ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 4872 - 2015 / 7 / 20 - 01:08
المحور:
الادب والفن
من الأدب الكردي المعاصر
محسن عبد الرحمن
قصتان قصيرتان جدا
ترجمة ماجد الحيدر
(1) العهد
هذا خامسُ خميس يأتي فيه الى استعلامات جنابه في الموعد المحدد دون أن يحظى بمقابلته؛ يتهيأ للحضور، وبعينين حائرتين وقلبٍ يملؤه القلق والترقب ينظر الى السكرتيرة الشابة التي كلما خرجت من غرفة الأستاذ ظن أنها ستقول له:
-تفضل. الأستاذ في انتظارك.
لكنها تلقي عليه نظرةً باهته ثم تجلس في مكانها. يوشك الدوام على الانتهاء. إيقاع عكازته على رخام الأرضية يعكس كل شيء، انعكاس ندمٍ على عمرٍ أضاع الفرصة تلو الإخرى!
بنهمٍ وجوع يستعرض جسد السكرتيرة المهمومة المتعكرة المزاج، من أظفار قدميها الى قمة رأسها، ويروح يلثمه ويلعقه. وفي ذروة ثمالته يقول:
-لماذا لا تحفظ العاهرات عهودهن في الليل؟
-من أكثر عهراً، وإخلافاً للعهود؛ أنا المرغمة على إشباع رغباتك القذرة نظير مبلغ تافه، أم أنت الذي منحك الناخبُ صوته وثقته، ثم تتهربُ من لقائه؟!
(2) صيام
مع إعلام المترقبين لرؤية الهلال وبدء شهر السموات؛ أدخلت البشارة المدينةَ في حالة من الاضطراب، الجميع منهمكون، متعجلون للبيع والشراء، هارعون لحشو البطون، زنابير ينهش بعضها البعض، لا يفعلون شيئاً، لا يقولون شيئا، إنهم صائمون.. أفواههم وعيونهم مربوطة، الأطفال المدللون واجمون. المشاة يتحججون بالركاب، وكلاهما يشتم السائقين، المواد المنتهية الصلاحية تفترش الأرصفة، في كل وزن وقياس تلاعب في الميزان، الغش والاحتيال يعمان السوق، من أجل دينار واحد يمطرونك بمائة قسم ويمين، وفي واجهة السوق ثمة شخص يلتهم بنظراته الجائعة امرأة غريبة ويسأل صاحبه: هل يعد اللحم النيء من المفطرات؟!
قبل الإفطار، بعد التراويح، في الطريق الى البيت، عيون المتدين الخارج من المسجد مسمرة على مؤخرات النساء مثل ذئاب تعوي، المؤمنون يذوبون من التقوى، على الأرصفة يخنق الشباب انكساراتهم في دخان الناركيلات، ويطحنون في مطحنة الفتوى/ أوله طاعة، أوسطه رحمة وآخره عتق من النار/ كل ذنوبهم!
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟