غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 17:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تــغــيــيــر في الــبــوصــلــة؟ ... تــســاؤل...
والــطــاعــون هـــنـــا...
الدولة الإسلامية الأردوغانية التركية, بعد أن سبت كل خيرات جارتها السورية منذ بداية ولاية بشار الأسد.. ثم تآمـرت عليه. ركزت اهتماماتها على متابعة المتاجرة بتهريب المسلحين الإسلامويين, وتمريرهم ــ بحمايتها ــ عبر حدودها إلى سوريا, لتحضير ما سمي ألف مرة خطأ " الربيع العربي " والذي تجلى بعد أيام أو أشهر قليلة أنه مؤامرة أمريكية كيسنجرية القالب, بأموال سعودية وقطرية, وبتسهيلات واسعة تركية... مع تــعــام كامل من الدول الأوروبية, والتي كان نبي مساعيها الـتـآمــريــة كل من برنار هنري ليفي ولوران فابيوس وزير خارجية حقبة الرئيس الفرنسي هذه.. فرانسوا هولاند... وإهمال السلطات السورية الدمشقية لما يــحــاك ضدها.. ظانة ــ بخطأ فادح ــ أن أجهزة مخابراتها المتعددة, يمكنها تفادي جميع الأخطار الآتية من كل مكان.. متمتعة بشهرة عالمية عن خبراتها وجبروتها... ولكن جنرالات هذه الأجهزة المرعبة, كانوا مشغولين ومنشغلين كليا, بمؤسساتهم التجارية والمصرفية ومشاركاتهم الواسعة, بجميع الشركات والمصانع والمؤسسات التي تبيع وتشتري كل ما يستهلكه جميع المواطنين السوريين وكل عملة محلية أو أجنبية تدخل إلى سوريا أو تخرج منها... وكان انتفاخ ثرواتهم الشخصية التي تقدر بالمليارات شاغلهم الأساسي.. وأهملوا عن غباء أو خيانة.. أو الإثنين معا.. كل مصالح البلد الحقيقية وأمنها وحماية حدودها من تسلل مئات آلاف المقاتلين الإسلامويين القادمين من أمريكا وكندا واستراليا وأوروبا وعديد من البلاد الأسيوية والخليجية النفطية والمغرب.. بالإضافة إلى حاضنات محلية ساهمت بما تحمل من غيظ وأحقاد طائفية غريزية جيناتية, بمساعدة كل من يقاتل ضد السلطة المحلية التي تحكم البلد منذ أكثر من خمسين سنة... سلطة وحلقات عائلية عشائرية, كانت دوما بحاجة إلى هذه القدرات والمؤسسات المخابراتية, التي تغاضت السلطة المركزية عن تنظيفها.. أو ترك أي مجال لأية بادرة ديمقراطية أو تطور نحو أي معبر يؤدي إلى قليل من أوكسيجين الحريات العامة.
ولهذا السبب, تمكنت القوات المتسللة المجتاحة, من لقاء حاضنات محلية تقدم لها جميع احتياجات حرب العصابات الداخلية والتفجيرات والاغتيالات.. بالإضافة إلى خيانات واسعة مفتوحة تبيع كل ما يباع, عندما تدب الفوضى في بلد تحولت فيه العصبيات والأحقاد الطائفية إلى سلاح دمار شامل.
واليوم كما ترون أصبحت ســوريـا حقل تجارب عالمي, لجميع النزاعات والأطماع الاستراتيجية, تغمرها وتهيمن عليها تجزيئات جغرافية ومحلية ونزاعات وأحقاد كامنة مدفونة طائفية, ومقاتلون من جنسيات غابات الأرض كلها. منهم من جاء طلبا للارتزاق, نظرا للبطالة والفقر السائد في بلده.. ومنهم جــاء للجهاد, حسب تفسيرات دينية عجيبة غربية.. توهبه الخلود بأحضان حوريات بلا تحديد, بجنات فورية منتظرة......
بلد يسود فيه الخراب والموت والعصابات والمرتزقة... ومدن نصف آمنة تكدس فيها ملايين المهجرين من المدن التي يهيمن عليها مقاتلون إسلامويون مختلفون بين بعضهم البعض.. ما بين داعش والقاعدة وجبهة النصرة وجند الإسلام.. وعشرات الفرق الإسلامية المختلفة الأخرى. وكل من هذه الفرق يطبق على البشر المحكومين شريعة إسلامية, بتفسيرات وتطبيقات قاسية متطرفة, يتبارز الفرقاء بإظهار فظائعها, كل أشد من الأخر...
هذه هي سوريا اليوم... والتي يدخل ويخرج خارقا مقتحما الطيران التركي والناتوي سماءها وسماء العراق على هــواه... بلا إذن ولا أية مفاوضة مسبقة.. لمتابعة وضــرب قوات داعش أو مسلحي حزب العمال الكردي PKK... داخل الأراضي السورية والعراقية.. وبنفس الوقت تعلن السلطات التركية الحالية عن إصرار عدائها للرئيس السوري بشار الأسد, وضرورة تخليه عن السلطة... كأننا ما زلنا بأيام السلطان عبد الحميد.. وأن سـوريا لم تزل ولاية عثمانية...
هـل تفهمون اتجاهات هذه البوصلة السياسية التركية.. يوما تحالف وتشجع وتدرب.. ويوما تعادي وتقصف وتحارب... هل هذا الاضطراب والتغييرات الاستراتيجية والحربجية والعنترية.. هو خوف وحماية على حدودها.. (ومــؤخــرتــهــا)؟... أم أنها تتلقى اوامرا مباشرة من سيدتها أمريكا؟؟؟.... للتفكير والتحليل... إن استطعنا بهذه الحرب الغبية التفكير والتحليل...
مــا يشغل الفكر اليوم.. تــســاؤل مشروع.. من كان يعتقد يوما أن سوريا سوف تصبح بلدا مفتوحا لغزاة ومغامرين آتين من عــالــم عجيب غريب آخر.. ينتظر شعبها خلاصه بعجيبة إلــهــيــة.. أو بليلة قدر؟؟؟... لهذا الغد مجهول.. مــجــهــول.. ومجهول المعتم...
*********
عـلى الهــامــش
ــ تغييرات أخرى
رغم التغييرات السلبية المأساوية, والنتائج الفوضوية والنكباتية والخراب وملايين القتلى والمعاقين والمهجرين التي أصـابـت كل الدول العربية التي اجتاحها ما سمي ألف مــرة خطــأ " الربيع العربي "... إني اقترح على جميع الكتاب العرب وغيرهم أن يسموا هذه الحقبة التاريخية المصائبية الشمولية " الطاعون العربي " لأنها تشبه بالهلاك الشامل الذي أصابها فترة العصور الوسطى في أوروبا لما اجتاحها مرض الطاعون وأهلك أكثر من نصف سكانها بسنوات معدودة قليلة... مع الفارق أن هذا " الـوبــاء الـمـجـهـول " هو الذي كان المسبب الوحيد للموت الجماعي... أما وباؤنا نحن, هو تقتيلنا لبعضنا البعض بلا حدود.. لأسباب خرافات دينية مصطنعة.. مخزنة من قرون وقرون.. وأحقاد وضغائن طائفية.. تحولت إلى ســلاح دمار شــامـل استغله أصحاب مصالح عالمية, للسيطرة على حياتنا واستغلال خيراتنا, بعد استغلال غبائنا التاريخي... حتى نقتل بعضنا البعض.. وهذا لم يكلفهم فلسا واحدا, كما تكلف الحروب عادة.. إنما قتلنا بعضنا البعض بغبائنا وبأموال نفطنا... وتـفـرج العالم على نكباتنا المتوالية.. وأرسلوا لنا أنبياء تهيجنا وتحمسنا لزيادة قتل بعضنا البعض.. كبرنار هنري ليفي ولوران فابيوس.. وما زلنا نسير على نفس المؤامرة التي رسموها لنا... لأننا ما زلنا غارقين بأوهامنا أن ما أصابنا إرادة إلهية.. وأن طريقا للجنة وحورياتها.. مفتوح مباشرة لنا.. لأننا نقتل بعضنا البعض في سبيل الله... تــصــوروا.. تــصــوروا.. نقتل بعضنا البعض كالغنم التي تساق إلى المسلخ في سبيل الله... وما زلنا نعتقد بإصرار أننا أفضل البشر عنده... يا للسخرية.. ويا للغباء الطاعوني الذي لا شفاء منه....
شـــفــيــت أوروبا من الطاعون الرهيب في حينه.. بالحرق... وما يصيبنا نحن اليوم أقسى من الحرق... ولكننا لــم نــشــف... ولا أعرف إن كنا بعد سنين من هذه الحرب التي لا أجد أي نعت لها.. ســـوف نــشــفــى!!!...
ــ كلمة لا بد منها عن اللاجئين...
رجال ونساء وأطفال, من أفغانستان, من سوريا, من العراق, من بلاد إفريقية متعددة.. بـــشــر.. قصص حياتية ومعيشية وظروف إنسانية أو لا إنسانية مختلفة متنوعة.. مؤلمة.. جارحة.. مجروحة.. حزينة.. تجتاز على أقدامها الحدود بلا فيزا.. آتية عابرة من ماسيدونيا Macédoine إلى مدينة Presevo جنوب صربيا Serbie.. آخر مرحلة أمل عبور إلى هنغاريا أو بلغاريا أو كرواتيا أو رومانيا.. بانتظار مهربين يمررونهم بأساليب صعبة مريرة أخرى إلى ألمانيا أو إيطاليا أو فرنسا.. أو إلى حيث يأمل غالبهم إلى بــريــطــانــيــا التي لم تعد تتحمل تدفق المهاجرين...
عشرات المؤتمرات الأوروبية من أول هذه السنة, لتفادي هذا التزاحم الهجراتي المتدفق المتزايد.. وأصداء قصص الألاف الذين يموتون على الطريق.. أو غرقا في البحر.. ومن يصل رغم الأخطار الرهيبة المتزايدة... وعن مــآســيــــهــم.. خطابات.. مؤتمرات.. استشارات... والحلول الإنسانية ضائعة.. حيث لا شــيء يتغير في البلاد التي يهرب منها هؤلاء اللاجئون... سوى استمرار الموت بلا سبب... وحيث يصلون... وأينما يصلون تتراكم وتزداد الصعوبات.. ما عدا بعض البوادر الفردية.. وبعض الجمعيات الإنسانية.. أما الجهات الحكومية والرسمية.. تتراكم الطلبات.. وتندر الحلول... ومع كل هذا تتكاثر أعداد اللاجئين, بلا حلول, مئات المرات أكثر من الطاقات الموجودة لاستقبال جحافل اللاجئين من بلاد الفقر والجوع والحروب وفقدان الأمان والسلام...
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة.. حـــزيـــنـــة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟