وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4875 - 2015 / 7 / 23 - 10:14
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
(1) :
المتعة في الاسلام :
جاء في سورة النساء :28 (فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما ) .
حيث اعتبر البعض ان هذه الاية تخص نكاح المتعة ,في حين اعتقد الاخرون انها تخص الزواج الدائم .الا ان الفقهاء المتاخرين من اهل السنة يرون في هذه الاية اشارة الى الزواج الشرعي الدائم ,لهذا فهم يفسرون كلمة (اجور ) بكلمة ( مهور ), وهو راي اكثر مفسري القران . لكن بعضهم يرى فيها اشارة صريحة الى المتعة ومنهم ابن عباس .
لقد اختلف الفقهاء في زمن اعطاء الرخصة للمتعة , وفيما اذا نسخت بعد ذلك ام لا .
جاء في صحيح مسلم ص 390 مانقله لنا ( سبرة الجهني )قال :
اذن لنا رسول الله بالمتعة ( يوم كان في مكة بعد ان فتحها في العام الثاني للهجرة , فانطلقت انا ورجل الى امراة من بني عامر كانت بكرة عبطاء فعرضنا عليها انفسنا فقالت ماتعطي ؟ , فقلت ردائي وقال صاحبي ردائي وكان رداء صاحبي اجود من ردائي وكنت اشب منه . فاذا نظرت الى رداء صاحبي اعجبها واذا نظرت الي اعجبتها . ثم قالت انت ورداءك يكفيني فمكثت معها ثلاثا ثم ان رسول الله امر ,قال من كان عنده شيء من هذه النساء التي يمتع بها فليخل سبيلها ).
الا ان هناك حديثا اخر نقله سبرة عن محمد يناقض كلية هذا الحديث اذ يظهر ان محمدا حرم المتعة يوم فتح مكة وليس العكس . مما ينتج عنه ان المتعة لم تكن ممنوعة قبل هذا اليوم . اما بقية الاحاديث ولا سيما ما اسند منها الى علي بن ابي طالب فانها تحدد زمن النهي عن المتعة يوم خيبر في السنة السابعة للهجرة , اي قبل فتح مكة .
ينتج عن ذلك ان الاحاديث عن المتعة متباينة , بحسب راي كاتب المقال ,بسبب الثقافة الشفاهية السائدة لسكان شبه الجزيرة العربية حيث تم تدوين الاحاديث والروايات والسيرة النبوية بعد فترة طويلة , اي بعد تشكل الفرق والمذاهب وطهور الصراعات السياسية فيما بينها .
لقد كان في مدينة سنان في اليمن سوق وسماسرة للنساء , فكل غريب لاماوى له يمكنه ان يمارس المتعة لقاء مبلغ زهيد . وهذا يعني ان المتعة كانت معروفة وشائعة عند العرب قبل الاسلام , وكان النبي محمد يعرف المتعة ويعرف طبائع العرب.
المصدر :
كتاب (الامومة عند العرب : دراسة في انماط الانوثة والنكاح ) – للمستشرق الهولندي ج.ا .ويلكين – ترجمه عن الالمانية الباحث د .بندلي صليبا جوزي –ط 1 – بيروت – الناشر : المركز الاكاديمي للابحاث – العراق – تورنتو – كندا – توزيع : شركة المطبوعات للتوزيع والنشر – بيروت – لبنان .
(2) ): سعت حائري في هذا العمل البحثي الدقيق لتظهر بان المتعة تواصلت في ايران بعزم وعناد .وهي (اي المتعة ) تستعيد حيويتها كطريقة ثقافية ذات مغزى , لاضفاء الشرعية على اشكال عديدة من العلاقات بين الجنسين , باعتبارها زواجا , وتمكين الرجال والنساء من عبور حدود التمييز الجنسي بصورة شرعية )
لوس انجلوس تايمز بوك ريفيو
(3) :يعتقد اية الله شريعتمداري ان زواج المتعة في عهد الرسول محمد كان مختلفاعما كان يمارس ايام الجاهلية . واكد بان الرسول محمد سمح بعقد زيجات المتعة بشروط سهلة , عندما يكون الرجال بعيدين عن عائلاتهم ,لكي لاتنشا علاقات محرمة بين المقاتلين , وان هذه الزيجات لاتزعزع اخلاق ومباديء المجموعة , وتقي من الامراض, واخيرا فانها تشبع حاجات الرجال الجنسية .
من كتاب :شهلا حائري ( المتعة : الزواج المؤقت عند الشيعة -حالة ايران – 1978 – 1982 ) - ترجمة فادي حمود – ط13 – شركة المطبوعات للتوزيع والنشر – بيروت – لبنان .
تؤكد د.شهلا حائري وهي حفيدة اية الله كاظم الحائري انها حاولت تسليط الضوء على الثوابت والمتغيرات في تاويل الزواج المؤقت .وفي مواجهة تحديات المثقفين من الرجال والنساء العلمانيين من ابناء المدن ,والغرب ايضا .اضطر العلماء الى التامل في انعكاسات هذه الممارسات على المجتمع الايراني المعاصر للرد على الاتهامات القائلة بان زواج المتعة يوازي الايجار .
اعترف العلماء المعاصرون بازدواجية النظرة الشيعية الى زواج المتعة , واستخدموا لغة لاتشير مباشرة الى هدف مؤسسة الزواج المؤقت , ومصطلحات شبيهة بتلك المستخدمة في الزواج الدائم , مثل : ( الزواج المؤقت ) بدلا من ( المتعة ) , او (عقد الصيغة ) او ( السيغيه ) بالفارسي , و (المهر ) بدلا من الاجر .
وهذا الاجراء يهدف الى ( تطهير ) زواج المتعة من بعض دلالاته السلبية , فضلا عن تشويش الكثيرين حول حقيقة اهدافه .
بعد ثورة 1979 تحولت خطابات رجال الدين من الدفاع الى الهجوم . وانتقدوا الاسلوب الغربي للعلاقات الحرة بين الرجل والمراة .وقدموا الزواج المؤقت بديلا مساويا له مع فارق ان الاخير متفوق من الناحية الاخلاقية لانه شرعي .
لقد شدد العلماء بدون قصد منهم على الطابع التعاقدي لزواج المتعة رغم اعتراضهم على الاشارة الى زواج المتعة كعقد ايجار والمال الذي يتم تبادله كاجر . حيث يقولون , بما ان زواج المتعة هو عقد فبامكان المراة ادخال الشروط الملائمة لها في العقد لحفظ حقوقها .لكن مايتجاهلونه هو ان الزواج بالضبط هو عقد , ويتعين على الرجل ايضا الموافقة على شروطه . فاذا وجد الرجل ان بعض الشروط غير ملائمة له , فبامكانه رفض توقيع العقد بسهولة , والغاء الاتفاق من اساسه , فالقدرة على الزواج من اكثر من امراة في نفس الوقت , تعطي الرجل الكلمة الاولى والاخيرة .فاذا كان العقد غير ملائم له ,اوكانت المراة متطلبة جدا , فهناك دوما امراة اخرى يستطيع الر جل توقيع العقد معها .
ان سمعته لن تتاثر برفضه توقيع عقد زواج المتعة , كما ان حظوظه في الزواج لن تتضاءل كما هو الحال بالنسبة للمراة .
ختاما تؤكد الباحثة د .شهلا حائري انه على الصعيد الايديولوجي تعتبر الشريعة الاسلامية لا تاريخية وغير ثابتة , لكن على صعيدالممارسة برهنت على انها تتفاعل مع سائر الظواهر الاجتماعية التاريخية وتتغير نتيجة ذلك .
حول مستقبل مؤسسة الزواج المؤقت
يعتقد كاتب المقال بان الزواج كمؤسسة قائم على اعراف اجتماعية اعطته صيغة وقوة القانون والالزام , اي وضعت تحريمات (تابوات ) لايجوز تجاوزها في العلاقات الجنسية لغرض تنظيمها .ويشير تطور المجتمعات الى ان التطور العلمي والتقني وثورة المعلومات تسير بسرعة هائلة , بخلاف القوانين والاعراف الاجتماعية كمؤسسة الزواج .
ان وجود زواج دائم او مؤقت يخضع عادة لنوع من المساومة وللسطوة الذكورية .
الحرية في العلاقات الجنسية
من الضروري اعطاء الحرية للرجل وللمراة في اختيار نوع علاقتهما اما بالزواج الدائم او بالعلاقة الحرة الخالية من الاستغلال ومن التعاقد .
علاقة قائمة على الاجتماع وممارسة الجنس وبتشكيل اطفال واسرة او من عدم الانجاب والاكتفاء باللذة الجنسية . وبذلك تنتفي اغلب الامراض الاجتماعية والنفسية والتناسلية من المجتمع .
ان علمنة مؤسسة الزواج الدائم ضرورة للوصول الى المساواة بين الشريكين في العلاقة الزوجية , او اقامة العلاقة الجنسية في نظام المساكنة , او من دونه ,وبدون استغلال طرف للطرف الاخر .
ختاما :
هناك ظاهرة زواج متفردة قائمة خارج عقود البيع والشراء والايجار نجدها لدى قبائل الطوارق في شمال افريقيا ومنهم قبيلة ( فوراس ).وهي قبيلة تنحدر من السادة الاشراف من نسل علي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء بنت النبي محمد .والقبيلة لها نفس عادات الطوارق باستثناء عادات الزواج .
تتمتع المراة الطرقية بمكانة مرموقة في مجتمع الطوارق كالجزائر , حيث يعود لها الراي الاول والاخير في تقرير شؤون العائلة .ولا ترغم على زواج لاترغبه , فهي صاحبة القرار الاول في اختيار شريك حياتها .
وفدت قبيلة ( فوراس ) الى المغرب قبل قرون , ودخلوا الجنوب الجزائري حيث عاشوا بين قبائل الطوارق .
لاتطلب القبيلة مهرا لابنتهم ويجهزها اهلها للعريس الذي يقدم هدية ناقة واحدة تذبح في العرس مع جملة الذبائح التي يقدمها اهل العريس للمدعوين . ويترتب على ذلك في حالة الطلاق , ان تاخذ الزوجة الاطفال , ولا يحق للزوج المطالبة بهم ,وان تزوجت المراة ثانية ,تبقى حضانة الاطفال لاهلها الاشراف .
( مجلة الكشكول – العدد 141 – 142لعام 2013 – منتديات الشباب – مقال بعنوان : قبائل الطوارق ماذا تعرف عنهم ؟) .
هذا النوع من الزواج هو من بقايا اثار الزواج الامومي في المجتمعات القديمة حيث ينتسب الاطفال الى امهاتهم وليس الى ابائهم .
مقالات ذات صلة :
مقالتنا( المسكوت عنه في الجنسانية العربية – ج 6 ) وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415982
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟