|
إبراهيم الجعفري بين زيارتين
رحمن خضير عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 6 - 10:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يستطع ( السير جارلس هايس) حضور مراسيم إفتتاح قصر شاتو لورييه ، بسبب غرقه في الباخرة الشهيرة تايتنك ,كان ذلك عام 1912 . وهايس هو وراء بناء هذا الصرح المعماري والذي يطل على اوتاوة رفر من جانب ويلامس ربوة البرلمان الكندي ، وبين أقدامه ، تتسلل ريدو كنال هابطة الى النهر بشكل مدرجات مائية . كانت التايتنك العملاقة تحتضر انذاك بسبب اصطدامها بجبل جليدي . قال هايس لزوجته وابنته اذهبا الى الزورق رقم 3 ، وحينما تضرعتا اليه ان يلتحق بهما وينجو بنفسه .قال لهما سانتظر الإغاثة فتايتنك تحتاج الى ثمان ساعات للغرق . وهكذا فقد هذا الرجل حياته بسبب موقفه المبدئي . اقول ذالك وانا اسمع بلقاء وزير الخارجية ابراهيم الجعفري بالجالية العراقية في كندا . في هذا القصر التأريخي . في الوقت الذي تغرق فيه سفينة العراق لأنها إصطدمت بجبل جليدي من العنف والفساد واللصوصية والفشل . السير جارلس رفض ان ينجو بنفسه .لكن الجعفري الذي لم يبال بتايتنك الوطن وهي تواجه أمواج خطر ضياع الوطن . والجعفري كان يحمل حقيبة من الوعود الساذجة والآمال الكاذبة ، فتحها امام الحضور ، ودلق محتوياتها بعد مأدبة الغداء التي كلفت المواطن العراقي مبلغا لااستطيع تخيله . تذكرت قبل نيّف وعقدين من السنين . أنه قدم الى اوتاوة معارض عراقي إسلامي ، لم يسمع به أحد وإسمه إبراهيم الجعفري .وهو من مجاهدي حزب الدعوة – كما قدم نفسه – وانه يعيش في لندن وكان طبيبا /، ترك المهنة ليتفرغ للدعوة . حضرت اللقاء في رحاب جامعة اوتاوة . وكان الحضور لابأس به ، ويتكون من العراقيين بشكل عام ومن بعض الأصدقاء العرب . وكان فحوى ماتفوه به المحاضر ، هو ظلم صدام حسين . وارتكابه الحماقات والجرائم بحق الشعب العراقي . وقد تخلل المحاضرة الكثير من التدخلات والتي تصب في أغلبها بإدانة النظام الدكتاتوري ، ونصرة الشعب العراقي الذي يعاني من الحصاروالحروب . واعترف بأنني كنت معجبا باسلوب المحاضر وبلغته الإنشائية العالية . حتى ظننته ماركسيا مرة ووجوديا متحررا مرة اخرى ، فقد كان يطعّم الآيات القرآنية باقوال الفلاسفة ، بلغة لاشائبة عليها ، جعلتنا نشعر بالرضا عن اجواء المحاضرة ، ولكنه في النهاية طلب أن يلتقي فقط ب-الرفحاويين- كما اسماهم مما ترك شعورا بالإستهجان بين الحضور .لأننا علمنا بالنفس التبشيري الدعوي بين شباب رفحا . وهذا ما افرغ اللقاء من مضمونه الوطني ، في صالح المسألة التنظيمية والتبشيرية الضيقة . هذا هو اللقاء الأول بين الجعفري وبين عراقيي المهجر الكندي . وبين ذالكم اللقاء , وبين لقاء الأول من آب 2015 ، مرت مياه كثيرة في مجرى النهر ، وجاء الجعفري الى اوتاوة ، ليس بصفة المعارض لنظام الحكم ، بل جاء ليمثل النظام بإعتباره وزيرا للخارجية . ويحاول أن يقنع الناس في الخارج بصحة نهجه الإصلاحي . جاء الجعفري وهو مثقل بنظام دعوي ديني ومذهبي , تفوح منه روائح اللامسؤولية للتحديات ، فالذين كرسوا حياتهم في التصدي للدكتاتورية ، فعلوا فعلها حالما وضعوا انفسهم في المسؤولية ، وفشلوا في انجاز اي مشروع ، كما احتكروا السلطة كما احتكرها النظام السابق ، بحجة الصناديق العمياء الكاذبة. ويبدو ان كل فصاحة اللغة ومحسناتها البديعية وتزويقها اللفظي غير قادرة على حجب الحقيقة . لأن الحقيقة ساطعة ، تستطيع ان تتغلغل بين الناس لذا كان خطابه يمثل شكلا من اشكال الهرطقة ، التي تحوم حول المشكلة ولكنها لاتستطيع النفاذ الى جوهرها . ذكر كلاما هلاميا غير محدد عن المؤامرات الخارجية ، وتحدث عن القدرة على النهوض وتجاوز الأخطاء ، وافتخر بدور المراة العراقية ، ورأى أنّ هناك ضوءاً في نهاية النفق . ولكنه لم يتحدث عن فشل الحكومة في كل المجالات ، ولم يتحدث عن سرطان الفساد الذي ينخر المجتمع ، كما لم يتحدث عن المحسوبية والمنسوبية والمذهبية ، وإلغاء الآخر . لم يتحدث عن وضع الرجل غير المناسب في مكان لايستحقه ، لأنه من الكتلة الفلانية . لم يتحدث عن تجارة الدين ، وجعل المجتمع بكامله يدور في فلك أحلام مذهبية ، ولم يتحدث عن المجتمع غير العامل والذي يتّكل على الريع النفطي ، وعن الفكر الطقوسي المذهبي الذي بدأ يبتلع المؤسسات الحكومية ، ويشل الحياة العامة . لم يتحدث عن توزيع المناصب السامية في الجيش والشرطة الى من لايستحقها ،بحيث يصبح العريف فريقا برمشة عين . لم يتحدث عن الهدرالعام ولم يتحدث عن الفشل في أسوإ مراحله .كما لم يشر الى توزيع المغانم بين الفرقاء وتوزيع الأراضي والضياع والأملاك والبساتين والقصور....ألخ . لكن حديثه انصب على جمل يلوكها في كل مناسبة وهو يعلم أنها غير مقنعة عن دور المرأة في المجتمع ! . وعن النور في نهاية النفق ! كانت تدخلات الحضور دون المستوى ، فباستثناء بعض الأصوات التي إحتجت بقوة على الفساد ، ودعت واقترحت ، ولكن هذه الأصوات ذابت في نغمة الجوقة التي سبحت بحمد المسؤول ، ومدحت واثنت على جهود الوزير ، كما ان بعض الأصوات استغلت الكلام عن قضاياها الشخصية ، وبعض الأصوات دعت الى تجديد ولاية السفير ، وهذا يدل على تدني مستوى الوعي . ملاحظات التقطتها من بعض الأخوة العراقيين ، انقلها كما سمعتها: 1- الدعوة في شاتو لورييه مكلفة لدولة تعاني الإفلاس ، وكان بالإمكان اقامتها في قاعات لاتكلف الا بنسبة 20% من تكلفة هذا المكان . 2- نفس الوجوه ولاسيما من الساكنين في اوتاوة هي التي تتكرر في الدعوات وفي المناسبات الدينية والوطنية ، وهذه مسؤولية السفارة وهذا اهانة وتمييز ضد بقية العراقيين . 3-هناك وجوه مخضرمة ! اي انها كانت من جماعة سفارة صدام فاصبحت بقدرة قادر من كبار المدعويين في سفارة العراق الجديد 4- الكلمات الشخصية وغير المهمة اخذت حيزا ووقتا اكثر من وقتها . 5- ساد القاعة شيء من عدم الإنضباط .
#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مخيم المواركة..واستحضار الماضي
-
معركة تحرير الأرض
-
حقوق الإنسان العراقي ..وفخامة الرئيس
-
القناص الأمريكي.. ولعبة التشويه
-
رالي باريس .. والكاريكاتير
-
مجزرة شارلي إبدو
-
ألمنطقة الخضراء ببغداد
-
المقارنة بيني وبين خضير الخزاعي
-
بؤس الأنثى وعذاباتها
-
ألبوح الساخر في (قريبا سأحبك)
-
لا ..لاتحرقوا كتب سعدي يوسف
-
مجزرة سبايكر
-
لماذا يتمسك المالكي بكرسي الحكم
-
الرجل الوحيد في البرلمان
-
موفق محمد .. شاعر لمدينة فقدت حدائقها المعلقة
-
القانون الجعفري
-
طائرة العامري
-
ماذا ستقول السيدة النعيمي الى دولة الرئيس
-
حكايات مرّة
-
حول ضرب البريطانيين في البصرة
المزيد.....
-
-ضربته بالعصا ووضعته بصندوق وغطت وجه-.. الداخلية السعودية تع
...
-
كيف يعيش النازحون في غزة في ظل درجات الحرارة المرتفعة؟
-
فانس: في حال فوزه سيبحث ترامب تسوية الأزمة الأوكرانية مع روس
...
-
3 قتلى بغارة إسرائيلية على بنت جبيل (فيديو)
-
-يمكن تناولها ليلا-.. أطعمة مثالية لا تسبب زيادة الوزن
-
Honor تكشف عن هاتف متطور قابل للطي (فيديو)
-
العلماء يكشفون عن زيادة في طول النهار ويطرحون الأسباب
-
لماذا نبدو أكثر جاذبية في المرآة مقارنة بصور كاميرا الهاتف؟
...
-
العراق.. انفجارات وتطاير ألعاب نارية في بغداد (فيديو)
-
مصر.. محافظ الدقهلية الجديد يثير جدلا بعد مصادرته أكياس خبز
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|