|
أنا سيء الظن لن أُصدم مجدداً
محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل
(Mohsen Aljanaby)
الحوار المتمدن-العدد: 4880 - 2015 / 7 / 28 - 16:41
المحور:
كتابات ساخرة
كثيراً مايمر الإنسان بمواقف يتعلم منها غالباً ، رغم ما يصيبه منها من أذى بسبب سوء الفهم المفضي للمعاناة والألم ، على الصعيد الشخصي حدثت معي آلاف المواقف ، مثلا" في أحد الأيام حينما كنت طالب جامعي ركبت باص من الأعظمية الى باب المعظم وبقيت واقفا" فوجدت الى جانبي زجاجة سوداء جنب الباب يتخذوها قاطعا" حاولت أشغال نفسي بالتطلع لها ، وقفت أمامها وعدّلت شعري وفيما كنت أتصوّر نفسي مختليا" بدأت أعمل حركات بأنفي وعيوني وفمي ، أشكال غريبة جربتها ومن منّا لا يفعلها حين يقف طويلا" أمام مرآة لوحده ، وبعد فترة من الوقت داهمني رجل غاضب خرج من خلف المرآة ليقول لي : (هاي شجاك تخبّلت ، صارلك ساعة تغامز لمرتي ، عيب عليك وأحترم نفسك) ! أنتهى الأمر بسلام بعد التأكيد أن النوايا سليمة لكنها بالطبع أستهلكت وقتا" وأعتذارات وعرقا" وسببت لي ألما" ! أما على الصعيد العام ، يتصور أغلب الناس أن المقبلات التي يقدمونها في المطاعم مجانية ، وهكذا كنت أتصوّر معهم ، حتى أكتشفت أن المقبلات لها ثمن يستقطع ضمنا" يفوق كثيرا" قيمتها فلا شيء مجّاني في الحياة الدنيا وكذا على الصعيد نفسه ، يعتقد الناس وخصوصا" الشباب منهم أن الزواج تسلية و قبلات وأحضان ونوم فقط ، حتى يدخلون القفص ليعرفوا أن الزواج ورطة حقيقية و مهمة شاقة تتطلب الدفع والعطاء والإلتزام طول العمر ! تلك الأمثلة أوردتها كمقاربات ربما توصل المتلقي للفكرة أم لاتوصله ، لكن الشيء الأكيد أن الحياة أصعب مما نتصوّر ، فهي أقسى من أن ننتظر منها السعادة والبساطة فقط ، (فلا شيء يأتي بالهيّن) سمعناها من الكثيرين ممن سبقونا في معتركها ، تريدون سلام و عيش كريم ورفاهية ، لن تأتيكم لوحدها مطلقا" فالسوء أكبر من الحسنى وتلك حقيقة واقعنا ، بل أن السوء تمادى ليصل الى مرتبة الشر التي يمثل قمة السوء الذي نمقته ، فإذا أردنا ترويض أنفسنا لتكون على قدر التحديات علينا أن نضع في الحسبان كل السيئات التي يمكن أن نجدها أمامنا ، ولا مهرب هنا إلا باللجوء لسوء الظن كي نتفادى المفاجئات التي ستواجهنا ، ( سوء الظن من حسن الفطن) حكمة سمعتموها كثيرا" ، يبدو أن الزمن القاسي الذي أخترعها عاد ليضربنا ليحتم علينا أن نسيء الظنون بكل مايجري حولنا ، لا أقصد أن نستخدمها مع المنظومات من شخوص او مجتمعات وأنظمة بل علينا وضعها أمام أعيننا لنلجأ إليها متى ما أحتجنا لها ، ولمن يعتبر الدعوة سوداوية أقول له أنها على العكس من حيث الهدف فهي ستقلل من حدة الصدمات والمفاجئات التي تسبب الخيبة مما يقلل الزخم الإنساني عندنا ، ستكون كأداة إمتصاص لكل ماهو غير متوقع ، يجعلنا نبدأ من حيث أنتهينا لنبني أشياء أخرى ، بصورة مقتضبة حاسمة أقول للمواطن العادي : عليك أن تسيء الظن وأن تشكك في الأمور وتبحث دوما" عن حقيقتها كي لا تذهب طاقتك الإيجابية هدرا" ، فبحسب المفهوم الديكارتي ( أنا أشك أنا موجود) يعطي جزءا" ليوضح المسألة ، إن أردناه متكامل يغطي الفكرة بأكملها علينا أن نجري تعديلا" نصوغه بعبارة جديدة تقول : أنا إنسان لدي إلمام بكل الأمور السيئة وعليه لن أُصدم مجددا" ، إنتهى.
#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)
Mohsen_Aljanaby#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق والصيف وقاذفات المسوخ المتطورة
-
حملشة أمريكا والعراق
-
نحن لا نزرع الموز
-
14 تموز عيد وطني أم يوم للأقتتال والتناحر !
-
مسؤول أم جرذ أم جلّاد
-
أن تتفرج لن تكون من الأبطال
-
رحلة قطار التاسعة
-
الدين وكارثة التبشير
-
موجز أخبار الإختطاف
-
حكاية من عمق الأزدواج
-
ليلة إبتزاز نبيل جاسم
-
خايف عليها تلفان بيها
-
إستشراء تحت الغطاء
-
رسالة مفتوحة الى الدكتور حيدر العبادي المحترم
-
نبوئة نيويورك بالتيمور طويريج
-
العراق وحكاية الرقّي والمجنون والحوائج الكريهة
-
مواسم الإعلام الخليع
-
أخطاء جسيمة في المشهد الدولي
-
حوبة العراق ومايحصل في اليمن
-
العالم يحتضر فيما نحن ننتصر
المزيد.....
-
رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً
-
طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا
...
-
وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
-
تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20
...
-
بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال
...
-
إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
-
فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
-
قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا
...
-
مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق
-
نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|