|
أنت نغمة
مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 4869 - 2015 / 7 / 17 - 20:34
المحور:
الادب والفن
أنت نغمة ( غدا سأنساك يا ابنة الأمس... ـ مراد سليمان علو ـ ) عالمك سيدتي نغمة جميلة. أجمل من باقة ورد وهي تلامس جنون جدول ماء. أتأمل عالمك، وأحاول أن أقتنع كمتفرج. لا تغرّك رغبتي في الدخول، ولا تصّدقي عيني الأيسر إذا ما رفّ، فأنت لست سماء لأكون فيها نيزكا، ولست أرضا لأكون عليها بركانا، ولست زرعا لأكون له مطرا. أنت نغمة جميلة، وأريد أن اكون أول من يسمع هذه النغمة، وربّما كان هذا هو المفتاح السحري للدخول إلى عالمك. غدا سأدخل عالمك. غدا سأفكر بغدي. (أغدا ألقاك*)؟ غدي الضبابي في عالمك الساحر. الملّون، والمليء بالنغمات الجميلة. عالمك الدافئ الذي احلم به. وقبل الدخول لنرقص. لنرقص تلك الرقصة التي تحبينها. حتى لا تختنق كلماتي، وإن بقيت الكلمات ترقص على أنغامك الشجية لن تبوح بالسر. سرّ بكائي في حضرتك، وسرّ بكائك على كتفي، ولن يعلم أحد بأنني قبّلت جبينك القمري. ارقصي فما قيمة النغمة إذا لم ترقصي عليها. أحضن خصرك الراقص. تتلاحق أنفاسي، ومن خلال الرقص المجنون والأنفاس الهاربة أتأمل عالمك الراقص. من قال لك إني أجهل عالمك؟ كيف صدقت بأنني قوي، وبأن قلبي منحوت من صخر (سنّ الكلوب**) ومن حجارة (جبل أولمبيس***)، وكيف لم تفهمي بأن قلبي قادر على أن يسابقك رغم ضعفه، وفزت أنت في سباق (تسلق درجات الفندق) ايتها الماكرة. ايتها العزيزة. الفراشة تحرق نفسها لتعطينا لحظة من السعادة. ويتصاعد دخان الأمل، وتتراقص كلماتي خارج سور عالمك. عالمك الممنوع. لماذا لا تؤمنين بالفراشات، باحتراقها، بهجرتها، بألوانها، بسعادتها وهي ترفرف، وتتباهى بكحل أجنحتها؟ لماذا لا تؤمنين بابتساماتي، بلمساتي، بنظراتي؟ لماذا لا تؤمنين بكل ما اكتبه عنك؟ متى ستخلعين عنك رداءك الجليدي؛ لتضيعي في ردائي؟ هل تريدين أن تتعرفي عليّ اكثر؟ أنا الحجل الذي لا يغرّد إلا على جبل (شنكال). أنا نغمة علوية. أنا نغمة عالمك إن كان لعالمك نغمة. أنا دموعك التي تذرفينها. الدخول إلى عالمك أسهل مما تظنين، ولكني لا أدخله خوفا عليك، ولأنني أحبّك. يحرجني جرحك لي، فمثلما أنت خائفة في الداخل. خائف أنا في الخارج. ليس لي إلا قامتك، ولكنني لا أملك حق الاستلقاء في ظلها، ليس لي إلا عينيك، ولكن ليس لي خيار النظر اليهما. أنت ليلة شتائية طويلة لا صباح لها تزيد ألمي، ولا أستطيع الهرب منها. باق أنا فيك؛ لأجنّ بك، وكلما بدأت كلامي تقاطعني ضحكتك، وكلما أنهيت كلامي يعيد اللحن نفسه، وتعيد النغمة نفسها في اللحن، وأعيد أنا نفسي فيك. ويحتضر اللحن، وأزداد حيرة. لست مرتبكا، ولكن حركتك الاستباقية هي رقصة، وما قيمة اللحن إن لم يكن راقصا، وما قيمة الومضة إن لم تشتعل بك. أنت يا صاحبة القلب المنحوت من حجارة (الأسكينية****). لماذا إذا بكيت؟ تستجدين الدموع، ودموعي لديك. ما قيمة العيون إذا لم تبك؟ ثلاث سنوات والبوح مهنتي. ثلاث سنوات! ومتى كنت خارج عالمك؟ ثلاث سنوات! ولم أنته من وصف العسل في عينيك بعد. فارغة أنت بدوني. ما أنت إذا لم أقف في بابك. خالية أنت من الرغبات إذا لم أرغب في الدخول إلى عالمك البلوري. مجوفة أنت بدون كلماتي التي تعيد ترتيب جسمك، وتنسق تقاطيع وجهك، وتمسح دموع عينيك وتلمع أحلامك. فارغة أنت، وتمتلئين بغتة بدخولي. غدا سأنساك يا ابنة الأمس. سأدعو أصدقائي ـ شعراء الحبّ ـ ليحرقوا قصائدهم التي نظمّوها عنّا وسأحتفل بنسيانك، وإن اقتربت يوما من نوافذك استنكري وجودي. جامدة أنت كمنارة (شنكال). صامتة أنت كجبل (شنكال)، ومتقلبة أنت كفصول (شنكال). أسخر من جميع محاولاتي، والطفل في داخلي يتوق دوما لمحاولة ثانية، ويبكي، ويصرخ بكاءا. كان الوقت أغنية صامتة وكنت أردّدها لوحدي، وكل النجوم كانت تريد أن تحكي قصصها وأنتظرت مثلي لأنني كنت لوحدي. دائما كنت لوحدي معك في عالمك، وعلى طريق الأمل بانتظار أن يضيء الطريق، وكان الثمن ثلاث سنوات من العبث اللا مجدي دون العثور على بوابة الدخول. كنت أبحث عنك في ثنايا النغمة في هسيس الخطوة. في ظل النخلة. في مذاق الخمرة، وفي لون عيوني. ولكن دائما كنت أختار الوقت، والمكان غير المناسبين، وعدت إلى (سيباى) كأنشودة حزينة لفتاة منتحرة. فلقد غرقت أحلامي في محاولة العبور إلى ضفتك حيث أنت. إلى عالمك المعلّق كبالونات العيد، وفرارات الأطفال، ولم يأت عيدك يوما لتكبر البالونات، وتدور الفرارات بفرح.
طوال ثلاث سنوات وأنا اطرق بابك لأقدم لك القصائد، والورود، والبخور، ومنذ ثلاث سنوات وتقولين لأصدقائي: يا له من مجنون!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *أغدا القاك: أغنية مشهورة لأم كلثوم. **سنّ الكلوب: نتوء صخري بارز في جبل شنكال. تقول الأسطورة إن سفينة النبي نوح توقفت عنده. ***جبل أوليميوس: أعلى جبل في اليونان، وكان يعتبر جبلا مقدسا في الميثولوجيا الإغريقية لاعتقادهم بأن آلهتهم تعيش فوقه. ****الاسكينية: قرية في جبل شنكال مشهورة بكثرة الحجارة فيها.
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنت البداية
-
الهجرة اليك
-
السير على الحرير
-
الحب واللاحب
-
الأصدقاء الثلاثة
-
أغار عليك
-
أصابع أتهام
-
أريدك أن ترحلي
-
أحزان الحب
-
احتلال الحب
-
بتلات الورد64
-
أحبك
-
صديقي القديم96 و97 و98 و99 و100
-
صديقي القديم93 و 94 و 95
-
صديقي القديم90 و 91 و 92
-
صديقي القديم87 و 88 و 89
-
صديقي القديم84 و 85 و 86
-
صديقي القديم81 و 82 و 83
-
صديقي القديم78 و 79 و 80
-
صديقي القديم75 و 76 و 77
المزيد.....
-
في اليابان.. الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان يعزز جسور التباد
...
-
“سجل الآن“ اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون 2024 بالجزائر و
...
-
الحب كحلم بعيد المنال.. رواية -ثلاثية- لأديب نوبل يون فوسه
-
المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
-
الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
-
فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
-
تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
-
RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار
...
-
فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد
...
-
حذاء فيلم -ساحر أوز- الشهير يُطرح للبيع بعد 20 عاما من السرق
...
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|