مينا دانيال: شخصية من مصر

محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 6 - 12:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مينا إبراهيم دانيال (22 يوليو 1991ـ 9 أكتوبر 2011) ، ينتمى لأسرة فقيرة تعيش بمنطقة زرائب عزبة النخل، ولد بقرية صنبو بمحافظة أسيوط، وبعد عام من ولادته قررت العائلة الرحيل إلى القاهرة، سعيا وراء مستقبل أفضل، التحق بمدرسة محمد كريم الإبتدائية بعزبة النخل. بعد ذلك التحق بمدرسة الرشاد الإعدادية بالمطرية، و كان يعتمد على نفسه ويلتحق بأى عمل فى الأجازة الصيفية منذ صغره، التحق بمدرسة الصنايع الثانوية لترميم الآثار، لحبه الشديد للآثار الفرعونية والفن الفرعوني، كان يتمنى الإلتحاق بكلية الآثار، لكن مجموعه فى الدبلوم لم يؤهله للإلتحاق بها، ولم يستطع تحقيق حلمه، فالتحق بأكاديمية المقطم قسم نظم معلومات، وعندما بدأت ثورة يناير، كان فى السنة الثالثة ويهوى الرسم والتمثيل،..أولى مشاركاته فى التظاهر تعود إلى عام 2004، حيث قضية إختفاء وفاء قسطنطين الشهيرة، والتي خرج لها الأقباط فى أعمال إحتجاجية أمام الكاتدرائية. بعدها بسنوات فرق مينا بين الإنتماء الطائفي، والانتماء الوطني، لينتهي إلى قناعة أن قضية الوطن "أعم" وأشمل من ناحية ضرورة الانتماء إليها، والتضحية من أجلها. وعمل على أن يخرج عن إطار الكنيسة، ويدعو الأقباط للخروج من هذا الإطار، وكان يقول لهم: "أن حقنا كأقباط مش هنحصل عليه داخل أسوار الكنيسة، حقنا هنحصل عليه من المواطنة ومن الوطن نفسه، الذى من خلاله ستحل كل القضايا الصغيرة ، لكن طول ما إحنا بنصرخ داخل الكنيسة، لن تحل أى قضية". وفي اثناء ثورة يناير، إستضافه وائل الابراشي مع عضوين من الحزب الوطني، و مما قاله في هذا اللقاء: "ان دور الكنيسة روحي فقط و لا ينبغى أن يكون لها أى دور سياسى". سكنت الثورة أعماقه وتعرف على "جيفارا" عبر الإنترنت ، بعد قراءات متعددة ولدت لديه كراهية مفرطة للظلم وأهله. وبدأ مينا يشارك فى الحياة السياسية، إعتبارا من عام 2007مع بعض الحركات الشبابية التى من بينها، حركة شباب من أجل الحرية والعدالة، تنقل دانيال بين الحركات السياسية التي أطلقت شرارة الثورة الأولى قبيل 25 يناير 2011، ومن بينها "عدالة وحرية" إحدى الحركات الثورة المصرية. بعد الثورة كان من مؤسسي إئتلاف شباب ماسبيرو، و التحق عضوًا فى حزب التحالف الشعبي الإشتراكي. كان من أوائل من شاركوا فى ثورة 25 يناير و أصيب فيها مرتين ، مرة فى جمعة الغضب 28ينابر2011 حيث نجا من رصاص القناصة عندما قاد مسيرة سلمية خرجت من أحد مساجد الجيزة ، والمرة الثانية عندما أصابته رصاصة يوم موقعة الجمل، 2 فبراير. وأصر على مواصلة الإعتصام فى ميدان التحرير، على الرغم من إصابته ، ولم يغادر الميدان إلا بعد إعلان حسنى مبارك تنحيه عن منصبه فى 11 فبراير،وكان يشتهر أثناء الثورة فى ميدان التحرير بإسم جيفارا المصرى. ولم يكن أحد يستطيع أن يقول أن مينا شاب مسيحي لأنه كان ينحي الطائفية دوما جانبا.
قتل مينا دانيال، خلال المواجهات الدامية التى اندلعت بين المتظاهرين وقوات الشرطة العسكرية أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون مساء الأحد 9 أكتوبر 2011 حيث كان الشهيد مينا دانيال، ، فى الصفوف الأولى للمتظاهرين ، الذين خرجوا فى مسيرة انطلقت من دوران شبرا فى إتجاه ماسبيرو، للمطالبة بعزل محافظ أسوان، على خلفية أزمة كنيسة الماريناب بأسوان، واحتجاجا على فض اعتصام الأقباط بالقوة يوم الثلاثاء السابق على هذه الأحداث .أطلق وابل من الرصاص الحى على المشاركين فى المسيرة فور وصولهم، والذى قدر عددهم ب250 ألفا، عندما عجزت قوات الأمن عن تطويقهم. تفرق المتظاهرون، وسادت حالة من الفوضى والذعر فور اجتياح المدرعات للمسيرة بشكل عشوائى. أخترق صدر مينا مقذوف نارى نفذ من ظهره، نقل بعدها للمستشفى القبطى فى محاولة لإنقاذه، إلا أنه كان قد لفظ أ نفاسه الأخيرة، كان مينا قد أوصى قبل إستشهاده، بـتشييع جنازته من الميدان، ليبقى في ذاكرة التحرير أيقونة ثورية، تنضم لأيقونة خالد سعيد ضحية التعذيب باكورة أيقونات الثورة. وقد نفذ زملاؤه وصيته مكفنين جثته بعلم مصر وطافوا بها ميدان التحريرفى مشهد مهيب. وأصيبت مارى، شقيقتة باصابت متفرقة فى جسدها، بعد أن انهال عليها أفراد الأمن ضربا بالهراوات والعصى أثناء مشاركتها فى المسيرة، نقلت على إثرها للمستشفى القبطى لتلقى العلاج.. وقد نفت القوات المسلحة مسئوليتها عن مقتل مينا، وتم ضمه إلى قائمة شهداء ثورة 25 يناير، في الوقت الذي يؤكد فيه عدد من منظمات حقوق الإنسان مسئولية الجيش عن القتلى في تلك الليلة مستندةً إلى شهادات الحضور ولقطات حية تم بثها عبر العديد من القنوات الفضائية والمواقع الألتكرونية، وكان زملاؤه قد دشنوا عددا من الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعى للتضامن مع مينا دانيال انضم إلى كل منها آلاف من الشباب ... وأصبحت صورة مينا دانيال " جيفارا المصرى " تكسو بروفايلات الآلاف من صفحات شباب الفيس بوك التى نشروا فيها صورا له أثناء مشاركته فى ميدان التحرير وماسبيرو، وشنوا فيها هجوما حادا على قوات الشرطة العسكرية لعنفها المفرط فى تفريق المسيرة. وفى حفل تأبين لمينا دانيال قام رفيقه في الميدان محمد جمال المصري وتحدث بكلمات قليلة أقسم فيها أنة الشهيد التالى وبالفعل استشهد محمد جمال المصري بعدها باسبوعين ليلحق بمينا وشهداء 25يناير.
في عزبة النخل حيث منزل جيفارا المصري حسبما يلقبه محبوه، اتسعت أرجاء المكان لإفطار رمضاني ضاربا مثلا فريدا لـلتناغم الوطني فى الإحتفال بعيد ميلاد مينا فى 22/7/2014 ، تحول المكان إلى مزار شعبى أعدادا غفيرة من شباب الثورة ونشطاء الأقباط، والشخصيات العامة، أضاءت الشموع أركان المكان وأخذ الجميع يرددون أغانى ميدان التحرير ذات البريق الثوري مختتمين الغناء بترديد غنوة "عيد ميلاد سعيد.. في الجنة يا شهيد".

#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات