أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن الصفدي - عن دور الأفراد في الأحداث التاريخية














المزيد.....

عن دور الأفراد في الأحداث التاريخية


حسن الصفدي

الحوار المتمدن-العدد: 4885 - 2015 / 8 / 2 - 22:36
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


"يرفض بليخانوف التأويل الأسطوري للتاريخ، ونسبة دور متعاظم إلى الفرد"....

شهد التاريخ الحديث بروز رجال، ما أكثر ما نُسِبَت إليهم بحماسة منفعلة أدوارٌ فاعلة، على أنهم صانعو مجد بلادهم ومحققي عُلاها. وتُسجّل كتب التاريخ المعاصر أنه: خلال الثلث الأول من القرن العشرين سيطر هتلر على بلاده، ومن ثم أوروبا بأسرها، بالقوة العسكرية. وخلال الثلث الثاني حقق غاندي استقلال الهند بالنضال السلمي. وخلال الثلث الثالث أثبت نلسون مانديللا واقعياً إمكان تعايش عروق مختلفة وأجناس متعددة وأفكار متباينة في جنوب أفريقيا، من دون صراع دموي.

من الغريب حقاً أنه يندر الالتفات، ولو قليلاً، إلى الخلف لتلمس بوادر ما كان يتخلّق في حنايا وثنايا وطوايا المجتمعات البشرية!!..

من يلاحظ ما تتضمّنه صيرورة المسار التاريخي، من نواتج تفاعل موجبات الحدث التاريخي الكامنة، غير الموعية، وإن شئت غير المُنتبه إليها. يكتشف أنه لابد من أن يخضع فعل الفرد، مهما كان شأنه ودوره، في الحدث، إلى فعالية متطلبات الظروف الناجمة عن المجموع التراكمي المستمر لنواتج الوقائع الجارية المادية والمعنوية. من يُلاحظ ذلك، يمكنه استنتاج أنّ تفاعل ضرورات يتحسس لها المجتمع وفعالية الظروف السابقة والحالية هي التي تُنتج/ تخلق أشخاصاً تتراءى في أفكارهم وسلوكهم إرهاصات المجتمع الناجمة عن تجسّد التفاعل والفعالية، بدرجات متفاوتة، وأحياناً، في الأحداث الإنسانية الكبرى، بدرجات متساوقة، مع وجود الأول – ذي الكاريزما المجتمعية – بين متساوين...

لأننا إذا افترضنا أن خلف كل حدث تاريخي فرد متفرّد، فبم نُفسّر الأحداث، المجتمعية والتاريخية، التي تتم من تلقاء ذاتها؟! إذ أنها في واقعها حلقة في واحدة من سلاسل متتابعة، على التوازي وعلى التوالي، تشكّل ماهية وكينونة التاريخ البشري..

الفرد أداة من أدوات صيرورة المجتمعات التاريخية، فالشروط التاريخية أقوى من الأفراد مهما بلغت قوتهم، وهي التي تضعهم، في الوقت المناسب، في واجهة الأحداث كضرورة مُعطاة، فيغدون عندها سمة من سمات عصرهم.

كما أنه عندما يعي فرد ما الضرورة الباعثة على حدث ما، فهذا مما يزيد في طاقته في مواجهة الحدث، والتجاوب مع متطلباته، على أنها القوة الخفيّة التي تحدد دوره وتعمل على وجوده.

غير أن وعي الضرورة هذا يُلزِم الفرد بمواكبة الحدث من جانب، ويدفعه من جانب آخر إلى الانعتاق من التقليد الذي أرست قواعده أحداث سابقة، وأسبق، ويتبدى هذا الانعتاق على أنه مظهر من مظاهر التحرر الناجم عن الضرورة التاريخية المستجدّة.

أما عندما نلاحظ أن أحداثاً بعينها تشرذم مجتمعاً ما، فنراه يترنح ما بين جوانب ومنعطفات احتمالات ومقولات – منها الحديث، ومنها ما أمسى مأثورات خطابية، وإن شئت وعظيّة – من دون أن تكون لهذا المجتمع واجهة صريحة التعبير عن متطلبات الحاضر وطموحات المستقبل، وحتى ان تكون له واجهات عدّة غير أنها متساوقة في تطلعاتها، لا متضادة ومتعاكسة ومتضاربة، ولا متباهية بذاتها لا لذاتها، عندما نلاحظ ذلك يتوجب منطقياً قبول واقع أن هذا المجتمع ما زال ينوس في مرحلة "الجماعات البشرية" التي ما زال عليها إنجاز مرحلة تكوين مجتمع، لا بتخليها عن مزاياها، بل لها الاحتفاظ بها لنفسها، في مجتمع يضمها مع غيرها من جماعات، تحتفظ أيضاً بخصوصياتها، غير أن وعيها الكامن والظاهر يدفعها إلى الاتفاق جميعاً على رؤية وجودها المشترك تاريخياً، رؤية واحدة في عمومها، مختلف في تفاصيلها التي تُحلّ وفق أساليب الحاضر الحضارية، لا وفق مساطر مسبقة الصنع تعيد الجماعات إلى نقطة الصفر.

عندما تصبح الجماعات في حال قبول منسجم، فيما بينها، عندها تبدأ حركة المجتمع الذاتية دورتها فتفعل فعلها، ويغدو للأفراد دورٌ في أحداث مجتمعاتهم، كل فيما خصّه، ولا يعودون أحادا في جماعات متباينة الأزياء والقيافة.

أما عندما تعمل الجماعات على التمايز ومن ثم التفرّد والتحكّم، فتسعى إلى السلطة، ولا تعبأ بالإدارة المشتركة، عندها ليس لك أن تندهش وتعجب، بل عليك معرفة أن ما يجري هو إيفاء حسابات ما تم لجمه ومنع مناقشته مجتمعياً علناً، واستيفاء ما استلب بفرض مقولات – غير متفق على صحتها ونجوعها – بقوة السلطة، بعد وقف تطور مجتمع، حديث التكوين، آخذ في النهوض، فما أسرع ما عاد إلى كونه تجمّع جماعات.



#حسن_الصفدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ناس تأكل الدجاج وناس تقع في السياج-
- عندما تُشن الحروب على المقولات
- إلى كارهي العلمانية: دعكم منها وعليكم بالمعاصرة
- حول ماهية النظرة الشعبية إلى -داعش-
- علاقة المثقفين السوريين بالجمهور.. السينما نموذجاً
- تحصيل الحاصل في السياسة
- هل كان هناك عصر نهضة حقاً؟!
- الغول والعنقاء والخل الوفي بين ظهرانينا
- هل الدولة ضد الأمة؟
- المرأة في الشرق الأدنى عبر العصور
- مرجعية البُنى الفوقية
- هل هي إرهاصات لمقدمات الثورة العالمية؟ أم مجرد انتفاضات كساب ...
- تلمس بعض أسباب ضعف وتشتت قوى التقدم وغياب العلمانية والديمقر ...


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن الصفدي - عن دور الأفراد في الأحداث التاريخية