|
حول جريمة سبي النساء بين الماضي والحاضر
سحر حويجة
الحوار المتمدن-العدد: 5441 - 2017 / 2 / 23 - 10:47
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة
لا يوجد مجموعة بشرية، أيا كانت معتقداتها الفكرية ، تنتمي إلى هذا العصر ، إلا وتستفيد من منجزاته العلمية والتكنولوجية، حيث لا يوجد كائن بشري يرفض استخدام وسائل الاتصال الحديثة، بحجة أنها منتج بلاد الكفر، انجازات العصر لا تحصى تساهم في تحقيق تطلعات الإنسانية جمعاء بالعدالة و حياة كريمة، تليق بالبشر. مازال ينقصنا الكثير والحاضر مفتوحاً على مستقبل أكثر تطوراً ، نقول هذا ونحن مضطرون لأن نخرج من العصر الحاضر إلى ماض سحيق، نسميه تراثاً، ليس لناسف على أسلافنا كم عانوا وأي أثماناً دفعوها نتيجة الجهل والتخلف، وضغط الظروف التي كانوا يعيشون في حكمها. بل لنقارن بين ظواهر ومفاهيم أنتجها ذلك العصر ويوجد من يريد فرضها قسراً وإكراهاً على الواقع المعاصر. والنتيجة المدهشة في الخلاصة أن أسلافنا كانوا أكثر رحمة وأكثر تنوراً، حيث الرق مؤسسة كان معترفاً بها من قبل مختلف الأطراف المتحاربة ، التي وجدت في ذلك الزمن، و لم يكن هناك مواثيق وقواعد وقوانين دولية ، تتناقض مع ذلك ، من الحاضر إلى الماضي ، حاملين معنا قضية سبي النساء ، التي أخذت تثير الرأي العام العالمي، بعد مشاهد بيع النساء السبايا اللواتي وقعن في قبضة داعش نتيجة الصراع الدائر في سوريا والعراق. التقارير الاعلامية تؤكد أن تنظيم الدولة الإسلامية قد نقل سبايا سوريات ، إلى العراق، وتحديداً إلى الفلوجة ليتم بيعهن هناك، سوريات تم سبيهن من ريف الحسكة، و من عين العرب وريف مدينة السلمية ، وغيرها من مناطق ، كما أن آلافاً من النساء العراقيات والقصص الأكثر شهرة قصص الأيزيديات اللواتي تم سبيهن ومن ثم بيعهن في سوق لبيع النساء. أن المنشور الملون الذي جاء على شكل أسئلة وأجوبة، تم الحصول عليه في تل أبيض بعد خروج داعش منها يدور حول سبي النساء ووطئهن جنسياً. وعن شروط "وطء السبية"، أو "الأمة"، من قبل مالكها نورد هنا جزءً منه : أنه "إذا كانت السبية بكراً فله أن يطأها مباشرةً، أما إذا كانت ثيباً فلابد من استبراء رحمها"، أي الانتظار عليها حتى تحيض مرة واحدة على الأقل، وذلك للتأكد من أنها غير حامل. وفي سؤال آخر: "هل يجوز وطء الأمة التي لم تبلغ الحلم؟"، جاءت الإجابة: "يجوز وطء الأمة التي لم تبلغ الحلم إن كانت صالحة للوطء، كما جاء في الإجابة على سؤال آخر، أنه يجوز الجمع بين الأختين، وبين الأمة وعمتها، والأمة وخالتها في ملك اليمين، ولكن لا يجوز الجمع بينهما في الوطء وتضمن المنشور أسئلة وإجابات أخرى حول "شرعية" ضرب "الأمة"، وبيعهن وأهدائهن للغير، وقواعد خروجها على "الرجال الأجانب" دون حجاب فالسبية تعتبر من الغنائم، ويتم توزيعها على المجاهدين مع باقي الأموال كالمواشي، والنقود الخ...
أن السبي مفهوم من خارج العصر ينتمي إلى عصر العبودية لذلك لم يتناوله القانون الوضعي المحلي أو الدولي، لأن الرق محرم دولياً ، سبي النساء ماهو إلا خرقاً فاضحاً للاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي نظمت حماية المدنيين أثناء الحرب، منها اتفاقية جنيف لعام 1949 وصكوك القانون الدولي الأخرى المتصلة بحقوق الإنسان، التي تفرض اتخاذ جميع الإجراءات لضمان حظر اتخاذ تدابير التعذيب والتأديب والمعاملة المهينة، والعنف. خاصة ما كان موجهاً منها ضد ذلك الجزء من السكان المؤلف من النساء والأطفال. وفقاً لأحكام الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واعلان حقوق الطفل وغير ذلك من صكوك القانون الدولي. وإن كان السبي هو مقابل الأسر فالأسير له حقوق مصونة بالقانون الدولي. ولكن نحن نتناول سلوك جماعة لا قانون لها إلا قانوناً مصدره الشريعة ، لكن هل سلوك داعش يتطابق مع القانون الشرعي والتقاليد الإسلامية: ابتداء الإسلام لم يشرع سبي النساء ، بل نظام سبي النساء كان معمولاً به في الأمم السابقة والمعاصرة للإسلام، حيث كان استرقاق النساء، متعدد المصادر، لكن الإسلام حصرها بمصدر واحد و هو القتال المشروع مع الكفار غير إن الاسلام لم يجز سبي النساء لمجرد الكفر ، ولكن اشترط أن تكون السبية مقاتلة مع الكفار أو مهيجة للكفار في القتال، ويتم سبي المرأة بدلاً من قتلها ، بعضاً من الفقهاء و المجتهدون قالوا : إن سبي النساء خيراً لهن من القتل، وكان الباب مفتوحاً أمام المرأة التي تسبى للدخول في الإسلام، وأن النساء المسبيات قد يحصلن على فضائل دنيوية ودينية، كما حصل مع صفية بنت حيي بن أخطب، وجوبرية بنت الحارث، اللتان أصبحتا زوجات النبي محمد بعد سبيهما. وصرنا من أمهات المؤمنين. . كان هناك قواعد طبقها المسلمون.. في حالة إذا أُسرت المرأة مع زوجها وصارا في ملك رجل واحدٍ من المسلمين : حيث أن عقد الزوجية لا ينفسخ بين تلك السبية وزوجها ويبقيان على عقدهما ، وعليه : فلا يستطيع مالك تلك المرأة أن يجامعها .. كما لا يحل لأحد أن يجامع تلك المرأة إلا الذي وقعت في سهمه من المسلمين ، فهي ليست مشاعاً ، بل هي مملوكة لشخص واحدٍ ، ومقصورة عليه . كما أنها إذا تزوجت وهي في الرق ، صار حق الاستمتاع خاصا بزوجها ، وحرم ذلك على سيدها . المرأة المسبية إذا أنجبت من سيدها فإنها تُعتق بموته . لقد فتحت الشريعة أبواباً متعددة لعتق الرقاب ومنهم النساء المسبيات وبعض هذه الأبواب واجب على المستطيع ، فكفارة اليمين والقتل الخطأ والظهار والجماع في رمضان فيها عتق رقبة في قراءة معاصرة لقضية السبي يؤكد محمد القطب في كتاب شبهات حول الاسلام، في قسم خاص تحت عنوان الإسلام والرق يقول : لقد جفف الإسلام منابع الرق كلها فيما عدا منبعاً واحداً لم يكن يمكن أن يحققه وهو رق الحرب، حيث كان العرف السائد آنذاك هو استرقاق أسرى الحرب أو قتلهم، وهذا العرف قديم جداً، جاء الإسلام والناس على هذه الحال ووقعت بينه وبين أعدائه الحروب، فكان المسلمون يسترقون عند أعداء الإسلام. والمعاملة بالمثل هو القانون الوحيد. ودافع قطب عن سبي النساء على أن المسبية لا تتعرض للاغتصاب ولا عدوان على المرأة المسبية، ولا انتهاك لحقوقها، بل هو تكريم لها ورفع لقدرها، لأن السبية إذا دخلت في ملك رجل بحكم السبي فإنها غالباً ستنضم إلى عياله، وهنا يبرر وطأها بأن هناك حكمة في اباحة ثابتة على ملك اليمين وفي هذا معاملة كريمة للمرأة المسبية على حد قول قطب. ويضيف أن ذلك سيفتح لها الباب العتق. لأنها إذا حملت من سيدها وأنجبت فقد صارت أم ولد. وأم الولد تخرج خروج جزئي من الرق بمجرد وضع المولود وتعتق عتقاً كاملاً بمجرد موت سيدها. ،
بالمقارنة نجد أن أغلبية النساء السبايا عند داعش لسن مقاتلات ، بل مسالمات من المدنيين تم خطفهن مع أطفالهن وأحياناً أزواجهن، من بيوتهن. ولم يفتح لهن باب الدخول في الإسلام. وإلا لشاهدنا يومياً عشرات منهن يدخلون الإسلام في سبيل عتقهن. ولا يأخذون باعتاق السبايا. ويعملن على إذلالهن جنسياً. بالبيع المتكرر وقد نشر فيديو يظهر فيه مزاودة بين عناصر داعش وهم يهرجون في تجارة النساء ويشترونهم بالليرات السورية التي لا قيمة لها. إن سبي النساء واسترقاقهن ليست وقفاً على داعش والقوى الجهادية الأخرى، حيث صدرت مواقف تؤيد السبي كان أبرزها موقف صالح الفوزان وهو عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، معتبرا أن هذا الحكم مرتبط بالقرآن ولا يمكن إلغاؤه طالما استمر "الجهاد في سبيل الله" في معرض رده على تغريدة عيسى الغيث الذي قال : "جاء الإسلام والرق موجود، فجعل الكثير من الكفارات في الإعتاق لإنهاء العبودية، واليوم انتهى زمن الرق ويحرم السبي، والأعراض مصانة لكل البشر." في موضوع سبي المرأة، تتحول المرأة إلى شيء تباع وتشرى بثمن بخس ، من أجل متعة رجال ساديين ، يملؤهم الحقد الذي يفرغونه في السبية الضحية، دون أدنى اعتبار لكرامتها وإنسانيتها، فهي العبدة المملوكة التي لا حول لها ولا قوة بكل ما تتضمنه العبودية من إكراه وقسر وتعذيب، الكثيرات من السبايا دبرن أمر هروبهن ، وقدمن صورة عن الواقع المرعب الذي يعشن فيه ، حتى أن الكثيرات حاولن الانتحار للخلاص من العبودية ، ما يشير إلى وحشية التعامل معهن بغاية إذلالهن ، والانتقام منهن. ومن عائلاتهن. لقد تعددت ضروب العنف الجنسي بحق المرأة السورية في الصراع الدائر بين النظام والمعارضة، وكان للعنف الجنسي الذي ينال من جسد المرأة ، بالعنف والإكراه بغاية كسر إرادتها و إذلالها وإهانتها والانتقام منها و من الثائرين ، والتأثير على معنوياتهم. لقد استخدم النظام سلاح الاغتصاب مع نساء المقاتلين، و ضد نساء وقعن في الاعتقال، ونساء من المناطق التي فتحها ، على مرأى من عائلاتهن ، في المقابل يمارس تنظيم الدولة الذي يتمدد السبي على نطاق واسع ، وبشكل فاضح، وإن كان الاغتصاب قد ينتهي في لحظة في يوم في وقت قصير إلا أن السبي قد يستمر شهوراً وسنوات. ولكن الجريمتان لهما تأثيراً معنوياً كبيراً على المرأة الضحية قد تمتد زمناً طويلاً. سحر حويجة
#سحر_حويجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الفرق بين جرائم النظام السوري وجرائم القوى التكفيرية؟
-
أزمة حرية التعبير في الصراع بين الحداثة والتقليد
-
تأثير الدور الدولي والإقليمي في الثورة السورية
-
القانون و جرائم قتل وتعذيب وحجز الأطفال
-
سوريا: لماذا أقحم النظام الجيش في الأحداث الراهنة؟
-
بقايا من زمن بابل
-
المثقف بين الإنفلاش الإعلامي والإعلام الممسوك
-
أمريكا ومواجهة الخطر الإيراني
-
حرية الرأي و التعبير
-
أحداث مؤثرة لكن من المستفيد؟
-
دور المرأة في المجتمع بعد الحرب
-
المرأة تحت سلطة الدكتاتور في رواية غبار الطلع
-
فتح الإسلام شرارة من سيحترق بها ؟
-
ظاهر ة العنوسة و البحث عن حلول
-
الناشط في حقوق الإنسان
-
الطريق إلى السعادة الزوجية
-
تعطيل دور الشباب العربي وأهمية تفعيله
-
أمريكا والتحولات الجارية في الدول المتخلفة
-
دفاعاً عن قانون الزواج المدني
-
حقائق على خلفية القرار الدولي 1701 القاضي بوقف إطلاق النار ع
...
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
الاقتصاد السياسي للجندر خلال النزاع في سوريا: تعدد تجارب الن
...
/ خلود سابا
-
البروليتاريا النسائية وقضايا تحررها وانعتاقها!
/ عبد السلام أديب
-
الاغتصاب كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية
/ هيثم مناع
-
المرأة الفلسطينية ودورها في المسار الوطني الديمقراطي
/ غازي الصوراني
-
القانون الدولي والعنف الجنسي ضد النساء في الحروب
/ سامية صديقي
-
الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
/ دعد موسى
-
كاسترو , المرأة والثورة .
/ مريم نجمه
المزيد.....
|