|
تَأَسْرَلُوا أو إِرْحَلُوا ..!!
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4882 - 2015 / 7 / 30 - 18:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تَأَسْرَلُوا أو إِرْحَلُوا ..!! لم يكن القبول بإسرائيل كحقيقة واقعة وباقية ،بالأمر السهل على من تبقى متشبثا بأرضه وبيته من فلسطينيين ، لا ولا لاجئي الداخل ..أُولئك الذين هجروا قراهم ،كأبي وأهل قريته الذين استقروا لاحقا في القرى المجاورة ، على أمل العودة إليها ،بعد أُسبوع أو أُسبوعين ، حينما تتمكن "الجيوش العربية المظفرة" من القضاء على "العصابات "اليهودية ..!! وما زال هناك ، إلى وقتنا هذا ، من يحلم بالعودة إلى البيت الذي تركه وراءه .. ولم تمر سوى سنة أو سنتين ، حتى بدأت تتكشف "حقائق" الهزيمة ، وحقيقة "الجيوش العربية الكرتونية ". لذا لم يكن أمام العرب في إسرائيل ، سوى القبول بالأمر الواقع ومُحاولة الإندماج في الدولة الجديدة والمُجتمع الجديد . الباحث الشهير ، هيلل كوهين ، مؤلف أحد الكُتب الأكثر شهرة ، عن علاقة دولة إسرائيل بمواطنيها العرب ، وهو كتاب "العرب الجيدون"، كتبَ في مقدمة كتابه ما يلي : " ...النقطة ألثالثة والتي تبرز بوضوح من المواد (مواد ارشيفية من ارشيف القوى الامنية :الجيش ، الشرطة والمخابرات – ق. م )،... وهي وكأن الدولة لم تضع مواطنيها العرب أمام إمتحان الإخلاص والولاء لها ، فهذا الإدعاء غير صحيح ، بل أن الدولة طلبت من مواطنيها معايير إخلاص وولاء متشددة . فمطالبة (المواطنين العرب ) بتسليم المتسللين (كناية عن الذين حاولوا التسلل عائدين إلى قراهم وبيوتهم ) ، بناء على قانون منع التسلل من سنة1954، ومطالبة المواطنين العرب الوشاية بزملائهم في العمل ، الذين تحدثوا ضد الدولة ، مطالبتهم بعد إحياء المناسبات القومية ، كل هذه الطلبات وغيرها هي في الواقع ، مطالبة متشددة من عرب اسرائيل ، بإعلان ولائهم للدولة . إن مراقبة المضامين التعليمية في المدارس ومراقبة حديث الناس اليومي في المجتمع العربي ، والتي نناقشها في الكتاب ، تنفي الإدعاء بأن إسرائيل لم تحاول تغيير الوعي السياسي للعرب في اسرائيل ..." . فَضلتُ الإقتباس من مقدمة الكتاب للباحث هيلل كوهين ، والذي اعتمد في تأليف كتابه على مواد وثائقية ، لكي أُشير أيضا إلى أن الكتاب المترجم للعربية ، قد استعرض علاقة الدولة بمواطنيها العرب ومن خلال الوثائق الرسمية .. أما أنا شخصيا فأُفضل القراءة بالعبرية . الدولة كما يقول هيلل كوهن ، تعاملت مع مواطنيها العرب على أنهم طابور خامس ، وفرضت عليهم حكما عسكريا حتى سنة 1966 . والحكم العسكري يعني على الصعيد العملي ، التحكم بحياة الناس . فالحاكم العسكري هو الذي يقرر مَن هو المحظوظ الذي سيحصل على تصريح عمل ، من الذي يستطيع العمل في سلك التعليم ، ومن الذي يُمنع من مغادرة بيته ..!! وعلى النقيض ، فحينما تم استدعاء الشباب العرب للجندية الإلزامية ،في سنوات الخمسين ، أستجاب غالبية الشباب العرب الذين تم استدعاؤهم للجندية . وكانت هذه الإستجابة المكثفة هي السبب المباشر ، لإعفاء العرب من الخدمة العسكرية . في المحصلة ، إتسمت العلاقة بين دولة إسرائيل ومواطنيها العرب ، بالتشكك وعدم الثقة ، الدولة تشك في ولاء مواطنيها العرب ، ومن جهتهم يشك المواطنون بنوايا الدولة تجاههم . ومع ذلك ، ففي الغالب الأعم حاولت الدولة وما زالت تحاول ، تغيير الوعي السياسي لمواطنيها العرب وبشتى الوسائل ، فيرد المواطنون العرب على هذه المحاولات ، بتعميق انتمائهم الوطني ووعيهم القومي (كأبناء للشعب الفلسطيني ) . لكن ، هل يعني هذا ، بأن لا هوية وطنية "خاصة " بعرب إسرائيل ؟؟ خلال العقود الماضية ومنذ قيام دولة اسرائيل ، نشأ جيل "منتصب القامة " ، جيل لا يستحي أن يعلن انتماؤه للشعب الفلسطيني ، ومن طرف آخر ، لا يرى نفسه "ضيفا" على الدولة ..!! كما يُريده اليمين الإسرائيلي أن يشعر ..!! جيل فلسطيني الانتماء القومي إسرائيلي المواطنة ، ولا يرى في ذلك تناقضا .. فأجيال الآباء والأجداد ، دفعت ثمنا باهظا من أجل البقاء في الوطن ..!! قاومت الصعوبات والعراقيل وانتزعت لقمتها ولقمة ابنائها من فم "السبع "، كما يقولون . وكان ينطبق عليهم المثل " لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير ..!!" ، فلا اسرائيل تقبلتهم دون قيد او شرط ، وفي نفس الوقت وصمهم اخوتهم العرب بالعمالة..! لكن ، هناك من يُطالب عرب اسرائيل ، ومن على صفحات هذا المنبر ، يطالبهم بأن يتأسرلوا ...وإلا فليرحلوا ..!! ولو جاءت هذه المطالبة من اليمين الإسرائيلي ، لتفهمناها .. فاليمين لا يريد رؤية فلسطيني واحد ، ما بين النهر والبحر ..!! أما لماذا يريدنا بعض الأُخوة أن نتأسرل ، فهذا غير مفهوم لي على الأقل .. ومع ذلك ما هي الإسرائيلية ؟ ومن هم الإسرائيليون ؟ إنهم مجموعات من المواطنين ، ولكل مجموعة خصائصها . فهناك الشرقي وهناك الغربي ، هناك المتدين وهناك "التقليدي"(أي من يحافظ على التقاليد الدينية ) وهناك ايضا العلماني ، هناك المتزمت دينيا وهناك الديني القومي ، هناك الأسود (الاثيوبي ) وهناك الأبيض (الإشكنازي ) ، وهناك اليهودي وهناك العربي ، هناك اليهودي (ديانة ) وهناك المسلم ، المسيحي ، الدرزي والبهائي .. وهناك المستوطن وهناك الرافض للإستيطان ، هناك اليميني وهناك اليساري (من اليهود والعرب )..كلهم يختلفون عن بعضهم البعض من عدة جوانب وتجمعهم المواطنة ، فالإسرائيلي هو مواطن الدولة أولا وقبل كل شيء . والعرب مواطنون كغيرهم ، ولهم خصوصياتهم أيضا .. لكن المواطنة هي التي تقرر ولا شيء آخر .. وكلمة في سركم ، ليس هناك من مدعاة للفخر في الإنتماء الى الأُمة العربية ، لكن ما العمل ؟؟ فعرب اسرائيل ، هم عرب فلسطينيون .. وساهمت سياسات الدولة في تعميق هوية مواطنيها العرب وترسيخها ، كرد فعل على "تعاملها " معهم على مر العقود .. وكما برهن ذلك هيلل كوهن . أما ، وبعد ان تحولت الدول العربية إلى "مقابر " لمواطنيها ، وتحولت اسرائيل مع الزمن الى دولة متقدمة ، تقف في الصفوف الأولى مع دول الاتحاد الاوروبي ، فرجاء لا تحسدوا عرب اسرائيل على هذا ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-ألضباع- ..تنتشي -بالنصر- ..!!
-
خراب الهيكل
-
خَرابُ حَلَب ..
-
عنصرية -مشروعة ولطيفة - ..
-
قهوة وعنصرية ..
-
-نقاشٌ- مع حمار .
-
دولة أم دولتان ؟!
-
-مجاهدو - المنابر
-
- الترجمة - على أُصولها ..!!
-
-لائحة طعام - ألثورات ..!!
-
الأشرار يكسبون ..
-
من هم دواعش إسرائيل ؟!
-
واللائي لم يَحِضْنَ ..!!
-
إمبراطورية -غزة- ..
-
من أجل خاطر عيون المونوبول ..
-
الميل الجنسي والاداء الوظيفي - تداعيات على مقال الزميل كمال
...
-
رمضان والبطيخ
-
تعزية لزميلنا الكاتب شاكر فريد حسن .
-
الجشع وسِفاح المحارم ..
-
مكانة عرب إسرائيل وواقع الحال ..
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: معبر رفح لن يُفتح إذا تكررت -الفوضى- م
...
-
أمريكي ينتشل أجزاء من طائرة منكوبة تحطمت في نهر بواشنطن
-
كيم جونغ أون غاضب ويحاسِب.. إقالة عشرات المسؤولين تورّطوا في
...
-
واتساب يتصدّى لعملية تجسس واسعة استهدفت صحافيين وناشطين
-
الجيش الاسرائيلي يعلن تعرض قواته لإطلاق نار داخل سوريا
-
ترامب يتعهد بالحديث مع بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
ترامب: الأردن ومصر سيستقبلان سكانا من غزة
-
-الشبكة- يرصد أثر مشاهد تسليم أسرى الاحتلال على البريميرليغ
...
-
نادى الأسير يكشف عدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم السبت
-
ترامب يكرر تصريحه عن -تهجير- سكان من غزة إلى مصر والأردن
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|