|
المرأة.. (بين النكد والطموح)
بنعيسى احسينات
الحوار المتمدن-العدد: 4878 - 2015 / 7 / 26 - 22:20
المحور:
الادب والفن
المرأة.. (بين النكد والطموح) بنعيسى احسينات– المغرب
يقال عن المرأة أنها جزما، نكدية بطباعها.. كل الشرورحقا ، آتية من عندها.. كل المساوئ فعلا، تجتمع فيها.. كل المشاكل غالبا ما تصدر عنها.. في كل نساء العالم البعض منها.. تكاد لا تسلم أي أنثى من تأثيرها.. فويل لمن يقع جبرا، في حبال أباليسها.
في كتاب الله، حديثا عن عظيم كيدها.. في النكاح، مَثْنَى وثلاث ورباع للواحد.. في الإشهاد، اثنتان مقابل ذكر شاهد.. في الميراث، حضها نصفا جض الذكر.. أمَة وجارية، ومِلْكُ اليمين عند كل حر.. ناقصةُ عقل ودين، وعورةٌ ومصدرٌ للشر.. فويل لمن لم ينخرط في استعادة حقوقها.
تتفوق على الشيطان الرجيم بكيدها.. يوسوس لنا ونحن لا نراه ولا نسمعه.. فبالاستعاذة بالله منه، نطرده.. ينسحب دوما عندما نلعنه.. وهي بالفعل والبدن تجسده.. بكل قوة وإصرار تنفذ مكائده.. فويل لمن يعوذ بالله من شر شيطانها.
تبغي الطاعة والدلال أبدا من بعلها.. نحبذ دوما السماع: " أنت جميلة".. بل ترداد كلمة "أحبك"، كل ساعة.. لا تقبل التحكم في مصيرها بالمرة.. ترفض النقد والحساب ولو بالإشارة.. تستبد، في كل حديث معها بالكلمة.. فويل له إن لم يعمل دوما على إرضائها.
تقول دوما: "هل تحبني؟" لزوجها.. باستمرار وإلحاح تسأله.. إن أجاب بنعم، لا تصدقه.. بل تشك في قوله وتصده. إن قال لا، ولو مازحا، تصدقه.. وهي غاضبة منه لا تتحمله.. فويل له إن لم يُجبْ عن أسئلتها.
تتهمه باستمرار وجرأة بخيانتها.. تجعل له خليلات وهميات.. تبحث في ثيابه عن بصمات.. عن أثر خيانة وتجاوزات.. شاكة في أخلاقه بالامتياز.. تتعامل معه بلغة الابتزاز.. فويل له إن حاول ولو مرة إقناعها.
تُجري تحقيقات معه في حينها.. مستفزة إياه في كل ليلة.. بل في كل ساعة.. وفي كل دقيقة.. عن أشياء تافهة.. لا تستحق أي وقفة.. فويل له إن لم يستجبْ لأمرها.
تقيم له دوما محكمة خاصة بها.. في كل صباح ومساء.. تصدر في حقه حكم القضاء.. مع التنفيذ والأداء.. وبأعمال شاقة هوجاء.. تعكر صفوه بالجفاء.. فويل له إن احتج ضد أحكامها.
تُقَولُه دائما ما لم يقله حقا لها.. فإن قال: لا لم أقل، تكذبه.. وإن أقسم، لا تصدقه.. عليه أن يردد ما تقوله.. تجعله يشك في نفسه ويصدق مرغما، ما قَولتْهُ به.. فويل له إن حاول لحظة، مجادلتها.
زارعة للكدر دائما في محيطها.. ثرثارة إذا تحدثت.. مستبدة إذا تكلمت.. مالكة للحقيقة إذا نطقت.. لا تقبل النقد من أي إنس.. لا صوت يعلوا عليها ولو بهمس.. فويل لمن يحاول أن يبين أخطاءها.
منطق الكلام وهدوئه لا يُسعفها.. تُزبد وتُرعد بدون سبب.. تَصْرُخُ وتزمجر بدون أدب.. تُقَدِمُ دائما نفسَها ضحية.. وتَخلقُ من لا شيء قضية.. وتجعل من الباطل الواضح حقيقة.. فويل لمن أراد، ولو بسطا، أن ينصحها.
تجعل من "حَبة قُبة" في تقديرها.. تهتم بكل كبيرة وصغيرة.. تحشر أنفها في كل سريرة.. تنبش عن أسرار الناس.. ما بطن منها بالأساس.. تستنجد بالوسواس الخناس.. فويل لمن يحاول إخفاء سر عنها.
ناذرا ما تستسيغ تحملَ مساءلتها.. وجوابها حقيقة بلا دليل.. أوامرها لا تخضع للتأجيل.. بل تنفيذها حرفيا وبالتعجيل.. لا تقبل الجواب بلا، عند الطلب.. ولا تعرف الانشراح، بعد الغضب.. فويل لمن لا يرضى أبدا بأحكامها.
مَيالةٌ دوما للسحرِ والشعوذةِ بطبعها.. راغبةٌ، ولو سرا، في اللجوء إليها.. ولو أنها تتظاهر بعدم الإيمان بها.. لا تخش الله في صنعها.. قريبة جدا من الشيطان.. بعيدة من الله بالعصيان.. فويل لمن يقع في حبال شراكها.
إذا قررت أمرا، فلا مخلوقا يعارضها.. طلباتها أبدا تُنَفذُ في الحال.. فلا تهتم بالعواقب والمحال.. لا تقبل أي عُذْر من الأعذار.. رأيها دوما فوق كل اعتبار.. يَلْزَمُ قبولُه أبدا بكل إصرار.. فويل لمن يحاول يوما أن يتحداها.
إذا تكلمت، تنفث السم من لسانها.. لا تعرف الشكر أبدا.. لا تعترف بالخطأ أبدا.. لا تعتذر عن الغلط أبدا.. بدون أي داع كثيرة النقار.. دائمة النقد والانتقاد بلا مقدار.. فويل لمن، بأي تصرف، يعاكسها.
تدعي المعرفة في كل تدخلاتها.. تتكلم أكثر مما تصغي.. لا تعرف أبدا ما تبغي.. تحتاج لمن يصغي لها.. تريد من يتحدث إليها.. لا لمن يقدم النصح لها.. فويل له لمن يحاول مقاطعتها.
فاقدة للثقة في نفسها وغيرها.. تشك في الشك ذاته.. الآخر عندها جحيم بقدره.. ولو كان أحب الناس بمقداره.. بغير سبب تفتعل المواجعَ.. ناقمة تقض المضاجعَ.. فويل له إن لم يخضع لسيطرتها.
من النكَد أن تتحكم المرأةُ في بعلها.. يتنازل عن كرامته لإرضائها.. يستجيب قهرا لرغباتها.. يتحمل خاضعا لتجاوزاتها.. يلبي رغما عنه طلباتها.. يخضع مرغما لكل أوامرها.. فويل لمن يحاول التمرد عن نهجها.
لكل زوج أصلا، نصيبه من نَكَدها.. قَل أو كَثُرَ، حسب تمكنها.. ما دام الرجل لن ينصفها.. ولم يعمل على احترمها.. وما دام لم يقدر قيمتها.. ولم يعترف أبدا بمكانتها.. فويل له لمن يتجرأ على احتقارها..
حتى هي نفسها لم تنج من نكدها.. ضحية سهلة لمزاجها.. فريسة صائغة لعنادها.. ظالمة لنفسها وغيرها.. تطبق أبدا قبل التفكير.. تعلق أخطاءها على الغير.. فويل لمن لا يكون دائما في صفها.
بائسة لا تدري فعلا أبعاد مقاصدها.. هي نكدية رغم أنفها.. لم تختر أبدا سلوكها.. مضطرة حقا رغما عنها.. ليست شريرة بطبعها.. إنسانة ضحية تنشئتها.. فويل لمن يتجاهل متعمدا، قيمتها.
فالمرأة، كطفل صغير، في بيت بعلها، تحتاج باستمرار، لحسن المصاحبة، مع الحب والتقدير، وتلبية الحاجة، وهي كمجنون بين ذويه وأهله، يتوقعون منه كل مكروه بسلوكه. لكن يتحملونه برفق وحنان لرعايته، فويل لمن لا يتحمل بالصبر، تصرفاتها.
فمهما وصفنا، ومهما أطلنا القول فيها.. لم نف بالغرض إلى الأبد.. لم نفصح عن النكَد.. الكامن في الأعماق.. الغارق في الأنفاق.. الخارج عن الأنساق.. فويل لمن لم يعمل على فهم قصدها.
إلا أنها غير ملومة أبدا عن أفعالها.. مُسَيرةٌ لا مُخَيرةٌ في سلوكها.. الخطأ آت دوما، من تربيتها.. من وسطها، من محيطها.. ندعو لها بالصلاح والهداية.. وبكثير من التوبة والمغفرة.. فطوب للتي، للبر اصطفاها خالقها.
في كل الأفعال، لها حقا ما يبررها.. في الأصل تعاني من وضعها.. في الواقع تشكو من دونيتها.. في العائلة تفتقر لقيمتها.. في المجتمع تفتقد لمكانتها.. في العالم تحتاج إلى إنسانيتها.. فويل لمن يحاول أن يهضم حقوقها.
ولكن، هناك رجال أكثر نكَدية منها.. يحولون حياة أسرهم إلى جحيم.. بالتسلط البشع، بالقهر الأثيم.. بالرعب الفظيع، بالعنف الأليم.. وزرع الذعر في قلب الزوجات.. والتهرب من مسئولية البنين والبنات.. فأين هي النفسُ اللوامةُ عنده وعندها؟
إلا أن النكد عند المرأة، دفاع عن كرامتها.. من هضم الرجال لحقوقها.. من جهل المجتمع لمكانتها.. من عدم الاعتراف بقيمتها.. تبرهن للجميع دوما عن إمكاناتها.. على أنها قادرة على فرض وجودها.. فويل لمن لا يفهم، في الواقع، حقيقتها.
اليوم المرأة بجدارة، تعبر عن قدراتها.. لقد بدأت تخترق جل المسئوليات.. ناجحة بثقة، في كل النشاطات.. مهيأة بحزم، لولوج مراكز القرارات.. تمتلك القوامة في كل المجالات.. والمناصفة آتية حتما، بطعم المساواة.. فويل لمن يضع العصا في عجلة تقدمها.
ليس بالحجاب ولا بغيره تتحقق إنسانيتها.. تحتاج إلى إنصاف واعتراف وجُرعةِ الأمل.. فلا فرق بين الذكر والأنثى إلا بالعمل.. لم تعد فقط موضوع الجنس والإنجاب.. فهي اليوم تحظى بكل تقدير وإعجاب.. لقد أبانت عن إمكاناتها بكل الأسباب.. فو يل لمن لا يصدق جازما، بعدالة قضيتها.
كفى من نشر النكَد، واتخاذِهِ قوت يومها !! كفى من التبعية والحرمان من حريتها !! كفى من التعنيف دوما والتحرش بها !! فإلى متى نبخسُها ونتجاهلُ قيمتها ؟؟ وإلى متى نخاطب جسدها لا عقلها؟؟ ألم يأت وقت لمراجعة نظرتنا لإنصافها؟؟ فويل لمن لا يؤمن بالتغيير في مسيرتها.
----------------------------------------------- بنعيسى احسينات– المغرب
#بنعيسى_احسينات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا عن الحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع بالمغرب؟ / أذ.
...
-
وجهة نظر في الحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع / ذ. بنعيس
...
-
قصيدة: ملقبة بالضاد.. / بنعيسى احسينات
-
لغة الضاد.. / / بنعيسى احسينات
-
لعبة الانتخابات.. (سبع قصائد بعنوان واحد) بنعيسى احسينات - ا
...
-
مارد الإرهاب.. / بنعيسى احسينات
-
ما بعد الربيع العربي.. بنعيسى احسينات - المغرب
-
قصيدة: سباعيات امرأة نكدية.. / بنعيسى احسينات
-
مارد الإرهاب.. / بنعيسى احسينات
-
ما بعد الربيع العربي.. / بنعيسى احسينات - المغرب
-
غزة تستغيث.. (قصيدة قديمة بعنوان جديد)
-
وضعية اللغة العربية الفصحى أمام اللهجات المحلية في العالم ال
...
-
العلم المغربي واستعمالاته السيئة: وجهة نظر نقدية.. / ذ. بنعي
...
-
سيدة السيدات.. / بنعيسى احسينات - المغرب
-
أسئلة حول النظافة والأمن وما بينهما بالخميسات.. / أبو أمل
-
من فظلكم، دعوني وشأني.. / بنعيسى احسينات (المغرب)
-
وداعا (قصيدة مترجمة) / ترجمة بنعيسى احسينات (المغرب)
-
الإنسان والبحر (قصيدة مترجمة) / ترجمة بنعيسى احسينات (المغرب
...
-
قمر الحفلة (قصيدة مترجمة) / ترجمة بنعيسى احسينات (المغرب)
-
شهور السنة (قصيدة مترجمة) / ترجمة بنعيسى احسينات (المغرب)
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|