أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ماجد القوني - إفادات حول حركة 19 يوليو السودانية يحكيها الملازم (م) عمر أحمد وقيع الله















المزيد.....


إفادات حول حركة 19 يوليو السودانية يحكيها الملازم (م) عمر أحمد وقيع الله


ماجد القوني

الحوار المتمدن-العدد: 4882 - 2015 / 7 / 30 - 16:22
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


إفادات حول حركة 19 يوليو السودانية يحكيها الملازم (م) عمر أحمد وقيع الله:
* لهذه الأسباب رفض هاشم العطا اعتقال أعضاء سفارات ليبيا ومصر وبريطانيا..
* عادة لا يحدث تحرك من الجيش.. إلا بإيعاز من السياسيين..
* لهذه الاسباب تمت إقالة فاروق حمدناالله، وهاشم العطا وبابكر النور من مجلس الثورة..
* استلم تنظيم الضباط الأحرار السلطة في ساعتين.. دون إراقة قطرة دم..
* لهذه الأسباب فشلت حركة 19 يوليو..
* التعليمات كانت تقضي بمعاملة ضباط مايو بإحترام.. وعدم التعرض لهم..
* الشيوعيون قلة في تنظيم الضباط الأحرار.. لكن لهم تأثيرهم الكبير على الأحداث..
*أحمد جبارة بريء من أحداث بيت الضيافة.. وهؤلاء هم المسؤولون عنها..
* المحاكمات التي تمت لا علاقة لها بالأعراف والقوانين .. وتمت تحت شجرة..
* نميري لقاضي محكمة بابكر النور: " يعني الزول دا عايزني أعدمو أنا..؟"
* ما يُحمد له في محاكمات 19 يوليو أنه لا يوجد شاهد ملك..
* منفذو الاعدامات كانوا يهتفون بشجاعة ضباط 19 يوليو في استقبالهم للموت..
* أحداث بيت الضيافة كانت تستهدف نميري وضباطه وتنظيم الضباط الأحرار..
* تعلمنا من الشيوعيين في السجن.. الثبات وعلم الاقتصاد واللغة الألمانية..
* مهمة الجيش حماية الدستور.. ومراقبة انحرافات السياسيين..
حوار: ماجد القوني
التاسع عشر من يوليو من الأيام الخالدة في ذاكرة الوطن، شكلّ علامة فارقة في تأريخ السودان وتأريخ الحزب الشيوعي السوداني الذي خسر نصف لجنته المركزية لتهمة لم ينكرها وشرف لم يدعيه.. أحداث بدأت في الثالثة عصرا بتدبير من قيادة تنظيم الضباط الأحرار، وإنتهت في الثاني والعشرين من الشهر ذاته، هدفها تصحيح إنحرافات ثورة مايو، بينما يرى آخرون أنها إنقلاب على سلطة إنقلابية، بين دفتي هذي الرؤى قضى العشرات نحبهم خلال (48) ساعة، أُفرغت الرصاصات في أجساد أبناء الشعب السوداني وقيادات القوات المسلحة، إهتزت المشانق، ترملت نساء ووزعت صكوك اليُتم على العشرات من الأطفال.. مع ذلك تتباين الرؤى حول أحداث التاسع عشر من يوليو، وتظل بقعة مجهولة في تأريخ السودان، لا يتحمل وزرها أو حسناتها غير الحزب الشيوعي الذي دفع ثمنها غالياً..
تُرى ماهي علاقة تنظيم الضباط الأحرار بالحزب الشيوعي؟ وماهي علاقة الحزب الشيوعي بحركة 19 يوليو؟ وما علاقة الأحزاب الأخرى بالتحرك؟ وماهي الأسباب التي دعت العسكريون للإنقلاب على حلفاء الأمس؟ وماهي الأسباب الحقيقية وراء إقالة أعضاء مجلس الثورة (فاروق حمدنالله، هاشم العطا وبابكر النور)؟ ولماذا يلجأ الجيش للإنقلابات العسكرية؟ ومن وراء مجزرة بيت الضيافة؟ مجموعة من التساؤلات حول حركة 19 يوليو طرحناها على الملازم (م) عمر أحمد وقيع الله، أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار، وأحد المنفذين للتحرك الأبرز في تأريخ تغيير الأنظمة في الخرطوم..
* مازال الجدل محتدماً حول تصنيف حركة 19 يوليو.. إنقلاباً أم ماذا؟
- قلناها منذ بداية التحرك، ونقولها الآن.. 19 يوليو لم تكن انقلاباً، بل عملية تصحيحية لإنحرافات صاحبت تجربة مجلس الثورة في حكومة مايو.. وجميع الضباط المشاركين كانو مؤمنين بذلك..
* متى بدأ التفكير في إنشاء تنظيم الضباط الأحرار؟
- القوات المسلحة منذ أواخر الخمسينات، بعد ثورة 1952م في مصر بدأ التفكير في تكوين تنظيم الضباط الأحرار، ويضم في داخله ضباط يؤمنون بالديمقراطية..
* القوات المسلحة مهمتها الحفاظ على سلامة حدود البلاد وحفظ أمنه وليس الجلوس على مقاعد السلطة..
- هذا مجرد كلام نظري لسببين.. أولهما أن القوات المسلحة تتكون من عناصر تنتمي للمجتمع السوداني وتعيش ذات المعاناة، الثاني أنه أيام الاستعمار بدأ المستعمر في أعقاب حركة 1924م عزل الجيش عن المواطنين، هذا العزل ساهم في وجود حاجز نفسي بين المدنيين والعسكريين.. الأحزاب السياسية أقحمت الجيش في السياسة، الجيش بدأ بتنظيمين، تنظيم الضباط الأحرار ويضم كل الاتجاهات الديمقراطية داخل الجيش، وكان يضم عدداً من الضباط المنتمين لتيارات سياسية مختلفة تجمع بينها الديمقراطية منها (الحزب الشيوعي، القوميون العرب، الاتحاديين، البعثيين)، التنظيم الآخر يضم الضباط الوطنيين ويضم القوى التقليدية والأمة والاسلاميين، بجانب تنظيم نشأ من عسكريين تقليديين ينتمون للعسكرية بصورة بحتة.. وبعدها ظهرت عناصر جهوية وعنصرية..
* تأريخ الإنقلابات في السودان لا يرى تحركات الجيش نحو السلطة خارج أُطر إعتداءها على الديمقراطية..
- في السودان قلة من يتحدثون عن الديمقراطية ويتعاملون بوعي ديمقراطي من داخل المؤسسات الحزبية، ومعظم الأحزاب التي تنادي بالديمقراطية، لا تطبق الديمقراطية في مؤسساتها.. يجب أن لا نلوم الجيش لحظة استلامه السلطة في أي وقت.. الأحزاب تسعى لأن يكون لها عناصر في الجيش.. ونحن انتظمنا في تنظيم الضباط الأحرار بإيعاز من أحزابنا..
* من المعروف إنك تنتمي للحزب الاتحادي الديمقراطي.. و19 يوليو على حسب مؤرخون صنيعة للحزب الشيوعي.. كيف يستقيم الأمر..؟
- هناك خلط في أذهان العديد من الناس حول تنظيم الضباط الأحرار، وحركة 19 يوليو، وأنها صنيعة الحزب الشيوعي السوداني، لكن الحقيقة هي أن تنظيم الضباط الأحرار كان يضم ضباط من مختلف القوى الديمقراطية، والشيوعيين كانو قلة لكن مؤثرين على مستوى التنظيم، وكان للحزب الشيوعي دوراً على مستوى تأمين الاجتماعات وطباعة وتوزيع المنشورات، لكنهم في داخل اجتماعات تنظيم الضباط الأحرار مجرد أعضاء.. وللعلم بالرغم من إنتمائي الختمي إلا أنني أدنت قرار حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، وكنت وقتها في الصف الثاني ثانوي، وكنت أعتقد أن ذلك يُعتبر تعدي على الديمقراطية، ويمكن لأي أغلبية أن تتحكم في العملية الديمقراطية، وكنت أشارك في حراسة دار الحزب وجريدة الميدان الناطقة بأسم الحزب.. فقط لأني مؤمن بالديمقراطية، وهذا ما دفعني للمشاركة في حركة 19 يوليو لتصحيح ثورة مايو..
* تنظيم الضباط الأحرار ومجلس الثورة.. ما الذي أفسد ودهما؟
- تنظيم الضباط الأحرار كان على درجة عالية من السرية، ولا تتجاوز الخلية الواحدة أربعة أفراد..علاقتي بالعقيد عبدالمنعم هاموش وبابكر النور وعثمان حاج حسين (أبو شيبة)، كانت بسبب وجودي كحلقة وصل بين بعض الخلايا، تنظيم الضباط الأحرار بما لا يدع مجالا للشك نفذ تحرك 25 مايو، وكان هنالك التزام من قيادة مجلس الثورة أن تنظيم الضباط الأحرار هو المرجعية لمجلس قيادة الثورة، وأن لا يتم تمرير قرار دون الرجوع للتنظيم، وتم الالتزام بالاتفاق لمدة سنة، لكن تغلغل القوميون والناصريون في تنظيم الضباط الأحرار خلق شرخاً في التظيم، وكان على رأسهم أحمد عبدالحليم من المدرعات،أحمد محمد الحسن من فرع القضاء العسكري، محمد عبدالحليم وزير المالية، سعد بحر وخالد حسن عباس وزير الدفاع، وراعي التحرك، حيث تأكد لنا أن المخابرات المصرية تديره..
* إقالة الثلاثي الشيوعي من قيادة مجلس الثورة.. هل لذات الأسباب التي ذكرها النميري؟
- في منتصف السبعينات فكروا في حل تنظيم الضباط الأحرار، وتغيير الأسم لـ(تنظيم أحرار مايو).. وكان هذا السبب الرئيس لإقالة أعضاء مجلس الثورة (فاروق حمدنالله، هاشم العطا وبابكر النور)، وليس السبب الذي تناقله إعلام النميري الذي أشار إلى أن الثلاثة يقومون بتسريب قرارات مجلس الثورة للحزب الشيوعي.. وكان هذا أحد الاسباب التي دفعتنا في 16 نوفمبر 1970 للتفكير في تصحيح مسار ثورة مايو.. وبدأنا في عمل جاد..
* (الضباط الأحرار) و(ضباط أحرار مايو).. صراعات الجيش أم السياسة؟
- العلاقة التي كانت واضحة بالنسبة لنا هي علاقة الضباط الشيوعيين وحزبهم، بالرغم من أننا لم نكن ندري ماذا يحدث.. لكن بالنسبة لنا في الاتحادي الديمقراطي لم تكن هنالك علاقة واضحة بين الجيش والحزب.. القوميون انسلخو عن تنظيم الضباط الأحرار وتبقى الشيوعيين والاتحاديين والبعثيين، في يناير 1971م ذهبنا لجبيت في دورة تدريبية وهناك بدأ (الضباط الأحرار) و(ضباط أحرار مايو) استقطاب الضباط، وكان لديهم قسم سُميّ بقسم (الكتمان).. بعد الكورس في يونيو بدأ التحضير الفعلي للتحرك، ومعظم الاجتماعات كانت في بيوت أعضاء في الحكومة، أو داخل عربة أحد أعضاء مجلس الثورة، وآخر اجتماع تحضيري كان بمنزلنا حضره عبدالمنعم هاموش، أبو شيبة، وستة إلى سبعة ضباط..
* هل كان هنالك إجماع حول الاتفاق على توقيت التحرك في التاسع عشر من يوليو؟
- توقيت التحرك تم تغييره مرتين، حيث كان بداية توقيته في الحادي عشر من يوليو، وتم تأجيله لأنه في ذلك الوقت شهدت الخرطوم وجود قوات قادمة من الاقاليم كانت في طريقها للجنوب، وتم تأجيل التوقيت للخامس عشر لكن أحداث واضرابات جامعة الخرطوم حالت دون التنفيذ..
* ما الذي عجّل بتحرك 19 يوليو؟
- كان هنالك شبح صراعات وتكتلات داخل الجيش، وكنا نخشى أن يحدث انقلابا من الضباط الوطنيين، إضافة إلى أن الاستخبارات أحست بتحرك الضباط الأحرار، ولانه في ذلك الوقت بدأت تحركات مصر والسودان وليبيا للتوقيع على ميثاق طرابلس، الذي ينص على تدخل الدولتان لإجهاض أي تحرك ضد الدولة الثالثة، لذا كان لابد من الاستعجال، الساعة لم تكن معروفة.. يوم التاسع عشر من يوليو وفي الساعة الثانية عشر ظهراً، طلب مني عبدالمنعم قائد اللواء الأول إخبار الضباط بعدم الإنصراف وعليهم أن يجتمعوا في اللواء الأول، وتخلف عن هذا التوقيت ثلاث ضباط..
* ماهي مطلوبات التنفيذ للسيطرة على السلطة..؟
- التعليمات كانت محددة وكل جهة لديها مهام محددة تقوم بها، اللواء الأول مدرعات مطلوب منه إحتلال اللواء الثاني، الإذاعة، الكباري، مساعدة الحرس الجمهوري وأعتقال الضباط المايويين.. أم الحرس الجمهوري كان مطلوب منه السيطرة على كتيبة جعفر، مساعدة مدرعات اللواء الأول، السيطرة على القيادة العامة، قطع الاتصالات، السيطرة على مظلات شمبات، اعتقال رئيس وأعضاء مجلس الثورة وقيادات الاسلحة..
وبدأ التحرك عندما قام الملازم زهير قاسم بقطع الاتصال في كبانية الخرطوم والخرطوم جنوب، وتحرك اللواء الأول بخمس دبابات (ملازم هاشم مبارك والملازم أحمد حسين) لدعم قوات الحرس الجمهوري المتجهة إلى شمبات، قيادة الحرس الجمهوري كانت موكولة للنقيب معاوية عبد الحي، حيث تمت له السيطرة، بمساعدة الملازم أبوبكر عبد الغفار، وتحرك هاشم بعدها بدبابتين للإذاعة. القيادة العامة سيطر عليها النقيب بشير عبد الرازق.. وحدث كل ذلك دون مقاومة، وتم اعتقال أعضاء مجلس الثورة منهم عبد العظيم عوض سرور وأبو القاسم أحمد إبراهيم.. وكانت التعليمات واضحة بعدم تصفية وقتل أيّ من قيادة مجلس الثورة، وكانت القيادة ترى أننا نمتلك الأدلة الكافية لمحاكمتهم، الملازم أحمد جبارة قام بإعتقال النميري وآخرين.. كتيبة جعفر تمت السيطرة عليها بقوة (مستجدين) بقيادة النقيب صلاح السماني وفيصل كبلو وكانت الكتيبة بقيادة الرائد عثمان كنب..
* ماهي المقاومة التي واجهت منفذي حركة 19 يوليو؟
- لم تكن هنالك مقاومة، لحظة التنفيذ كل الضباط أيدو التحرّك.. وإنتهى اليوم الأول بدون إطلاق نار، وكانت التعليمات واضحة بخصوص الاشتباك مع الآخرين.. الانتصار تحقق خلال ساعتين، وكل الضباط باركو التحرك حتى الموجودين في الجبهة المصرية..
* طبيعة العلاقة بين الضباط الأحرار والأحزاب السياسية.. كيف يمكن أن تصفها؟
- الحزب الشيوعي كان على علم بالتحرك.. وربما هذا ما دفع عبد الخالق محجوب للقول لهاشم العطا.. استعجلتو ليه.. و...
* (مقاطعة).. نسأل تحديداً عن علاقة الاتحادي الديمقراطي بتحركات ضباطه في داخل الجيش..
- لا أدري.. إذا كانت هنالك علاقة بين الحزب الاتحادي وتنظيم الضباط الأحرار المفترض أن تكون الصلة عبر الفريق يوسف أحمد يوسف.. لكن أُؤكد أن قرار التحرك نفذته قيادة الضباط الأحرار بعيداً عن الأحزاب لتصحيح ثورة مايو..
* بعد هذه الفترة الطويلة من الجدل..كيف ترى الأسباب التي أجهضت تحرك 19 يوليو؟
- هاشم العطا شتت جهوده بتحركاته السياسية بعد نجاح التحرك، وانشغل بالوفود السياسية للتهنئة بنجاح استلام السلطة، ومقابلة الصحفيين، ولو تفرغ للتأمين لما حدث ما حدث، كما أن غياب بابكر النور وفاروق حمدنالله أثر بصورة كبيرة على الثورة، خاصة وأن فاروق كان محبوباً وسط الضباط وللتأريخ هو من رشّح النميري للرئاسة.. ضعف التأمين كان أحد الأسباب، إضافة إلى أننا طالبنا بنزع سلاح اللواء الثاني والمظلات، واستبدالهم بقوات من الغربية والشرقية لحماية التحرك، لكن هاشم العطا رفض ذلك، بحجة أنهم لن يقوموا بتحرك في مواجهة ثوار 19 يوليو.. إضافة للثقة المفرطة التي تحققت نتيجة للإنتصار السريع .. وسفر أعضاء مجلس الثورة غير المأمنة.. والتعامل بسلبية تجاه إختطاف الطائرة والإختراقات من ضباط المخابرات المصرية.. في اليوم الثاني كانت الأمور تمضي بصورة سلسة، وجاء وقتها عدد كبير من الضباط لمباركة التحرك وأبدو رغبتهم في التعاون، وطُلب منهم مباشرة عملهم وتسلموا زمام الأمور، وإنشغلنا بتأمين الثورة.. وكان هذا واحد من الأخطاء التي ارتكبناها..
* الثاني عشر من يوليو.. بداية نهاية ثورة لم تكتمل..؟
- أحداث 22 يوليو بدأت بعد الساعة الثانية ظهراً، ولم نحس بأن هنالك عملاً مضاداً يتم في الخفاء، طلب مني العقيد عبدالمنعم تقرير عما يحدث في القصر وبيت الضيافة، وطلب مني إيصال تعليمات تقضي بمعاملة المعتقلين من قادة الأسلحة وقيادة الثورة معاملة كريمة وعدم التعرض لهم، خاصة من قِبل الملازم عبدالعظيم الذي عُرف بشراسته، وكان يسمح للمعتقلين بمقابلة أسرهم في غرف خاصة.. ووقتها لم أجد عبدالعظيم وسألت عنه قالوا أنه غير موجود، والغريب في الأمر أن أصدر كتاباً تحدث فيه عن دفاعه المستميت من أجل الثورة، عند وصولي بيت الضيافة وجدت الحردلو وحسن عبدالله العباس، سألت عن أحمد جبارة أجابوني بأنه " أخد إذن ومشى بيتهم.."، الغريب في الأمر أنه أُتهم بتنفيذه مجزرة بيت الضيافة.. وهو برئ من ذلك..
* ما كُتب عن هذه الفترة كيف يمكن أن تراه.. من خلال الأحداث التي عايشتها..؟
- معظم الذين كتبوا عن 19 يوليو أعتمدوا على الذاكرة السماعية ولم يعيشو التجربة، وكاذب من يعتقد أنه يعلم كل ما حدث في تلك الفترة، وكلٍ يدعي البطولة لنفسه، وليس هناك أحد يمتلك 80% من معلومات 19 يوليو..
* خبر إجهاض ما أسميتموه بالحركة التصحيحية.. كيف تلقيته؟
- أثناء عودتي من جولتي وأنا في منطقة أبو حمامة تفاجأت بدبابة تسير نحونا وأطلقت عددا من القذائف، قمنا بتغيير اتجاهنا ودخلنا من بوابة اللواء الأول وجدنا أنه تم احتلاله من اللواء الثاني، وتم أعتقالي من هناك.. أحداث أخرى عجلت بإجهاض التحرك، حيث تم اختطاف طائرة بابكر النور وفاروق حمدناالله عن طريق المخابرات المصرية والليبية.. ورأى وقتها عدد من الضباط أن نقوم بإعتقال أعضاء سفارات ليبيا ومصر وبريطانيا إلا أن هاشم العطا أعترض على هذه الخطوة، إحتراماً للإتفاقيات الدولية، وقال إنه سيتم التوسط لإطلاق سراحهم..
* ما حدث في بيت الضيافة.. لا يمكن عزله عن مجمل التحركات التي بدأت في التاسع عشر من يوليو..
- لا يمكن عزل ما حدث في بيت الضيافة عن مجمل التحولات التي طرأت على الجيش السوداني، الذي كان يضم أكثر من تنظيم، حيث كان تنظيم الضباط الأحرار، وتنظيم الضباط الوطنيين ويضم ضباط حزب الأمة والاسلاميين، الضباط التقليديين، وتنظيمات جهوية .. وكانت التعليمات لأعضاء قوة الحراسة في بيت الضيافة توفير كل سبل الراحة للمعتقلين، ليتحرك الضباط الوطنيون وأغلبهم من اللواء الثاني والمظلات تحركوا بدبابتين لضرب القصر وبيت الضيافة، وبدأ القصف بدانات كبيرة بذخيرة حارقة خارقة، في الوقت الذي كانت فيه قوة الحراسة تتسلح بأسلحة خفيفة، الحردلو وأحمد جبارة لم يكونا موجودين في تلك اللحظة.. مع ذلك تم إلصاق التهمة بضباط 19 يوليو..
* هل هذه الأدلة كافية لنفي التهمة عن الشيوعيين؟
- أنا لم يحك لي أحدهم ما حدث، كنت حاضراً وقتها، التقيت الشخص الذي أصدر التعليمات بضرب بيت الضيافة وتصفية أعضاء مجلس الثورة والرئيس، وأعترف لي بذلك، وأخبرني أنه كان في طريقه للإذاعة يحمل البيان الذي سيتلوه للجماهير، لكنه تفاجأ بالنميري يتلو خطابه بعد فشل محاول 19 يوليو، فأعاد خطابه إلى جيبه وشارك مع البقية الهتاف بحياة مايو..
* مع ذلك تظل الإجابة غائبة.. من الذين نفذوا مجزرة بيت الضيافة..؟
- الضباط الوطنيين الذين تمت ترقيتهم من ضباط صف إلى ضباط، وأغلبهم من اللواء الثاني..
* ماهو الهدف من ذلك؟
- الهدف تحرك مضاد واستغلال الموقف وتصفية أعضاء مجلس الثورة والضباط الموالين لمايو، وإجهاض وتصفية حركة 19 يوليو..
* المحاكمات التي نفذها النميري للقضاء على حركة 19 يوليو كيف تصفها؟
- المحاكمات ماعندها علاقة بالأعراف المعروفة، تحت شجرة ولم تستمر لأكثر من نصف ساعة، نفذها ضباط كان يملئهم الخوف من أن ترد أسماءهم ضمن منفذو التحرك في 19 يوليو .. بابكر النور رئيس محكمته كان تاج السر مقبول قائد سلاح المدرعات في 1976م، وحكم على بابكر بـ4 سنوات سجن، لكن نميري رفض التوقيع على الحكم وأرجعه، فزاد تاج السر الحكم لـ6سنوات، وأعاده لنميري الذي خاطبه قائلاً: " الزول دا عايزني أعدمه أنا يعني؟ فرفض تاج السر إعدام بابكر بحجة أنه لم يكن ضمن الضباط، فقام نميري بتعيين صلاح عبدالعال مبروك الذي قام بإعدام بابكر النور، الغريب في الأمر أن الأخير حضر منذ اليوم الأول وأبدى استعداده للمشاركة في تحرك 19 يوليو وكان مع هاشم العطا في القيادة العامة.. وأحمد محمد الحسن قام بإعدام فاروق.. وتم إعدام العسكريين داخل معسكر الشجرة وفي منطقة جنوب الخرطوم.. (منطقة مايو الحالية.. ومازالت الدروة التي نُفذ فيها الإعدام موجودة) (المحرر).. وحيث تنص المواثيق بأن إلاعدام يتم تنفيذه عبر (11) عسكري تحتوي أسلحتهم على طلقات فشنك بينما يحمل أحدهم طلقة حية، لكن ما حدث أن جسد الضابط يتلقى أكثر من (300) رصاصة، لدرجة أن ضباط انقسمت أجسامهم إلى نصفين.. ماتوا بشجاعة وبسالة أجبرت منفذوا الإعدامات للهتاف بشجاعتهم وتحيتهم..
* لكل محاكمة شهود.. من الذين شهدوا ضد ثوار 19 يوليو..؟
- ما يُحمد له أن محاكمات 19 يوليو لم يكن فيها شاهد ملك، ولم يأت أحد الضباط ليشهد على زملاءه، وكان الاتفاق أن لا نقوم بذكر أسم ضابط لم يتم القبض عليه، ورفضنا الافصاح عن أسماء المشاركين في تحرك 19 يوليو..
* نعود للجيش مرة أخرى.. وأستغلال القوى السياسية الجيش للوصول للسلطة؟
- الجيش كما ذكرت يضم مكونات المجتمع السوداني، يتفاعل مع ما يحدث سلباً وايجاباً، وحتى الأحزاب العقائدية المؤمنة بالتغيير والعمل الجماهيري تؤمن بالانقلابات لأنها تختصر الزمن، ويذهبون في اتجاه أن يستلم الجيش السلطة، وأستعادتها مرة أخرى، وكل ما يحدث نتيجة لممارسات سلبية من الساسة، وهم من يدفعون بالجيش للسلطة، وتجربة 89 مثال على ذلك..
* لكن هل من الضروري اللجوء للعسكر.. أو إذا افترضنا أن وظيفته حماية الدستور، إليس هنالك طريقة أخرى سوى الإنقلاب على الديمقراطية؟
- الإنقلاب ليس الطريقة الأمثل للتغيير.. وأذكر أن ما قام به الفريق فتحي، يمثل الطريقة المثلى لتفادي انقلابات الجيش على الأنظمة، حيث أتبع خطوات بدأت بكتابة مذكرة للقيادة السياسية وقتها، لكن ضباط 89 استغلوا الوضع واستولوا على السلطة بتوجيهات من السياسيين، وأيضاً تجربة 25 مايو جاءت نتيجة لاخفاقات سياسية.. ولديّ قناعة بأن الجيش مناط به حفظ الدستور، أو اللجوء للسلوك الذي سلكه الفريق فتحي، عندما شاهد الجيش انحراف السياسيين وقدم مذكرته، الجيش لا يمكن أن يحكم وحده، وليس هناك جهة يمكن أن تدير البلاد وحدها، يجب الابتعاد عن سياسة الاقصاء والسودان لا يمكن حكمه إلا عبر نظام ديمقراطي..
* هل قادة 19 يوليو غير منتمين للحزب الشيوعي السوداني.. كما زعم النميري؟
- عباس عبدالرحيم الأحمدي من أسرة شيوخ سجادة، وكنا نختم القرآن اسبوعياً في السجن، شاركنا الشيوعيين في السجن، اقاموا لنا كورسات الاقتصاد عبر الكادر (الأنصاري) واللغة الألمانية ودرسنا لها عبدالوهاب إبراهيم ومصطفى خوجلي (رئيس مجلس الوزراء) والذي حُكم عليه بـ(20) سنة سجن، وتم ترحيلنا مع الشيوعيين إلى سجن شالا.. الشيوعيين بثوا فينا روح الثبات، نتشارك الهتافات والأغاني الثورية، ولديهم قدرة على بث الحماس وتعلمنا منهم الكثير..
* تجربة 19 يوليو.. ما السالب فيها؟
- حقيقة الجيش في تحرك 19 يوليو خسر خيرة كوادره، والذين قضوا في بيت الضيافة كانوا خيرة الضباط خطأهم الوحيد إنتماءهم لمايو، فاروق حمدنالله كان صاحب نميري، ونتيجة لمعلومة خاطئة كانت المحاكم العشوائية التي تم تنفيذها، ومن المفارقات المحزنة أن زوجة النميري حكت أن بابكر النور زارها أثناء تواجدها في الخارج ووعدها أن لا يصيب زوجها أو أحد من ضباط مايو شراً وسيحسن معاملتهم..
* تقريباً المحاكمات لم تشمل كل من شارك وأيّد التحرك ضد النميري..؟
- في يوم 22 مايو بعد الردة جاء عدد من الضباط وطلبوا منا عدم ذكر اسماءهم، بالرغم من انهم حتى آخر لحظة كانوا مع تنظيم الضباط الأحرار، ويهنئون نجاح الحركة.. وفي اليوم الثاني كانوا رؤساء محاكم ..
* الحزب الشيوعي تحمل أخطاء 19 يوليو..
- الحزب الشيوعي درجّ على تحمّل أخطاءه، خاصة الموكب الذي جاء بعد نجاح اليوم الأول.. لكن تحرك 19 يوليو عدد الضباط غير الشيوعيين كان أكبر، لكن إلعام نميري صبغ المسألة بإعتبار أن الشيوعيين هم من خطط ونفذ التحرك، وهو في الاساس لديه مشكلة معهم والقوميين العرب.. والنميري ضرب الأنصار في الجزيرة أبا وفي ود نوباوي.. وأتت الفرصة للقضاء على الشيوعيين..



#ماجد_القوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني والمكتب السياسي ا ...
- حوار مع المفكّرالدكتور حيدر إبراهيم:
- حوار مع الدكتورة آمال جبر الله
- مجموعة عقد الجلاد.. أصنام في مَعّبدِ التَأرِيخْ.. أمْ نِسور ...
- (الشبابوفوبيا).. الزلزال القادم من المستقبل
- تاج السر عثمان بابو السكرتير الثقافي للحزب الشيوعي السوداني ...
- المرأة السودانية.. بين قهر القوانين.. وسماحة التقاليد!!
- حزب التحرير.. العودة للجذور
- دستور السودان القادم.. جدل الديمومة
- حوار مع سكرتير اتحاد العمال السوداني (المعارض)
- السودان الشمالي.. هل يبقى دون جنوب جغرافي؟
- الخالة (بخيتة)..
- القيادات الشابة وسط الاحزاب السياسية..
- الدستور السوداني..
- إنفصالات الروح (2)
- مسلسل إنفصالات الروح (1)
- جعفر إبراهيم عبدالله..النقابي السوداني..
- حوار مع المغني السوداني سيف عثمان
- الانقاذ.. ومأزق السياسة السودانية
- سيناريوهات الوحدة والانفصال


المزيد.....




- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - ماجد القوني - إفادات حول حركة 19 يوليو السودانية يحكيها الملازم (م) عمر أحمد وقيع الله