|
صباح على صباحاتي
سرى الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1347 - 2005 / 10 / 14 - 10:21
المحور:
الادب والفن
كنت منشغلاً حينما نقرت بوابة الإلكترون يد خفية وثمة نغمة رقيقة لصوت يتبرعم خيوطاً مبرسمة، ينسج! احتراقاً لسمفونية تبتدئ من حافات الأزل البعيد، " هل تجود علينا الحياة بحلم ثان ؟ أم لعله وهم مقدمة لصدمة ثانية ! وهل كان هناك حلم أول وأنا أستشعر العطش في أواخر حلقي فأتلمس _ وإن لا شعوريا_ سرابي القادم ؟ "، يدٌ ناعمة تجوس السحاب الشائك ، فكان الإستفهام يتحرى فلسفة الكلمة، وكانت الحركة تلد ومضة سكوت طفلٍ، سكوت يتجاسر تعليلاً خفياً، ها أنا أتأمل اللحظة الهاربة من متّسعي، كي أحرك أناملي قبل شفتي.
" وأخرج من سجن ذاتي ، أحاول أن أقف على محيط الدائرة محدقة إلى المركز مغمضة العينين فأراك هناك بقلبي، وأعرف أن الحياة بأطيافها قائمة منذ الأزل، ولن يضيرها في شيء أن لا أرى إلا الجزء الذي أردتُ منها، أراك هناك ولكن الحواف مرهقة في وقوفي على رؤوس أصابع طالها الوهن وكفرت بالانتظار، أحتاج مرآة تكشف لي مجاهلي من خارجها وتصل إلى أعمق نقطة في أدغالي الغافية على غموض بكر لم تعبث ببراءته يد إنسان، فهل تكون مرآتي التي أرى نفسي من خلالها كما أنا حقا لا كما أريد "، وحين يبهتني الوقوف، تنساب كفي المجروحة بترددي كي تقبل دعوة اليد الواثقة من مثولي مع مسودة وجود ناحلٍ، " نعم ، هناك أنت تقف شابكا يديك ! محدقا بحنان ولكن ، أأقول لك أنني لست مؤهلة لوهم الحب بعد، أأناقض نفسي وأنا من خلقت عاشقة وشكلتني الحياة قصيدة قوامها موسيقى وأبياتها شجن، أتشكلني بعد إذ كتبت ، أتنشئني نشأة أخرى ؟ "
ك.انت مسرّة صغيرة دونتها الذاكرة، وكانت نشوباً في سِفرٍ، تموجد أصرّ على إعادتي للحظة استجدائي التشظي، أو مرامة اللواذ مع أشيائي، " وهل لا بد من شاعر لتكون القصيدة، أيكتبها أم يكتشفها و يعيد إنتاجها من خامات الطبيعة، وتعيد كتابتي وأنا أنظر بذهول بين الغفو واليقظة ، فكثيرا ما اقتنعت بأن القصيدة عندما تعاد كتابتها تفقد شيئا من سحرها البدائي حتى وإن بدت أكثر عمقا وتجربة ؟"، النقرة لم تكن في جدار هلامي كما تصورت ، ولم تكن نقرة بمعناها التقليدي ، بل كانت رنيناً تسلّق وعيي وأجبرني على مغادرة أسيجتي ، كل أشيائي وأمكنتي تلبّسها الخدر وما عادت قادرة على إسعاف زمني المتبدد من رزنامتي القديمة.
" ومن يقنعني أن النصوص التي أعدمها كتّابها قد لا تكون أجمل من تلك التي نشروها وعشقناها ؟ هل أنا على أبواب زلزال يدعوني لتثوير نفسي باسم الحب، هل أيقظ جان دارك الغافية في زوايا أضلاعي والتي رضيت لها الاحتراق دو! ن أن أكلف نفسي عناء مقاومة اللهب أو أمد لها يد المساعدة ؟ وأعلنتها قديسة بعد أن مشيت في جنازتها وجنازة السحر الذي ارتكبته يوما ما دون قصد فما زادها إلا شقاء"، كانت اليد الخفية تنسج ألفة، تنسج تسابيح حكاية لم أشأ ابتداعها خوفاً من ملامح ماضٍ قد يستيقظ، أو جرعات ألم قد تتفاعل من جديد لتعيد تشييد الأكاسيد الموجعة لشراييني وأديم حياتي، فكانت لحظة المساومة تجترح ميول التسويف وتبادر لبدء آخر، بدأ من حيث تبدد، ونظرة تطال الكامن من خضرتي المدثرة بتشابك أدغالي، مثل انتهاك حتمي لنسيج الظلمة في كهولة الليل.
" وما أشقاني و الاستسلام والانتظار لشيء غير محدد ما يحكم خطواتي منذ زمن ويسمها بالتيه والعبث، أتمرد لكن دونما كتاب ثورة مقدس ، فلم يعد لدي ما أؤمن به عدا أن كل شيء إلى عبث، وثوراتي كانت كزوابع في فنجان ينقصها اليقين وكثيرا ما استحالت فجائع لا بطولة فيها إلا للدمع والبكاء ولا ثقة فيها بآدم لا يقوى على الخروج من جلد شهوة البقاء في الرحم جنيناً، ينقصها اليمين ذاك الذي أراه الآن يبرق في عينيك وينير جبينك فأستشعره ينبثق من بين أضلعي وللمفارقة برغبة أقل في الثورية والتمرد وكأنه لا يحتاج انف! عالاتي ولا يحتملها فيعلنني للمرة الأولى عاشقة متوثبة الروح مخضرة الفؤاد ولكن بشكل امرأة تعرف، هذه المرة، ما تريد"، كانت نغمة، أو تواشيح حضور، للهناك كل البيادر تجهّز لموسم الحصاد، وموسم البذار وشيك، وللهناك شهرزاد ترهف استلقاء الليل في ذاكرة المكر، تتسلق بكلماتها جدار التوجس لتمس بأناملها كؤوس الزنابق البريّة المخدرة برذاذ الفجر، لأعلن رؤية انشغالي بهاتف أوفيليا المبثوث في هضاب أدرك كنه جدبها.
" ينتابني الخجل معك دون مواعيد، فأنت لم تشأ معاملتي بسطحية النظرة المعتادة للأنثى، وإنما بروحانية أفتقدها منذ زمن حتى وإن كنت أنتظر نظرة الاشتهاء التي اعتدتها غرورا لأشعر بأني مرغوبة حتى في قمة زهدي، وهي النظرة التي كثيرا ما نفرتني من الرجال عندما تلقى في غير أوانها، فيعطون المرأة انتصارا مبكرا يفقدها الرغبة في اكتشاف مرحلة الـ "ما بعد" وينهون الحكاية قبل أوانها، كما لا يقر الفن الخالد "، بذر كلماتها يعتاش في أديمي، وسحر انبثاقها في الفلاة المسورة بأنفاسي يسقي قحط روحي، فأصغي إليها، " نعم أشعر بالخجل معك وربما الحيرة ، لأنك تخالف توقعاتي وتكشط ما علق بي من سطحية المرور بالبشر رغم توهم! ي عمق الإبحار ، مثلي تماما لا تعبأ بالقشور الزائفة ولديك من المباشرة ما يكفي لاتهامك بالسذاجة من قبل مغامر خبيث، لكنني أشعر بك تلامس شيئا في قلبي برفق وتقلب أوردتي شرايين معطاءة تنبثق من القلب وتصب في كل درب يؤدي إليك ،( الذاكرة ملكك أنت ولن أخوض فيها إلا بقدر ما ترغبين لي بذلك )، ربما كانت أجمل مما أردت ولكني كنت راغبة في البوح لك، كنت راغبة بأن أظهر أمامك عارية، لا عري تبذل ولكنه عري وضوح أنزع فيه أقنعة التجمل قطعة بعد أخرى، تأصيلا لحقيقتي أنا، لتحبني أنا لا كما تخيلتني أو اشتهيت كينونتي، وليتني أعرف من أنا !"، كانت اليد الخفية تجوس مكمن رغبتي، تراود قامات العبث المنفلت في مقدمات يقظتي، وتزرع في قيعان الطين والطحلب بذور يقين يوشك أن يزهر الحكاية
#سرى_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|