|
حرية الإنسان
محيي الدين محروس
الحوار المتمدن-العدد: 4892 - 2015 / 8 / 10 - 18:28
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
إن موضوع حرية الإنسان تناوله الفلاسفة منذ آلاف السنين، و كذلك السياسيون و علماء الاجتمعاع و القانون و الأدباء و الشعراء وغيرهم. فهو موضوع واسع، و يمكن تناوله من عدة وجهات نظر فكرية، و على مستويات مختلفة: سياسية و إنسانية و اجتماعية و اقتصادية و قانونية و فلسفية. من هنا، سأحاول الاختصار قدر الإمكان مع التركيز على ما يهمنا اليوم من موضوع الحرية المرفوع في كل الشعارات السياسية في بلدان ثورات الربيع العربي. أوسع تعريف للحرية هو عدم الإكراه، و حرية الإختيار. فالحرية الفردية، تعني إمكانية الفرد، دون أي إجبار أو إكراه على أن يتخذ قراره، و أن يحدد خياره من كل الخيارات المُتاحة. الحرية هي التحرر من كل القيود التي تحدُ من طاقات الإنسان الخلاقة، و إنتاجه المادي و الفكري، سواء أكانت هذه القيود سياسية أو اجتماعية أو عائلية أو اقتصادية أو قانونية أو غيرها. عادةَ يتم النظر إلى الحرية بمنظورين: الحرية السلبية: و هي الحرية مِنَ: مثل الحرية منَ العبودية و الاستبداد، مِنَ السجن، مِنَ الاختطاف، مِنَ الملاحقات، مِن َ بعض العادات و التقاليد، مَن سلطة الأب و الأخ الأكبر ...إلخ. الحرية الإيجابية: و هي الحرية من أجلِ: مثل من أجل حرية التعبير، من أجل حرية التجمع، من أجل الحرية الدينية، من أجل الحرية الاقتصادية.... إلخ. - أما من الناحية السياسية، فالحرية تعني حرية التعبير و الإعلام، و حرية التجمع، و حريات الأحزاب السياسية و المنظمات المدنية، حرية الترشح و الانتخابات الحرة. كما أنها تعني تأمين الحقوق الاجتماعية للمواطنين، مثل تأمين العمل و السكن و الرعاية الصحية المجانية و التعليم المجاني، لأنه بدون هذه الحقوق من الصعب أن يستفيد المواطن من حريته الشخصية و حريته السياسية. - الحرية القانونية: تعني عدم تدخل الدولة في حرية إرادة المواطن، إلا من أجل حماية الآخرين من أضرار ممارسة هذه الحرية. تطبيقاَ لمبدأ: تقف حريتك، عندما تبدأ حرية الآخرين. كما تعني الحماية القانونية للمواطنين في ممارستهم لحرياتهم. أما في صياغة القوانين، فيما يخض ما هو مسموح به، و ما هو ممنوع، و ما هي الواجبات … لا بد من الإلتزام بالقانون الدولي لحماية حقوق الإنسان. هذا القانون لا يصنع حقوق الإنسان التي هي طبيعية، و ناتجة عن كرامة الإنسان، بل يقوم بحمايتها قانونياً. - الحرية و الدين: هناك نقاش تاريخي ديني و فلسفي مطول حول هذه العلاقة. من هنا ، سأختصر بالقول: بأن الأديان السماوية كلها تؤمن بوجود الخالق، و بأنه العليم و القدير على كل شيء. و أرسل رسله للناس، و أعطاهم حرية الاختيار بين الخير و الشر. مثلاً في الإسلام: في سورة البلد" وهديناه النجدين" الآية رقم ١-;-٠-;-. أي طريق الخير و طريق الشر. و في سورة الكهف: „ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ... الآية رقم ٢-;-٩-;-. و الحجة المنطقية و الفلسفية و الدينية هي حساب الآخرة و العقاب، الذي يأتي نتيجة اختيار الإنسان بين الخير و الشر، و لو كان الإنسان غير مُخيرِ، لما كان هناك مَعناَ للآخرة و للعقاب. في هذه العلاقة بين الحرية و الدين، نجد ممارسة الحرية للمؤمن لدينه دون إكراه. و من هنا، أيضاَ لا بد من فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة، و عدم إجبار ( إلزام ) المجتمع ككل بدين محدد، تطبيقاَ لحرية الاختيار لكل عضو في المجتمع.
- من وجهة نظر اقتصادية، ترتبط الحرية بعدم استغلال الإنسان من قبل رب العمل، و لا من قبل مؤسسات الدولة. تعني أن ينال المواطن أجره المناسب لقاء عمله، و عدم التمييز بين أجور الرجل و المرأة. تعني التقسيم العادل للدخل الوطني على أفراد المجتمع. فلا يمكن للمواطن المكبل بالقيود الاقتصادية أن يكون حراَ! - أما الحرية الاجتماعية فهي تتعلق بالحرية بالمجتمع ككل، مثل نيل الاستقلال... و تحرير أراضي محتلة...حرية اختيار نظامه السياسي. كما تتعلق بحق تقرير المصير للشعوب. - لا بد من التطرق إلى حرية المرأة في مجتمعاتنا. لأن المرأة لا زالت مُقيدة بالكثير من العادات و التقاليد البالية، فهي لا زالت تخضع لعبودية الرجل ( الأب، الزوج، الأخ الأكبر ، العم...) ، لازالت في حالات عديدة تُمنع من التعليم و من العمل. كذلك عدم تساوي أجرها مع الرجل مقابل نفس العمل! فوق ذلك، لا زالت تعاني من العنف الجسدي و النفسي. حرية المرأة تعني تحريرها اقتصادياً و اجتماعياً و إنسانياً. لذلك فإن حرية المرأة مرتبطة بحرية المجتمع ككل في الدولة الديمقراطية- التعددية، دولة المواطنة. من أجل هذه الحرية على كافة المستويات نهضت شعوبنا في ثوراتها، ضد الاستبداد و العبودية من قبل أنظمة فاسدة،ثورات من أجل الحرية و الكرامة للإنسان.
#محيي_الدين_محروس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عوامل انتصار الثورة السورية
-
الثورة السورية و أسبابها و أهدافها
-
الحرية و الديمقراطية و صناديق الاقتراع
-
الذكرى الثانية للثورة السورية
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|