|
الحقيقة الصادمة !
عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)
الحوار المتمدن-العدد: 4870 - 2015 / 7 / 18 - 21:48
المحور:
القضية الفلسطينية
الدولة الواحدة على غزة والضفة وال 48 قائمة بحكم الواقع، لكنها ليست علمانية ولا ديمقراطية !!!
الحقيقة هي أن الفكر هو الذي يحرك الحضارة، والمفكرون بآرائهم وأقوالهم هم الذين يصنعون حركة التاريخ، أما رجال الحرب والسياسة فلا يصنعون حضارة، ودروهم هنا إما حماية مسيرتها، والإسراع بحركة سيرها أو تعويق هذا المسير بل القضاء عليه. في سياق حديث المؤرخ د. حسين مؤنس عن أهمية الفكر والمفكرين في تحريك الحضارة الغربية وانطلاقها. من كتاب ( الحضارة ص 323 ). ------------------------------------------------------- هذا المقال هو تكملة لمشروع إقامة دولة علمانية ديمقراطية لجميع مواطنيها من أجل حل إنساني نهائي للصراع العربي الإسرائيلي. في الحقيقة لم أجد مهمة أكثر صعوبة من كتابة هذا المقال لأسباب عديدة، ذلك أن الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، وبعد ما سمي بالانسحاب الإسرائيلي الكاذب أحادي الجانب من غزة، ولضخامة الديماغوجيا الإعلامية الرسمية في غزة، سواء إعلام حماس أو إعلام سلطة رام الله، لا يعلمون في الحقيقة أن غزة لا تعدو عن كونها ولاية إسرائيلية بحكم الواقع De Facto، وهدف هذا المقال هو التوضيح للناس أولا في غزة، وثانياً في الضفة، وفي في 48، وكذلك للمضللين من الشعب الإسرائيلي، ولا ننسى أحباءنا كتاب وقراء هذا المقال من خارج فلسطين، أنه ورغم ما سمي بالانسحاب من غزة فإن قطاع غزة ما زال يرزح تحت الحكم العسكري الإسرائيلي بصورة مطلقة، وطالما أن الاحتلال موجود في الضفة، وموجود في 48، فإن الصورة تغدو بحكم الأمر الواقع أن ثمة دولة واحدة قائمة بالفعل، من رفح وحتى رأس الناقورة، ومن الأغوار حتى تل أبيب ويافا، وأن السلطة الحقيقية في الأقاليم الثلاثة ( غزة / الضفة / 48 ) هي السلطة الإسرائيلية، وإليكم التوضيح. أولاً: إقليم غزة الناس معظمهم في غزة يستشعرون صحة هذه الوقائع، رغم اعترافي بأن الديماغوجيا الإعلامية لحماس وفتح، تساهم بشكل كبير في التزوير والتضليل، وهو ما سنتحدث عنه بالتفصيل لاحقاً. غزة كانت محتلة بالكامل منذ العام 1967 وظلت محتلة حتى بعد توقيع اتفاق أوسلو. هذا الاتفاق مكن إسرائيل من الاستغناء عن قواتها للسيطرة على الأمن في المدن والمخيمات والقرى المزدحمة، والكثير من السذج والبسطاء ( خاصة في شمال غزة المزدحم ) اعتقدوا أن إسرائيل قد انسحبت، ولكن أهل جنوب قطاع غزة ( رفح وخانيونس والوسطى ) كانوا يشاهدون الجيش الإسرائيلي يومياً عند مرورهم من الجنوب باتجاه مدينة غزة. بقاء المستوطنات استلزم بقاء الجيش لحفظ أمن المستوطنين، ولكن مع رفض أهالي قطاع غزة والضفة لاتفاق أوسلو برعاية الرئيس الراحل عرفات، تصاعدت أعمال الانتفاضة الثانية عام 2000 والتي كانت موجهة بالأساس ضد جيش الاحتلال والمستوطنين. طوال سنوات الانتفاضة من 2000 ولغاية الانسحاب الكاذب عام 2005، شاركت الفصائل الوطنية والإسلامية الحرب الضروس ضد الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة. مع قذائف الهاون والصواريخ المحلية بدائية الصنع، تحولت الحياة داخل المستوطنات إلى جحيم وتحول بقاء قوات الجيش في قطاع غزة إلى مسألة مكلفة جدا بالنسبة لإسرائيل، الأمر الذي دفع المخططين الاستراتيجيين في إسرائيل لوضع " خطة الانسحاب أحادي الجانب " التي انتصرت فيها إسرائيل بنقلة واحدة إلى الخلف، تلتها خطوات أخرى للأمام. صحيح أنهم فككوا المستوطنات ومراكز الجيش وانسحبوا من غزة أمام احتفالية هائلة لقناة الجزيرة وقنوات ال BBC وال CNN وتمكنوا من إقناع العالم بأسره بأنهم تركوا غزة إلى غير رجعة. حتى الناس في غزة لأول وهلة صدقوا الماكنة الإعلامية الغربية وصدقوا أن غزة قد تحررت، بل إنني شخصياً في حينها، اعتقدت أيضاً أنه انتصار كبير للمقاومة، وهو لا شك انتصار، ولكنه جزئي ومنقوص، فماذا حدث بعد الانسحاب المزعوم ؟؟! تخلصت إسرائيل من نقاط ضعفها ( تواجد الجيش والمستوطنين في الشوارع )، ولكنها بالمقابل لعبت بأوراق قوتها وتفوقها، فقامت البحرية الإسرائيلية بفرض حصار بحري مخيف حول شاطيء غزة ومنحت الصيادين مسافة 3 أميال لصيد السمك، وتحول شاطيء غزة إلى بركة إسرائيلية يحظ النزول إليها والإبحار فيها إلا بإذن وترخيص من الجيش الإسرائيلي، وحتى اللحظة، فإن إطلاق النار من الأسلحة الرشاشة للبحرية على الصيادين مستمر إذا ما حاول أي صياد اجتياز الحد المسموح، وهو حد مزاجي بالمناسبة، ففي أحيان كثيرة يتم إصابة الصيادين بجراح، وأحيانا كثيرة يقومون بمصادرة المراكب وجرها إلى داخل حدود ال 48 ! من جهة أخرى، لعبت إسرائيل بورقة تفوقها الجوي، سواء في طائرات سلاح الجو والطائرات دون طيار " الزنانات "، بحيث أنهم ومنذ الانسحاب المزعوم في 2005 وحتى 2015 أي طوال 10 سنوات، قد مارسوا الاغتيال للقادة الميدانيين ونشطاء المقاومة وليس آخرهم القائد أحمد الجعبري عام 2012. في حرب العام 2014، تم تدمير أكثر من 40 ألف منزل، وحوالي 95 ألف شقة، وثلاثة أبراج سكنية وتم قتل أكثر من 2300 مواطن معظمهم من المدنيين والأبرياء. وثمة حصار خفي وغير معلن، وهو الحصار الإلكتروني، إذ إن إسرائيل بإمكانها تعطيل بث القنوات الفضائية بالكامل من خلال التشويش بأجهزتها المتقدمة، وقد حدث ذلك مراراً أثناء الحروب. ولم تكتفي إسرائيل بالحصار البحري والجوي والبري، بل قامت بفرض رزمة من العقوبات الاقتصادية القاسية، مثل إغلاق المنطقة الصناعية في بيت حانون وإغلاق حدودها بالكامل أمام العمالة من قطاع غزة، من جهة أخرى، تم إغلاق مئات من مصانع الحياكة وتم وقف استيراد مصنوعات أساسية من غزة، كثلاجات العرض والأثاث وأطقم الخيزران وغيرها. كما تم فرض حظر على تصدير مواد البناء الأساسية فتوقف النشاط العمراني بدعوى أن المقاومة تستخدم تلك المواد لتطوير الأنفاق. والنتيجة ؟؟! تحول قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، نسبة البطالة تصاعدت إلى حدود عالمية غير مسبوقة، انتشر الفقر، زاد التسول بصورة ظاهرة، ولأسباب طبية ما زالت غامضة، انتشر مرض السرطان بعد الحرب الأخيرة بصورة ملحوظة ! من جهة أخرى، وبالإضافة للاحتلال والحصار العسكري، ورغم ادعاء الانسحاب الأحادي من غزة، فما زالت العملة المستخدمة في غزة حتى الآن هي الشيكل الإسرائيلي، وما زالت غزة تستورد الفاكهة والمواد الغذائية والكماليات من إسرائيل ! ثانياً: الضفة الغربية احتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية بعد حرب حزيران 1967، وأنشأت فيها بعض البؤر الاستيطانية، ولكن منذ ضمنت إسرائيل الأمن في اتفاق أوسلو، استغلت هذا الوضع المريح وضاعفت من وتيرة الاستيطان، فتم توسيع البؤر لتصبح مدناً ضخمة على حساب الأراضي العربية التي كان من المفترض أن تكون أراضي للدولة الفلسطينية المستقلة. الضفة خاضعة عسكريا واقتصادياً بالكامل للاحتلال الإسرائيلي، أما صلاحيات " الدولة – السلطة " الفلسطينية فلا تزيد عن صلاحيات الإدارة المدنية ما قبل أوسلو.
ثالثاً: ال 48 يخضع فلسطينيي ال 48 للقانون الإسرائيلي، لهم حق الترشح والتصويت، يحصلون على الضمان الاجتماعي، يتعلمون في الجامعات العبرية ورغم ذلك يعانون من بعض التمييز ضدهم، فمثلا لا توجد في تعليم اللغة العربية حصص مساوية لحصص اللغة العبرية، كما أن نوعية التعليم رديئة بالمقارنة مع المدارس اليهودية، لكن وضعهم في كل الأحوال أفضل من إخوانهم في غزة والضفة بما لا يقاس.
ديماغوجيا فتح وحماس والفصائل رغم سيطرة وهيمنة إسرائيل عسكرياً واقتصادياً على الضفة وغزة، إلا أن وجود السلطتين ( رام الله وغزة ) يخلي مسؤولية إسرائيل أمام العالم عن كافة التزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه مناطق محتلة، والسلطة صورت للناس منذ توقيع الاتفاق أنها على وشك التحول لدولة في غضون خمس سنوات، ورغم أن الصلاحيات التي منحتها إسرائيل للسلطة لا تتعدى صلاحيات الحكم الذاتي المحلي، إلا أنهم ومن باب صناعة الوهم، قاموا بإطلاق إذاعة وتلفزيون واعتمدوا العلم والنشيد الوطني، ولم تمارس هذه السلطة أي سيادة سوى في إعلان التوقيت الصيفي وكذلك في إعلان الإجازات الرسمية ! أما سلطة حماس التي زاوجت بين السلطة والمقاومة، ورغم البلاء الرائع للمقاومة في التصدي للاجتياح البري في حرب 2014، إلا أن إعلام حماس يتجاهل تماماً استشهاد 2300 شخص معظمهم مدنيين ومنهم أكثر من 530 طفلا كما يتجاهلون تدمير 95 ألف منزل وتشريد 250 ألف من الناس في مراكز اللجوء في حالة مأساوية. إعلام حماس تجاهل الكارثة والنكبة واخذ يتحدث عن عملية زيكيم التي لا نشك ببطولة أفرادها، ولكن العبرة بالخواتيم والنتائج. ما زال القطاع محاصرا ولم يحدث إعادة إعمار، وما زلت نسبة البطالة من أعلى المعدلات العالمية مع انتشار الجوع والتسول الخلاصة: 1- غزة محتلة بحراً وجواً ومستباحة عسكرياً، ولا تمتلك المقاومة أي سلاح من شأنه أن يردع إسرائيل. تخضع غزة بالكامل لدورة الاقتصاد الإسرائيلي والعملة المتداولة في غزة هي الشيكل الإسرائيلي. يغادر الناس إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى بتصاريح من إسرائيل ! 2- تخضع الضفة للحكم العسكري وحكم المستوطنين، وتسيطر إسرائيل على نحو 70 % من مصادر المياه لصالح المستوطنات. 3- الفلسطينيون الذين عاشوا في كنف إسرائيل تمتعوا بحقوق الضمان الاجتماعي وحق العمل وحق الترشح والتصويت للمجالس المحلية والكنيست ويسافرون بجواز سفر إسرائيلي. 4- رغم خضوع غزة والضفة للاحتلال الإسرائيلي إلا أن الناس يعيشون في معازل وكانتونات وليس لهم أية حقوق مواطنة أو حقوق سياسية أو حقوق سفر وتنقل إلا بالحد الأدنى مع معاناة شديدة في الإجراءات. 5- الأقاليم الثلاثة غزة والضفة وال 48 جميعها خاضعة للسلطة الإسرائيلية الواحدة لكن مع أنظمة قوانين مختلفة لكل إقليم. تتملص إسرائيل من كافة التزاماتها الأخلاقية والقانونية تجاه سكان غزة والضفة بسبب وجود سلطتين شكليتين بلا أي سيادة حقيقية. 6- إسرائيل دولة غير علمانية ترخص أحزاب دينية للعمل السياسي، ودولة غير ديمقراطية لأنها لا توفر مساواة وشروط حياة متكافئة لجميع الناس الخاضعين لسلطتها في الأقاليم الثلاثة. 7- من الأفضل للفلسطينيين القيام بحل السلطتين والفصائل الفاشلة والتوجه إلى العالم بخيار إقامة دولة واحدة علمانية ديمقراطية على كامل التراب الوطني، والمطلوب من اليسار الفلسطيني تحديداً أن يقود تحولات تاريخية فكرية وثقافية تلائم خيار الدولة الواحدة.
#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)
Abdallah_M_Abusharekh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شكرٌ وتقدير للحوار المتمدن وكتّابه وقرائه !
-
لماذا يجب المطالبة بدولة واحدة ؟؟!
-
من فرنسا إلى القدس: وخطيب الأقصى داعشي أيضاً !!!
-
مطلوب حل السلطتين وجميع الفصائل بلا استثناء !
-
حسن الرضيع والحوار المتمدن !
-
عمّال غزة بين حكم الغوغاء والحصار الصهيوني !
-
بعد اليونان: مطلوب استفتاء فلسطيني !
-
نظام التوجيهي المتخلف متى ينتهي ؟!!
-
وماذا عن دواعش إسرائيل ؟!
-
نصف المجتمع داعش !
-
رسالة عاجلة إلى الرأي العام الفلسطيني !
-
ورقة للنقاش: هل كان العنف المسلح ضرورياً ؟؟!
-
نحو الخيار الاستراتيجي .. الدولة الواحدة !
-
دولة في غزة أم توطين للاجئين ؟؟!
-
ال BDS حرية، عدالة، مساواة ! نظرة على مفهوم اليسار الجديد
-
حل الدولتين ترسيخ للعزل العنصري الصهيوني !
-
22 عاماً على اتفاق الذل والعار !
-
صنم الثورة وصنم الدولة وصنم المقاومة !!!
-
عن البقرات الحلابات في حظيرة الاتصالات !!
-
إسرائيل ليست يهودية بل عنصرية !
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|