أسماء غريب
الحوار المتمدن-العدد: 4870 - 2015 / 7 / 18 - 13:50
المحور:
الادب والفن
الحرفُ طفلٌ جميلٌ
وُلدَ ذاتَ فجرٍ بينَ نهريْنِ
وجَبَليْنِ وبيْتيْنِ
وأمّـُه النُّقطةُ
سيّدةٌ شديدةُ الحُسْنِ والبَهاء
علّمتُه كل شيءٍ
إلا أنّها نسيتْ أنْ تلقّنهُ دَرسَ الحياة الأهمّ:
كيف يحبُّ أو يعشقُ امرأةً ما؟
*
ومُنذُ ذلكَ الحينِ والصبيّ
كلّما رأى امرأةً جميلةً أحبّهَا
كمَا يُحبُّ أمَّهُ أو أكثَر
إلا أنّ النساءَ لمْ يكُنَّ كلّهنّ طيّباتٍ
كأمّه الحنون المعطاء العطوف
وآذَيْنَهُ كثيراً
وأخذْنَ منهُ كُلّ شيء جميلٍ
ولم يتركنَ لهُ سوى الدّموع
والخيبَات والحسراتِ
*
وحينمَا كَبُر الحرفُ
وأصبحَ رجلاً ناضجاً
اكتشفَ أنّه يميلُ إلى الشّموس الباهرة
أجلْ، فقد كان يأسرهُ بريقهنّ السّاحر
ولمْ يكنِ المِسْكينُ يعرفُ
أنّهُ أصيبَ بمُتلازمةِ زليخة
وهذا مرضٌ وحدِي أنا أعرفُ أعراضَهُ
ووحْدِي رُزِقْتُ شفاءَهُ
*
أجل يا صاحبِي
فمتلازمةُ زليخة تُصيبُ النّساءَ
والرجالَ أيضاً
وإن لمْ تصدّقني
فاسأل عنها يوسفَ الصدّيق
*
وكمْ كانَ حظّكَ سيّئاً يا صاحبي
فكلّ النساءِ اللائي كُنْتَ تقعُ في حبّهنّ
لم تكنْ بينهنَّ ولا امرأة واحدة
يوسفيّةَ المذهبِ والهَوى
بلْ كنّ كلهنَّ زليخيّاتٍ بامتياز
يُحببْنَ اللّعبَ والمُغامرة
*
لكنّكَ اليومَ شُفيتَ
نعمْ،
شُفيتَ منْ كُلّ نسائكَ الماضياتِ
وشموسِكَ الحامضاتِ
وبريقهنّ الزائفِ الكاذبِ
لأنّني منذُ البدءِ كنتُ
ولمْ أزلْ معَكَ نقطةً معطاءً
سَقَتْكَ إكسيرَ الشّفاء
في كأسِ الحرفِ والكتابَةِ
وقَدْ كانتْ هذِهِ وصيّة أمّك
الملاكَ الطيّبَ الرؤوم
*
نعم، هيَ منْ قالت لِي
حينمَا تَجَلّتْ لِي ذاتَ صلاةٍ:
لا شفاءَ لابني منَ الشموس الحامضةِ
إلاّ عبْر الكتابةِ
فَـدُلّيهِ أيتُها النُقطةُ اليوسفيّةُ
على النّون والقلمِ والحِبْر والدّواةِ
ففيهمَا خلاصُه
ولا تَدَعِيهِ أبداً أبداً
يسقُطْ فِي شرْكِ الفاحشة
*
لذا، فلاَ تشْكُرْنِي يا صاحبِي
وإنّمَا اشكُرْ قَلْبَ الأمّ
الذي كانَ ولمْ يزلْ
يُحِطْكَ بعنايتهِ
مُذْ كُنْتَ فِي المَهْدِ صبيّا
#أسماء_غريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟