو موقفك من الحياة ورؤيتك للوجود؟ ما مصيرك السياسي؟
الهوية لدى السوريين ولدى العرب بمختلف مذاهبهم وأعراقهم غير واضحة. الصراع بين قطبي: التّزّمت الديني والاجتماعي والعرقي والتعصّب. ونقيضه: الانفتاح حتى الانفلات والاستهتار هما مظهر الجهل بالهوية الحقيقية التي تخلق الاتزان والتوازن وتحتوي الاختلافات والمتناقضات؛ فليس هناك حد أدنى من المعرفة والتشارك لذلك تجلت ثورة التغيير بهذا التطرف ودخل الجميع في مقاتلة الآخر؛ فليس هناك هوية. لو كان هناك هوية واضحة المعالم، لاستطاع الشعب بناء ثورته بالتدريج ومنذ زمن...ولما حصل هذا الصراع الحاد الذي تفاعل فيه كل واحد وكل جماعة وكل جهة مع الأحداث بشكل انفعالي عصبي وعصبوي وشخصي وصل حد الكره والقتل والإجرام وكبت الأنفاس وقطع الرؤوس وهدّ المدن والكيانات. افتقاد الشعب لمرجعية وطنيّة قيميّة ولنظام سياسي منتج لهوية وطنية عادلة مقبولة يشكّل مشكلات حقيقية وواقعية، تظهر بشكل جلي في الطائفية والعرقيّة والشلليّة والمناطقية والفساد ومزيد من الاستئثار والقهر.
الموضوع لا يقتصر على سوريا. هو موضوع عربي فهناك أزمة في الفكر العربي وفي الأنظمة السياسية العربية الطاغية والمستبدة التي تسهم في الشرذمة وفي تفكيك الهوية. حتما هناك اختلافات وخلافات لكن الاشياء التي تجمع العرب كثيرة وأكثر بكثر من الاختلافات...والمثقفون الذين يتصدّون لتمثيل الهوية بعيدون عن الجوامع، قريبون جدا من حالة التحاصص السياسي والفكري. يتناسون عناصر اللغة والواقع والعيش المشترك والمستقبل الواحد، بالإضافة إلى الدين، وهي من الجوامع الأساسية ليبحثوا عن شيء وهمي تنظيري خارج الواقع ينسخون هويات الأمم الأخرة وتجاربها...
كل شخص يعتبر نفسه محتكرا للحقيقة، هو غبي وجاهل...فكل إنسان يجب أن يستمع للآخرين ولا يحتكر الحقيقة. الفكر الذي ينتشر بقطع الرؤوس سرعان ما ينهار ..أما عندما يكون الإنسان قويا واثقا من خطواته؛ فإنه سيقدّم نموذج قيادة يحتذى به. والمرحلة التاريخية إعادة تشكيل أمّة وهوية ومصير. واستراتيجية بناء الهوية والأمة هو الحل. وربما بدأت الظروف تتهيّا لبلورة رؤية في بناء الهوية خصوصا بعد انهيار الأنظمة السياسية الشمولية المستبدة التي حاربت الحريات وفككت الهوية إلى هويّات.
د. سماح هدايا



#سماح_هدايا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السّؤال المتبقي
- النكبة بالكرامة الإنسانية قبل نكبة العروبة والإسلام والأقليا ...
- فعل ثقافي وفكري ومجتمعي في عقد سياسي
- عامنا الجديد ...صراع حياة ...
- التطرّف مكنون السلطات الاستبدادية
- هل يحتاج الأمر فصاحة وذكاء حتى نعرف أبسط الحقوق؟
- سياقات مجزوءة من زمن متجمّد
- ثنائية التضاد والتوافق-الأمة والأقليات-
- هل يمكن أن تبقى قضايا قضايا المرأة خاصة ومعزولة عن السياق ال ...
- أسئلة في الهوية والثقافة
- صناعة الحب في زمن الحرب
- مدخل في سياق المواطنة
- جراحهن أوسمة
- عقليّة صائدي الهنود الحمر
- التغييرات الثورية تقتحم واقع المرأة وتبدله
- الإيمان القبيح عندما يصبح علامة تجاريّة لترويج بضاعة السلطة
- التغيير استحقاق وهو قادم
- خلط الأوراق حتى الإيهام
- حتمية خلاص ... موت أو حياة...
- بلاغة الصدق وبيان الواقع


المزيد.....




- البيت الأبيض يتهم حماس بالمماطلة في المفاوضات بشأن الهدنة بغ ...
- ممثلة -مسد- في أمريكا تكشف لـCNN أهمية الاتفاق بين الشرع ومظ ...
- لمن ستكون السيطرة على حقول النفط بعد اتفاق الشرع وعبدي؟ سينا ...
- مشاهد لإجلاء الركاب من طائرة أمريكية مشتعلة بعد هبوطها
- ترامب يشيد بـ-محادثات مثمرة- مع بوتين في خضم جهود وقف إطلاق ...
- جدل حول زيارة رجال دين دروز للجولان وأهالي حضر يحذرون من -مخ ...
- الحرب في أوكرانيا - مجموعة السبع تدعم اقتراح وقف إطلاق النار ...
- الشيباني في بغداد لتعزيز علاقات البلدين
- باريس: وقف النار بداية لحل أزمة أوكرانيا
- وفد من مشايخ دروز سوريا يزور إسرائيل


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سماح هدايا - كيف سيخرج الشعب من عنق الزجاجة؟