أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل عبد العاطى - اللعب الكلمات أو فرويد على الطريقة الشيوعية















المزيد.....


اللعب الكلمات أو فرويد على الطريقة الشيوعية


عادل عبد العاطى

الحوار المتمدن-العدد: 361 - 2003 / 1 / 7 - 03:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


 

في شهر أكتوبر الحالي ؛ وعلى قاعدة عدد من الحوارات حول الحزب الشيوعي السوداني  في منبر سودان نت للحوار؛ هذه الحوارات  التي لم تخلو من حدة من اغلب المشاركين فيها ؛ والتي كان لي طرف المشاركة فيها ؛ استرعت اهتمامي مشاركة متميزة ؛ لأحد المشاركين ؛ ممن يوقع مساهماته باسم الصافي . والمشاركة قيمة وان كانت مبتورة ؛ حيث لم يواصلها الكاتب كما وعد ؛ وان كنت أتمنى إن يرجع إليها بالتفصيل والإضافة . في هذه العجالة أناقش بعض ما ورد في هذه المساهمة ؛ و لأهمية الثيمات المطروحة فيها ؛ فإنني أورد منها هذه المقاطع الطويلة ؛ حيث يكتب الأستاذ الصافي  ؛ وتحت عنوان <<عادل عبد العاطي وثقافة الحوار>> ما يلي :

<<اعتمادا علي كل ما سبق نستطيع الآن أن نقرا في كتابات الزميل السابق عادل عبد العاطي ونجد دونما عناء التركيز الكثيف ((علي مستوي المواضيع التي تناولها وعلي مستوي اللغة التي استخدمها)) علي كونه مختلفا في كل كبيرة وصغيرة مع الحزب .(( بداية بالوعي المبكر بالوجود الحقيقي للحزب بعد الانتخابات ورأيه الشخصي في رؤية الحزب حول هذه الانتخابات وانتهاءا بموقفه في موضوع صديقه امجد)) وموثقا لهذا الاختلاف ((الإشارات التاريخية لأوراق تم رفعها من عطبرة بها آراء ويسال منها زملاء محددين. وسؤال الزملاء بجامعة القاهرة الفرع وحتى سؤال قوات التحالف عن أحد الموضوعات وسؤال الزملاء ببولندا والمساهمة في (قضايا) )).
 كلها شذرات يحاول جاهدا تحميلها لاكثر من مدلولاتها بطمس وتغيب التفاصيل الأخرى في المختلف فيه والمختلف معه باعتبار إن المسائل هي معطاة ..هذا الإغفال المتعمد هو تحديدا ما يوحي برغبة الكاتب المستترة خلف الخطاب بضمير حاضر وطاغي علي الكتابة نفسها بغرض السيطرة علي وعي المتلقي الذي هو بعيد عن هذه التجربة التي الّم الكاتب بكل نواحيها وبشكل مطلق لا رجعة فيه علي غرار ((وشهد شاهد من أهلها)).
 ويذكر الكاتب لهذا المتلقي النتائج المتحصل عليها بغرض الاتفاق معه علي محاربة هذا الحزب فرسم الكاتب صورة عبارة عن شخص واحد تسبب في كل المشاكل فهو الذي فصل أول سكرتير للحزب وكال إليه الشتائم وكذلك فعل بالثاني عوض عبد الرازق وقاسم هذا الشخص له صفة الانتشار في كل الهيئات تاريخيا وجغرافيا وعلي مستوي كل الفروع فهو نفسه الذي كال التهم لامجد ولعلي عمر وله هو شخصيا ..رسم الكاتب هذه الصورة ببراعة فائقة لا تفوقه فيها سوي براعته في تفريغ المصطلحات من معانيها فبالاستفادة من وجود معرفة سابقة لهذه المصطلحات لدي المتلقي يعتمد الكاتب علي تثبيتها وفق ما يراه ومثال لذلك ((اغتيال الشخصية الذي يتحدث عنه))
وربما ذهبنا لأبعد ونري الجذور الأساسية لرغبة الاختلاف عند الكاتب إذ يبدو إنها هي نفسها التي دفعت الكاتب بادئا ذي بدئ للدخول في (( ولا نقول للانتماء إلى))الحزب الشيوعي السوداني .فلكونه حزبا مختلفا عن سائر الأحزاب السياسية السودانية .ولكونه_الكاتب_مختلفا عن سائر السوداني كان لا بد وان يدخل في هذا الحزب المختلف فقط ليختلف معه .>>


في هذه الفقرات ؛ ورغم بعض عدم  الدقة في استعمال بعض المصطلحات أو الضمائر ؛ والتي قد تكون حكمتها ظروف الاستعجال ؛ إلا أننا نجد حزمة من المصادرات ؛ يمكن إجمالها في التالي :
•  تحميل عادل عبد العاطى لوقائع معينة دلالات ليست لها.
•  إغفال تفاصيل أخرى تناقض نتائج الكاتب .
• سيطرة رغبات معينة على الكاتب تدفعه إلى محاربة الحزب الشيوعي .
• محاولة تعميم رغبات الكاتب  على المتلقي من خلال جذبه في اتجاه هذه  المحاربة .
• محاولة الكاتب  السيطرة على وعى المتلقي البعيد عن التجربة وإيصاله إلى نتائج نهائية اعتمادا على تجربة الكاتب .
•  تسطيح الشخصية في صورة عضو الحزب وافتراض شخصية واحدة تطغى على الحزب وتحميلها مسؤولية كل الأخطاء .
•  تفريغ المصطلحات من معانيها واستغلال معرفة المتلقي السابقة لها .
•  سيادة رغبة الاختلاف عند الكاتب بالانتماء لحزب مختلف ثم الاختلاف معه .

إن هذا الدرب في  تحليل النص ؛ باعتماده على منهج التحليل النفسي ؛ وبعض تقنيات التحليل اللغوي يجد منا كل التقدير . وقد دعونا من قبل إلى استخدام مناهج علم النفس وعلم النفس الاجتماعي في دراسة الظواهر الاجتماعية والسياسية . وقد حاولنا تطبيق هذا المنهج في دراساتنا عن الأستاذ محمود محمد طه ؛ وحركة الأخوان الجمهوريين ؛ وفرقة الخوارج ؛ وفي دراسات تاريخية وأدبية أخرى . ولا ريب انه يثير اهتمامنا أن نصبح نحن مادة لدراسة  من هذا القبيل . إلا أن الأخ الصافي في استخدامه لهذا المنهج يذهب بعيدا في مصادراته ؛ ولا يحاول أن يثبتها بدلائل لها من داخل النص المناقش - النصوص-  أو خارجه ؛ الأمر الذي نحاول إثباته في الفقرات التالية .
يبدأ الصافي بإثبات رغبة عبد العاطى في تثبيت  الاختلاف فيقول :" اعتمادا علي كل ما سبق نستطيع الآن أن نقرا في كتابات الزميل السابق عادل عبد العاطي ونجد دونما عناء التركيز الكثيف ((علي مستوي المواضيع التي تناولها وعلي مستوي اللغة التي استخدمها)) علي كونه مختلفا في كل كبيرة وصغيرة مع الحزب " .
 ثم يمضى الصافي لإيراد مقاطع أوردها عادل عبد العاطى لاثبات هذا الاختلاف ؛ وهى مقاطع من مصادر مختلفة ؛ من بينها استقالة الكاتب في العام 1996 ؛ ومساهمات أخرى للكاتب ؛ ونقاشات في منبر سودان نت . ولا يحاول الصافي أن يرجع إلى حدود الاختلاف اليوم ؛ وما هي الكبيرات والصغيرات المختلف عليها ؛ وهل هناك أي قواسم مشتركة للكاتب لا تزال مع الحزب الشيوعي  ؛ كما لا ينظر إلى التطور في مواقف الكاتب من التأييد إلى الاختلاف ؛ بل يجعل ثيمة الاختلاف هي السائدة ؛ حسبما يوحي بان عادل عبد العاطى يريد لها الإثبات  .
إلا إن الصافي يعتقد إن هذا الاختلافات المذكورة والموثقة ؛ إنما هي شذرات يحاول عادل عبد العاطى تحميلها اكثر من مدلولاتها . وهنا يقع الصافي في ثلاثة تناقضات أساسية :
1. لا يوثق الصافي لمسيرة الاختلاف ؛ لاثبات حقيتها ومشروعيتها او عدمها ؛ على العكس من عادل عبد العاطى الذى وثقها في تطورها التاريخي .
2. اعتبار هذه الاختلافات ؛ والتي أدت إلى قطع الصلة بين عادل عبد العاطى والحزب الشيوعي ؛ بفعل درامي هو تقديم استقالة مكتوبة ومسببة وعلنية ؛ وردت فيها حيثيات الخلاف وصيرورته ؛ اعتبارها مجرد شذرات محملة لأكثر من مضامينها ؛ هو عدم إدراك لجدية الاختلاف أو رغبة شديدة في تجاهله .
3. لا يحاول الصافي ؛ عندما لم يناقش تاريخية الوقائع ؛ وعندما اقر ضمنيا بصحتها ؛ أن يستخلص مداليلها الحقيقة المزعومة ؛ وان ينزع الحجب عن تحميلها لمدلولات من خارجها ؛ الأمر الذي اتهم به الكاتب .

إلا أن الصافي ؛ و لاثبات مقولته في تحميل الأحداث والوقائع اكثر من مدلولاتها في منهجية الكاتب ؛ يذهب إلى أن مشروعية زعمه تكمن في أن عادل عبد العاطى يمارس تحميل الوقائع  لاكثر من  مدلولاتها " بطمس وتغييب التفاصيل الأخرى في المختلف فيه والمختلف معه باعتبار إن المسائل هي معطاة ."
مرة أخرى لا يقدم الصافي قر ائته هو للوقائع ؛ ولا يتحدث عن المغيب من التفاصيل الأخرى في المختلف  فيه .. إننا لن نناقش المختلف عنه – الحزب الشيوعي هذه المرة – باعتبار إن موقع القراءة مختلف ؛ إلا أن ما يهمنا هو تفاصيل المختلف فيه .  إن المؤرخ لتاريخ الاختلاف في كل هذا السرد هو عادل عبد العاطى ؛  ويبدو إن تاريخه ليس آنيا ؛ أي محكوم بظروف آنية ؛  و إنما هو مستمر وموثق ؛ وقد وجد ذروته في خطاب الاستقالة ؛ واستمراره في المساهمات اللاحقة لها . لكن الصافي يحاول هنا أن يشير إلى أن هناك نقاط أخري للاختلاف مغيبة ؛ الأمر الذي أدى بعادل عبد العاطى ألي ذكر الوقائع الهامشية للاختلاف ؛ وتحميلها اكبر من مدلولاتها ؛ وكل ذلك  تدفعه رغبة مستترة ولكن طاغية على الخطاب  "بغرض السيطرة علي وعي المتلقي الذي هو بعيد عن هذه التجربة التي الّم الكاتب بكل نواحيها وبشكل مطلق لا رجعة فيه علي غرار ((وشهد شاهد من أهلها))."
في كل هذا النص ؛ يبدو منهج الهرب من التحديد ؛ والإغراق في التجريد ؛ واضحا . وتغدو الوقائع ذات أهمية ثانوية ؛ مقارنة بالقراءة النفسية والرغبات المضمرة – المستترة  حسب قول الصافي-  . فالوقائع التي لا يتم نقضها ؛ لكونها مرصودة  وموثقة ؛ يتم تهميشها ؛ كونها مجرد شذرات ؛ كما أن النتائج الحاصلة منها تستبعد ؛ باعتبار أنها محملة اكثر مما ينبغي ؛ في نفس الوقت الذي لا تقدم  فيه أي محاولة لقراءة دلالاتها "الحقيقة" . كما يتم افتراض وقائع أخرى مخفية ؛ لا يتم الإفصاح عنها أو كشفها ؛ كل ذلك من اجل الوصول إلى رغبات مستترة للكاتب ؛ لا سبيل إلى ضبطها أو توثيقها ؛ تعلن كأنها فصل الخطاب. إن هذا المنهج هو ما نسميه اللعب بالكلمات ؛ وهو منهج يبدأ بتثبيت مغالطة ؛ ويمضى ليبنى كل دعاواه التالية عليها ؛ في محاولة للاعتماد على تقنيات اللغة ؛ وفي مجانبة تامة للوقائع  . وقد فضحنا جزءا من هذا المنهج في مقالنا عن الترابي بعنوان "حسن الترابي : الخطاب المعسول والممارسة العرجاء ".
بهذا الشكل ؛ يصل الصافي إلى أن الكاتب لا يكتفي فقط برغباته- المستترة ولكن الطاغية-  للسيطرة على وعى المتلقي ؛ و إنما "يذكر الكاتب لهذا المتلقي النتائج المتحصل عليها بغرض الاتفاق معه علي محاربة هذا الحزب." أي أن ما هو مستتر قد بان ؛ وهو محاربة الحزب !! ويا لها من نتيجة خطيرة . أن الكاتب في نظر الصافي  لا يكتفي بمحاربة الحزب فقط ؛ وذلك عن طريق آليات تحميل الوقائع اكثر من دلالاتها ؛ وتغييب بعض التفاصيل ؛ و إنما يسعى إلى عسكرة الآخرين للمحاربة معه . إن كل آليات خطاب الصافي هنا توصل إلى النتيجة البسيطة والتي أعلنها الآخرون دون حذلقة ؛ وهو أن عادل عبد العاطى يصفي  مشاكل شخصية له – أو لأصدقائه – مع الحزب ؛ وان  مساهماته تحكمها لوثة العداء للحزب الشيوعي . ألم يكن الصافي قادرا على الوصول إلى هذه النتائج المبسطة دون الغرق في كل هذه الحذلقة اللفظية عن  المعلن والمغيب من التفاصيل والدلالات الكامنة والمفترضة للوقائع وغيرها من الترهات ؟
يحاول الصافي كذلك ؛ أن يصور الوقائع التي ذكرتها ؛  دون أن اقدم تحليلا موسعا لها ؛ في مقالي  عن اغتيال الشخصية في ممارسات الحزب الشيوعي ؛ بصورة مسطحة . فيذكر في ذلك "فرسم الكاتب صورة عبارة عن شخص واحد تسبب في كل المشاكل ؛…؛  هذا الشخص له صفة الانتشار في كل الهيئات تاريخيا وجغرافيا وعلي مستوي كل الفروع فهو نفسه الذي كال التهم لامجد ولعلي عمر وله هو شخصيا " .
 ومما لا ريب فيه أننا في رصدنا لممارسات اغتيال الشخصية ؛ لم نسع إلى شخصنتها ؛ لا في صورة فرد بعينه ؛ ولا في صورة شخص افتراضي ثابت وممتد في الزمان والمكان ؛ كما يحاول أن يوحي بذلك الصافي  . لم نفعل ذلك ؛ لمعرفتنا بأنه في داخل الحزب الشيوعي تتصارع ثلاثة شخصيات رئيسية ؛ تجد تمثلها وسط القيادة والعضوية ؛  وفي سياسة الحزب ؛ وهى شخصيات السياسي – الإصلاحي ؛ والشيوعي السلفي ؛ والماركسي الثوري . وفي اعتقادنا أن الشخصية التي تسيطر الآن ؛ والتي كانت لها الغلبة في معظم تاريخ الحزب الشيوعي السوداني  ؛ هي شخصية الشيوعي السلفي ؛ وهى المسؤولة عن ممارسات اغتيال الشخصية وعن سيادة منهج الجمود في الحزب . ولأهمية هذه الثيمة نوسعها في الفقرات التالية .
فعضو الحزب الإصلاحي – السياسي ؛ هو إنسان أتى إلى الحزب الشيوعي من مواقع سياسية ؛ وهو ذو أفكار ليبرالية في الغالب الأعم ؛ وما وصوله إلى الحزب الشيوعي إلا لانعدام البديل اليساري أو الوسطى عن الأحزاب الطائفية والأصولية . وهو في فكره وسلوكه يتميز بقدر كبير من المرونة ؛ وليس له تمسك عميق بأسس الماركسية ؛ وهو ذو اتجاهات وسطية و إصلاحية وعملية في المقام الأول ؛ في تعامله في الحزب أو وسط الجماهير .
أما الشيوعي السلفي ؛ فهو شخصية دوغمائية وتقليدية ومتحجرة . أتى إلى  الحزب الشيوعي من مواقع رسالية ؛ ويرى في الحزب مصدر وجوده ؛ ولا يرى لنفسه موقعا للعمل او النشاط  خارج صفوفه . وهو في الغالب ذو معرفة متوسطة بالماركسية ؛ لكنه يتمسك بحزم بمقولاتها وشعاراتها ؛ وان كان ذلك في صيغتها الستالينية . وهو شخص غير راغب في التغيير ؛ وغير متسامح مع الرأي الآخر في الحزب أو المجتمع . ورغم ثوريته اللفظية إلا انه قادر على تبرير اكثر الممارسات يمينية ؛ إذا ما أتت من قيادة الحزب المعصومة بنظره . وهو في الغالب الأعم ذو نظرات اجتماعية تقليدية ومحافظة ؛ وان كان يحاول تبريرها من خلال المصطلحات الحزبية .
أما الشخصية الثورية ؛ فهي شخصية مصادمة وناقدة ؛ وذات مواقف يسارية واضحة في فكرها وسلوكها الاجتماعي ؛ ومعادية هي باستقامة لليمين السوداني ولليمين داخل الحزب . وهى ورغم التزامها النظري والعملي بالماركسية ؛ إلا أنها على استعداد للتضحية بها إذا وقفت عقبة في طريق العمل الثوري .
إننا لا نعلن سرا إذا قلنا ؛ انه بطبيعة المجتمع السوداني ؛ وبطبيعة العلاقات القائمة في الحزب ؛ فان الشخصية المسيطرة وذات الأغلبية ؛ هي شخصية الشيوعي السلفي . ورغم انه من الصعب الحديث عن وجود هذه الشخصيات في انعزال تام عن بعضها ؛ او عدم وجود نماذج شخصية أخرى ؛ إلا أن هذه الشخصيات الثلاثة  هي الطاغية ؛ وتتشكل القيادة الحالية للحزب وأغلبية كوادره وعضويته الحاليين حصرا من ممثلي الشخصية السلفية .
إننا بهذا التحليل ؛ والمعتمد على تحليلات عبقرية لأنماط الأعضاء وسلوكياتهم في الحزب لعبد الخالق محجوب " راجع إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير " ؛ وعلى معرفتنا واحتكاكنا بهذه الأنماط ؛ وبقراءات نفسية واجتماعية لنا ولغيرنا ؛ قد توصلنا إلى أن الحزب الشيوعي السوداني  حاليا هو حزب تقليدي يميني  ؛ شيوعي – ستالينى ؛ لا ماركسي . وان الشخصية السلفية المتحكمة فيه والغالبة عليه ؛ تقف حجر عثرة أمام أي تطوير له أو إصلاح فيه ؛ إن كان ذلك كما يريد له البعض في اتجاه إصلاحي ؛ أو في اتجاه ثوري كما أردنا نحن . وعلى هذه الخلفية يأتي فهمنا لكل ممارسات الحزب السلبية من إرهاب فكرى واغتيال شخصية وانفصام ما بين الثورية اللفظية والممارسة اليمينية ؛ وغيرها من أمراضه وسياساته الحالية . ومن البديهي أن هذه الشخصية الافتراضية للشيوعي السلفي المذكور  ؛ لا تعفي من المسؤولية الفردية لكل من يساهم في تثبيت هذه الممارسات و إعادة إنتاج هذه السياسات .
 يكتب الصافي " رسم الكاتب هذه الصورة ببراعة فائقة لا تفوقه فيها سوي براعته في تفريغ المصطلحات من معانيها فبالاستفادة من وجود معرفة سابقة لهذه المصطلحات لدي المتلقي يعتمد الكاتب علي تثبيتها وفق ما يراه ومثال لذلك ((اغتيال الشخصية الذي يتحدث عنه))"
ان الصافي مرة أخرى لا يقدم أدلة على كلماته المتلاعب بها ؛ فهو يزعم ان الكاتب يفرغ المصطلحات  من مضامينها ؛ ويضرب لذلك مثالا واحدا ؛ وهو اغتيال الشخصية الذي يتحدث عنه؛ وسنحاول هنا أن نثبت خطل ادعاء الصافي ؛ ومنهجه في تحليل النص  .
 لقد أشرنا نحن في بداية مقالنا" اغتيال الشخصية في ممارسات الحزب الشيوعي السودانى "  بتحديد استعمالنا للمصطلح بدقة ؛ فقدمنا تعريفنا التالي :
<< واغتيال الشخصية هي مجموعة من الممارسات الهجومية ؛ التي ترمى إلى تصفية الخصم اجتماعيا ؛ لا إلى التحاور معه أو الجدل الفكري أو السياسي مع آراءه ومواقفه . وتستخدم فيها الإشاعة والتشنيع والاتهامات المجانية التي تتعلق بشخصه وأمانته و أخلاقه ودوافعه؛ كما يتم فيها استخدام نصف الحقائق والأكاذيب والروايات الملفقة وغير  المثبتة ؛ كل ذلك بقصد اغتيال شخصية الخصم وتصفية مصداقيته وحرق صورته الاجتماعية في الحياة العامة .>>
إن الصافي لو كان حريصا على مصادراته ؛ لاثبت واحدة من التالي :
•  إن مصطلح اغتيال الشخصية الذي نستعمله ؛ لا يستقيم والتعريف الذي قدمناه له .
• إن الممارسات التي أشرنا إليها في ثنايا المقال صحيحة ؛ لكنها لا تنطبق مع التعريف الذي قدمناه .
• إن الممارسات التي أشرنا إليها غير صحيحة أو مبتورة ؛ وهى بذلك تخرج إطلاقا عن دائرة المصطلح والتعريف .

إلا إن الصافي لم يذهب إلي ذلك كله ؛ وذلك في منهجه المعتاد في البعد عن التحديد والوقائع ؛ والبحث عن المكنون من الرغبات . إننا لا نعلم وليس في إمكاننا أن نعلم إن كان للمتلقي معرفة سابقة للمصطلح أم لا ؛ ولذلك قمنا بتحديد تعريفنا له ؛ والتزمنا بذلك التعريف ؛ وهذا حسب علمي دهى قواعد العلم والعمل المنهجي . إن المتلقي له الحق في أن يحاسبنا إذا ما رأى أن المصطلح لا يطابق التعريف لاسباب لغوية أو منطقية ؛ أو أن الوقائع لا تلائم التعريف ؛ أو إذا كان له شك في الوقائع . أما ادعاء الصافي بتفريغ المصطلحات من معانيها ؛ فلا يدعمه دليل ؛ لا من المثال المزعوم الذي قدمه ؛ ولا من أي شواهد أخرى .

في النهاية يذهب الصافي ؛ في اكتناه خطير لنفسيتنا ؛ ولمصدر أفعالنا ؛  فيقول : "ونري الجذور الأساسية لرغبة الاختلاف عند الكاتب إذ يبدو إنها هي نفسها التي دفعت الكاتب بادئا ذي بدئ للدخول في (( ولا نقول للانتماء إلى))الحزب الشيوعي السوداني ." إلى أن يقول " فلكونه حزبا مختلفا عن سائر الأحزاب السياسية السودانية .ولكونه_الكاتب_مختلفا عن سائر السودانيين كان لا بد وان يدخل في هذا الحزب المختلف فقط ليختلف معه ."

إن هذا المقطع ؛ والذي لا يسنده دليل ؛ يذهب إلى إننا نختلف لمجرد الرغبة في الاختلاف . بل يذهب اعمق من ذلك ؛ ويزعم أننا لم ننتم إلى الحزب الشيوعي منذ البدء ؛ و إنما دخلناه فقط ؛ وهو تماهى  ومحاولة للتناص مع الآية الكريمة " قالت الأعراب آمنا ؛ قل لم تؤمنوا بل قولوا أسلمنا ؛ ولما يدخل الإيمان في قلوبكم " . و لعمري أن هذا منهج في اللعب بالكلمات من طرف الصافي على مستوى مبالغ  . أننا لا نتفق البتة على أن الحزب الشيوعي مختلف عن الأحزاب السودانية ؛ وان حسبناه كذلك ذات يوم ؛ فهو مثلها أو اكثر منها تقليدية ويمينية ورجعية . كما أن انتمائنا لم يكن يوما لحزب أو قيادة ؛ و إنما لمبادئ وقيم ؛ ولا نزال ننتمي إليها رغم التحولات التي اعترت البعض ؛ والتي ستعتري آخرين. وما دخولنا إلى حزب أو خروجنا منه إلا التزاما بهذه المبادئ والقيم ؛ وليس للتعامل مع الحزب صنما يعبد ؛ كما يذهب إلى ذلك السلفيين من الشيوعيين وغير الشيوعيين   . كما أننا لا نزعم الاختلاف عن باقي السودانيين ؛ بل نحن متفقون مع الكثيرين ومختلفين مع آخرين ؛ حسب موقعنا وموقعهم  الفكري والسياسي والاجتماعي  . إن الزعم إذن بأننا دخلنا الحزب "المختلف "  ؛ لمجرد أن نختلف معه ؛ لهو فرية كبرى . إننا لم نختلف مع الحزب إلا لما تبين لنا اختلاف الممارسة فيه عن النظرية ؛ واختلاف المعلن عن الكائن ؛ واختلاف الفكرة الثورية والفعل الثوري عن التحنط الحجري والموات الفعلي ؛ و حينها كان الاختلاف ؛ و ما كان يمكن ألا يكون .

مع التحية لفرويد على الطريقة الشيوعية .

عادل عبد العاطى
27 أكتوبر 2002

 

 




#عادل_عبد_العاطى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدست ...


المزيد.....




- بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
- هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
- طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا ...
- -حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال ...
- لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص ...
- بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها ...
- مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في ...
- -نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين ...
- بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
- الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل عبد العاطى - اللعب الكلمات أو فرويد على الطريقة الشيوعية