محمد ألحمّادي
الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 03:24
المحور:
كتابات ساخرة
راسب في رمضان
استبشرت خيرا قبل أكثر من 1400 عام يوم أن صدرت أوامر ألهيه بتشريع الصيام و تأملت أن لا جوع بعد اليوم , كان ذلك في رمضان العام الثاني للهجرة لأن المترفين سوف يشعرون بأحوال المساكين و يفهمون المغزى من الصيام و يستخلصون العبرة ألأهم من التشريع الكريم هذا, خصوصا حينما تناديهم أجوافهم بالرحمة من ضور الجوع و العطش و يتسارع أرباب العمل باتخاذ قرارات كريمة باتجاه ألتكافل الاجتماعي و يضاعفون أجور عملنا و ننعم بالاستحقاق لما نبذله من مجهود و نصبح في شيء من ألبحبوحة و نوثّق علاقة حميمة مع صانع الكنافة و ربما نتعرّف على ألصديق ألجديد أبو الكباب, و ابدا لن تكون هذه الصداقات حكرا على الأرباب بعد الشهر ألفضيل هذا .
صمت و صام الناس و أنتهى الرمضان الأول من السنة الثانية للهجرة لكن لم يتغيّر الحال , بات الإحباط ينتابني , لكن الصبر عبادة و كان رجائي في الرمضان القادم ألذي شهدنا هلاله ثم تبعه الثالث و العاشر بعد الألف ثم رمضاننا هذا بالعدد 1435 و لم تتوسع علاقاتي الاجتماعية خارج نطاق صديقي التاريخي صبري أبو الفلافل .
بدأت أبحث عن الخلل , لماذا لم يتكافل المسلمون ؟ لماذا لم يعيد أرباب العمل النظر في أجور العمال ؟ و لماذات أخرى تصرخ بدون صدى , ربما لأنهم يعيشون النهار في الليل لا يعملون و لا يجوعون لأن هناك من يعمل و يجوع بالنيابة عنهم أو ربما لا يأبهون بالمسؤولية تجاه الناس رغم تسببهم في خلق أزمة حادة في قوازي المطاعم لأنهم في اّخر الشهر يشعرون براحة بال حينما يغسلون ضمائرهم بزكاة الفطرة ألتي فسرها الفقهاء بصاع أو صاعين من الرز فطرة العيد للفقير ألتي تقدّم بواسطة الجوامع أو المؤسسات الانتهازية و ليس بشكل مباشر للمساكين لأن رؤية البؤساء تفسد فرحة العيد.
نشكر تلك الجمعيات ألتي أنهت الفوارق الطبقية و جزيل الامتنان ألي علماء الدين أذ اجتهدوا و وضعوا توصيف لتلك الزكاة رغم بعض الاختلافات ألفقهية , أثابكم الله أنكم تختلفون من أجل أسعاد ألمساكين, و شكر خاص لكبار الفقهاء ألذين يمنحون عقولنا إجازة من درس الحساب و التفكير , أنهم يدبرون أمورنا و يمددون من سباتنا و نبرأ أمام الخالق أذا خطأنا في حساب كمية الطحين أو مقدار الصاع من الزبيب أو العدس أو غير ذلك من الحبوب حسبما ينتجه البلد من محصول زراعي .
و تم تفسير الصاع أثابهم ألله , على انه أربعة أمداد و كل مد أربع حفنات بيد رجل لا طويل و لا قصير بحيث تكون الكف لا ممدودة و لا مقبوضة , يعني المسألة مثل الحزورة صعبة علينا لذلك تولّى ألأمر أهل العلم بالنيابة و جعلوا الصاع 3 كيلوغرامات أو أكثر قليلا حسب أمكانية المليونير على أن لا تؤثر الفطرة على ميزانية الأسرة و له حق اختيار المنتج الزراعي.
لكن لم يتطرق الحكماء ألي البلاد المنكوبة الغير زراعية و التي لا تنتج ألّا نفطا و لم يحسبوا كم دلّة يساوي صاع النفط و هل للفقير نصيب من فناجين البترول ؟
يا أصحاب العمائم , ان الزكاة في العموم ليست سوى حلول ترقيعيه لم تحل مشاكل العوز و لم تقلل من الفوارق الطبقية ألتي نادت من أجلها الثورة الإسلامية قبل 1400 عام , أمّا بسبب شحتها أو بسبب الفساد الإداري و تسرب تلك الأموال ألي الجباة أو تمويل الإرهاب , أن ما حققته الثورة ألفرنسية قبل 220 عام كان مثالا لما تحتاجه الشعوب اليوم باتجاه رفع الجور و الأجور و تحقيق العدالة.
عليكم أيها السادة أطلاق صوت الشعب قبل أن تعم الفوضى و أجبار الحكومات و مجالس الشعب بإصدار قوانين تحدد الأجر الأدنى من المعاشات و فرض ضرائب على أرباب العمل لتضمن عيش كريم لكل الناس.
أيها فقهاء أنكم تتسترون على الباطل و تعاضدون الأقوياء و تحابون الحكومات , أنتم مع الأسد على الشاة لأن الفقير لا يملأ كروشكم و لا يهدونكم قصورا أو سيارات , أخبروني يا شيوخ الإسلام و قساوسة النصارى هل سوف تزورون بيوت الفقراء في العيد أم تريدون ذلك لكن لن تستطيعوا , لأن المساكين ليس لهم بيوت أصلا .
توبوا عن النفاق و أفتحوا الطريق للفقراء يأخذون حقوقهم , أن صيام 1435 رمضانا لم يحقق رحمة أو تكافل اجتماعي ولم ينتفع ألخالق من جوعكم , أن التشريع أراد ان يحثكم ألى النهج القويم , الصيام ليس جوع أو عطش في النهار و موائد عامرة في الليل بل الصيام درس و عبرة يأتي بعدها تصحيح للمناهج و أن نتعلم من الدرس الأول أي اليوم الأول صيام , لكن يبدو أن المنهج ما زال عسيرا على الأمّة أذ نصوم رمضاناتنا بالكامل و نعيد الدرس و الامتحان عشرات المرات و النتيجة هي النتيجة ,, راسب في رمضان.
#محمد_ألحمّادي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟