أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - حتى نجدد مشروعنا الثقافي!!















المزيد.....

حتى نجدد مشروعنا الثقافي!!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 4877 - 2015 / 7 / 25 - 13:14
المحور: الادب والفن
    


حتى نجدد مشروعنا الثقافي!!
نبيل عودة
تابعت الحركة الثقافية من ابداع أدبي ومسرحي وفني في البلاد منذ بداية وعيي ..ونشرت تقارير صحفية، مقابلات ومراجعات نقدية للنشاط المسرحي والموسيقي والغنائي خلال فترة طويلة جدا بدأت مع بداية العام (1964). أقول بأسف شديد اليوم، ان عدم وجود مؤسسات عربية محلية قادرة على استيعاب الدور الحضاري المؤثر للحركة الثقافية وسائر الفنون الثقافية والفنية، أسفر عن ضياع جهود الطلائعيين الذين قدموا تضحيات شخصية في إرساء القاعدة للتطور الثقافي متعدد الجوانب في أصعب مرحلة من تاريخنا.. لكنهم أهملوا وأفشلوا مع كسر الحصار السياسي والثقافي وصعود القوى التي كنا نحلم ان تعطي قفزة كبيرة للثقافة والفنون.
بعض الموهوبين المسرحيين أصيبوا بحالة يأس واعتزلوا النشاط المسرحي الخلاق الذي بدأوا به مسيرة حياتهم .. وكانوا قد كرسوا أحلامهم لرؤية تطور مسرح محترف وجماهيري ، منهم مثلا المخرج والممثل الموهوب صبحي داموني من الناصرة ، الذي قدم حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي مجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية إخراجا وتمثيلا، شكلت في وقته هبة ثقافية مسرحية غير مسبوقة، بعض المسرحيات عرضت عشرات المرات ليشاهدها آلاف المشاهدين من الناصرة والوسط العربي كله. أقول بمسئولية وثقة ان صبحي استطاع ان يرفع دور المسرح الاجتماعي والثقافي الى مرحلة متقدمة ومؤثرة!!
المفارقة المستهجنة ان صعود اليسار والقوى الوطنية لقيادة السلطات المحلية العربية داخل اسرائيل وتحريرها من سيطرة السلطة، وخاصة في الناصرة، لم يقد ، كما هو متوقع ومنطقي، الى تطوير النشاط المسرحي والثقافي، بل إلى شلله وتقزيمه في محاوله لجعله بوقا دعائيا يخدم تنظيمات سياسية. هذا ما دفع ثقافتنا إلى أوهام ثقافية، فردية وجماعية، لم نخرج منها حتى اليوم.
اسس صبحي داموني مثلا، مع مجموعة فنانين طلائعيين متعددي المواهب الفنية والثقافية "المسرح الحديث" في الناصرة قبل ان يقع ضحية للفكر الحزبي الذي حاول تأطيره وتحويله الى مجرد داعية يقدم "طقطوقات" تخدم نهجا. فأغلق مسرحه يائسا من واقعنا الثقافي، الذي تراجع بدل ان يتقدم، كما كان حلمه وحلمنا وترك وطنه ليستقر في باريس.
لعبت الصحافة كذلك دورا هاما لا أراه اليوم ، نقدا واستعراضا وتغطية صحفية. كان الإقبال على المسرح والأدب إقبالا جماهيريا منقطع النظير، نوع من التحدي السياسي أيضا في مفهوم ما. كانت الندوات الشعرية والثقافية تعقد أسبوعيا وفي مختلف البلدات العربية وبحضور متفاعل ونشيط من المئات، كانت المحاكم الشعبية لمختلف القضايا الوطنية أو الثقافية تقليدا يشد آلاف الحضور.. كانت الندوات الشعرية يحضرها الآلاف وتتحول إلى مهرجانات شعرية - سياسية. للأسف (وأقول هذا مستهجنا) صعود قوى يسارية لإدارة مؤسساتنا الرسمية انعكس سلبا ودمارا على الثقافة. بدأت ثقافتنا تترهل وتتهاوى، بدل ان يجد جيل المثقفين الطلائعيين، الأدباء، رجال المسرح وسائر الفنون الدعم والرعاية.. وجدوا الصد ومحاولات تقزيمهم وإخضاعهم سياسيا، فاعتزل من اعتزل وأبرزهم بالطبع صبحي داموني. نفس الحال جرت في الأدب والندوات الثقافية، اليوم نحتاج إلى محفزات وتأثير شخصي لإنجاح ندوة أدبية.
بالطبع الحياة لن تتوقف ، رغم الكبوة الطويلة التي طالت ثقافتنا .. بدأنا الانطلاق من جديد، لكننا خسرنا تجربة عظيمة وقاعدة شعبية هامة، لا اعرف اذا كنا قادرين على تجديدها بنفس قوة التضحية والاندفاع.
الدرس الهام الذي تعلمته، هو ان تحويل الثقافة والفن الى التزام سياسي هو غباء كبير ومدمر. الأدب هو أدب، هو معيار إنساني ، أي محاولة لجعله خطابا سياسيا أو قوميا أو انتخابيا هي عملية تدمير للمضمون الإنساني للثقافة.
اعترف اني كنت كاتبا مجندا لفكر سياسي، أقول بوضوح اليوم ان كل التسميات لهذا التيار، مثل "الواقعية الاشتراكية" هي تسميات غبية. حتى تروتسكي (من قادة ثورة اكتوبر ومؤسس الجيش الأحمر) اثبت في كتابه العبقري عن "الأدب والثورة" بطلان هذا الوهم عن خلق أدب واقعي اشتراكي. اليوم عبر تجربتي الكتابية التي بدأت مع أول قصة نشرتها عام (1963) اعرف أني أضعت سنوات هامة من عمري في أوهام الأدب الملتزم، رغم ان حسي الثقافي أنقذني بحالات كثيرة من القيود الدوغماتية التي وضعت نفسي داخلها.
لا بد أن اشير الى ان الأديب المفكر والناقد ، المحاضر الجامعي المتقاعد من السوربون، الدكتور افنان القاسم، ساعدني بشكل كبير في التخلص من الكثير من أوهامي عبر عشرات الملاحظات وبعض المراجعات النقدية لقصصي.
الأمر الذي يقلقني حقا اليوم هو غياب التخطيط الثقافي من مؤسساتنا الوطنية الشعبية والرسمية، وغياب الفهم العميق لأهمية هذا التخطيط وانعكاساته على مجتمعنا .
الثقافة هي معيار صحيح لقياس تطور المجتمع .. وغني عن القول ، ان المسرح يعتبر من أهم الأدوات ، وأكثرها فاعلية في إثراء الحياة الثقافية الاجتماعية ، والتأثير عليها .
شاهدت في السنوات الأخيرة مجموعة من المعارض الفنية، من الكونسرتات الموسيقية الغربية، ومن العروض الموسيقية والغنائية الشرقية .. أما المسرح فهو الغائب الكبير، ولا بد ان أسجل ان الأكثرية المطلقة من تلك البرامج كانت تخطيطا وتنفيذا لمبادرات طلائعيين وليس لمؤسسات قيادية غائبة عن الهم الثقافي والفني ، واتهمها أنها عاجزة عن فهم الدور العظيم الذي باستطاعة الثقافة والفنون ان تنجزه لشعبنا. حتى مسرح مناسب لهذه النشاطات لم يبنى في الناصرة وقدمت معظم النشاطات الهامة على مسارح البلدات اليهودية القريبة من الناصرة (الآن تعمل بلدية الناصرة على بناء قاعة ثقافية ومسرح عصري).
صحيح ان تلك النشاطات هي إثراء هام لحياتنا الثقافية والفنية. بالمقابل لا أرى تنامي الوعي (والرغبة في المكان الأول) لدى مؤسساتنا، واعني المؤسسات السياسية والسلطات المحلية وبعض مؤسسات الثقافة التي تحصل على تمويلات من مصادر عديدة، لتبني دورا في تنشيط الحياة الثقافية والفنية، إلا إذا اعتبرنا ان بنود برامجها التي تشمل الثقافة هي مجمل ما تستطيع تقديمه!!.
ان للثقافة والفن دورا تربويا حاسما في تنشئة الأجيال الجديدة ، التي نريدها ان تنشأ منتصبة القامة، صلبة العود، فخورة بانتمائها الوطني والحضاري ، وأن ترى بالثقافة والفنون والعلوم مقياسا لحضارة مجتمعنا. وليس بتمجيد أفراد - أصنام لدرجة العبادة في زمن سقوط الأصنام والأوهام حولها.
اني ارى الترابط العضوي الكامل بين الحديث عن الإبداع الثقافي، وطرح قضايا وإشكاليات هذا الإبداع والقصور الذاتي في توفير وسائل الدعم .
ان غياب اي برنامج ملموس في برامج الهيئات الرسمية ، للموضوع الثقافي (واذا وجد يبقى حبرا على ورق)، هو إشارة حمراء للواقع المتهاوي ثقافيا الذي نندفع اليه بدون وعي.
استطعنا ان نطور ثقافة إبداعية بهرت العالم العربي .. ووصلت الى العالمية ..في فترة سيادة أبشع أشكال الحكم العسكري وقيوده على حقنا بالعمل والحياة الكريمة والتواصل مع تراثنا وثقافتنا العربية خاصة وعالمنا العربي عامة وفرض الحصار الثقافي والاضطهاد القومي بأبشع وأقذر صورة والذي استمر الى أواسط السبعينات من القرن الماضي.
ان مجتمعا لا ثقافيا هو مجتمع من السهل هزيمته، تفسيخه .. وعزله عن محيطه الطبيعي .. وجعله مجتمعا يعيش في محميات طبيعية، أشبه بمحميات الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية . هل نستطيع ان ننسى ما تفوه به لوبراني مستشار رئيس حكومة إسرائيل الأول ، دافيد بن غوريون للشؤون العربية ، عن رؤيته ، وعمليا رؤية السلطة الاسرائيلية .. بان المخطط تحويل الأقلية العربية الباقية في وطنها الى " حطابين وسقاة ماء" ؟!
يومها كان الاتحاد السوفييتي قد اطلق رائد الفضاء الأول يوري غغارين الى الفضاء الكوني ليدور حول الأرض، فخرجنا بهتاف :"يا لوبراني حطابين بمطارق غغارين"!!
اليوم ارى اننا أصبحنا حطابين بمطارق الطائفية..!!
فقط عبر الرؤية النهضوية الفكرية والثقافية، استطعنا ان نهزم سياسة التجهيل، وأن ننطلق في أجواء المعرفة والثقافة والعلوم، لنتحول الى أقلية عربية متماسكة .. اليوم نتراجع، التهريج صار أهم من الفكر النهضوي. الغيبيات تحتل الساحة وتشل العقل. كل هذا ينعكس سلبا عن تطور ثقافتنا. ليس بالصدفة اني كتبت قبل سنوات انه لدينا الكثير جدا من الشعراء ولكن قلة في الشعر..
الظن ان معركتنا انتهت .. هو خداع للنفس. نحن في صراع دائم ومتواصل .. للأسف واقعنا أيضا يتغير للأسوأ.. ربما بسبب المساحة الديمقراطية الواسعة التي بتنا نتمتع بها، بدل ان نستغلها لتعميق الانتماء والإبداع أضحت تخلصا من الانتماء واستهتارا بالإبداع والانضواء تحت فكر طائفي فئوي. تنمية الانتماءات الطائفية اأفرزتنا الى مجموعة جماهير نفتقد للكثير من الروابط بيننا.. خاصة الانتماء القومي، هذا ينعكس أيضا على تطوير مفهوم متقدم لأهمية الفعل الثقافي !!
الثقافة ليست الإبداع الأدبي والفني فقط ، إنما الإبداع المادي أيضا بإنتاج ضروريات استهلاكية للإنسان وهذا ما نفتقده بالمستوى اللائق والكميات الكافية .
عندما نتحدث عن "حضارتنا العربية" نغرق في نوسطالجيا الماضي الصحراوي متوهمين انه كان ذروة التقدم، محاولين الاستعاضة به عن واقعنا "غير الحضاري" اليوم ، بذلك نلغي مستقبلنا أيضا.
ماذا ينفعنا تاريخنا إذا كنا غير قادرين على استئناف ما توقفنا عنده ؟!
من هنا رؤيتي ان للثقافة والتنوير أهمية عظمى في إحداث انطلاقة ثقافية حضارية. ومن هنا اقف ضد أبقاء العقل العربي خاملا مخدرا بأننا نملك العلوم ، وما هي الا "زغلول نجار" آخر ونصبح مصدري علوم وتكنولوجيات برائحة النفط!!
كفى ثرثرة حول إعجازات وهمية ندعي اننا سبقنا بها الغرب . متجاهلين أن علومنا " المخبئة" (ومن أبرزها أن الأرض مسطحة وليست كروية) فات عهد صلاحيتها ، ولم تعد تنفع للتسويق ، في الوقت الذي تحولت العلوم الى قاطرة تنطلق بالمجتمعات الغربية، وتتركنا مترهلى العقل والجسد ، نجتر الماضي ونختلف في تأويله !!
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: مفاهيم الجنون !
- فلسفة مبسطة: نسبية القيم
- هل تجاوز التاريخ شعار دولتان لشعبين ?!
- فلسفة مبسطة: مفهوم النسبية
- أدوات الجريمة...!!
- فلسفة مبسطة: فلسفة القانون
- فلسفة مبسطة: ما هي الفلسفة؟
- فلسفة مبسطة: فلسفة مذهب النفعية
- في ذكرى رحيل الناقد د. حبيب بولس (1948 - 2012)
- فلسفة مبسطة: الشبيحة
- بلدة بلا خطايا...!!
- فلسفة مبسطة: مفهوم حقوق الإنسان
- فلسفة مبسطة: الثورة، النظام والشعب
- فلسفة مبسطة: التفكير الانديكتيفي..!!
- فلسفة مبسطة: سنة أولى فلسفة
- كل شيء يبدأ بخطوة واحدة...
- لعبة الغولف
- خطر على المؤمنين..!!
- فلسفة مبسطة: فشل التوجه الى المرجعية
- فلسفة مبسطة: فلسفة الدحض


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - حتى نجدد مشروعنا الثقافي!!