عاطف الدرابسة
الحوار المتمدن-العدد: 4890 - 2015 / 8 / 8 - 02:41
المحور:
الادب والفن
قلتُ لي :
كأنّك مدينةٌ بلا أحياء ...
شوارعُها مزدحمةٌ بالأموات ...
ومُضاءَةٌ بالجماجمِ والأضلاع ...
لا يطرقُ ليلَها شُعاعُ قمر ...
ولا يزورُها الفجرُ إلّا مرّةً كلَّ عام ...
ليطمئنَ على الأموات ؛ هل ما زالوا أمواتا ؟
كأنّك ينابيعُ عطشى ...
ظمأى إلى الماء ... وهي مهدُ الماء ...
وكأنّك سلالمُ بلا أطراف غيرُ صالحةٍ إلّا للصُّعودِ نحوَ الأسفل ....
لمَ تُعاندُ رياحَ الهزائمِ ؟
أما تعبتَ من أعاصير الظّلام ؟
وعقلكَ هل ما زالَ ضائعاً في متاهةِ الأفكار ؟
كم قلتُ لكَ : إنَّ هذا الوطن لم يعُد صالحاً أن يكونَ حِمى ؟
ماذا تبقّى من قُواك حتّى تعصرَ اللفظ لتمُصَّ الحشراتُ رحيقَ المعنى ؟
لا أعرفُ هل المعاني تولدُ في بلادي ميّته أم هل المعاني أصبحت منفيّة ؟
لا تُحاول أن تستعيدَ اللحظة ؛ فاللحظاتُ المسروقةُ لا تعودُ أبداً ...
اطوِ أشرعة السُّفُن ؛ فبحارُكَ بلا مرفأ ...
وعبيرُكَ بلا عطرٍ ...
وليلُكَ بلا فجرٍ ...
وطلُّكَ لا يُحيي الأشجار بعدَ موتها ؛ فالأشجارُ حينَ تموتْ تصبحُ حطباً ...
لا تُحاول أن تعصُرَ الغَيم ؛ فالعقولُ تحجّرت وأصابها اليباس ...
متن : هكذا هي المُدن التي يبتلِعُها الظّلام .
د.عاطف الدرابسة
#عاطف_الدرابسة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟