|
الدول العربية .. بين الأسلمة و المستقبل المجهول
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 20:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( الدول العربية كفتاة فقدت بكارتها ، مرة برضاها ومرات أخرى بالأغتصاب ، ولكنها لا زالت تكابر بعذريتها / .. كاتب المقال ) .
الدول العربية تعيش مرحلة ، تعتبر من أصعب المراحل ، مرحلة هجينة بين السلطة و الدين ، وهذه المرحلة قد تتحدد من خلالها نموذج شكل الحكم الذي ستتبناه ، أو من الممكن أن تبقى تتخبط وأن لا يتحدد أي نموذج لأي حكم ، أو أن لا تبقى الدول نفسها ! دول تتأمرعلى شعوبها من ناحية وعلى بعضها البعض من ناحية ثانية ، دول وتظهر المودة فيما بينها في اللقاءات والقمم البروتوكولية ، دول في الوقت الحاضر / بعضا منها ، لا تستطيع الوصول الى السلطة ألا عن طريق الدين ، طبقا للمبدأ الميكافيلي " الغاية تبرر الوسيلة " ، لهذا فهي تعزف على هذا الوتر الذي تضلل به عيون شعبها التائه المستغفل عن حقيقة واقعه المزري سياسيا وأجتماعيا و أقتصاديا ... ، دول ترغب في تشكيل أنظمة بمقاسات دينية ، هذه المرحلة نفسها مرت بها أوربا في القرون الوسطى / المظلمة ، عندما كانت الكنيسة هي المسيطرة على الدولة و الدين معا . الدول العربية حاليا ، لا تفقه ماذا تريد ، فبعضها نهج مبدأ الثورات / الربيع العربي ، ووقع في مستنقعها ! و البعض الاخر يأمل أرجاع عهد الدعوى المحمدية ، زمن الخلافة الأسلامية ، ونسوا أن محمدا قد مات ( روى البخاري في صحيحه : كتاب المناقب - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا "عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ ، - قَالَ : إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ " فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ ، قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ .. / نقل بتصرف من موقع مكتبة المسجد النبوي الشريف ) ، أذن الحي الباقي الذي لم يمت هو الله ، والله ليس له دين ! فأسسوا أيها الحكام دولة المواطنة بعيدا عن الدين والعقيدة ، أرى أن الدول العربية تمر بحالة من الأسلمة الدينية ، والحكام العرب يعيشون وضعا شيزوفرونيا ، فمن جانب يدعون بأنهم خدما للأسلام و الدين و الدعوة والعقيدة ، ويتمثلون بالرسول محمد ، ومن جانب أخر يعيشون حالة ترفية لم يسجل التأريخ مثيلا لها ، فالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز / خادم الحرمين الشريفين ، مثلا ، يخطط لقضاء أجازته في فرنسا في - نهاية تموز وبدابة أب 2015 (( اعلنت السلطات الفرنسية المحلية لوكالة فرانس برس الاحد ان شاطئا للعموم في جنوب فرنسا يقع بجوار فيلا تملكها الاسرة المالكة السعودية ، سيغلق خلال الاجازة الصيفية للملك سلمان التي تبدأ الاسبوع المقبل . وقال فيليب كاستانيه احد المسؤولين عن منطقة غراس لوكالة فرانس برس “ فور ابلاغنا من الحرس الملكي السعودي بتاريخ وصول طائرة الملك سيمنع الشرطيون قبل 24 ساعة من اليوم المحدد اي شخص من التوجه الى الشاطىء طيلة فترة اجازة الملك ” وذلك لاسباب أمنية . وعممت السلطات البحرية قرارا مماثلا يحظر الابحار حتى عمق 300 متر قبالة الفيلا التي تمتد على كيلومتر على الساحل في خليج جوان في منطقة فالوريس قرب مدينة كان . وقرار منع اي شخص من التوجه الى الشاطىء المعروف باسم ميراندول اثار سخط وغضب رواده . فقد باشر عمال منذ الاربعاء تثبيت باب حديدي عند النفق المؤدي من الفيلا الى الشاطىء الرملي . وبحسب الصحف الفرنسية سيرافق الملك سلمان - 79 عاما " الذي اعتلى عرش السعودية في كانون الثاني يناير / 2015 ، اثر وفاة الملك عبدالله " ، اكثر من 400 شخص خلال اجازته / نقل بنصرف من موقع وكالة أوقات الشام الإخبارية )) ، أما الرسول محمد / الذي يتخذ منه الملك سلمان قدوة له ، فلم تذكر كتب السيرة النبوية أن كان يتمتع بأجازات ترفيهية ، خارج مكة و المدينة .. ، لأن حياته بأجملها كانت بين الوحي / جبريل ، والدعوة و الغزو والسبي ، ومن الممكن أعتبار الوقت الذي يطوف به الرسول على زوجاته وسباياه هي بمثابة الأجازة ! . الحكام العرب يقولون ولا يفعلون ، لذا الدول العربية / التي يحكموها ، في تراجع مستمر ، لأنهم لا يعيشون الحاضر الفعلي للزمن ، مثل باقي الأمم ، ويحظرني بهذا المقام قول الدكتورعلي الوردي) 1913- 13 تموز 1995 م ، وهو عالم اجتماع عراقي ، أستاذ ومؤرخ ، وعرف باعتداله وموضوعيته وهو من رواد العلمانية في العراق ) : " أن العرب أمة تعيش في الماضي ، ولا تحسن التعامل مع الزمن الذي تعيشه ، وهذا سبباً في تخلفها " .. أيها الحكام تعاملوا مع الوضع العربي / المأزق ، ولو لمرة واحدة بوضوح وشفافية وصدق ، بعيدا عن المنطلقات الدينية والمذهبية والطائفية ، وتيقنوا أن الدعوة المحمدية أنتهت بموت الرسول ، وبدأ من بعدها عهد الحكم والسلطة ، وللنهوض بأنظمة الدول العربية يستلزم خلق حراك أنساني و أجتماعي وحضاري ، مع ثورة على الواقع الديني المتخلف ، وأرى أن يقود كل هذه الفعاليات رجال فكر متنورون وليس شيوخ دين يعيشون في حقبة البداوة وبعقلية جاهلية مغلقة ، من أجل مستقبل أفضل لشعب مغيب !
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سبي النساء .. بين الشرعنة و الأغتصاب
-
الأسلام بين مفهوم - الدين و الدعوة - ومفهوم - الدولة و السلط
...
-
الاراضي تسقى ماء ، أما أرض العراق فتسقى دماء ..
-
تساؤلات .. في المرتدين وحرية المعتقد
-
قراءة في فتوى - موت المسلمين في بلاد الكفار .. في النار -
-
داعش .. والذبح على الطريقة الهوليودية
-
الدولة المدنية .. هي الحل
-
قراءة في فكر الشيخ محمد عبده .. أمام التنوير و التحديث
-
حل الجيش العراقي .. الطامة الكبرى
-
العشاق .. يقتلون بلا سيوف
-
المرأة في الأسلام .. شبهات و حقائق
-
مذابح الأرمن / الوجه الحقيقي لتركيا اليوم
-
مذابح الأرمن / الوجه الحقيقي لتركيا اليوم ( مع أشارات للت
...
-
4. تركيا و أيران وجهان لعملة واحدة
-
- عاصفة الحزم - .. و صراع القوى
-
3. مصر .. حريق / الأخوان المسلمين ، متى ينتهي !
-
نجيب سرور .. والجلد الدموي للذات
-
2. أهل الجنة .. ومشكلة اللغة العربية !
-
1 . تركيا و قطر .. الى أين !
-
من يوميات ... ( الفتاة X )
المزيد.....
-
المغرب.. كشف تفاصيل ضبط خلية -الاشقاء-
-
الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ-
...
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
-
مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان
...
-
ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
-
روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد
...
-
واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا
...
-
المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم
...
-
الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات
...
-
روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|