أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - التنوير4: الطائفية














المزيد.....

التنوير4: الطائفية


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4882 - 2015 / 7 / 30 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


في موضوع الطائفية، أنا لن أتفذلك لطمًا تنظيريًا واستهلاكًا فكريًا كما دأب عليه المفكرون العرب، برهان غليون في مقدمتهم، ولن أتكلم عن وعي شقي وما شقي –كما يتفضل الأستاذ غليون- لدى المجتمعات العربية، والعصبيات المتنافرة، والتحولات السياسية الديمقراطية –أية تحولات- والثقة المتبادلة بين أبناء الطوائف المختلفة، وإخفاء النوايا والرهانات الطائفية، وبناء مثل هذا الوطن الذي يفترض التضامن والتكافل والتعاون بين جميع أفراده، أنا ألهث، هل أكمل؟ بقدر ما يجمعهم تحت سقف واحد –حلوه هادي سقف- ويفرض عليهم مصيرًا مشتركًا –أكثر من حلوه المصير المشترك-... ولكن يا سادتي، كل هذا ينتمي إلى فن الزجل الغليوني، خاصية هذا الزجل أن كل شيء يتم في الخطاب، في رحاب الكلام، وهو كلام سمعناه منذ سقوط قرطبة، لا علاقة له بالواقع بل بما يسقطه الكاتب على الواقع، وفي اعتقاده أنه أمسك به من خناقه، تحت مفهوم التحليل الموضوعي، والاستنباط التأريخي، والرؤية الجوانية! بينما موضوع الطائفية رغم تعقداته من أبسط المواضيع، فيكون التجاهل لبساطته ليكون التحليل، أليسه يكتب بمعنى ينظّر؟ أليسه يهرب –كما هي عادته- من قول الحقائق، ليغطي الذين هم من ورائها؟ أليسه برتراند راسل زمانه كناقد اجتماعي ولكن بقليل من الجدية؟

الطائفية الوطنية
أنا لن أمارس الفلسفة ولا التنظير، وعلى العكس، سأقول كل شيء بكل بساطة، وحسب تجربتي الشخصية، لا تجربة التاريخ ولا حتى تجربة ابن أخيه العلم أو ابنة أخيه المادية. هناك طائفية وطائفية، كل طائفية حسب زمنها، وفي المكان الذي توجد فيه. في إسرائيل غداة النكبة، كانت الطائفية محركًا للوجود الفلسطيني، فالهوية كانت مرادفًا للوجود، مرادفًا للوطن، لهذا دعوتها بالطائفية الوطنية. في لبنان خلال الحرب الأهلية كانت الطائفية التعبير الحر عن المقاومة، عن الصمود، عن كل الأحلام في التحرير والردع الواجب للأعداء الهمجيين خانقي كل ما هو جميل في الإنسان، لهذا دعوتها بالطائفية الوطنية. في كردستان اليوم رغم كل بؤس الزعماء الهوية الكردية شيء أشبه بحجر الألماس، لكرم الطائفية على أصحابها، في زمانها ومكانها، ونظرتي إليها باتجاه الأكراد، بينما هي في الصحن العراقي شيء آخر، من شأن السياسة كما سنرى، لهذا دعوتها بالطائفية الوطنية.

الطائفية النفعية
في مرحلة تالية للطائفية في إسرائيل، في لبنان، وفي كافة المراحل في البلدان العربية، قبل تفجر الأوضاع الأخيرة، انسحبت الهوية أمام التعامل اليومي مع الآخر، في الشارع، في المدرسة، في ملعب كرة القدم، في السوق، في المقهى، في دكان الحلاق، في الحمام التركي، وعلى كل حال في الحمام كلنا عراة نشبه بعضنا نشبه وطنيتنا، في الباص، في القطار، في كل ناحية من نواحي الحياة، بدافع براغماتي نفعي، احتضنته الدولة، ومن هذا التعامل اليومي بين الهويات، سنت القوانين، التي حسبها عملت المؤسسات، دونما أدنى تفريق، رغم دوام هذا التفريق هنا وهناك على مستوى الأفراد، وهذا شيء طبيعي. حتى في بلدان أكثر تحضرًا مما نحن عليه، هذا التفريق المدعو بالعنصرية، يوجد، وسيوجد، فالهوية الثقافية والإثنية واللغوية شيء لا يمكن التحكم به، شيء من حرية الفرد الخاصة، حتى هو لا يمكنه التحكم بهذه الحرية، حرية تأتي من جواه، من لاوعيه، لا يمكنه تفسيرها، حتى ولا العلماء النفسانيين يمكنهم تفسيرها.

الطائفية الوحشية
هنا نخترق العالم السياسي للطائفية، الطائفية كقرار سياسي لا علاقة له بنظام ينهار كما عودنا عليه أشاوسة المحللين الاجتماعيين العرب، فالنظام العربي الذي ينهار منذ مئات السنين لم يزل ها هنا، وأنا أقول جازمًا إنه لا ينهار، والظروف الراهنة كاللاحقة كالسابقة لن ينهار، أنا أتعامل معه رغم بؤسه كنظام سرمدي، لن ينهار. في الماضي القريب لم يكن أي شيء من هذا، من الطائفية، في رباع هذا النظام نفسه، فلماذا اليوم؟ بكل بساطة لأن الظرف الجيوسياسي الجيوعسكري يتطلب ذلك، وهذا الظرف أوجده الأمريكان مع غزوهم للعراق، تحت نظام لا ينهار، صنعوه جديدًا كل الجدة بعد سقوط النظام الصدامي، وهذا دليل آخر على أن أسباب الطائفية المتوحشة أسباب سياسية وعسكرية أولاً وقبل كل شيء، وهي تبعًا لذلك يمكنها أن تتنوع في البلد الواحد، الطائفية باتجاه الأكراد وطنية، وباتجاه العراق وحشية، تخدم هناك مصالح شعبها، وتعمل هنا ضد مصالح باقي العراقيين، تمامًا كما كان الحال أيام صدام، الطائفية باتجاه السنة شيء وباتجاه الأكراد والشيعة شيء آخر. وفي بلد متحضر كفرنسا، الشيء ذاته، منذ عدة سنين، عندما كان محرمًا على البريتانيين مثلاً أن يُسَمُّوا أبناءهم بأسمائهم. طبعًا تهيمن الدولة اليوم على كل هذا بالحريات وبالحقوق المتساوية بين كافة طوائفها بما فيها الطائفة العربية.

كيف تنتهي الطائفية؟
الطائفية لا تنتهي أبدًا، الطائفية تبدل أشكالها حسب زمنها والحاجات الجيوسياسية الجيوعسكرية التي تفرضها، عند انتهاء هذه الحاجات، الطائفية تحل نفسها بنفسها، الخوف الذي تثيره، العصبية التعصب وكل الآفات الأخرى هي آفات مرتهنة بزمن محدد ومكان محدد، إنها قارب عبور لا أكثر، تفاقمها يحقق المكاسب للسلطتين الداخلية والخارجية، وهي لا بد أن تكون، في وضع محدد، في كل مكان، حتى في وضع سلمي كما هو الحال في الولايات المتحدة، لهذا هي رهن الشرط السياسي الظرف السياسي، وفي كل مرة لا بد من أن تدفع طائفة من الطوائف الثمن على حساب ولحساب طائفة أخرى، ولا علاقة البتة بالتوعية، أو بالعدالة، ولا بالحقوق الواحدة، أو بالتعددية، كل هذا ما هو سوى رداء، هي عندنا اليوم ورقة من أوراق اللعبة الجارية في المنطقة، طالما دامت اللعبة دامت الطائفية، بانتظار أن يكسبها أحدهم.


يتبع التنوير5





#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنوير3: أركان التنوير كيف؟
- التنوير2: أركان التنوير
- التنوير1: مما قاله التنويريون
- قحطانيات5: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات4: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات3: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات2: عبد الله مطلق القحطاني
- قحطانيات1: عبد الله مطلق القحطاني
- عساكر الفصل السادس عشر والأخير
- عساكر الفصل الخامس عشر
- عساكر الفصل الرابع عشر
- عساكر الفصل الثالث عشر
- عساكر الفصل الثاني عشر
- عساكر الفصل الحادي عشر
- عساكر الفصل العاشر
- عساكر الفصل التاسع
- عساكر الفصل الثامن
- عساكر الفصل السابع
- عساكر الفصل السادس
- عساكر الفصل الخامس


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - التنوير4: الطائفية