|
اللينينية هي الثورية (نقد ذاتي حول مقالاتي السابقة حول اليسار الجديد)
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 23:59
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
"ما وقع باليونان هو حقيقة السلطة السياسية" ، هكذا يعترف الناطق الرسمي لحزب بوديموس الإسباني، يريد أن يقنعنا بالمرة بتلك الخرافة القديمة التي مارستها الأحزاب التي صعدت إلى الحكم: هناك إكراهات سياسية تجبر على تغيير ما تغرده الأحزاب في حملاتها الإنتخابية، نحن في المغرب كنا نعرف هذه التلميحة الجميلة ولو بشكل مصغر ومجرد عن تلك الروابط الكولونيالية، كنا نفهمها ذاتيا ودستورنا الجميل يظهرها للعيان، الملك هو الحاكم المطلق في البلاد وما دون ذلك عبارة عن نعيق تردده غرباننا الحزبية،أما في أوربا والغرب عامة، ولضرورة درء الروتين السياسي الملعون، كان محمودا جدا تغيير وجوه اعتلاها البؤس بسبب من ذلك الروتين لمدة أربع أوخمس أو أكثر حسب دستور كل بلد بوجوه جديدة نعقت أكثر في الحملات الإنتخابية أو حين مارست المعارضة البرلمانية، إن روح اليسار الجديد الذي ثرثرنا حولها في مقالات مضطربة من موقع أن كتابتها كانت في صلب الحدث،انطلاقا من الحضور في التجمعات والمتابعة الميدانية كشاهد عيان كما يقال، برغم أن أمورا تقع أمام أعيننا ونحاول تفسيرها بتلك الطريقة البئيسة جدا حين ننعتها بخطاب المرحلة، او خطاب الموازين السياسية: حزب ثوري عادة لا يشهر أوراقه في التغيير إلا في مرحلة الوصول إلى السلطة والتأكد من السيطرة بزمامها...، عشية دخول بوديموس بنجاح باهر في الإنتخابات الأوربية، ولأنه في حينها كان قوة ناشئة لم تحسم عمليا في وضع بناء تنظيمي ظاهر احتاجت معه وسائل الإعلام إلى ضبط المسؤول عن الحزب، فرض كاستجابة للأمر وضع لا ئحة للتسيير انتخبت بالشكل الذي كنا طبلنا له في عدة مقالاتنا، كانت الفكرة هي وجود ناطق باسم حزب كضرورة مرحلية تفرضها طبيعة الأنظمة الرأسمالية،وليس سكرتير عام بالمعنى الكلاسيكي، وبما أن بوديموس هي من نفس روح تأسيس سيريزا اليوناني اعتبرنا الإستفتاء أمر قاصم في حسم الصراع مع الترويكا، إن الشعب اليوناني صوت ضد خضوع اليونان للدائنين باعتبارها ديون غير حقيقية، بل ديون قمار رأسمالي، لكن لا أحد، ومن داخل حزب سيريزا نفسه توقع أن يأتي رئيس الحزب ليفصح بتلك البلاغة التي ألفناها عند أمناء الأحزاب الكلاسيكية: "لا أستطيع أن أنتزع سوى ما فرض علي، هناك سقف للتفاوض" ومعنى هذا أنه لم ينتزع أي شيء ومع ذلك خاض الوزير الأول اليوناني في وعود مألوفة سلفا: بعد خمس سنوات سنعيد بناء اقتصادنا بديون الترويكا وسنعيد ما سنسلبه من حقوق اجتماعية..” نفس خطاب راخوي اليميني المتطرف بإسبانيا .. اعتبر هذا نقد ذاتي لحماستي في التعريف باليسار الجديد، لكن أيضا يجب أخذ الامور في شكلها النظري انطلاقا من روح تملأني إيمانا بالتغيير، لا زلت أعتبر أحزابا شيوعية راكمت التجربة لسنين ولم تحدث تحولا ملموسا، ولأنها كذلك، بل زادت جماهيريتها في ضعف أكبر (تصوروا الحزب الشيوعي الإسباني لا يحضر في اجتماعاته إلا الشيوخ يعيدون ترنيم ذكرياتهم الجميلة، أغلبهم مصاب بالزهايمر ولا زال على نقيض بعض الزهايميريون العرب الذين تخيلو موت الشيوعية فجأة، يصوت في قرارات الحزب).. إن الأحزاب الجديدة لا زالت تنقصها الثورية برغم اجتياحها بفعل الممارسة الميدانية لما نسميه بالديموقراطية التشاركية للحقل الإجتماعي، لا زالت لم تستوعب بعد الضرورة في خلق قفزة نوعية،لكن هذا أيضا يمكن مناقشته في إطار الإكراهات التي يفرضها الإنتماء الإقليمي: إن المبرر الوحيد الذي أعطاه ألكسيس تسيبراس في توقيعه على شروط الدائنين الماليين هو أنه لا يريد أن تحرج اليونان من الإتحاد الأوربي، وهو موقف شخصي لم يستوعب بعد نتيجة الإستفتاء،إن غياب الثورية في قرارة رئيس الوزراء اليوناني هو ما ألح عليه قبول شروط الترويكا الأوربية، لكن وعلى نقيض المجتمعات العربية استوعبت الجماهير القرار ودخلت في صراع آخر: أوربا لجماهيرها وليست للترويكا، بدت ردود الفعل قاصمة، حملات لمقاطعة المنتوجات الألمانية والفرنسية باعتبارها المهيمنة سياسيا في أوربا، تصدع كبير في حزب سيريزا اليوناني من منطلق أن رئيسه خائن، اعتبار قرار التصويت البرلمان اليوناني ليس قرار الشعب، حملات دعم مادية بالمساهمة ولو بيورو لمساعدة الشعب اليوناني..هذه أمور كافية دون ان نجرؤ على التكهن بما ستأتي به الأيام وفي الاخير تمت محاكمة جماهيرية للديموقراطية، تعرت قضيتها: أرباب عمل ألمان وفرنسيون ومن جنسيات أخرى يطالبون بحكومة تكنوقراط باليونان ضدا على تصويت الشعب.؟؟ هذه هي الليبيرالية الجديدة التي التقفها بعض مثقفينا.. إن نقدي لللينينية هو في الاصل شكل لنقد عملية التمثيل التي تتبناها الأحزاب الشيوعية في غياب معطيات الواقع، إنه نقد لللينينية الحداثية التي تماثل وضع روسيا القيسرية التي لظروف خاصة احتاج لينين معها لثورة هي كما نعرفها الآن، لا انتقد لينين في فهمه لسيرورته المرحلية، ننتقد اللينينية في وعيها الحاضر في غياب قبضتها المعرفية للواقع، البروليتاريا تغيرت أشكالها، انتقلت من العمل الفيزيقي إلى العمل الذهني بشكل تفاوتي طبعا، وصولا إلى العمل المبرمج رقميا، أشكال عمل الإيمبريالية مختلف تماما على أشكاله في زمن لينين، وبخلاصة إن الشكل اللينيتي للثورة مختلف عن شكلها في زمن لينين، إن الجديد الذي أضافته اللينينية للماركسية هو شكلها الثوري وهو ما ينتقص اليسار الجديد في مرحلتنا الراهنة، أي بأي شكل يمكننا أن ننجز ثورة في وجود ظروف مختلفة عن ظروف لينين، هذا هو السياق العام الذي أدافع عنه. لقد أثبت عمليا أن الامناء العامون للأحزاب الشيوعية، المصابون بالزهايمر بسبب الشيخوخة خصوصا في عالمنا الشرق أوسطي وشمال إفريقيا،هم من لا يزالوا قائمين على فاكهة الوقت، تحول أغلبهم بفضل الرصيد النضالي التاريخي الذي يحسب لهم إلى كهنة معيقون للتطور،أي أنهم ليسوا لينينيين إلا بالإرث الكهنوتي، اللينينية هي الثورية، هي التجدد الديناميكي حسب الظروف، هي تحقق القفزات الثورية.. اللينينية هي التجدد الثوري
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-النص السياسي- والمتلقي العربي (أزمة اليونان نموذجا) محاولة
...
-
علاقة اليسار الجديد بالقديم هي علاقة قطيعة وليست علاقة تماثل
-
مؤذن الجزيرة القطرية
-
دولة التسيب
-
إسبانيا على أبواب فجر جديد
-
وجهة نظر حول تداعيات فيلم -الزين اللي فيك-
-
كابوس الجهوية بالمغرب
-
قرأنة ماركس، شكل لإلغاء طابع الثورية في الماركسية
-
حول قرأنة ماركس
-
مشكل العلمانية في دول المشرق وشمال إفريقيا
-
قوانين في المغرب تمهيدا لدوعشته
-
الخبز والياسمين وما بينهما
-
مساهمة في الجدل حول علمية الدياليكتيك
-
يقظة ضمير
-
حول العلمانية
-
خلفيات الحكم بالإعدام على محمد امخيطر
-
مظاهرة باريس برأس أفعى سامة
-
أنسنة الإسلام هي موت شكل منه
-
بخصوص التعليقات المشوشة على الحملة
-
إعادة النظر في التنزيه الإلهي: موضوع على خلفية حكم الإعدام ف
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|