|
تصرفات القوات الأمريكية في العراق هل هي أخطاء أم هي نوايا خفية ؟
علي جابر الفتلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1346 - 2005 / 10 / 13 - 09:46
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
آن الأوان أن نتساءل وبشكل واضح ، عن تصرفات قوات الاحتلال بدء من الدخول حتى الوقت الحاضر . وحتى لا نكون بعيدين عن الواقع نذكر إن المستفيد الوحيد من إسقاط نظام صدام ، وإسقاط حزب البعث ، الذي حوله صدام إلى آلة يوجهها بالاتجاه الذي يريد ، وتصوروا عندما يتحول كيان بشري ( حزب ) إلى آلة ، سيصبح كيانا بلا فكر ، بلا عقل ، بلا عاطفة ، بلا أحاسيس أو بلا مشاعر إنسانية . نرجع ونقول إن المستفيد الوحيد هو الشعب العراقي المظلوم ، الذي استنشق نسمات الحرية التي حرم منها منذ عهود طويلة ، وكلنا نعرف كيف قدم الشعب العراقي التضحيات على مذبح الحرية ، وكاد أن يجني ثمرة التضحيات في آذار 1991 لولا تدخل قوات الحلفاء حينها في أعطاء صدام جرعة الحياة مجددا حفاظاً على مصالحها ، ومصالح القوى الإقليمية الحليفة لأمريكا ، والآن وبعد إن عصرت ماكنة المصالح الغربية كل العصير الذي يمكن أن يقدمه صدام لها ، ولم يبق منه إلا القشور التي لا تنفع ، قررت هذه المصالح إسقاطه تحقيقاً لأهداف اكبر ومصالح أعظم لو بقى في الحكم . إذن الفائدة التي جناها الشعب العراقي جاءت بمثابة الناتج العرضي حسب اصطلاح أهل الكيمياء . ونعود إلى قوات الاحتلال التي أسقطت النظام المنخور من الداخل في أول صفعة له ، فتهلل الشعب فرحاً بذلك ، ولشدة الفرحة ، واستغراقه في الفرح الغامر ، لم يشعر بداية بالأخطار أو النوايا الخفية للقوات المحتلة ، ولنقل نحن من باب حسن النية ، حتى لا نشعر الآخر إننا نحمل حكما مسبقا على القوات الداخلة إلى العراق ، إن الشعب لاستغراقه في فرحة سقوط الطاغية صدام ، لم يشعر بالإخطار الكبيرة التي اقترفتها القوات المحتلة عند دخولها بغداد ، ولا نريد أن نحصيها جميعا لأنها كثيرة ، لكن ننبه إلى بعض منها ، والتي تركت آثارها السلبية على أبناء الشعب الجريح ، منها مثلاً حل الجيش العراقي بصورة غير منظمة واعتباطية ، والمفروض أن تكون عملية حل الجيش بطريقة عملية وتدريجية منظمة وبالتشاور مع العراقيين لإيجاد الجيش البديل لكن هذا لم يحصل سيما إذا عرفنا إن كثير من أفراد الجيش العراقي كانوا مغلوبين على أمرهم ، خاصة الجنود والمراتب الصغيرة ، أما الضباط خاصة المراتب العالية منهم ، فهم ضباط صدام حسين الذي ملأ بطونهم من خيرات هذا البلد تحت عنوان مكرمات القائد . أما الأغلبية الساحقة من الجيش خاصة الجنود أصحاب الخط العاثر فقد عانوا المرارة من هؤلاء الضباط البعثيون النفعيون . وسبب من قسم هؤلاء الضباط الموت والدمار لهؤلاء الجنود ولعوائلهم المنكوبة ، ولكن نرى في المقابل إن قوات الاحتلال أخذت تقرب بعضا من هؤلاء الضباط ، لتغدق عليهم الدولارات من أموال الشعب العراقي المظلوم ، فتسند أليهم هذا العنوان أو ذاك من الوظائف المهمة من اجل كسبهم لها أي لقوات الاحتلال فتحولوا إلى عيون للإرهابيين داخل مؤسسة الدولة ، إضافة إلى هذا الخطأ أقدمت قوات الاحتلال على عمل اخطر من الأول وهو استباحة المعسكرات ، التي يوجد فيها أطنان من العتاد والقنابل ومئات الآلاف من قطع السلاح التي منها الثقيل ، ووقعت هذه الأسلحة والأعتدة بيد عصابات كثيرة ، وبيد أناس ليسوا أهلاً لحملها ، فحصل الذي نراه يومياً من سلب ونهب وقتل وتدمير للمؤسسات والدوائر وللأشخاص والعوائل بسبب السلاح المستباح . أضف إلى إن هذه العصابات أخذت تبيع هذا العتاد والسلاح إلى جماعات الإرهاب والتخريب من أعضاء الحزب السابق والإرهابيين المتسللين عبر الحدود والجماعات المتطرفة من المتعاونين مع الإرهابيين في الداخل ، فيشترون السلاح بأغلى الأثمان ، والنتيجة يتحملها الشعب العراقي ليدفع ثمن ذلك من دماء أفراد الشعب الأبرياء والخطأ الآخر استباحة الوزارات والدوائر ، ومتحف الآثار العراقي ، فتشكلت عصابات للسرقة والبيع اللا مشروع للأموال العامة تحت عناوين مختلفة ، إذ تقوم كل مجموعة أو عصابة بإيجاد عنوان تؤطر وتشرعن به تصرفاتها اللا مشروعة وكل هذا يجري تحت مرأى ومسمع قوات الاحتلال ومن دون أن تحرك ساكنا ، لا بل تقوم أحياناً بتصوير هذه المشاهد السلبية وكأنها ألعاب تسلية لهم . والخطأ الفادح الآخر الذي يدفع ثمنه الشعب المظلوم ، هو الإبقاء على الكثير من عناصر البعث والموالين للنظام الدموي المندثر في مناصبهم ليلعبوا أكثر مما لعبوا سابقا ، مستغلين الوضع والانفلات الأمني خاصة في السنتين التاليتين للسقوط . وهذا ما يعاني منه جميع العراقيين الآن وفي جميع الدوائر فلا زالت هذه الدوائر تتحكم فيها الأفكار والعقول البعثية التي لا تتحرك إلا في الاتجاه الذي يخرب البلد فتمارس التزوير والسرقة بطرق فنية ولا يشعر بها احد ، فالفساد الإداري بقي كما كان بل زاد عما كان سابقاً في بعض المواقع وعمليات الرشوة والسرقة والابتزاز تجري خلف الكواليس ، والشعب المبتلى يجني نتائج هذه الأخطاء ، ولو كان المحتلون جادين في القضاء على هذه الظواهر التي تضر بمصالح الشعب العراقي لطلبوا من العراقيين تعاونهم في هذا المجال ومشورتهم خاصة العراقيين الذين كانوا يعانون من محرقة صدام في الداخل ، باعتبار إن لهم الخبرة الكافية بالوضع الداخلي في العراق أكثر من الأخوة القادمين من الخارج من الذين هربوا من نار صدام ، أما سكان الداخل فكانوا يكتوون فعلاً بهذه النار ويعرفون المسيء من غير المسيء من أزلام النظام المندثر ، وعندما يتحرك الضمير العراقي المخلص لشعبه ووطنه فيتحرك باتجاه حماية الأرواح البريئة من العراقيين يصطدم بجدار الرفض لهذا التحرك من قبل القوات المحتلة حيث يدعون إن حفظ الأمن من مسؤولياتهم . فأحياناً يتصرفون بالضد من هذا الاتجاه الايجابي للعراقيين النجباء ، فمثلاً عندما يلقى القبض على بعض المجرمين ممن لهم تاريخ اسود مع أبناء العراق ، تقوم قوات الحلفاء بإطلاق سراحهم تحت عناوين مختلفة ، فقد أطلقت سراح مجرم المقابر الجماعية في محافظة بابل جواد عنيفص ، وسراح وزير الإعلام الصدامي محمد سعيد الصحاف ، وأطلقت سراح سعدون حمادي خادم النظام المطيع ، وغيرهم الكثير ممن أطلق سراحهم من دون أي احترام لمشاعر أبناء العراق لمشاعر أبناء العراق ممن عانوا من ظلم هؤلاء ، ومن دون اخذ رأي العراقيين أصحاب الحق الشرعي في مقاضاة هؤلاء المجرمين . فكان الأجدر بقوات الاحتلال أن تحتجزهم على الأقل لحين تسلم العراقيين السيادة ليتخذوا قرارهم بهم . وهناك أمر آخر عانى منه العراقيون كثيراً بعد سقوط نظام صدام ، والمحتلون يتغاضون عنه وهو وجود آلاف المجرمين المحترفين ، ممن أطلق صدام سراحهم قبل سقوطه لغاية كانت في نفسه المريضة ، وبعد سقوط النظام اخذوا يمارسون دورهم من غير تكليف ، فقتلوا ونهبوا ، وتحوّلوا إلى تجار سلاح لصالح المنظمات الإرهابية والعناصر المخربة ، فما كان من العراقيين الشرفاء إلا أن قاموا بإلقاء القبض على بعض من هؤلاء متلبسين بجرمهم المشهود ، وعندما يسلمونهم إلى قوات الاحتلال يقوم هؤلاء بإطلاق سراحهم بعد أيام أو أسبوعين على اقل تقدير ، وعندما يسأل الناس لماذا يطلق سراح هؤلاء لا نجد جواباً مقنعاً سوى أن نبرر ذلك بان هؤلاء لا مشاكل عندهم مع القوات المحتلة إنما مشاكلهم مع العراقيين ، فالأمر أذن لا يعنيهم . إذن ما هي مسؤولية قوات الاحتلال في حفظ الأمن ؟ ربما يقولون إن ذلك من مهمة الشرطة العراقية ، وهم يعرفون إن الشرطة لم تأخذ دورها كاملاً ومقيدة في حركتها إضافة إلى افتقارها للتجهيز والسلاح الفعال . فتصبح الشرطة حينئذ بوضع لا يحسدون عليه . إذ يصبحون هم بحاجة إلى حماية كما حدث لكثير من مراكز الشرطة في أنحاء العراق . نحن نقول إن القوات المحتلة تسير مع العراقيين على قاعدة المثل الشعبي (( لا أغنيك ولا أخليك أت?دي )) وأزاء كل هذه التصرفات ماذا بوسعنا أن نقول ؟؟ هل هي أخطاء أم أنها النوايا الخفية ؟ ونحن نجيب ، وان ديننا علمنا أن لا نسيء الظن بالآخرين ، وان نحمل الأمور على محمل حسن ، فنقول على الأقل في الوقت الحالي ، إنها أخطاء كبيرة بحق الشعب العراقي ، ولا بد من معالجة هذه الأخطاء بأسرع ما يمكن ، لان قوات المحتلة تحولت إلى قوات متعددة الجنسيات بقرار من الأمم المتحدة ، ونحن نقدر التضحيات التي تقدمها هذه القوات من اجل استتباب الأمن وحسب ظننا إن الساسة الأمريكان يدركون تماماً أهمية نجاح العملية السياسية في العراق بالنسبة لمستقبل السياسة الأمريكية في المنطقة ، عليه ندعو القوات المتعددة الجنسيات إلى أعطاء المسؤولين العراقيين حرية أكثر ودوراً اكبر في التصدي لمشاكل بلدهم وان تسلّم العراقيين لمسؤولية حفظ الأمن في النجف لهي بادرة خير نتمنى تعميمها على مناطق العراق الأخرى كذلك ندعو القوات الأمريكية إلى الاهتمام بمشاكل العراق الأخرى كالاقتصاد والبطالة وبناء البنية التحتية والكهرباء والماء ..... الخ وبذلك يمكن أن نقول إن تصرفات القوات الأمريكية هي أخطاء قابلة للإصلاح وليست النوايا الخفية .
#علي_جابر_الفتلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|