كامل الغزي
الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 22:09
المحور:
الادب والفن
انكيدو ، كان يقضي معظم اجازاته الدورية متسكعا في مقاهي الناصرية ،
في الصباح يلعب الدمينو ويقرأ صحف طريق الشعب وبعض من مجلات
"بلاي بوي" الإباحية القديمة ،
ويرتشف الكثير من اقداح الشاي الساخن ،
ثم يأكل الكباب المشوي في مطعم فاضل الاعمى ،
وفي المساء يرتاد دور السينما ،
و احيانا يزور البعض من اصدقائه المقيمين في فنادق شارع الحبوبي ،
ليستعيد معهم مغامراته القديمة ، مع صاحبة حانة مسدورى .
ذات مرة ضبطته يتلوى في حدائق الحانة الصيفية ، هو وثلاثة من ثيرانه
الوحشية التي ربطها بقوائم الطاولة القريبة من البار المتسخ بشخاخ القطط ،
بعدما جاء ليتناول قنينة من العرق الأبيض ، فعانقني بحرارة ،
وما انفك يسألني عن احوالي ، وعن جنود من الشطرة ،
كان يهرب معهم ايام الحرب من حامية المدينة .
وعندما اشتد عليه السكر ،
بدأ يهجر ،
لاعنا رفسنجاني وملا مصطفى البرزاني ، وحميد علوان الذي ملأ مقاهي
الشطرة بالسخرية اللاذعة ، وسعدي الحلي .
ثم اخذت تخرج من منخريه سحب كثيفة من الدخان الأبيض ، واصوات مفرقعات
وازيز طائرات حربية ، وسيطرات وهمية ممتلئة بكلاب بوليسية ضخمة ، اخذت
تفترس مؤخرات السكارى ،
فصاح النادل :
اوثقوا انفه بالكمادات الباردة ، قبل يصاب بالرعاف ،
فتغرق المدينة بافراد الشرطة .
وحينما افاق من غيبوبته ، نهض بصعوبة ،
وخلع قميصه الاصفر ، ثم نزل الى قاع الحانة ، ليبحث عن قنينة عرق اضاعها
كلكامش اثناء اجتيازه معابر نهر الهولندي الضيقة مع قطعان من السكارى ،
حينما كان مطاردا هو وثلة من رفاقه الشيوعيين الكفرة .
فاعتقد البعض انه لن يخرج ،
والبعض الاخر قال انهم شاهدوه وهو يربط قدميه بقناني خمر ثقيلة ويغوص
في اعماق الحانة ،
لكن عندما جاء النادل ، فض نزاع القوم واخبرهم بان انكيدوا خرج قبل ساعات قليلة
من باب الحانة الخلفي ،
و الان تطارده دوريات الشرطة في ازقة المدينة ، لانه جندي هارب .
#كامل_الغزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟